"الأخبار الكاذبة" تغلب الصدمة منذ اللحظات الأولى لانفجار بيروت

"الأخبار الكاذبة" تغلب الصدمة منذ اللحظات الأولى لانفجار بيروت
الأربعاء 12 غشت 2020 - 21:00

منذ اللحظات الأولى التالية لانفجار بيروت، وفيما كان اللبنانيون ما يزالون تحت هول الصدمة والعشرات منهم تحت أنقاض المرفأ والأحياء المجاورة، غزت الأخبار الكاذبة مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف اللغات، سواء لتعزيز موقف سياسي أو تحليل أمني، أو لمجرّد جذب التفاعلات على منشورات غير صحيحة توظّف تعاطف المستخدمين حول العالم.

ماذا جرى في بيروت في الرابع من غشت؟

بعيد السادسة من مساء الثلاثاء في الرابع من غشت، شعر سكّان العاصمة وجوارها باهتزاز عنيف لثوان عدّة، تلاه صوت انفجار رهيب أحال مناطق بأسرها من العاصمة ركاماً.

في اللحظات الأولى بعد الانفجار، ظنّ سكّان كلّ شارع في بيروت أن شارعهم هو الذي استهدف بسيارة مفخّخة أو قصف مجهول المصدر، قبل أن يتبيّن أن العاصمة كلّها نكبت جراء انفجار 2750 طناً من مادّة نيترات الأمونيوم كانت مخزّنة في عنبر في المرفأ نتيجة حريق لم يتأكّد سببه بعد، وفق رواية السلطات.

ما هو سبب الانفجار؟

وبدأ التحقيق في ملابسات الانفجار، لكن حسابات وصفحات مستخدمين لمواقع التواصل باللغة العربية حسمت الأمر قبل أن يستقرّ غبار الركام، وأشارت بأصابع الاتهام إلى إسرائيل.

ومن أول الأخبار الكاذبة في هذا السياق، ما نسب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو؛ إذ تناقل مستخدمون باللغتين العربية والإنجليزية تصريحا أدلى به على أنه جاء تعقيبا على الانفجار قال فيه: “لقد ضربنا من يستهدفنا”.

لكن الحقيقة أن نتانياهو أدلى بهذا التصريح قبل ساعات على انفجار مرفأ بيروت، في سياق الحديث عن غارات على جنوب سوريا نفّذتها إسرائيل إثر إحباطها عملية زرع عبوات ناسفة قرب الحدود في مرتفعات الجولان المحتلّ، وليس تعليقاً على ما جرى في المرفأ.

بعد أقلّ من ساعة على الانفجار، ظهر على مواقع التواصل باللغة العربية خبر منسوب لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية يتحدّث عن استهداف أسلحة لحزب الله في مرفأ بيروت. لكن الحقيقة أن الصحيفة لم تنشر شيئاً من هذا القبيل.

وانتشرت صورة لنتانياهو يرفع في الأمم المتحدة قبل عامين خريطة على أنها تظهر موقع مرفأ بيروت.

لكن الموقع الظاهر في الخريطة لا علاقة له بمرفأ بيروت الواقع على المدخل الشماليّ للعاصمة، بل هو منطقة مجاورة لمطار رفيق الحريري الدولي عند المدخل الجنوبي لبيروت، على بعد ما يقارب عشرة كيلومترات من المرفأ.

وكان نتانياهو يتحدّث في كلمته تلك في الأمم المتحدة عن “مواقع سريّة” تابعة لحزب الله اللبناني فيها مقذوفات “موجّهة نحو المطار”، ولم يأت على ذكر مرفأ بيروت.

صواريخ وطائرات مسيّرة قبل الانفجار؟

في السياق نفسه، ودعما لفرضيّة قصف إسرائيلي على مرفأ بيروت، ظهرت على مواقع التواصل في لبنان وخارجه مقاطع فيديو قيل إنها تُظهر طائرات مسيّرة أو صواريخ تضرب المرفأ.

وترافقت مع أخبار وشهادات لأشخاص قالوا إنهم سمعوا صوت طائرات حربيّة قبيل الانفجار.

وأعلن الجيش اللبناني أن طائرات حربيّة إسرائيليّة حلّقت بالفعل بين الرابع والخامس من غشت فوق عدد من المناطق بينها بيروت وضواحيها، لكنه لم يأت على ذكر دور لهذه الطائرات في انفجار المرفأ، علماً أن الطيران الإسرائيلي يجوب الأجواء اللبنانية بشكل مستمرّ.

في هذا السياق، ظهر مقطع فيديو لطائرة مسيّرة يدّعي ناشروه أنها ألقت جسما مجهولا قبل انفجار المرفأ، وانتشر المقطع على مواقع التواصل بلغات عدّة منها العربية والفرنسية والبرتغالية.

لكن هذا الفيديو نشرته وسائل إعلام لبنانية في 30 يوليوز 2020 قبل أيام من انفجار المرفأ، بعنوان “تحليق طائرتي درون للعدوّ” في جنوب لبنان.

كذلك انتشر فيديو على مواقع التواصل بالعربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية، قيل إنه تصوير حراري يُظهر صاروخاً ضرب المرفأ قبل لحظة الانفجار. لكنّ المقطع متلاعب به بحيث بدّلت ألوانه وأضيف إليه صاروخ.

كما انتشر على نطاق واسع مقطع على أنه يظهر صاروخاً يضرب المرفأ قبل الانفجار، لكن المقطع متلاعب به أيضاً، وأضيف الصاروخ إليه تأييدا لهذه المزاعم.

أهوال الكارثة

في ثوان معدودة، دمّر المرفأ بالكامل وتحوّلت الشوارع النابضة بالحياة في جواره إلى ركام، وأحصي حتى الآن مقتل أكثر من 160 شخصاً وجرح أكثر من ستة آلاف، من بينهم مصابون في مناطق تبعد كيلومترات عن المرفأ.

وانتشرت صور على مواقع التواصل بلغات كثيرة من العربية إلى البهاسا في إندونيسيا، على أنها لسيارات مستوردة احترقت في مرفأ بيروت، لكنها في الحقيقة التقطت في الصين عام 2015.

وكذلك انتشرت صورة حفرة قيل إن الانفجار أحدثها، لكن الصورة ملتقطة في الصين أيضا، في مستودع للمواد الكيميائية انفجر عام 2015.

التضامن مع لبنان

أثارت الكارثة التي حلّت ببيروت تضامناً واسعاً عربياً وعالمياً، لكن الأخبار التي انتشرت على مواقع التواصل وبعض المواقع الإخبارية عن إضاءة الأهرامات في مصر أو برج الساعة في تونس أو قلعة حلب في سوريا بألوان العلم اللبناني هي أخبار غير صحيحة، والصور المرفقة بها إما مركّبة بمعظمها، أو قديمة ملتقطة في مناسبات سابقة.

وانتشرت أخبار وصور ومقاطع عن إرسال الرئيس السوري بشار الأسد فرق إسعاف إلى لبنان، أو زيارته مصابين لبنانيين في سوريا، أو قوافل جرحى تجتاز الحدود بين البلدين لدخول المشافي السورية، لكن هذه المنشورات غير صحيحة.

وفي ظلّ حرب الأخبار الكاذبة بين مؤيدين ومعارضين للسياسة التركية في المنطقة، انتشر خبر مفاده أن صوامع القمح في مرفأ بيروت التي ظلّ جانب منها قائماً رغم الدمار الكبير الذي لحق بها، هي من إنجازات الدولة العثمانية، لكن هذا الخبر غير صحيح، والصوامع شيّدت في أواخر الستينات من القرن العشرين، أي بعد نصف قرن على انتهاء الحكم العثماني للبنان.

تحريك المشاعر لجذب التفاعلات

كما ظهرت أخبار كاذبة تدغدغ مشاعر مستخدمي مواقع التواصل في العالم لجذب التفاعلات بمعزل عن أي بعد سياسي، منها فيديو قال ناشروه إنه آخر ما صُوّر لطفلة عمرها ثلاث سنوات قضت في الانفجار وهي تؤدي أغنية من زمن الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، لكن الفتاة في الفيديو لا علاقة لها بضحايا الانفجار وهي ما تزال حيّة.

وانتشرت كذلك صورة على أنها لأصغر ضحايا انفجار بيروت، لكنها في الحقيقة ملتقطة قبل أشهر طويلة.

وانتشرت صورة على أنها تظهر اثنين من ضحايا الانفجار أرضا، لكنها في الحقيقة عمل فنيّ نشره فنان أميركي قبل انفجار مرفأ بيروت بنحو أسبوعين.

وأدى انفجار مرفأ بيروت إلى خروج تظاهرات غاضبة في بيروت مطالبة برحيل الطبقة السياسية كاملة، وتخلّلها اقتحام لمبان عامّة واشتباكات مع قوات الأمن، إلا أن مقطعا انتشر على أنه لتظاهرة جرت السبت نشر في الحقيقة قبل أشهر، علماً أن لبنان يشهد منذ أكتوبر 2019 حركة احتجاجية غير مسبوقة تحمّل القوى السياسية مسؤولية الفساد الذي تسبب في أزمة اقتصادية خانقة تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا المستجدّ، قبل أن يشكّل انفجار المرفأ الكارثة الأكبر في مشهد النكبة اللبنانية.

‫تعليقات الزوار

10
  • مُــــــــواطنٌ مَغربِي
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 21:25

    تلك الاخبار الكاذبة لم تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي بل كانت بعض القنوات العربية هي السباقة لها منهم من قال إن تلك الشحنة خزنت كي تذهب إلى الثوز في سوريا والاتجاه الأخر يقول إن تلك الشحنة كانت ستصل إلى حزب الله…

  • عبد. العزيز
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 21:57

    الامة الاسلامية والعربية ينخرها اثنان لا ثالثة لهم وهم ورم هذه الامة وما دام هم لهم يد طولا لن يكون لنا الكلمة ولا الحداثة الذين يدعون ولا ؤهم لإيران المجوسية والذين يدعون ولاؤهم للغرب او الشرق ويسمون انفسهم علمانيين هذان الاثنين يقفو وراء تخلف وجهل ودمار الامة العربية وللاسلامية وبسببهم تمزقة الدول وانهارت ولم تعد الا الخراب وبسببهم خرجو لنا بالارهاب والجهل والامية والفقر ودخول الاجانب يتحكمو في البلدان ولن تقومة الامة مادامو يتحكمون في العباد لان شعارهم هو الخراب لا اكثر المجوسيين يخربون الارض والحجر والبشر والعلمانيين يخربون العقيدة والمبادء والقيم والاحترام وما اقول الا لا حول ولا قوة الا بالله

  • متساءل
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 21:58

    خلاصة ما حصل في لبناء تلخص في العبارة المصرية" فضيحة بجلاجل"…

    كيف وانت تسمع الفنانين اللبنانين يتكلمون بنوع من البرجوازية وتحسب البعض يسكن في اوروبا اوامريكا…
    يطالعك كم مقدم برامج ويتحدت لك على آخر صيحات الموضة الاجنبية الاكل …
    يخرج لك طبيب التجميل فلان وفلان من لبنان…

    ويأتي الواقع ليذكرنا بحقيقة الأمور سرقة للتيار الكهرباءي وعشواءية هنا وهناك… مشاكل معيشية عدة …واليوم استهتار مؤدي إلى كارثة.

    متى نسمي الأمور بمسمياتها وبدون تنمق في بلداننا جميعا… هذا يقول لك مصر ام دنيا والآخر المغرب اجمل بلد في العالم…
    نحن جميعا نعيش في مجتمعات الانكار فهذا يشيد ابراج ولا يتوفر على تصريف صحي… الآخر لا يصنع كيس ينظف به ظهره ويخوض حروب بالوكالة…

    الله يعطينا "العافية" حقا وها هي وصلت.

  • حسين
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 22:38

    لا حول ولا قوة الا بالله شي محزن ومؤلم الله يكون في اعوانهم قصص ومشاهد مروعه.

  • Tim
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 23:09

    MR ABDELAZIZ Savez vous au moins ce que veut dire""laicité"",ilmaniya??tout un commentaire pour ne rien dire finalement.la turquie n'est il pas un pays laique?les turcs sont ils moins musulmans,moins croyants que tous les autres musulmans?informez vous mr avant de dire des'bétises'.

  • عمر
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 23:12

    وكما يقول المثل الشعبي( ملي طيح البقرة يكثرو الجناوة)..

  • zakaria
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 23:28

    الشرق الاوسط لا يمكن ان يتركوه يستقر ما داما فيه البترول والغاز وسوق للمنتوجات الاستهلاكية والاسلحة ، البترول نقمة على شعوب المنطقة

  • مغربي
    الأربعاء 12 غشت 2020 - 23:45

    اكثر الاخبار الكاذبة نقلها صحفيو الجزيرة .
    اول الاخبار قالو فقط مخازين الحبوب التي بنها العثمانيون القرن 18هي من صمدت ، المصيبة صدقها عدد كبير من عبيد اردوغان و بدا التهليل و التكبير بحمد اردوغان ،تبين في الاخير ان الكويت هي من قامت بتمويل بناءها
    خبر اخر تنقله صحفية في الجزيرة ان احدى العائلات سمت ابنتها بيروت تضامنا مع بيروت لتظهر الجميع ان العملية لصق و قص .
    هذا حال العاملين في قناة الفتنة .

  • احمد
    الخميس 13 غشت 2020 - 00:43

    بكل صراحة الانفجار الذي وقع ف العاصمة بيروت هو عمل مخابراتي صهيوأمريكي وعربي من الخونة و المستهدف في الكارثة هو حزب الله و الشعب البناني الشقيق و المخطط الصهيوني هو ضرب العواصم العربية و تدميرها مثل ما وقع في لبنان وغدا سيأتي الدور على دولة عربية أخرى يجب على الشعب البناني التمسك و التشبت بالمقاومة وعدم الانسياق وراء المطبلين لنزع سلاح حزب الله المقاومة هي صمام الامان و القوة الرادعة للكيان الصهيوني المحتل

  • مهاجر
    الخميس 13 غشت 2020 - 07:39

    الرد على التعليق رقم 8 و الله العضيم ان اكبر قنوات الكدب و التدليس و خدمة اعداء الامة هم قناة العربية و سكاي نيوز و انا هنا لا ادافع على الجزيرة هده حقيقة يشهد لها عدد كبير من متتبعي القنواة الاخبارية

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب