رجاء جارودي: إسرائيل ما كان لها ان تستمر إلا بالتبعية

رجاء جارودي: إسرائيل ما كان لها ان تستمر إلا بالتبعية
الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:08

شغلت قضية فلسطين واحتلالها من قبل العدوان الإسرائيلي الغاشم، مختلف الدوائر الفكرية سواء العربية أو الأجنبية وتناول الكثير من المفكرين هذه القضية بالنقد والتحليل، وتوقفوا عند المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها المسلمون الفلسطينيون من قبل جنود الاحتلال.


ومن أبرز الكتاب الغربيين الذين تناولوا هذه القضية بحيادية شديدة وأنصفوا الشعب الفلسطيني، المفكر الإسلامي الكبير رجاء جارودي (الصورة) في كتابه “فلسطين.. أرض الرسالات الإلهية” وقد ترجمه ووثقه وقدمه المفكر الإسلامي الكبير الدكتور عبدالصبور شاهين وصدر عن دار التراث، الكتاب من القطع الكبير ويقع في 687 صفحة ويحتوي على ثلاثة أبواب، الأول مقسم إلى أربعة فصول يناقش فيها تاريخ أرض فلسطين وتاريخ الحضارة الكنعانية وعطاء هذه الحضارة وتحلل الدولة العبرانية وسقوط إسرائيل ويهوذا وتحدث عن فلسطين النصرانية والمسلمة. وقسم الباب الثاني إلى ثلاثة فصول تناولت فلسطين في وهم الغرب، العهد القديم وميلاد الصهيونية المسيحية، من اليهودية إلى القومية الصهيوينة وأسباب نجاح الصهيونية السياسية. أما الباب الثالث فمقسم إلى أربعة فصول، رصدت تاريخ الغزو ومناهج الغزو ومنطلقاته وكيف ولدت دولة إسرائيل?” وكيف تبقى? والسياسة الداخلية للدولة الصهيونية والسياسة الخارجية للدولة الصهيونية، ثم المقاومة الفلسطينية وتوقعاتها.


ولقد اهتم هذا الكتاب بقضية القضايا: فلسطين، التي يحاول الثالوث الجهنمي المكون من الاستعمار والصهيونية والنظم القومية – أن يغرقها في طوفان الصراعات المحلية. ولكنها مازالت تتنفس بقوة، وتتحرك تياراً هادراً.


إن فلسطين تبدو هنا جذوة متوهجة، تاريخاً ومأساة، ومصيراً، وإن الصهيونية هنا كيان مفضوح، تاريخاً وإيديولوجية، وسلوكاً وإن الإسلام يتجلى هنا وهو مستقبل الصراع كله.


لقد عالج الكتاب قضية فلسطين خيراً من أي كتاب سبق، بأسلوب أكاديمي، عرض الأدوار المشبوهة، وكشف الأسرار المخبوءة، وجرد زعماء الصهيونية من كل قيمة شريفة، حتى خلاهم عرايا خزايا ينتظرون الدماء على صخرة المقاومة.


إنه نقطة تحول في فهم القضية، وفي تناولها، وفي علاقة العالم كله بها. وهو ولا شك كتاب القرن عن المواجهة بين الصهيونية والإسلام. ويذكر المؤلف أنه لقد حاول هذا البحث الطويل في تاريخ فلسطين – ابتداء – أن يستبدل بالأسطورة التاريخ، وحاول أيضاً أن يأخذ في اعتباره أسباب نشوء الأساطير، وأن يشرح لماذا تتداخل في أغلب الأحيان مع التاريخ، فتوجه مسيرته، (أو تسيء توجيهه). ولذلك لم نكتف بسرد الأحداث المتعاقبة، التي وقعت على أرض معينة، بل تتبعنا أيضاً تاريخ فلسطين، وأسطورة فلسطين في خيال الشعوب.


لقد كان دون كيشوت على حق في أن يعتقد أن المثل الأعلى أصدق من الواقع، لأنه يحدث أن تفرض الأسطورة على التاريخ شكلاً معيناً، وترسم له مجراه، في السراء والضراء: مثالية خلاقة، أو إيديولوجية تبرير.


وهذه الدراسة عن فلسطين في التاريخ هي محاولة، ضد أي أسطورة معينة، تضع في منظور العقل المسار التاريخي لهذه المنطقة، مع التزامها بالتمييز بين ما هو استمرار، وما هو انقطاع.


وأشار الكتاب إلى انه لم تكن فلسطين يوماً وحدة معزولة، فلقد حقق استمرار تاريخها أنها كانت خارج الانقطاعات وموطن التقاء، وتقارب، وتكامل.


في هذه المواطن يتم التركيب، أو على الأقل الانصهار، منذ وفدت قوافل التجار من أنحاء آسيا، ووصلت على البحر الأبيض، في طريقها إلى أوروبا أو المغرب، حتى المبعوثين البوذيين الذين أرسلهم الإمبراطور الهندي أسوكا خلال القرن الثالث ليجوبوا العالم، ومنهم أولئك الذين وصلوا إلى فلسطين واستوطنوها. وفلسطين لا تنفصل عن مجموع الهلال الخصيب، وهذا هو استمرار حوار الحضارات.


في البداية وفد إليها المهاجرون، آلافاً من البدو يهبون كالزوابع والدوامات، من الجزيرة العربية إلى العراق، وإلى سورية، وإلى فلسطين، وإلى مصر، وقد انصهرت في هذه البوتقة بالتبادل حضارتان من أكبر حضارات العالم القديم، حضارة العراق، وحضارة مصر.


وأوضح المؤلف أن الانقطاعات التي شهدتها فلسطين كانت محاولات فرض عزلة محصورة من الغرب، الذي أغلق فلسطين على هذه العزلة، ثم سحب منها دورها في الهلال الخصيب، وقطعها عن العالم العربي، الذي هي منه جزء لا يتجزأ، منذ آلاف السنين، لقد سحب دورها باعتبارها ملتقى بين آسيا وافريقيا، بين الشرق والغرب، ليزرع فيها دولة غربية “محض” ذات حياة مصطنعة، كأنها ذيل للغرب، ما كان لها أن تستمر إلا بالتبعية للغرب في التمويل وفي السلاح.


وفي نهاية هذا التاريخ، نهاية هذه اللحظة الفلسطينية الكبرى للملحمة الإنسانية يجب أن نعي ما يمكن أن يحدث وراء القوميات العتيقة والفاسدة، من اللقاء الجديد بين الشرق والغرب في أورشليم (القدس)، لقاء تقنيات الغرب – التي لا يُخلي بينها وبين انحرافها المدمر، “حين تكون غايات في ذاتها، في شكل تكنوقراطية صارت ديانة الوسائل”- مع “الهداية” التي اتخذت رسالتها من آسيا مصدرها غالبا، وذلك كي ما توضع هذه القدرات الرائعة للتقنية، مع “الهداية” التي كشفتها، في خدمة الإنسان، لا في خدمة هدمه وتدميره.

‫تعليقات الزوار

8
  • خليجي فحل
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:20

    جارودي مفكر محترم من ايام ما كان رفيقا لشي غيفارا

  • معتقل سياسي
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:12

    نحن نعرف من كتب التاريخ ومنها التاريخ العربي رغم زيفه أن فلسطين أرض يهودية فلسطينية فالعبرانيون والعبريون أبناء عمومة والهلال الخصيب بعيد عن فلسطين بعده عن المغرب وأول عهد للعرب بفلسطين كان في زمن عمر الخطاب يومها دخلها العرب كغزاة وليس كأصحاب حق فيها.
    ان الذي جرى المآسي التي عاشها ويعيشوها الفلسطنيون هو ذلك الارتباط بالعرب الذي ربطهم بهم القوميون العرب.

  • الدكالي
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:16

    (( رجل مشكك في كل شيء ينتقد كل شيء من باب خالف تعرف بدءا بجحد الكاثوليكية وانكار اشتراكية الاتحاد السوفياتي الى الادعاء باسطورة الصهونية حتى انه تنكر الى اسمه وقلبه من اسم ذكر فرنسيالى اسم انثى عربي. ومع هذا فلا احد اهتم به اد تم قمعه اعلاميا و حوكم العديد من المرات حتى المسلمين الدين انتصر لهم لم يولوه ادنى اعتبار الا لماما،))
    ــــ
    ماهذا يارجل هل هذه الإشارات التلميحية التي صدرت منك في حق رجل صدع بكلمة حق في وجه الطغيان العالمي تعتبر ثناء أم طعنا في شخص الرجل ؟؟ وللآسف العالم الإسلامي كله لايعرف ماهي الطريق المؤدية إلى مصلحته ، إنه التوهان العربي ( أربعين سنة ) كما حصل لليهود سابقا ، أما العرب فتهوانهم لايزال مستمرا حتى يعودوا إلى الله عندهايناصرون كل مخلص لدينهم وقضاياهم عيد مبارك

  • حميد
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:26

    عدد اليهود في العالم اليوم 13 مليون نسمة..يقول الصهاينة منهم انهم عادوا بعد 2500سنة..العرب والمسلمون مليار ونصف نسمة…ومع ذلك يريدونهم ان ينسوا فلسطين بعد 60 سنة…ربما يظن الصهاينة ان الذاكرة تخص شعب الله المختار وحده…

  • حامد
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:14

    اتهامك للمفكر الفيلسوف والعبقري المسلم بالخيانة لااساس له من الصحه مجرد كدب وخزعبلات وانا اعرفه شخصيا

  • امير الصعاليك
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:10

    اراك تخلط بين القومية العربية والإسلام فجارودي لم يسلم لأجل العرب ولم يبدل قناعته الفكريةان كنت ترى انه بدل حتى اسمه فما الذي لم تبدله انت ولا زلت عليه ولو اني اشك انك قادر على تبديل جلدك مثل جلد الثعبان
    ان لم يكن هذا صحيح ما الذي يجعلك متحيزا الى بني صهيون
    اكشف عن وجهك الكريهالقناع

  • Berberland
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:22

    حسب علمي أن الأيالة تمنع البروفيسور جارودي من أن يحاضر في أجمل بلد في العالم, بينما نجد رعاة البقر, حرزني الهمة أحمد التوفيق راعي قطييع العلماء الخونة يقدمون محاضرات شكلية مليئة بالنفاق والخداع علي شعبنا العزيز. أما المعلقين منتقدى الدكتور جارودى فهم شردمة من عبيدي الحداثة وعبيد أسيادهم.
    tajhil omma

  • هشام ابن هوارة
    الإثنين 29 شتنبر 2008 - 17:24

    مجرد تصحيح بسيط هو ان اسم الكاتب
    روجيه جارودي Roger Garaudy
    وليس رجـــــــاء جارودي كما هو وارد في عنوان المقال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين