إدارة بوش والمغرب العربي.. تجاهل، استبعاد أم احترام؟

إدارة بوش والمغرب العربي.. تجاهل، استبعاد أم احترام؟
الأحد 18 ماي 2008 - 19:10

كرّست زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى الشرق الأوسط، الغياب الذي لاحظه المتابعون، على مدى ما يقارب عقدين من الزمن، لزعماء المغرب العربي في جدول “اهتمامات وتشريفات” رؤساء الولايات المتحدة.


ورغم أنّه سيكون، عندما يغادر البيت الأبيض في بداية العام المقبل، واحدا من أكثر الرؤساء الأمريكيين تجوالا في العالم، إلا أنّ جورج بوش لم يزر أيا من دول المغرب العربي.


وعموما، فإنّ ذلك لا يعدّ جديدا، حيث لا تحفل الذاكرة بزيارة سلف له لهذه المنطقة التي تربطها بالولايات المتحدة علاقات عريقة عمرها الآن ثلاثة قرون، حيث أنّها كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالولايات المتحدة، وتبادلت معها العلاقات الدبلوماسية منذ القرن الثامن عشر.


والواضح، وفق الباحث التونسي في العلاقات الأفريقية – الأمريكية، المقيم في مونتريال، بكندا، محمد علي فطناسي، أنّ واشنطن “رفعت الراية البيضاء أمام أوروبا في ساحة التنافس على هذه المنطقة، رغم أهميتها الجيوسياسية.”


ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة المغرب العربي منطقة نفوذ أوروبي، فرنسي خاصة، وتعاملت مع دوله وفق أسس براغماتية ظرفية، منها ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، وآخر يتعلق بالأمن القومي الاستراتيجي، لاسيما خلال فترة الحرب الباردة.


وأضاف فطناسي، في اتصال هاتفي أجرته معه CNN بالعربية، أنّ اهتمام واشنطن كان أكثر خلال فترة الحرب الباردة منعا لامتداد النزعات الشيوعية، لاسيما مع “العداء” الذي تكنه الجزائر لفرنسا، والذي جعلها تطوّر علاقاتها بالاتحاد السوفييتي.


أما الآن، وفق فطناسي، فإنّ الزمن هو زمن القطب الواحد، “والجميع يساق ضمن القطيع، إلا إذا كانت لديه ثروات بإمكانها أن تسيل اللعاب، مثلما هو الأمر في الخليج، ولذلك فلا حاجة لأي علاقات حقيقية مع هذه الدول.”


وكان اهتمام واشنطن بالمغرب العربي أوضح خلال الحرب العالمية الثانية، وفي فترة نهاية الاستعمار، حيث أنّ تلك الدول شهدت المعارك الحاسمة التي انتهت بخسارة الفوهرر في قلب الصحراء الليبية، ومن ثمّ التونسية.


وقال فطناسي: “لقد اختلفت السياسة الدولية جذريا، ولم يعد لدول المغرب العربي، بل وحتى لأوروبا أي دور. والولايات المتحدة عندما تتعامل مع ملفاتها الاستراتيجية التي تتعلق بأمنها القومي -وإسرائيل جزء منه- لا تضع في حساباتها دول المغرب العربي لأنها ببساطة تجعله في خانة دول جنوب الأطلسي، أي في فضاء الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي.”


وأضاف: “لكن مع ذلك، أعتقد أنّه إذا كان هناك خاسر-على المستوى السياسي وليس الاقتصادي- في هذه المسألة، فهو من دون شكّ الولايات المتحدة، وليس المغرب العربي.”


وأوضح قائلا: “أعتقد أنّ الأمر يتعلق باستبعاد دول المغرب العربي، لأنّ ذلك يصبّ في خانة مصالح إدارة بوش، حيث لطالما لعبت هذه الدول، من دون ضجيج، دورا فعّالا في ملف الصراع بين العرب وإسرائيل، من خلال لجنة القدس، التي يرأسها العاهل المغربي، والتي لم نعد نسمع عنها أي شيء.”


وأضاف: “وكذلك الدور الذي لعبته تونس في تليين الموقف الفلسطيني، عندما استضافت منظمة التحرير، بما أفضى لاحقا إلى أوّل اتفاق سلام بين الطرفين.”


وقال فطناسي: “ما يحدث يثبت أنّ إدارة بوش غير مهتمة جديا بالتوصل إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإلا لكانت قرأت التاريخ جيدا.”


أما الصحفي الجزائري بوعلام صايفي، فقال في تصريحات لـCNN بالعربية: “أنا أرى الأمر مخالفا تماما، حيث أنّ العلاقات الأمريكية بدول المغرب العربي شهدت زخما مهما في السنوات الأخيرة بفعل الظرف العالمي، ومخاوف واشنطن من اتخاذ تنظيم القاعدة ملاجئ له في المنطقة.”


وأضاف: “إن الزيارات بين المسؤولين الأمريكيين ونظرائهم المغاربيين متعددة بنسق أرفع بكثير مما كانت عليه من قبل، وحتى فترة رئاسة بيل كلينتون.”


وعلى مستوى الأرقام، تعدّ المملكة المغربية مثلا ثاني دولة، بعد مصر، تتلقى مساعدات مالية من الولايات المتحدة.


كما أنّ السنوات الأخيرة شهدت انفراجا في العلاقات الأمريكية الليبية.


وأضاف صايفي: “الأرقام والأحداث لا تكذب.. لقد وجدت دول المغرب العربي واشنطن إلى جانبها كلما احتاجتها، وهي تشترك مع غالبية الدول العربية منها والأفريقية في كون العلاقات بين زعمائها ووكالة الاستخبارات المركزية وطيدة، لكن مع ذلك هناك اختلافات.”


وأوضح في هذا الصدد قائلا: “إن الظرف الجيوسياسي يختلف وبوش عندما يزور الشرق الأوسط، لوجود إسرائيل وإيران هناك، وزياراته إلى تلك المنطقة تستهدف فقط حشد الدعم لمشروعه ضدّ نظام طهران، وكذلك لحماية إسرائيل.”


وأضاف “زيارته هذه إلى المنطقة محورها إيران لا غير، وهذا واضح. وأنا أعترف أنّ نسق الزيارات الأمريكية إلى المشرق العربي بات طاغيا أكثر من ذي قبل بسبب العراق أساسا.”


أما الصحفي بن هادي مغراوي، الذي يدير نشرة فكرية تصدر في بروكسيل، فقال في تصريحات بالهاتف لموقع CNN بالعربية: إنّ “مفهوم السيادة هو الذي يطغى على العلاقات بين المغرب العربي والولايات المتحدة.”


وأضاف: “لقد تلقّت واشنطن صفعة عندما رفضت جميع دول المغرب العربي استقبال قواعد أمريكية على خلاف المشرق العربي. لكن مع ذلك احترمت الإدارة الأمريكية ذلك القرار، ولم تتدخّل، مثلما تفعل عندما يتعلق الأمر بالخليج مثلا.”


وقال: “تخيّل أنّ دول المشرق العربي تجمع وزراء خارجيتها ومديري مخابراتها وتسمح لهم بالالتقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية أو وزير الدفاع وحتى بمجرد مسؤول في الاستخبارات الأمريكية.”


وأضاف “أنا لا أقول أنّ ذلك لا يحدث مع دول المغرب العربي، ولكن إن حدث ففي إطار مناسب لا يمسّ من سيادة الدول، ويكون عبر المسالك الدبلوماسية المعروفة.”


وكانت الولايات المتحدة قد عبرت عن دعمها العلني لاستقلال دول المغرب العربي، عن فرنسا، إذ وقفت عام 1962 إلى جانب تونس ضد باريس في مطلبها الذي قدمته للأمم المتحدة بالجلاء عن البلاد.


كما تقدمت تونس بشكوى إلى الأمم المتحدة ضدّ إسرائيل بعد قصفها مقرات منظمة التحرير الفلسطينية في ضاحية حمام الشطّ التونسية في عام 1985، إذ لم تستخدم واشنطن الفيتو حينها، بل امتنعت عن التصويت، فيما يعدّ أمرا نادرا.

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد