الإسلاميون والعلمانيون: وجها لوجه

الإسلاميون والعلمانيون: وجها لوجه
الإثنين 30 يونيو 2008 - 11:12

ننشر أشغال الندوة التي نشرتها مجلة نيشان والتي شارك فيها :

عن الإسلاميين

محمد الخلفي – باحث ورئيس تحرير جريدة “التجديد“

عمر احرشان – باحث وعضو قيادي في جماعة “العدل والإحسان“

عن العلمانيين

أحمد عصيد – باحث

نور الدين الزاهي – باحث

وسيرها محمد ضريف –

باحث متخصص في شؤون الإسلاميين

نص الندوة

“العلمانية تعني الإلحاد”. هكذا تحدث أستاذ مادة التربية الإسلامية في إحدى ثانويات أجمل بلد في العالم. “العلمانية تعني إلغاء الدين من حياة الأفراد والتعامل بالعقل والعلم فقط”، هذا ما قاله شاب متعلم ومثقف لأحد أصدقائه… مثل هذه الأفكار -المغلوطة– وغيرها كثيرة في مجتمعنا. فمن جهة، يعتقد الإسلاميون بأن العلمانية غير صالحة للمغرب ولا للمغاربة وأن الإسلام هو حل شمولي يجمع بين الخاص والعام؛ ومن جهة ثانية، يعتقد الحداثيون والعلمانيون أن الدين شأن خاص وأن فصله عن السياسة والحياة العامة واحترام الاختلاف وحرية الأفراد، كل هذه أمور ستمكن المغرب من السير إلى الأمام بشكل أفضل. بإنجاز هذا الملف، لم نكن نهدف في “نيشان” إلى الاكتفاء بتفسير المفهوم بقدر ما اخترنا تحديد المواقف بين جبهتين لكل منها تصورها الخاص عن كيفية تسيير الشأن العام في المغرب. عند إنجاز هذه المواجهة، وقفنا على نقط الاختلاف الكثيرة التي تفرق بين الفريقين، وذلك نابع من تصور كلاهما لما يجب أن يكون عليه المجتمع. لكن، وخلافا لما كان متوقعا، فقد كشف النقاش كذلك عن نقاط مشتركة عديدة. “نيشان” تنقل نتيجة اللقاء… ولكم الحُكم الأخير.

المحور الأول : علاش كنهضرو بعدا؟

شنو كتعني العلمانية بالضبط؟ هل تقتضي إقصاء الدين نهائيا من حياة الأفراد؟ هل هي صالحة فقط للغرب أم يمكن تطبيقها في المغرب؟

ضريف: ما هي العلمانية بالنسبة إليكم وهل هي منافية للإسلام؟

عصيد: العلمانية مفهوم يعتبر أنه من الممكن تدبير شؤون المجتمع بالعقل البشري المستقل، في مقابل من كان يرى أنه لا بد من وجود مرجعية سماوية أو دينية. في الفكر الإسلامي مثلا نجد من يتحدث عن السياسة الشرعية، أي تدبير شؤون الدولة انطلاقا من المرجعية الدينية؛ والسياسة العقلية عند عدد من الفلاسفة كالفارابي وابن رشد وآخرون. هؤلاء اعتبروا أنه من الممكن تدبير شؤون السياسة بالعقل المستقل، على أساس أن يكون هناك حكماء يسيرون شؤون الإنسان انطلاقا من قدرتهم على التفكير المنطقي والبرهان السليم. كخلاصة، العلمانية بالمفهوم المتداول اليوم هي تدبير شؤون الدولة والمجتمع انطلاقا من ثقافة الإنسان التي هي ثقافة أرضية واعتبار الدين والإيمان موضوعا شخصيا. بتعبير آخر، اتخاذ موقف محايد من الإيمان الديني وعدم اعتبار الدين من آليات ممارسة الحكم وتدبير شؤون تدبير المؤسسات. في نفس الوقت، العلمانية لا تقصي الدين من حياة الأفراد طالما يظل في المجال الخاص.

احرشان: يتعلق الأمر بالعَلمانية نسبة إلى العالم، ماشي العِلمانية نسبة إلى العلم. وهو مفهوم نشأ في سياق فكري سياسي واجتماعي خاص، لم يقع عليه الاتفاق بعد إلا في كلياته، مما يجعلنا أمام عَلمانيات متعددة: علمانية جزئية تُبعد الدين عن المجال السياسي الضيق، لكنها مستعدة أن تتعايش معه في باقي المجالات المجتمعية الأخرى؛ وعلمانية شاملة متطرفة هي أقرب إلى اللادينية.

لكن ينبغي أن نتفق على أنه من رحم العلمانية خرجت الفاشية والنازية؛ وينبغي أن نتفق أيضا أن العلمانية تتحالف أحيانا مع الاستبداد كما في تونس أو مع العسكر كما في تركيا.

بالرجوع إلى السياق على المستوى التاريخي والسياسي والفكري لنشأة مفهوم العلمانية، سنلاحظ أنه ارتبط ببيئة مختلفة عن بيئتنا، فطبيعة الدين المسيحي بعد التحريف جعلت المسيحيين المتدينين أنفسهم يعتبرونه عقيدة ماشي شريعة. وهذا عكس ما نحن عليه في الإسلام؛ فهو دين شامل يشمل المجال الفردي والمجال المجتمعي؛ والأحاديث النبوية واضحة في هذا المجال: “الدين النصيحة”، “الدين المعاملة”… المفهوم نشأ إذن في سياق المعاناة من تحالف الكنيسة مع أنظمة الحكم المستبدة آنذاك. أما في النظام الإسلامي، وعلى مر التاريخ، فلم يتبع العلماء الحكام. لذلك، فالخلاصة التي أصل إليها هي أنه يصعب أن تستوعب العلمانية الإسلام ويصعب أن يستوعب الإسلام العلمانية. عندما نتحدث عن نماذج تطبيقية، ويقول البعض إنه يتخوف من إسلام الطالبان أو السعودية، أنا أقول إني أيضا أتخوف منها، تماما كما أتخوف من العلمانية التي تقيم الدنيا بسبب تلميذة وضعت الحجاب. يمكنني مثلا القول إني أفضل العيش في ألمانيا على الطالبان لأنه يإمكاني تأسيس حزب إسلامي في ألمانيا وليس بإمكاني ذلك في دولة الطالبان. في نفس الوقت، أمثلة دول الطالبان وغيرها التي يخاف منها العلمانيون لا تشكل إلا استثناءات شاذة مقارنة مع الإسلام الصحيح المعتدل.

الزاهي: نحن نتحدث عن العلمانية كحدث تاريخي، وبالتالي فمن الطبيعي أن نتحدث عن علمانيات مختلفة لأن هناك سياقات سياسية واجتماعية وتاريخية مختلفة. ولكن لننحصر في التصور: العلمانية هي تصور لكيفية تدبير الشأن السياسي والمدني. لهذا التصور 3 أعمدة أساسية وهي: العقل والعقلانية المؤسساتية كمرجعية؛ الشأن السياسي هو شأن إنساني محض (وبالتالي لا يمكن للشأن السياسي أن يرتكز على مرجعية دينية)؛ والعِلم باعتباره تصورا للعلاقة مع العالم، وهي علاقة تدرك عقليا وتجريبيا وليس لاهوتيا أو ميتافيزيقيا أو أسطوريا. كما أن العلمانية ليست تجربة غربية فقط، لأنها وُجدت في العالم العربي، بغض النظر عن نجاحها أو فشلها فيه. لماذا نفكر باستمرار في الإلحاد، كلما تطرقنا في مجتمعنا للعلمانية؟ لأن المفكرين العرب الذين ناقشوا العلمانية جعلوا منها ذاكرة مغلوطة للمفهوم في حد ذاته؛ بعد ذلك، أصبحت العلمانية تُترجم باللادينية. وهذان مصطلحان نوقشا في الفكر العربي المعاصر وظلا مستمرين حتى بداية القرن العشرين. ثم، إذا كانت هناك علمانيات، هناك أيضا إسلامات متعددة. إسلام تركيا ماشي هو إسلام الطالبان ماشي هو إسلام المغاربة…

الخلفي: يجب أن نميز أن الإسلام دين والعلمانية فكر. هناك فرق بين المستويين: الإسلام كدين يجيب عن أسئلة متعددة؛ أما العلمانية كفكر فهي تجيب عن سؤالين فقط: تدبير المجال العام والعلاقة بين المجالين الخاص والعام على أن يبقى الدين في المجال الخاص. أعتقد أن الإشكالية أعمق. نحن نفترض تعارضا بين العقل والدين. قد يكون هذا صحيحا بدرجة ما اتجاه تصورات دينية سادت في مرحلة تاريخية داخل أوربا، تورط فيها بعض رجال الكنيسة في مواجهة العقل. أي أن هذا الافتراض ارتبط بسياق تاريخي معين لا يمكن نفيه ولا يمكن تعميمه. لكنه لا ينطبق على المجتمعات الإسلامية. لا يمكن تعميم افتراض التعارض المطلق بين العقل والدين حتى نقول بأنه إما أن نختار المرجعية العقلانية أو المرجعية الدينية. كما أن التجربة التاريخية النبوية تقدم جوابا واضحا في هذا الأمر: التمييز بين المجال الديني التعبدي والمجال السياسي، بحيث أن ما صدر عن الرسول كرسول يُؤخذ به، وما صدر عنه كرئيس يُناقش. لدي رسالة للإخوة العلمانيين: يجب أن نفكر في العلمانية كجواب قدمه العقل البشري في مرحلة معينة في الغرب بالأساس، لتدبير العلاقة بين المجال الخاص والعام؛ هذا الجواب يعاني الآن من مأزق: ليس فقط عندنا، بل في الغرب كذلك. لا يجب أن نعتبر العلمانية كمقدس جديد. الدولة الإسلامية بطبيعتها ليست دولة تيوقراطية، دينية، بل هي دولة مدنية، وهناك مثال “وثيقة الصحيفة” التي أنجزها الرسول حين وصل إلى المدينة، وهي وثيقة تنظم العلاقات بين المسلمين والمشركين واليهود في المدينة. العلاقة التي كانت تربط هؤلاء كانت علاقة مدنية والدولة المدنية ترتكز على الاعتراف بالحق لكل المكونات في دينها الخاص.

المحور الثاني: الدين والسياسة: أين الفصل؟

هل يحتاج المغرب إلى إمارة المؤمنين؟ ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الدولة في تسيير الشأن الديني؟ الإسلاميون بين السياسة والدعوة، أين توجد الحدود؟

ضريف: هل العلمانية احتواء للدين أم إقصاء له؟ هل نحن بصدد مناقشة فصل الدين والدولة أم الدين والسياسة؟ وهل يمكن الفصل بين العلمانية والديمقراطية؟ هل يمكن أن نتصور تجربة ديمقراطية غير مستندة إلى خيار العلمانية؟

عصيد: منذ مرحلة الاستقلال، استعملت السلطة في المغرب الدين على عدة مستويات، حيث استلهمت منه الشرعية التاريخية عبر مفهوم “الشرافة” والارتباط بالأدارسة من ناحية، واستعملته كآلية في الممارسة المباشرة للسلطة عبر الفصل 19 من الدستور الذي يتحدث عن إمارة المؤمنين. في العمق، إمارة المؤمنين ليست مؤسسة دينية، وإنما هي آلية تعطي صلاحيات مطلقة للحاكم لكي يكون بديلا للجميع. هناك فرقاء في الساحة (يساريون، إسلاميون، علمانيون…)، لكل منهم مشروع دولة أو تصور حول نمط الحكم الأمثل؛ لكن هؤلاء الفرقاء يتطاحنون فيما بينهم فتصبح السلطة بفضل إمارة المؤمنين هي البديل. حدث هذا مثلا في صراع إدماج المرأة في التنمية. حكومة اليساريين اقترحت خطة عارضها الإسلاميون. لم يكن هناك سبيل للتفاهم بين الفريقين، فشكل الملك لجنة ملكية، وأحدث التعديلات التي كان عدد من الإسلاميين يرفضونها. وهكذا، كسب النظام الملكي شرعية على حساب المتطاحنين في الساحة. هذا معناه أن الملكية تلعب دورا إيجابيا نسبيا في هذه الظرفية؛ لكنها رسخت الحكم المطلق وأحدثت مشكلة خطيرة؛ وهو أن القرارات الفوقية لا تغير الذهنية. وهكذا، أصبح لدينا نوع من المقاومة من طرف المجتمع الذي تسود فيه ذهنية متخلفة، لقرارات ديمقراطية اتخذتها الملكية في ظرفية معينة. أتفق شخصيا على دور ظرفي للملكية بسبب عدم تفاهم التيارات الموجودة في المجتمع وعدم قبولها لمبادئ الحوار الحضاري وتفضيلها للتطاحن عوض البحث عن ما هو مشترك. إذا كنت أقبل بأن الملكية هنا تلعب دورا إيجابيا نسبيا، فإنني لا أقبل اللعبة في مجملها لأنها من أكبر العوائق نحو الاستمرار في البناء الديمقراطي بشكل صحيح. من جهة، يقدم تيار من الإسلاميين أنفسهم على أنهم حماة للملكية التقليدية ولإمارة المؤمنين ضد اليساريين أو العلمانيين والسلطة تستعملهم بهذا الشكل؛ ومن جهة أخرى، يتشبث العلمانيون بالملكية التقليدية لأنها تحتكر الدين وتمنع الإسلاميين من احتكاره، وهذا أخف الضرر. كل هذا جعل الحياة السياسية المغربية حقيرة بفاعلين باهتين؛ وتنصب الملكية فيها نفسها على أنها الطرف الوحيد الفاعل فيه. لا أحمل المسؤولية للملكية، وإنما للأطراف المتطاحنة في الساحة التي لم تعط الأولوية لضرورة بناء حوار وطني راشد ومبني أساس على منطق التنازلات الحكيمة التي أؤكد عليها لأن بدونها لا يمكن الاتفاق على ما هو مشترك. التناقض الذي ينبغي الخروج منه هو التالي: كيف يمكن استعمال الدين في الدولة مع عدم الإكراه؟ في المغرب لا يمكن استعمال الدين بدون إكراه لأن الدولة المغربية تستعمله وتتبناه وتمارس الإكراه. أعتقد أنه من الصعب أن نجد نموذج دولة تتبنى الدين رسميا وتحميه وتمارس الرقابة عليه ولا تمارس الإكراه. بمعنى: ارتباط الدين بالسياسة يؤدي دائما إلى الاستبداد.

: النظام السياسي في المغرب لا يقوم على أساس ديني؛ النظام السياسي يوظف الدين. لهذا أجد أن من أولوياتي في المرحلة أن أنزع عن هذا النظام صفته الدينية. هناك أربعة أمور أساسية في صفة إمارة المؤمنين: لا تمنح امتيازات، لا تعفي من المحاسبة أو المساءلة، لا تخول احتكار التأويل بالنسبة للنص الديني ولا تلغي المعارضة. لا يمكن لإمارة المؤمنين أن تكون قيدا ضد الفاعلين في المجتمع ولا يمكن أن تكون جواز مرور للحاكم. بالنسبة لي، من الأفضل يلا حيّدو هاد الصفة. الإسلام ليس في حاجة إلى نظام يبين له السياق الصحيح؛ الإسلام معطى متجدر في هذا المجتمع، أي واحد بغا يوظفو ماغاديش ينجح وأي واحد بغا يتجاوزو، غادي ينعازل. الفصل 6 من الدستور يقول بأن دين الدولة الإسلام، ولكن من منظور معين الدولة نفسها لا تحترمه وتحتكر مؤسسة العلماء، في حين أن قوة العلماء هي استقلاليتهم عن الدولة وعن الحكومة. القاضي يلا ماكانش مستقل ويحكم بما يمليه عليه ضميره، ما كيبقاش قاضي، كيولّي أجير. اليسار تقوى بمؤسسات الدولة، بينما الإسلاميون تقووا بمؤسسات المجتمع.

الزاهي: المسألة الحاسمة التي أعطت القوة لإمارة المؤمنين هي الشكل الذي حصل به المغرب على الاستقلال. الحركة الوطنية المغربية بخطابها السلفي، عكس مجتمعات أخرى، لم تحصل على الاستقلال بثورة أو بالتفكير في دولة حديثة، وإنما برفع دعوى قضائية ضد الحماية، على أساس أنها مست بالسلطان بصفته ملكا وبصفته أمير المؤمنين حامي الملة والدين. أرفض هذا التصور لأنه أنتج أكبر كذبة في تاريخ المغرب، وهي أن تاريخ تأسيس الدولة والملكية المغربيتين قام بتلازم مع الإسلام. إمارة المؤمنين كمؤسسة لا شرعية لها داخل الدولة الحديثة؛ والمشكلة المطروحة والمشتركة بين عدد من الإسلاميين واليساريين حاليا في المغرب هي تحييد الدين من قلب الدولة (بمعنى جعله محايدا)، على أساس أن إمارة المؤمنين ليست دينية وإنما دينية / سياسية. طيب، لنذهب بالمبدأ إلى أبعد حدود. يجب إذن أن يخرج الدين من المجال السياسي بشكل عام وأن يصبح أمرا خاصا؛ وأن تكون حرية المعتقد مضمونة والدولة توفر حماية هذه الحرية. بغيتي تدير كنيسة ديرها طبقا للقانون، ولكن ما تجيش تدير دعاية للتبشير المسيحي. مشكل إمارة المؤمنين هو حضورها المكثف داخل الفعل السياسي العام. هناك مسألة أخرى مهمة: بأي حق تعطي دولة حديثة الحق لأمير المؤمنين كي يتدخل في الأحوال الشخصية؟ القداسة شيء، ومجال السياسة شيء آخر. المفارقة الكبرى التي تخلقها إمارة المؤمنين هي أن عندنا دولة بجوج ريوس: دولة الإمامة، ودولة الكفالة. وبما أن دولة الإمامة والقداسة ما يمكنش توكل الخبز وأن دولة الكفالة تعيش عجزها الشامل، فهي تستقي أسسها الشرعية من دولة الإمامة. فتصبح لدينا دولة برأسين. البعض يعتبر أنه بفضل دولة الإمامة لم يتمكن الإرهاب والإسلام المتطرف من المغرب. أنا أقول: لو أن دولة الكفالة، الدولة الحديثة، تقوم بدورها على أحسن وجه، لكسبنا أكثر من ذلك ولكان المجتمع المغربي يعيش لحظات أحسن، ماشي فقط على المستوى الديمقراطي والسياسي، بل أيضا على المستوى الاجتماعي ومستوى القيم الكبرى ونمط العيش.

الخلفي: هناك توجه عام في المغرب نحو التدين، والدولة معنية بتدبير هذا التوجه. إقرار الحجاب باسم الدين مرفوض تماما كما أرفض منع الحجاب باسم العلمانية. نقطة الخلاف الكبيرة بين الإسلاميين والعلمانيين هي تحييد الدين. نحن نرى أن للدين دورا في الحياة العامة كما له دور في الحياة الخاصة ونرى أن هذا الدور لا يتم عبر الإكراه. يجب التمييز بين الملكية كنظام يرتكز على الدستور وإمارة المؤمنين. إمارة المؤمنين نظام وليست مجرد صفة؛ نظام يقوم على البيعة، والبيعة علاقة تعاقدية. في نفس الوقت، القداسة مرتبطة بالملكية وليست مرتبطة بإمارة المؤمنين. هناك مؤسسات غير موجودة في الدستور، ينبغي دسترتها من أجل إصلاحها لتفادي الازدواجية بين النظام الملكي الدستوري ونظام إمارة المؤمنين. قضية المدونة مكنت الملك أمير المؤمنين من ممارسة التحكيم، وهذا أحد العناصر التي تعطي مشروعية للنظام في الوضع الحالي. لكن المدونة أحيلت على البرلمان ونوقشت فيه، وهذا نمط من أنماط دسترة إمارة المؤمنين. الأخيرة تملك القدرة على أخذ مبادرات متقدمة على باقي الفاعلين؛ ولكن في نفس الوقت، إمارة المؤمنين في المغرب، كالملكية الدستورية، هي ابنة مجتمعها. فيما يتعلق بالسياسي والدعوي، أعتقد أن هذا تقدم كبير، لأننا لا نتكلم عن السياسي والديني بل السياسي والدعوي. للسياسة مجالها وللدعوة مجالها. عندنا في المغرب أزيد من 40 ألف مسجد لا يجب أن تدخل في إطار الحملة الانتخابية. لا يمكن تحويل خطبة الجمعة (التي يؤديها حوالي 6 ملايين مغربي) لتصبح مجالا للتنافس الانتخابي. الحزب السياسي المدني قد ينطلق من مرجعية إسلامية ويناقش قضايا الشأن العام بمنطق الشأن العام والسياسات العمومية أما الداعية، فيمارس الدعوة في ميدانه.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات