الاحتجاجات تعصف ببغداد وبيروت .. ونفوذ إيران في مهبّ الريح

الاحتجاجات تعصف ببغداد وبيروت .. ونفوذ إيران في مهبّ الريح
الأحد 3 نونبر 2019 - 03:45

في وقت تترنح سلطات العراق ولبنان وتتعثر تحت وطأة موجات الاحتجاج الشعبي العارمة، تسعى فصائل قوية موالية لإيران إلى إخماد اضطرابات سياسية تمثل تحديا للنفوذ الإيراني المترسخ في البلدين.

في لبنان استقال رئيس الوزراء سعد الحريري، وفي العراق دفعت الضغوط حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى شفا الانهيار.

كلتا الحكومتين تحظى بدعم الغرب، لكنهما تعوِّلان أيضا على تأييد أحزاب سياسية مرتبطة بجماعات شيعية قوية مسلحة مدعومة من إيران، ما أبقى حلفاء لطهران في مناصب رئيسية.

يعكس هذا تنامي النفوذ الإيراني بقوة بين الطوائف الشيعية في أنحاء الشرق الأوسط منذ شكلت طهران جماعة حزب الله بلبنان عام 1982، ومنذ الإطاحة بصدام حسين في العراق عام 2003.

العراق ولبنان لديهما نظام حكومي يهدف إلى وأد أي نزاع طائفي من خلال ضمان مشاركة مختلف الأطياف في السلطة؛ وكلا البلدين به جماعات شيعية بارزة ترتبط بقوة بإيران وتحمل السلاح، رغم أنها ليست طرفا في أجهزة الأمن الرسمية.

يناوئ المحتجون الآن هياكل القوى هذه التي يحمِّلها العراقيون واللبنانيون مسؤولية الفساد وتردي حالة الخدمات العامة وإهدار الثروات الوطنية التي يستخلصها العراق من النفط ولبنان من الدعم الأجنبي.

من يقف وراء الاحتجاجات؟

في كلا البلدين، حيث هيمنت من قبل أحزاب طائفية على المشهد السياسي، لم يأت معظم المحتجين من حركات منظمة ولم تربطهم بها أي صلة. في كلا البلدين كان المحتجون يطالبون بنوع التغيير الكاسح الذي حملته رياح انتفاضات 2011 في العالم العربي وأسقطت أربعة زعماء لكنها تجاوزت حينها لبنان والعراق.

في لبنان، ثار المتظاهرون في أواخر سبتمبر على الأوضاع الاقتصادية في وقت يكابد بلدهم أزمة مالية طاحنة. وتفجرت مظاهرات على مستوى البلاد بعد ذلك بأسبوعين احتجاجا على خطط حكومية لفرض رسوم جديدة على المكالمات عبر التطبيقات المتداولة على الهواتف المحمولة مثل تطبيق “واتساب”.

وفي العراق، بدأت المظاهرات في بغداد وسرعان ما انتشرت إلى الجنوب، معقل الشيعة.

أين الخطر؟

في العراق، خرجت الاحتجاجات على نطاق لم يحدث منذ الإطاحة بصدام وسط مطالبات عاتية بالتغيير. وردت السلطات بحملة عنيفة خلَّفت أكثر من 250 قتيلا سقط معظمهم برصاص قناصة كانوا يطلقون النار على الحشود من أسطح البنايات.

وقال ريناد منصور، محلل الشؤون العراقية في مؤسسة تشاتام هاوس في لندن: “مجرد رؤية احتشاد بهذا النطاق يجعل الاحتجاجات أشد خطورة في نظر النخبة السياسية”، وقال إن الفصائل المدعومة من إيران في الأساس تعتبر الاحتجاجات الشعبية خطرا يتهدد النظام السياسي.

في لبنان، جاءت المظاهرات في وقت أزمة سياسية يراها كثيرون الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد من عام 1975 إلى 1990. وإن حدث وأطالت استقالة الحريري أمد الشلل السياسي فإن ذلك سيقوض احتمالات تمويلات الدعم المقدمة من حكومات غربية وخليجية.

كيف رد حلفاء إيران؟

في البداية خاطب زعيم جماعة حزب الله، حسن نصر الله، المحتجين مبديا تعاطفه ومرددا لهجة تصالحية تحدث بها الحريري. لكن الدفة تغيرت واتهم قوى أجنبية بإثارة الفتن. وأقدم أناس موالون لحزب الله وحركة أمل الشيعية على مهاجمة مخيم احتجاج في بيروت وهدموه.

وأعلن الحريري استقالته بعد ذلك بقليل رغم ضغوط حزب الله، الذي يعتبره الكثيرون أقوى عنصر فاعل بلبنان، كي لا يذعن رئيس الوزراء لضغط الاحتجاجات.

وفي غياب أي بديل واضح للحريري، يجد حزب الله الواقع تحت عقوبات أمريكية نفسه أمام معضلة؛ فرغم أن الجماعة لديها مع حلفائها أغلبية برلمانية، يتعذر عليهم تشكيل حكومة بذاتهم لأنهم سيواجهون حينها عزلة دولية حسبما قال نبيل بو منصف، المعلق بصحيفة النهار اللبنانية؛ كما قال إن تلك ستكون أسرع وصفة للانهيار المالي، إذ سيغلق العالم كله الباب أمامهم.

وفي بغداد، أفلتت حكومة عبد المهدي من السقوط للوقت الراهن بعد تدخل إيراني في ما يبدو. وأوردت رويترز تقريرا هذا الأسبوع ذكرت فيه أن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني المسؤول عن رعاية الحلفاء في الخارج، زار بغداد وعقد اجتماعا سريا وافقت فيه جماعة شيعية قوية على الإبقاء على رئيس الوزراء في منصبه.

وكان مسؤولون أمنيون عراقيون قالوا إن فصائل مرتبطة بإيران هي التي نشرت القناصة الذين أطلقوا النار على الحشود من أسطح المباني الشهر الماضي.

ما حدود النفوذ الإيراني؟

رغم أن قوى الفصائل الشيعية لا تحظى إلا بقدر محدود من السلطة، فإن ثقل إيران السياسي يتشعب من وراء الكواليس؛ فاتفاق المشاركة في السلطة القائم منذ فترة طويلة في لبنان يجعل من المستحيل على أي جماعة أو طائفة أن تهيمن بمفردها على مؤسسات الدولة. وحزب الله، مع كل عزوته، اختار ثلاثة وزراء فقط في حكومة الحريري السابقة.

وقال نديم حوري، المدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي، إن مفهوم الفائز الذي يحصد كل شيء غير قابل للتطبيق بلبنان، مشيرا إلى أن حزب الله ربما أخطأ في حساباته عندما لجأ إلى أسلوب الترهيب مع المحتجين؛ وقال إن هذا يتعارض تماما مع ثوابت السياسة اللبنانية وإن حزب الله سيلجأ حتما إلى الحلول الوسط.

وقال علي فائز، مدير برنامج إيران بمجموعة الأزمات، إن نفوذ طهران في العراق “أكبر منه في أي دولة أخرى…لكنها لا تملك السيطرة على ما يجري هناك”.

ما رد الفعل الدولي؟

في العراق، من السابق لأوانه تحديد ذلك؛ فالولايات المتحدة، خصم إيران الرئيسي، تلزم حتى الآن الصمت إلى حد كبير إزاء الاحتجاجات، ربما انتظارا لرؤية النتيجة.

وفي لبنان، الذي يلزمه التمويل الخارجي للحفاظ على اقتصاده من الانهيار، استخدم خصوم طهران الدوليون سطوتهم المالية لتحدي نفوذها بقدر أكبر من المباشرة. وأخفق الحريري قبل استقالته في إقناع المانحين الأجانب بتقديم معونات بحجم 11 مليار دولار تعهدوا بها العام الماضي، وذلك لأسباب منها سطوة جماعة حزب الله.

ولطالما قدمت دول عربية خليجية تخوض حروبا بالوكالة مع إيران في مناطق متفرقة من المنطقة تمويلا للبنان، لكن السعودية خفضت دعمها بشدة قبل ثلاث سنوات، قائلة إن حزب الله “خطف” الدولة اللبنانية.

ونسقت دول عربية خليجية والولايات المتحدة الخطى في مواجهة أهداف مرتبطة بإيران، وفرضت عقوبات على 25 من المؤسسات والبنوك والأفراد على صلة بالدعم الإيراني لشبكات مسلحة تشمل حزب الله.

وقال مصدر خليجي إن الدول العربية الخليجية مقيدة بعقوبات، وحزب الله جزء لا يتجزأ من الحكومة اللبنانية، وأضاف أن أحدا لم يتخل عن لبنان لكن النظام يتداعى والأمر يتطلب رؤية تحسن على عدة أصعدة، منها النظام المالي.

وقال مسؤولان أمريكيان الأسبوع الماضي إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجمد معونة أمنية قدرها 105 ملايين دولار للبنان.

‫تعليقات الزوار

7
  • العابد
    الأحد 3 نونبر 2019 - 04:07

    إنه السقوط المدوي لجماعات الاسلام السياسي, السنية منها والشيعية,
    نظام الملالي الإيراني نفسه كان على وشك السقوط في إحتجاجات العام الفائت لولا تدخل ترامب وماكرون, لأن سقوط إيران كان سيخلط أوراق اللعبة,

  • وطني
    الأحد 3 نونبر 2019 - 08:10

    كل الدول العربية مهددة في اية لحظة بانفجار احتجاجات شعوبها، لان حكامها لا يبدون باي تغيير و لو كان بسيطا و تدريجيا في تسييرهم وحكمهم لاوطانهم
    المرجو من حكام العرب ان يغيروا ما بانفسهم ويعطوا الامل لشعوبهم في الحقوق و الحريات و خلق جو ديموقراطي بالتدريج و على المدى البعيد
    و نظن ان تونس في الاتجاه الصحيح

  • وعزيز
    الأحد 3 نونبر 2019 - 08:35

    الذين اشغلوا الاحتجاحات هدفهم النضف الثاني من العنوان…

    و الشعوب أصبحت تساق عبر الهواتف..

    المناعة الذاتية اصبحت مخترقة…

    و لان الساسة في واد و هموم الشعب في واد… و ذوي البرامج التدميرية تستغل هذه الفجوة فتركب على موجة إشعال الفتن من وراء الستار…

    الذي أوجد الشبكة العنكبوتية و من يستغلها يعرف كيف يضع برامج…. التدمير و التسيير عن بعد…. كنا نسمع عن فيروس يصيب الحاسوب بخلل… و الان هناك فيروسات تصيب الشعوب بالخراب… لا أحد يمكن معرفة من يسير و يأتي بشعارات تحمي المشهد و و و يركب على الواقع المر اصلا… لتحقيق ما لا يفكر فيه المواطن العادي اصلا…
    تحييد حزب الله و إيران اذا كان هو الهدف… فزيادة 4 سنت كضريبة على واتساب كانت كافية. لاتمام المهمة التي عجزت عنها العقوبات الدولية و المفاوضات و الإملاءات وو

    يجب على الدول ان لا ترتكب اخطاءا لان الفردوس الحرابي داخل بيوت مواطنيها.. لان الوعي غائب. و "معظم السكان "أصبح قطيعا يساق عير رسائل مجهولة تريد الخير للبلاد كحصان طروادة و هو فيه دمارها

    و هو اسم لفيروس الحواسب… نفس المنطق

  • mmm1962
    الأحد 3 نونبر 2019 - 12:45

    tous les pays arabes sont dirigés par des dictateurs et les peuples arabes vit la misère et fuient leurs pays par n importe quel moyen. guerres de pàrtout dans le monde arabe Syrie lybie irak Égypte yemen. le soudan et l'Algérie ne sont pas loin .de la corruption et la criminalité et la misère de partout dans le monde arabe et la cause c est les dirigeants arabes qui se remplissent les poches et laissent le peuple crever

  • azool
    الأحد 3 نونبر 2019 - 12:51

    العالم العربي منقسم على شقين ،الأول مع إيران والثاني مع إسرائيل.

  • الحداد المصطفى
    الأحد 3 نونبر 2019 - 13:32

    من المفروض فصل الدين عن السياسه الحسن التاني الله يجدد عليه الرحمه كان قائد عظيم وقال في احدى خطبه .النجار يهتم ب نجارته .واخياط يهتم خياطته وكل من له حرفه يهتم بها وينمها والسباسي يهتم ب السياسه ..ورجل الدين يتعبد ويجتهد في الدين .ولا يخلط الدين في كل شئ .اوروبا تقدمها في جميع المجالات بع ما ابتعدت عن الكنيسة.

  • ابو زيد
    الأحد 3 نونبر 2019 - 23:41

    ايران تناور امريكا في السياسة و في كل ردة فعل أبانت عن دهاء قل نظيره بالرغم من حالة الحصار و العقوبات.احرار العالم واعون بغمزات الشطحات و لا ينجرون إلى تحاليل الدكاكين التفكير الاستراتيجي.لست شيعيا و لكن معادلة ايران في الشرق الأوسط صعبت حتى على مامكم امريكا عن وعي منها بقوة العدو.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين