الانقلاب في مالي يختبر الانخراط العسكري الفرنسي بالساحل الإفريقي

الانقلاب في مالي يختبر الانخراط العسكري الفرنسي بالساحل الإفريقي
الأحد 23 غشت 2020 - 17:00

شكل الانقلاب العسكري في مالي ضربة لاستراتيجية فرنسا المنخرطة بكثافة في الساحل حيث تنشر أكثر من خمسة آلاف عسكري لمكافحة الجهاديين بالتعاون مع الحكومات المحلية.

وعلى وقع اتهامات بالفساد وسوء الإدارة، استقال رئيس مالي، ابراهيم بوبكر كيتا، بعدما اعتقله الجيش بعد أسابيع من الاحتجاجات الشعبية.

ومع رحيله من السلطة، خسرت فرنسا أحد محاوريها الرئيسيين في الساحل منذ 2013 في بلد تركز فيه القوة المستعمرة السابقة القسم الأكبر من مجهودها العسكري.

ورأى الرئيس إيمانويل ماكرون أن “مكافحة التنظيمات الإرهابية والدفاع عن الديمقراطية ودولة القانون لا ينفصلان”. وقال في تغريدة: “إن التخلي عن ذلك يعني التسبب في انعدام الاستقرار وإضعاف معركتنا. وهذا غير مقبول”، داعياً إلى “إعادة السلطة إلى المدنيين”.

لكن هذه الاحتجاجات لم تثن العسكريين عن الإطاحة بالرئيس، واعدين بتنظيم انتخابات “ضمن مهلة معقولة”.

وقال جان إرفيه جيزيكيل، خبير منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية: “إنها اليوم عودة إلى حدّ ما إلى خانة الانطلاق”، مضيفا: “ثماني سنوات من الجهود والاستثمار والحضور أفضت في النهاية إلى العودة بالوضع في مالي إلى وقت الانقلاب عام 2012، مع وضع مضطرب أيضا في باماكو وانتفاضات مسلحة أكثر عنفا وأعمال عنف متزايدة بين المجموعات”.

انتكاسة لفرنسا

يقول الخبير جيزيكيل: “على فرنسا ودول الساحل والشركاء الآخرين أن يراجعوا حقا الخيارات الاستراتيجية التي قاموا بها في السنوات الماضية. لا يمكن ضمان أمن منطقة بشكل مستديم بدون تغيير أنماط الحكم فيها”.

واعتبر مايكل شوركين، من مركز “راند” الأميركي للدراسات، أن “هذا الانقلاب نكسة لفرنسا” التي استثمرت بزخم منذ سبع سنوات لمحاولة مساعدة مالي على الخروج من المأزق”، مضيفا أنه “في الوقت نفسه، من المحتمل من حيث المبدأ أن يفضي ذلك إلى نتيجة إيجابية في المستقبل إذا سمح بتنصيب حكومة أكثر فاعلية وشرعية”، مشددا على أن “مالي في عهد ابراهيم بوبكر كيتا لم تكن تحقق سوى تقدم ضئيل، أو ربما لا تقدم على الإطلاق” على الصعيد الأمني.

وكانت السلطات الفرنسية تشكك في الأحاديث الخاصة حول قدرة الرئيس المالي السابق على تحقيق تقدم على صعيد الأمن والحوكمة في بلاده.

ومن المتوقع أن يؤدي الانقلاب والبلبلة السياسية التي قد تليه إلى تعقيد مهمة الدبلوماسيين والعسكريين الفرنسيين.

وأوضح قصر الإليزيه أنه “يجب التركيز على عودة سلطة مدنية ودولة القانون، مع أولوية أخرى هي عدم تلاشي الالتزام بمكافحة الإرهاب”.

وحرصت المجموعة العسكرية التي استولت على السلطة في مالي على التأكيد أن “السلام في مالي أولويتنا”، وأن القوات الإقليمية والأجنبية المنتشرة في البلاد “تبقى شريكتنا”، في إشارة إلى بعثة الأمم المتحدة في مالي “مينوسما” وقوة برخان الفرنسية وقوة مجموعة دول الساحل الخمس وتجمع القوات الخاصة الأوروبية “تاكوبا” المكلفة بمواكبة العسكريين الماليين.

التعاون العسكري على المحك

علق إيفان غيشاوا، باحث في جامعة كنت البلجيكية، عبر “تويتر”، أن “المجموعة العسكرية (…) لا تريد خسارة دعم الأسرة الدولية، ومن ضمنها برخان. يبدو أن الهدف كان يتركز على طرد ابراهيم بوبكر كيتا والمقربين منه من السلطة”.

لكن أحد ثوابت استراتيجية باريس يقضي بالتعاون الوثيق مع القوات المسلحة المحلية على أمل أن تصبح قادرة في المستقبل على التكفل بضمان الأمن في الساحل. لكن كيف يمكن مواصلة العمل مع انقلابيين؟

ويعتبر الكولونيل الفرنسي المتقاعد ميشال غويا أن “الأمور ستكون أكثر تعقيدا بقليل على العسكريين الفرنسيين”، موضحا أنه “من الممكن مواصلة العمليات، من الممكن تنفيذها بشكل ذاتي، لكن التعاون مع القوات المالية قد يتوقف. وقد تحاول المجموعات المسلحة استغلال الوضع لتوسيع نطاق عملياتها”.

بموازاة ذلك، لفت الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إيلي تيننباوم إلى أنه في وقت تسعى باريس جاهدة منذ أشهر لإقناع أوروبا بمؤازرتها في الساحل، “لن أُفاجأ بأن يضعف ذلك عزيمة الشركاء الأوروبيين المتمنعين قليلا بالأساس بشأن تاكوبا ومشاريع أخرى، وكذلك بلدان مجموعة دول الساحل الخمس”.

وتبقى قوة برخان في الوقت الحاضر على استعداد لإجلاء الرعايا الفرنسيين من مالي إذا اقتضت الحاجة، وفق ما أفاد به مصدر عسكري فرنسي.

*أ.ف.ب

‫تعليقات الزوار

21
  • الصراحة على عين ميكا
    الأحد 23 غشت 2020 - 17:08

    فرنسا الاستعمارية يسيل لعابها على خيرات وثروات افريقيا وخيرها في هذه اللحضة اليورانيوم.

  • Hilli
    الأحد 23 غشت 2020 - 17:08

    قائد الانقلاب في مالي ما هو إلا عسكري تلقى تدريبه في امريكا و بالتالي فهو بعبع امريكي هناك . فرنسا بدأت تفقد نفوذها تدريجيا في افريقيا لان البقاء الاقوى و هي امريكا حاليا.

  • سفيان الهولندي
    الأحد 23 غشت 2020 - 17:19

    تمتلك فرنسا 2436 طن من الذهب وهي لاتمتلك اي منجم من الذهب وان دولة مالي تمتلك 860 منجما من الذهب وإحتياطها من الذهب هو صفر 0 والشعب المالي من أفقر شعوب العالم وفرنسا تتكلم هنا عن الديمقراطية في مالي لكي تقوم بسرقة مالي

  • التاريخ يتململ
    الأحد 23 غشت 2020 - 17:47

    لم تتقدم أية دولة خضعت للإستعمار أو النفوذ الفرنسيين. يجب إعلان نهاية و فشل الخيار الفرنكوفوني. الخيار البديل مطروح للمداولة!
    إذا كانت أمريكا وراء التغيير في مالي، فهي فقط البداية لمرحلة جديدة في تاريخ إفريقيا. أمريكا من مصلحتها فرملة تقدم الصين في القارة السمراء. بعد الحرب العالمية الثانية فككت أمريكا الامبراطوريات الاستعمارية لأخد مكانها ؛ وذلك بدعم حركات الاستقلال و التحرر. قد تكون مالي البوابة المفتوحة على التفكيك الثاني للإستعمار الجديد القديم. و الديموقراطية هو العنوان الذي يدور ربما في رأس واشنطن هذه الأيام. المرجع خطاب تنصيب جورش بوش الإبن في 2005. نشر الديموقراطية مشروع مكتمل؛ تم تأجيله فقط. ربما حان وقت بعثه.

  • MCO
    الأحد 23 غشت 2020 - 17:54

    أنصح مالي أن تأخذ منحى رواندا و ستنجح و تصفع فرنسا بطريقة ذكية. أما الانقلابات لا تنفع بل ستزيد من كبرياءو أطماع فرنسا. أحسن مثال في إفريقيا هي روندا حتى أصبحت تتعدى بسنوات الدول المتبجحة بالتطور مثل دولنا في شمال إفريقيا. عاش الشعب المغربي و المالي المطحونين (كل على شاكلته) و عاشت رواندا و رءيسها الذكي بول كاغامي.

  • خالد
    الأحد 23 غشت 2020 - 18:02

    هو ليس انقلابا بل هو مجرد طرد لخدام فرنسا في مالي بعدما امتصت خيرات هذا البلد

  • التاريخ يتململ
    الأحد 23 غشت 2020 - 18:11

    أمريكا هي الشريك الأمثل لإفريقيا. لماذا؟
    ــ القرب الجغرافي.
    ـــ المكون الإفريقي المتصاعد في المجتمع الأمريكي.
    ـــ وجود نخب إفريقية جاهزة في أمريكا لدفع المشروع الديموقراطي بسرعة إلى الأمام.
    ـــ أمريكا ليست لديها عقدة العلمانية و مجتمعها متدين و محافظ في معظمه مثل المجتمع الإفريقي و الشرق أوسطي.
    ــ الصين بعيدة جغرافيا و ثقافيا. يمكن أن تكون شريكا تجاريا فقط.
    ـــ عامل اللغة يصب في مصلحة أمريكا.
    ـــ فشل الرهان الفرنكوفوني يقوي حضوض اللقاء الإيجابي بين الإنجليزية واللغات و الثقافات المحلية.
    ـــ شرط النجاح عدم تكرار نماذج السبعينيات في أمريكا اللاتينية و كوارث مدرسة شيكاغو. الديموقراطية الحقيقية و ليس الديكتاتوريات.

  • مواطن
    الأحد 23 غشت 2020 - 18:48

    كل ما يقع في أفريقيا سبب الاستعمار. رحل هدا الاستعمار بالقول وبدء يرجع إلى موطنه تحت ذريعة محاربة الارهابيين والجهاديين والمتطرفين. فرنسا أصبحت تخسر مراكزها والسبب هو تغولها، مثلها مثل اختها امريكا. لمادا بعض الدول العظمى لم تفعل ما تفعله هاد فرنسا أمثال ألمانيا والصين واليابان.

  • monir
    الأحد 23 غشت 2020 - 18:55

    ورأى الرئيس إيمانويل ماكرون أن "مكافحة التنظيمات الإرهابية والدفاع عن الديمقراطية ودولة القانون لا ينفصلان". وقال في تغريدة: "إن التخلي عن ذلك يعني التسبب في انعدام الاستقرار وإضعاف معركتنا. وهذا غير مقبول"، داعياً إلى "إعادة السلطة إلى المدنيين".

    الضحك على الدقون '' الديمقراطية ودولة القانون و مكافحة التنظيمات الإرهابية وووو فرنسا تنشر الفوضى في الدول الفريقية ليستمر استعمارها و استغلالها لخيرات الدول الافريقية انتها الكلام

  • التاريخ يتململ
    الأحد 23 غشت 2020 - 19:36

    الأخطاء القاتلة لأمريكا في إفريقيا و الشرق الأوسط.
    ـــ عدم الاهتمام بالقارة و تهميشها استراتيجيا لصالح أوروبا و آسيا.
    ـــ ترك القوى الاستعمارية القديمة و خصوصا فرنسا تنفرد بها.
    ــ دعمها و غضها الطرف عن الأنظمة الاستبداددية و الديكتاتورية؛ عوض التحالف مع الشعوب على أساس الديموقراطية و المصالح الحيوية المشتركة.
    ــ الانحياز السلبي في القضية الفلسطينية و عدم الجدية في عملية السلام و الحل العادل لهذه القضية المصيرية لشعوب و دول المنطقة.
    ــ التورط الغير المبرر في الحروب و الاستعمال المفرط و البشع للقوة العسكرية. تدمير العراق نموذجا.
    ــ ترجيح كفة الرهانات الحزبية و الانتخابية الدورية على حساب المصالح الحيوية البعيدة المدى.
    ــ إنفاق أموال طائلة على الحروب و مد الأنظمة الاستبدادية و الديكتاتورية بمساعدات لا تصب في مصلحة التنمية.
    ـــ ترجيح كفة صفقات التسلح على حساب الاستثمار في البنية التحتية المدنية و الجامعات. نصف الأموال التي أهدرت في الحروب كافية لبناء علاقات نموذجية و مستدامة مع إفريقيا و الشرق الأوسط. الحاجة فقط لمارشال جديد. قد يكون أوباما هو الأنسب لذلك.

  • مهند
    الأحد 23 غشت 2020 - 19:39

    فرنسا تلقت ضربة موجعة هذه الضربة لم تكن في الحسبان
    هناك دولة مارقة ……ختطت لهذا الامر منذ امد بعيد وهي تعمل في الخفاء
    المخابرات الفرنسية فشلت فشل ذريع
    المغرب كذالك خسر حليف وفي للواقعة عواقب وخيمة للمنطقة

  • التأثير الفرنسي
    الأحد 23 غشت 2020 - 21:28

    مستعمرات فرنسا السابقة كلها تعاني من الفقر والتخلف الاقتصادي والسياسي، كما أن فرض الفرنسية في هذه الدول يحول دون انفتاحها عن العالم لكون الفرنسية لغة جهوية ولا تتطور نفسها إلا بالترجمة من الإنجليزية. وهي تعمل كوسيط لغوي بين الإنجليزية وهذه الدول أو كما يسميها أحدهم سمسار لغوي. وقد سبق لأحدالمثقفين الفرنسيينن أن صرح بأن La langue française est une langue morte et elle ne survit que grace aux traductions et aux ides Venus d'ailleurs.
    أنظر فيديو: فرنسا-أفريقيا القارة المستباحة

  • جلال - آسفي
    الأحد 23 غشت 2020 - 21:30

    اتفق مع معظم التعليقات السلفة. فقط لإضافة ان الأسلحة مثلا التي تتوفر عليها بوكو حرام هي فرنسية و حديثة الصنع! لا اتفق مع اردوغان في اشياء كالملف السوري لكن لمواجهة الغطرسة الفرنسية فانا اؤيده! وداعا الفرنسية لغة الفاشلين!

  • Zaloufi fatima
    الأحد 23 غشت 2020 - 21:51

    انقلاب من طرف العسكر الموالي لامريكا……نفس لعبة في مصر…….سيسي تعلم في مخابرات الجيش الامريكي…….ونفس قائد الانقلاب في مالي…….

  • حسن
    الأحد 23 غشت 2020 - 23:11

    متى تحتل دوله افريقيه سوداء فرنسا وبريطانيا وايطاليا وتجلب البيض عبيد يباعون فى افريقيا

  • مصطفى الشلح
    الإثنين 24 غشت 2020 - 00:57

    لن تستطيع لا فرنسا ولا خدامها الميامين من ثني عزيمة الانقلابين ان كانت الإشارة من امريكا ولو أتت فرنسا بكل قوتها وقوة عملائها في أفريقيا ، تمت تنحدر من قمتها الكارتونية

  • berrada
    الإثنين 24 غشت 2020 - 03:13

    لم يسجل التاريخ ان هم فرنسا هو الشعوب بل همها الوحيد والاوحد هو نهب ثروات البلدان المقهورة ودعم وكلائها بالحديد والنار حفتر نموذج واضح للاعمى. وتدخلها في مالي جاء لدعم حاكمها المطاح به لانه ليس الا راع للمصالح الفرنسية .

  • Maroki
    الإثنين 24 غشت 2020 - 04:30

    الاخوانجية وكارهي فرنسا يفرحون ويطبلون لانقلابات العسكرية-الاسلاموية في افريفيا. الساحل الافريقي مصاره سيكون نفس مصير الصومال وافغانستان. الدول المجاورة كالجزاءر ستدفع الثمن غاليا. الارهاب امام ا بواب الجزاءر. الم يكن التعاون مع فرنسا كان افضل لها من مع امريكا؟؟؟؟؟

  • ملك
    الإثنين 24 غشت 2020 - 05:13

    كل ضباط انقالبيين تلقو تدريب في أكاديمية شرشال بالجزاير المتعددة التخصص وبعض تكوينات في فرنسا وأمريكا

  • سولوه
    الإثنين 24 غشت 2020 - 06:24

    خيرات ما موجود في الارض بالطبع الذهب وهل استفاد منه الاحطيات صفر والشعب مفقر.ولازم ما تنقلب الكفة.ولكن حكم العسكر لا يبشر بالخير والمستقبل في البلد سيكشف امور كثيرة.

  • visiteur2020
    الإثنين 24 غشت 2020 - 09:41

    هدا دليل على ان الدول لم تتحرر من الاستعمار كليا ، ستظهر تحالفات جديدة في العالم ، اتمنا على الاقل ان نستقل في انتاج و صنع المواد الاساسية و الصناعية

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات