راضية النصراوي: الثورة التونسية لم تحقق أهدافها ونضالنا مستمر

راضية النصراوي: الثورة التونسية لم تحقق أهدافها ونضالنا مستمر
الأربعاء 17 غشت 2011 - 01:26

بدعوة من منظمة العفو الدولية تزور المحامية والناشطة الحقوقية التونسية البارزة راضية النصراوي هولندا للمشاركة في المؤتمر الدولي السنوي للمنظمة والحديث عن الوضع الراهن بتونس ومشاركة المرأة التونسية في الثورة.

تعتبر راضية النصراوي من ابرز وجوه المعارضة في عهد الرئيس بن علي حيث تعرضت طوال سنوات للملاحقة والترهيب والسجن بسبب مواقفها الداعمة لحقوق الإنسان وتجندها للدفاع عن ضحايا عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأصهاره. تصف راضية النصرواي الوضع في تونس بأنه “صعب” وتستنكر وجود من شاركوا في القمع والفساد في السلطة حيث “يحاولون تحديد مصير تونس”.

تواصل التعذيب والاغتصاب

تقول راضية النصرواي ان نضالها ضد الظلم والتعذيب لم ينته بسقوط بن علي وان أساليب القمع والترهيب لا تزال مستمرة الى اليوم في ظل حكومة انتقالية ليست نابعة من الثورة “ما زلت أتعرض تقريبا لنفس الممارسات القمعية التي كنت أتعرض لها في زمن بن علي. انا لا أستغرب ان الحكومة الحالية قادرة على إعطاء الأوامر للبوليس السياسي لقمع الناس وتعذيبهم حتى تحرم الجميع من حق التعبير وحق التظاهر والاعتصام”. ورغم ان تونس قامت بثورة أطاحت بدكتاتورها واشعلت سلسلة ثورات في العالم العربي، إلا أن راضية النصراوي ترى أن ” الدكتاتور ذهب والدكتاتورية مستمرة”.

وتستند الحقوقية في موقفها هذا الى الكثير من المعطيات الدالة على ان الوضع لم يتغير بعد الثورة “عاد الخوف مجددا الى التونسيين، والبوليس السياسي مازال موجودا وينشط بقوة ونحن لا نزال نخضع للمراقبة وانا على يقين من ان مكتبي وبيتي وجهازي الخلوي تحت المراقبة، كما إن سيارتي تهشم بيد خفية من حين لآخر(…) القضاء لم يحرر والتعذيب داخل المراكز والسجون في تزايد مستمر، هناك حالات اغتصاب لشباب ما بعد الثورة وأطفال يقع تعذيبهم نفسيا.”

وتعتقد الحقوقية ان الأمر ليس غريبا “لأن القوى الرجعية تحاول الدفاع عن مصالحها وترغب في العودة بتونس والتونسيين الى نظام بن علي مجددا” وتضيف “يحاولون إقناعنا بان المهمة انتهت بسقوط بن علي وانه علينا القبول بما عداه بما في ذلك استلام أتباع بن علي لمقاليد البلاد لتسييرها والتحكم بمصيرها”.

توجس من الاسلاميين

تنطلق في الثالث والعشرين من شهر أكتوبر انتخابات المجلس التأسيسي التي كانت مقررة في وقت سابق لشهر ايلول، وكانت بعض القوى الحقوقية والسياسية والنقابية في تونس قد طالبت بتأجيلها إلى وقت لاحق لتتمكن الأحزاب القديمة والجديدة على حد سواء من تنظيم صفوفها وإعداد برامجها. في هذا الصدد تقول راضية النصراوي ان “الأحزاب القديمة لم تتح لها فرصة في عهد بن علي للتعريف بنفسها وتقديم برامجها للناخب وتنظيم التجمعات والمؤتمرات أما الأحزاب الجديدة التي ظهرت بعد الثورة فهي لا تزال نكرة تماما بالنسبة للتونسيين”. وتعتقد راضية ان هذا التأخير كان ضروريا ليتمكن التونسيون من تحديد خياراتهم.

تؤكد الحقوقية انها مثلها مثل العديد من التونسيين والتونسيات تخشى من فوز التجمعيين ذوي الامكانيات الكبيرة و حركة النهضة (الإسلامية) في هذه الانتخابات نظرا للمواقف والتصريحات التي تصدر من حين لآخر عن بعض أعضاء حركة النهضة “والتي من شأنها ان تبعث الخوف في النفوس خاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة التونسية ومكتسباتها وحرية المعتقد لان الجميع في تونس متمسك بهذه الحقوق وليس من مصلحة تونس المس بهذه الحريات الأساسية”.

وتعقيبا على الأحداث التي شهدتها تونس في الفترات الأخيرة والتي قامت فيها جهات مجهولة، يعتقد أنها من السلفيين، بتحطيم كراسي المقاهي والهجوم على المطاعم في بعض المناطق التونسية تقول “أمر مخيف لان المفروض أن يكون الإنسان حرا في معتقداته”، الا انها تعود لتستدرك مشيرة الى أنها لا تستبعد ان يكون للبوليس السياسي يد خفية في هذه الأحداث في محاولة منه لصرف اهتمام التونسيين عن المشاكل الرئيسية التي تمر بها البلاد .

وكانت الجمعيات النسوية والحقوقية في تونس قد أطلقت مجموعة من المبادرات تدعو الى حماية مجلة الأحوال الشخصية والمكتسبات التي تحققت للمرأة التونسية وذلك من خلال تنظيمها لمؤتمرات وندوات وأيضا عبر صفحات الفيسبوك والمدونات. ونادت بعض الجمعيات النسوية في تونس بالابقاء على يوم 13 أوت “اغسطس” عيدا وطنيا للمرأة التونسية وهو التاريخ الذي برزت فيه مدونة الأحوال الشخصية عام 1956. تشارك راضية النصراوي في هذه التحركات وتقول “أشارك في هذه التحركات لأنني ككل النساء في تونس أخشى المس بمكتسباتنا وأطمح الى تدعيم هذه الحقوق، لا يمكن ان نكتفي اليوم بالانجازات التي تحققت لنا في الخمسينيات و الستينيات بل يجب ان نتقدم شيئا فشيئا نحو الأمام حتى نبلغ المساواة الكاملة بين المرأة والرجل”.

المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب

في عام 2003 أسست راضية النصراوي الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب وهو ما جعلها محط مراقبة وتتبع مستمرين من النظام السابق وأودى بها في العديد من المناسبات الى السجن والمحاكمة والعنف ” كنا نعمل في الخفاء وبشكل يجعل من تحركاتنا أمرا في غاية الصعوبة وبعد الثورة تم الاعتراف رسميا بالجمعية وأصبحت تحمل اسم المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب”. وترى النصراوي ان دور المنظمة في المستقبل سيكون مهما جدا نظرا لاستمرار هذه الممارسات داخل مراكز الشرطة والسجون وبشاعة الانتهاكات التي لا تزال ترتكب في هذا الخصوص. ” التعذيب في تونس ممارسة ممنهجة وآلية، تسلط على كل الموقوفين. هدفنا هو توعية التونسيين بلاأخلاقية هذه الممارسة واجتثاثها من عقلية التونسي ونشر ثقافة حقوق الإنسان بين الناس، الى جانب مطالبنا المبدئية المتمثلة في محاكة الجلادين و وتقديم المساعدات النفسية والطبية للضحايا”. ورفع الشكاوى في حقهم.

رد اعتبار

رغم أنها لم تكن تنتظر إنصافا أو رد اعتبار لما تعرضت له من و ضرب وسجن وترهيب الا ان راضية النصراوي تعتقد ان كرامتها ردت إليها مع الثورة وان سعادتها بالتخلص من الدكتاتور كبيرة وترى أن مهمتها لم تنته وستواصل النضال الذي بدأته قبل أزيد من ثلاثين عاما، هذه المسيرة النضالية التي لا تنوي التوقف عنها حتى ولو بالترشح للرئاسة كما يدعوها البعض لذلك “النضال الحقوقي يأخذ كل وقتي ويتطلب مني مجهودا أكبر من السابق ولا أفكر في شيء سواه”.

* يُنشر بالاتفاق مع إذاعة هولندا العالمية

يُرجى النقر هنا للاستماع إلى المقابلة

‫تعليقات الزوار

10
  • منا رشدي
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 02:19

    تابعت ما حصل في تونس منذ اليوم الأول من إحراق " محمد البوعزيزي " نفسه احتجاجا على الظلم الذي لحق به من السلطات المحلية التونسية .
    منذ اليوم الأول إلى يوم الجمعة ، يوم إزاحة بن علي من كرسي الحكم ؛ لم أسمع مطلقا كلمة ديمقراطية في أي تظاهرة عرفتها شوارع تونس ؛ مما يؤكد بشكل قاطع لا يقبل الشك غياب أي تأطير سياسي للمتظاهرين سواء ا من أحزاب معارضة الداخل أو معارضة الخارج ، هذا معناه ألا فضل لحزب فيما عرفته تونس ولا نقابة ولا جمعية حقوقية ولا تجمع نقابي ! وهنا تكمن المشكلة ،

  • منا رشدي
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 02:22

    ،تابع الثورة لا أب ولا أم لها ببساطة لكونها مظاهرة شعبية بسيطة صادفت قمة ضعف أعلى هرم في الحكم داخل تونس مما سرع بإطاحته وبأقل الخسائر ومن دون مقاومة تذكر ، وما عرفته تونس من فوضى لم يكن سوى انعكاسا على تخبط نخبة استفادت من حكم بن علي وفجأة رأت مكانتها الإعتبارية تهوي من علياءها فعاتت في تونس فسادا وتقتيلا في المواطنين البسطاء .

  • منا رشدي
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 02:28

    تابع اليوم على التونسيين أن يختاروا وجهتهم المستقبلية ، إما عروبية إسلاموية متخلفة أو غربية ديمقراطية متحررة مسائلة منتجة في انسجام تام مع تاريخ تونس وحضارة تونس كبلد مغاربي يختلف كليا عما يحبل به مشرق مريض متخلف غارق في الديكتاتوريات تحتفي باستقبال ربيباتها من ديكتاتوريي العهود البائدة .
    تونس اليوم في مفترق الطرق . والمواطن التونسي رؤيته اليوم ضبابية لمكتسباته ، في ضل هجمة إعلامية عروبية

  • منا رشدي
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 02:31

    تابع مدعمة لتيارين رئيسيين ؛ تيار راشد الغنوشي الإسلاموي العروبي الذي يحن للكواكبي و البنة وورثة هذا الأخير من الإخوان المسلمين ؛ وتيار المرزوقي وهو عروبي علماني يساري يرى في نفسه امتدادا طبيعيا للبعث الصدامي زائد البعث السوري ( رغم تناقضهما ) الشيء المبكي فيما يحصل بتونس هو الغياب التام لأي تنسيق مغاربي يحفظ تونس من تجاذبات الأعراب بين قاعديين استئصاليين أو بعثيين عروبيين متعفنين ؛ وكأن تونس ليست بلدا مغاربيا ولا عضوا في اتحاد الدول المغاربية .

  • ابو المعالي
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 02:59

    اصلا هاته الثورة لم تحقق شيئا لان الجيش استولى عليها وخير مثال هو ان من قتلو التونسيين ما زالو احرار وازلام بن علي كالسبيسي مازالو هم من يقود تونس كما ان حزب بن على لازال قائما ووزارة الداخلية لازالت قائمة كما انه حتى بعد الثورة لازال التونسيون يموتون هههههه ادا مادا حققت هاته التورة غير انها جعلت تونس تغرق في الديون العالمية من البنك الدولي وجعلت التونسييين يغرقون في البحر المتوسط كما انها ضربت السياحة والاقتصاد التونسي في الصميم وارتفعت بدلك البطالة ازداد الوضع سوءا كما ان البوليس السياسي

  • mahb mahboub
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 06:44

    لا يمكن في هذه المرحلة بعد مرور شهور على اندلاع الثورة التونسية التحدث عن الاصلاح والتغيير تحت عشية وضحاها بل ثمرة النجاح وحصادها تظهر بعد اعوام, لكن في ظل رأى واحدة ونهج واحد بيد انه اذا بقي الوضع على ماهو عليه كل حزب على شاكلته ومنهجيته خاصة انها اختلافات جدرية ( الاسلاميون واليساريون والديمقراطيون ) فلا اظن ان الوضع سيتغير وبالتالي كل حزب سيتغل حرية الثورة محاولا تطبيق منهجيته
    نتمنى من الله التوفيق والسداد لما فيه الخير لشقيقتنا تونس

  • مغربي
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 11:08

    نظرا لطبيعة الأنظمة العربية ولعقلية الشعوب العربية وانتشار التبعية والجهل وسيطرة العاطفة على العقلانية. نظرا لكل هذه الاعتبارات فان الثورات العربية لن تنتج الا أنظمة ديكتاتورية قمعية جديدة. ولن تكون وسيلة لتغيير الأوضاع نحو الأفضل ولن تغير في الوضع المعيشي للشعوب العربية شيئا. والأيام القادمة ستظهر صحة هذا القول. وما يحدث حاليا في مصر وتونس خير دليل على ذلك. كل يغني على ليلاه، كثر المناضلون والمتفلسفون المنظرون. كل من هب ودب يتكلم في السياسة والتغيير…ان فاقد الشيء لا يعطيه فلا تنتظروا المعجزة.

  • أسد أسود الأطلس المتوسط
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 13:07

    على الشعوب العربية والإسلامية ، خصوصا المغرب وتونس ومصر وسوريا والأردن واليمن ، واالدول الخليجية مناهضة الفاسدين واللوبيات والمافيات المخزنية ، على الشباب العربي مناهضة الخونة من الحكام الذين لا رغبة لهم إلا أكل لحوم البشر واستنزاف خيرات الأوطان واللعب وراء الخط الأحمر ، ومتابعة الصهاينة في تزييف الحقائق واغتصاب الشرعية الإسلامية ..والله تعالى يقول : وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ..على الشباب العربي مقاومة الخونة والفاسدين من الحكتذام حتى الحريةى الحقيقي

  • SAM
    الأربعاء 17 غشت 2011 - 19:22

    انا اقول شخصيا بان الثورة لن تحقق ابدا الا هداف او متطلبات المتظاهرين ولو اطيح بالرئيس …المتظاهرون هدفهم اغراق البلد في فتنة لانهم يحسدون الاخرين على وظائفهم ومشارعهم و…يريدن ان يتوقف الاقتصاد الوطني وان يدخل الكل في ازمة يعني بالدارجة تضمس من جديد …اقول لك يالسيدة راضية لو اصبحت رئيسة لن تحققي ابدا متظلبات ا لمتظاهرين الدليل تونس ومصر ومن بعد ليبيا هنا سيبعد الثوار من الساحة اذا اسقط القذافي ويعوضون باخرين تابعين لفرنسا ليست لهم مطالب فقط الحكم .عاش الملك محمد السادس ملك المغرب

  • زهير
    الثلاثاء 20 شتنبر 2011 - 14:12

    شكرا راضيه النصراوي ان الثوره في تونس لم تتحقق بعد وسنواصل النضال من اجل الخبز والحريه والكرامه الوطنيه

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات