عبد المالك إسماعيل .. قيدوم أطبّاء إيطاليا المنحدرين من المغرب

عبد المالك إسماعيل .. قيدوم أطبّاء إيطاليا المنحدرين من المغرب
الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 09:00

استقرّ عبد المالك إسماعيل، ابن “مدينة الحمامة”، بمدينة فِيلترِي الإيطاليّة التي اقترنت بمساره المهنيّ الباهر في مجال الطب ضمن 3 تخصّصات جمع بينها.. ولذلك فهو لا يرَى قدرته على مغادرتِهَا قابلة للتحقّق إلى بالتوجّه صوب وطنه الأمّ.

خلال خمسينيات القرن الماضي لم يكن أي من المحيطين بإسماعيل يرَى أن طموحاته يمكن أن تتحقّق بالشكل الباهر الذي برزت به.. لكنّه آمن بقدراته المساندة لأحلامه، جاعلا من نفسه قيدوم الأطبّاء الإيطاليّين المنحدرين من أصول مغربيّة.. باستحقاق ودون منازع.

بين الطريس وعزيمَان

عبد المالك اسماعيل رأى النور بمدينة تطوان في الـ4 من نونبر عام 1942 وبها استهل دراسته وسط المعهد الحر في طوريها الابتدائي والإعدادي، ثم انتقل نحو الطور الثانوي بولوج بمؤسسة القاضي عياض التي تحصل بها على شهادة الباكلوريا العلميّة.

ويورد إسماعيل، ضمن لقاء بهسبريس، قوله: “تكويني تمّ بشكل جيد ضمن المعهد الذي درست به، كيف لا وقد قد كان مديره هو عبد الخالق الطريس.. كما أن كل من مر من ذات المؤسسة، وقتها، كان ينال تأطيرا جيدا يجعله مهيئا بطريقة جيدة لمجابهة المستقبل وتحدياته”.

أمّا عن المرحلة الثانوية بمؤسسة القاضي عياض فيعتبر عبد المالك أن مجهود أساتذتها قد كبيرا لأجل تحقيق فعل إيجابي ضمن أذهان المتمدرسين بغرض تنميّة كفاءاتهم، “حين تمدرسي بهذه المؤسسة كان مديرها هو عمر عزيمان، المستشار الملكي الحالي ورئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين بالمغرب.. لم تكن الدراسة صعبة بها، لكن المتكاسلين كانوا يلقون الرسوب دون تردد” وفق تعبير نفس الكفاءة المغربيّة المقيمة بإيطاليا.

حلم وراء البحار

كان عبد المالك إسماعيل حاملا لحلم طفولي يروم أن يغدو به طبيبا، لكنّ فترة عيشه بالمغرب، وقتها، كانت تعرف غيابا لكليات الطب بالمملكة، لذلك قرّر حذو ذات مسار أبناء جيله ومن سبقوهم بقصد مقر تكوين أكاديمي خارج البلاد بهدف نيل ما يطمح إليه مهنيا.

“من اجل الخروج صوب أوروبا، حين كانت تطوان ونواحيها ما تزال تحت الحماية الإسبانية، قمت بالانخراط ضمن سلك ما قبل التكوين الجامعي، واقترن ذلك بولوج مؤسسة بِيلاَر التي مكنتني من التأهل لهذا المسعَى.. بينما خيارات التكوين الطبي كانت تقترن بجامعات متأرجحة ما بين إسبانيا وجنوب فرنسا، أو إيطاليا بفعل التواصل المثمر الذي كانت تشرف عليه قنصلية البلد بالمنطقة الشمالية للمملكة” يقول إسماعيل لهسبريس في لحظة نوستالجيا عادت إلى ما قبل خمسة عقود ونيف من الحين.

استفادت ذات الإطار المغربي من مساعدة عائلته، زيادة على توجه الدولة المغربية نحو توفير منح للراغبين في التكوين بالخارج، وذلك أما خصاص التأطير بالوطن الذي لم يكن مفتوحا سوى للأدبيّين عبر الالتحاق بمعهد تكوين الأطر العمومية أو جامعة القرويّين.. لينتقل صوب مدينَة سيِينَا الإيطالية، رفقة مجموعة من أبناء جيله من الشمال المغربي، بهدف دراسة الطب بكلية المنطقة.

حنين وجدّ

امتد التكوين الأكاديمي لعبد المالك إسماعيل على مساحة زمنية من 7 سنوات أمتدّة على طول الفترة ما بين 1962 و1969.. ويقول إسماعيل إن الحنين الذي كان للوطن ما يزال يسكنه “لكنه الحين ليس كما في الماضي بفعل التطور المتسارع الذي هم وسائل الاتصال مؤخرا، وبالتالي لا مجال للمقارنة بأساليب الماضي المتثاقلة” وفق تعبير عبد المالك الذي يقر أيضا بأن التركيز في الدراسة، حين التحاقه ببيئة عيشه الجديدة، قد أسهم في تهدئة فراق العائلة والأصدقاء.

ويسترسل ذات المغربيّ الإيطالي، ضمن لقائه بهسبريس، بقوله إنّ “الصعوبات المصادفة في بدايات هجرته فد اقترنت، تحديدا، بإجادة اللغة الإيطالية”، ويضيف: “تم تخطي ذلك بفعل إتقان اللغتين الإسبانية والفرنسية، ما مكّن من فهم لغة البلد المضيف والتواصل بها جيدا بعد فترة من المراس اليوميّ”.

أمّا عن تحقيق الاندماج فيعتبر عبد المالك إسماعيل أن ذلك لم يكن صعبا، خاصة وأن منطقة سيِينا الإيطاليّة ونواحيها قد اشتهرت باستقطاب الاجانب من المتمدرسين الوافدين عليها، إلى جوار المغرب، من لبنان واليونان.. وكذا مواظبة الأمريكيّين على زيارتها خلال مواسم الصيف.. ما جعلها فضاء تعايش مثالي بين السكان الأصليين وذوي الأصول الأخرى.

دراسة وعمل

تخصص عبد المالك اسماعيل، بعد تخرجه ضمن الطب العام، في أمراض القلب والشرايين والروماتيزم.. وقد بدأ عمله في مشفَى مدينة فيلترِي عام 1970، دون قطع لمتابعة تكوينه الجامعي بالتوازي من أجل التحصيل ضمن تخصص إضافي يهمّ التخدير والإنعاش، ثم أقبل، بعد 4 سنوات أخرى من ذات التاريخ، على دراسة مكنته من التخصص في التعاطي مع الأمراض المعديّة.

اشتغل إسماعيل لسنتين بالمشفى الذي التحق به لأول مرة، وبعدها غدا مسؤولا عن القسم المختص بأمراض القلب والشرايين.. وبعد مراكمة تجربة عملية من 4 أعوام تحول إلى مسؤول عن كل ما له صلة بعمليات التخدير والإنعاش في نفس المرفق الصحي وسط مدينة فِيلْتْرِي الإيطالية بشمال البلاد.

طاقة ذات المغربيّ، وهي التي لا تنضب ولا تعرف التراخي، جعلت عبد المالك يقبل على أشغال طبية إضافية ضمن القطاع الخاص، مستثمرا فترة انتهاء الدوام الرسمي المقترنة وقتها بالحيز ما بعد الزوالي من كل يوم.. فأخذ يقصد التجمعات الخاصة بالعيادات في كل من مدن بلُّونُو وأكُورْدُو وفيِيرَا دي برِيمِيرُو ولاَمُون، وفق برمجة محددة سلفا، لتقديم خدماته إلى قاصدي الأطباء الخصوصيّين.

وبقي عبد المالك إسماعيل ملتزما بعمله ضمن ذات المؤسسة الصحية التي اشتغل بها أول مرة، دون أن يراوده التفكير في مغادرتها صوب مرفق بديل.. منهيا مساره معها، قبل التقاعد، مشتغلا ضمن ما يقترن بالجراحات اليومية وكذا مراقبة الأداء القلبي للرياضيّين، إضافة لما تتطلبه التدخلات من لجوء إلى مواد التخدير وآليات الإنعاش.

العودة

اقترن عبد المالك بزوجة إيطاليّة، بعد تجربة اقتران بمغربيّة لم يكتب لها التوفق، ليرزق بـ4 أبناء من زيجته المختلطة.. وقد كان اسماعيل يخطط للعودة إلى المغرب، بعد إنهاء تكوينه ضمن تخصص أمراض القلب والشرايين، لكن ذلك لم ينجح.. حيث يورد بخصوص هذه الخطوة: “كانت مبنية على تنسيق مع الطبيب الملكي وقتها، فاضل بنيعيش، استثمارا لعلاقة قرابة منه، وكان الغرض هو الالتحاق بالمصحة الملكية.. لكن تطورات الاوضاع بعد محاولتَي الانقلاب التي سجلت سنوات سبعينيات القرن الماضي أوقفت المشروع”.

إسماعيل، وهو الذي بصم على تأليف كتب عن التخصصات الصحية التي مارس ضمنها، كما نشر عددا من البحوث بعدد من المنابر العلمية ومداخلات بمؤتمرات طبية عالمية، يكشف أنّه استعدّ لرحلة عودة تقوده صوب المغرب من أجل الاستقرار به شخصيا ومهنيا.. “لقد قررت ذلك وشرعت في التنفيذ، وهذا بالرغم من صعوبة مساطر الاعتراف بشواهد التكوين في الطب، وما يستلزمه ذلك من إعداد للوثائق المطلوبة واجتياز الامتحان المفروض على الراغبين في امتهان التطبيب بالبلاد.. لقد نجحت في كل ذلك، وأنتظر جاهزية ابنتي الصيدلانية لقصد وطني”.

نصح تجربة عُمر

يرَى عبد المالك اسماعيل أن المغرب بلد لكل الخيرات، وسترسل ضمن حديثه لهسبريس: “اليقين أن الصعوبات تكمن في إمكانيات الأفراد حين مجابهة بعض الصعوبات التي تعترض مساراتهم، ومنها عدم سلاسة الولوج لميادين التكوين التي يختارونها.. لكن ذلك مطروح حتّى على مستوى الدول التي هي قبلة للهجرة، وإيطاليا واحدة منها”.

ويضيف ذات المغربي الإيطالي أنّ عموم البلدان الأوروبيّة لم تعد جنّة منفتحة على الجميع، كيفما كانت قدراتهم ومستوياتهم الفكرية، ويزيد: “الكل هنا أضحى يعيش على إيقاع أزمة اقتصادية كبيرة، وبالتالي فإن الهجرة تبقى خيارا يمكن تقبله إذا صدر عن متوفرين على كفاءات جاهزة، لا من الباحثين عن مسارات تبنَى انطلاقا من موطن الاستقرار بالمهجر”.

‫تعليقات الزوار

13
  • سلام
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 09:26

    أمثالك سيدي فخر للمغاربة وما أكثرهم في كل بقاع العالم،
    نتمنى من الدكتور اﻹنخراط في عمل جمعوي للتواصل و التوجيه الاجتماعي مع المهاجرين.
    شكراً

  • Abderrahim
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 09:37

    هذا شيء جميل نعتز به كمغاربة الخارج , والدكتور جزاه الله خيرا نعرفه شخصيا لما كنّا نقطن بإيطاليا ، وكان يحصل لنا شرف التعامل معه او الاتصال به عند الحاجه كخثان الأطفال مثلا ، فجزاه الله عنا كل خير✌️

  • مغربي
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 10:11

    المستثمرون يجب مساعدتهم بالاحرى ابناء الوطن من اجل مصلحة الوطن الاقتصادية

  • عزيز
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 10:44

    مدير ثانوية القاضي عياض لا يتعلق بمستشار الملك الذي هو أصغر سنا من الدكتور اسماعيل ولكن بوالده الذي درس بالقاهرة وعلوم التربية بسويسرا

  • Elhanafi
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 10:53

    .Bravo les maitres .
    Si possible, j aimerais bien avoir l adresse electronique de ce Grand Monsieur pour l inserer dans le repertoir des Grands maitres de la
    sante

  • فخر لنا
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 11:06

    أسماء مغربية نفتخر بها.. الله يكثر من أمثاله
    اللهم زد وبارك..

    بالمقابل هنا في المؤسسة التي أعمل فيها (في بلد أجنبي) كان يعمل معي شخص مغربي لمدة 4 سنوات .. وبمجرد أن انتهت خدماته هنا، أفرغ المنزل الذي كان يسكن فيه وأسرته ليلاً ليختفي.. فتأتي صاحبة المنزل لتسأل عن اللغز في اختفاء من كان بالأمس يستأجر منزلها دون أن يدفع مبلغ الأجار لعدة شهور ..ويا ليتها كانت وحدها التي تسأل عنه..انهال على المؤسسة أشخاص يبكون كل واحد يريد منه مبلغ معين .. فإذا بهم لا يجدون جواب عن مكان تواجده عندنا..
    نحن المغاربة خارج المغرب يجب علينا جميعاً أن نعطي صورة بيضاء ونمثل بلدنا أحسن تمثيل.. لا العكس..الله يهدي ما خلق..

  • خالد ا يطاليا
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 11:08

    في الحقيقة اقدر هدا الرجل تقديرا كبيرا لتمتيله لصورة البلاد خير تمتيل نطلب من الله ان يكون المزيد من امتال هدا الرجل .

  • تريفيزو
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 11:35

    اضافة الى انه طبيب أسنان ولديه عيادة خاصة يعمل فيها مع زوجته

  • ايطالينو
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 13:11

    من يتزوج اوربية وله اولاد سيكون ضرب من الخيال العودة .فالاولاد الحاجز الكبير والزوجة الحاجز المتشبت وبين هنا وذاك تمر السنين ويبقي حلما .لذا انصح المهاجرين ان يتزوجوا مغربية تفتح لك افاق وروح مغربيتك …وتبقي العودة مسئلة مال لاغير…

  • عزيزي عبدالحق
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 13:15

    الوطن '' ''''الله الوطن الملك '' ''المغرب لديها يدا عملية في جميع المجالات المختلفة في أوروبا…. يعني كول المغربة في هذا الوقت لديهم تكوين في جميع مجلة أن وحدا من المغربة وهناك آلاف مؤلفة بعدا أزمة الباب مفتوح للجميع المغربة بي جميع أنحاء العالم نتمنا من الحكومة بن كيران أن

  • الحمام الزاجل.
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 13:44

    تحية إكبار و إجلال لإبن مدينتي مدينة الحضارة و العلم و الرقي مدينة تطوان الأمازيغية الأندلسية الأصيلة سكانها من أشرف و أرقى سكان هذا البلد الشريف ..مع تحياتي لعموم المغاربة العظام.

  • Fantasse omar
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 18:58

    Come residente a Belluno veramente siamo orgogliosi di te e di tutto il trattamento che presente a tuoi connazionale.grazie dottore …

  • messaoudi
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 21:27

    actuellement et depuis ces dernières années les les plus modestes accèdent au postes de responsabilité et le clientelisme est la clef de tout poste le pire c'est que tu peut devenir professeur en médecine même si tu est le dernier de la promotion ce est vraiment ding

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين