عبد النبي حميد.. مغربي بإيطاليا لصدّ المتهربين من الضرائب

عبد النبي حميد.. مغربي بإيطاليا لصدّ المتهربين من الضرائب
الأحد 15 فبراير 2015 - 09:00

آمن بالأرقام قبل الحروف، واختار دراسة الرياضيات بعد نبوغه في علمها خلال أشواط التمدرس المختلفَة، وذلك ما دفعه إلى البحث عن “المجهول” ضمن معادلات وجدها امامه حين رأَى أن الآفاق المتوفرة خارج المغرب تبقَى فسيحَة أمام مستقبله الذي ابتغاه لذاته.

عبد النبي حميد هو واحد من كبار المتخصّصين المعلوماتيّين وسط البيئة المصرفيّة الإيطاليّة اليوم، وذلك نتيجة مسار شرع في خطّه بمدينَة ورزَازات، التي لم تعانق العلميّة بغير أشعّة الشمس واستديوهات التصوير السينمائيّة، قبل أن يصل به، حتّى الحين، إلى مدينة ميلانُو التي اختارها مستقرا له.

ورزازات والرياضيات

ينتمي عبد النبي حميد إلى مدينة ورزازات التي وفد على مؤسسات التعليم بها ضمن الأطوار الابتدائيّة والإعدادية والثانويَّة، وبها تحصّل على شهادة الباكلوريا ضمن شعبة العلوم الرياضية بميزة مكّنته، خلال ثمانينيات الألفية المنصرمة، من ولوج التكوين الاكاديمي للسنوات التحضيرية من اجل الدراسات العليا الفلاحيَة بالرباط.

ذات التكوين العالي استمرّ به عبد النبي لسنتين قبل أن يضطرّ لمغادرتِه بسبب صعوبات لاقاها ضمنه، ولم يشأ حميد أن يقصد شعب الدراسات الجامعية العاديَة امام مطالبته باجتياز مباريات الولوج لفضاءات دراسية بديلة، خاصّة وأنّه كان قد شارف على إنهاء ربيعه الـ24 حينها.. ليقرّر الهجرَة بحثا عن آفاق أرحب خارج المغرب.

رحيل لأجل الدراسة

ينحدر عبد النبي حميد من أسرة ميسورة تستقر بورزازات، لكنّه اختار أن يشقّ طريقه بعيدا عن المساعدة التي بإمكانه التحصل عليها ضمن بيئته الأسريّة.. فراسل عددا من المؤسسات العليا بكل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا قبل أن يحسم في مصيره وهو يتنقّل صوب البلد الأخير.

التحق ابن ورزازات بالديار الإيطاليَّة عام 1989 من أجل الانخراط في دراسة المعلوميات وفق برنامج يمتدّ على 5 سنوات بهدف نيل دبلوم هندسة ضمن هذا المجال.. وأمام اختياره الاعتماد على ذاته بشكل كامل اضطر عبد النبي إلى المزاوجة بين الدراسة والعمل إلى حلول موعد التخرّج.

“انخرطت في أعمال بسيطة لضمان مردود مالي يمكنني من العيش وأداء مصاريف التكوين بمؤسسة لا تعترف بالمجانيَة في أداء أدوارها، خاصّة أن نيل منحة دراسية لم يكن امرا سهلا في حينه.. وبذلك وجدتني أعمل بأوراش البناء وأعمال تنظيف، حتَّى غسل الأطباق بالمطاعم أقبلت عليها” يقول عبد النبي.

ويزيد حميد: “كنت أحرص على عدم التفريط في مساري الدراسي جراء العزيمة التي سكنتني وجعلتني أغادر وطني.. واستفدت من التوقيت الذي كانت تعتمده الجامعات الإيطاليَّة وقتها كي أعمل نهارا وأقبل على التكوينات ليلا، ذلك أن المؤسسة التي درست بها كانت تشرع أبوابها أمام الطلبة ضمن حصص ليليّة تمتدّ من السابعة مساء إلى ما بعد 4 ساعات من ذلك.. وهذا التعاطي لم يعد متوفرا حاليا”.

مشاق الاندماج

كأي مهاجر مغربي قصد إيطاليا في أواخر أعوام الثمانينيات، وجد عبد النبي حميد صعوبة في التواصل بالإيطالية مع مقاسميه التواجد بفضاء عيشه الجديد، خاصة وأن ذات البيئة الإنسانيَّة لم تكن تتقن التواصل بلغات أجنبيّة وهي تحرص على التشبث بلغتها الأمّ.

“لم يكن المحيطون بي يتقنون الفرنسية والإنجليزيّة، فوجدتني مضطرا للعمل على ضبط التعاطي بالإيطالية كي أجعل حياتي الشخصية والدراسية أيسر، ما استلزم منِّي اشتغالا شاقا على هذا المعطَى طيلة 3 أشهر.. كما حاولت، بالموازاة مع ذلك، التعرف على تفاصيل المجتمع الإيطالي وثقافته، ما مكّنني من الظفر باندماج سلس وسط مستقرّي الاختياري وسط بلد الاستقبال” يورد عبد النبي.

وسط “إينْتِيزَا”

تخرّج عبد النبي حميد مهندسا للإعلاميات متخصصا في الإلكترونِيك، وقد ضمن، منذ اواسط التسعينيات من القرن الماضي، موقعا له بعدد من الشركات الإيطالية والعالمية التي ارتادها بإقبال على خدماته.. أبرزها بنك “إينتِيزَا”، أكبر المؤسسات المصرفية الإيطاليّة، الذي يشتغل به مسؤولا عن أوراش رقميّة تهم تكنولوجيا المعلوميات، وتبقى مفتوحة أمام التنسيقات الدوليَّة التي يمليها تطور القطاع.

ويقول حميد إنّ إيطاليا بلد يعمل على تشجيل كل من يتوفر على إرادة في العمل قبل الإقبال على حملة الدبلومات.. ويسترسل ذات المغربي الإيطالي: “يمكن لأي طالب أن ينال فرصة عمل قبل أن ينهي مشواره الدراسي إذا ما توفر على طاقة تلفت إليه الانتباه، وأداؤه ضمن هذه الفرصة هو الذي يحدّد استمراريته من عدمها”.

موقع عبد النبي ضمن البنك الإيطالي الكبير يجعله مسؤولا عن تحقيق رؤى إدارة المؤسسة المالية ببرامج وتطبيقات وشبكات تربط بين مختلف وكالاته داخل البلاد وخارجها، حيث يتصدّر فريق عمل يقدم على ترجمة التصورات على المستوى المعلوماتي قبل إخضاعها للتجريب والمصادقة على اعتمادها أو تغيير بعض من تفاصيلها.

ويدير حميد، حاليا، برنامجا خصصت له اعتمادات ماليّة من 12 مليون أورو لأجل تطوير برنامج حامل لتسميَة “فَاتكَا”.. وذلك بناء على تنسيق إيطاليّ أمريكي يروم التصدّي لظاهرة التهرب الضريبي بين النشطاء الماليّين الممارسين لتحركاتهم الاقتصادية بين الدولتين.

ويقول عبد النبي إن دخول سنة 2015 يعرف انخراطه، بمعية فريقه في “إنتِيزَا” ضمن برنامج لأجرأة خطوات مشروع يعرف اختصارا بـ”سي إر إس” ويبتغي خلق فضاء معلوماتي لتبادل المعلومات بين 95 دولة متفقة على مكافحة التهربات الضريبيّة وسط المصارف، خاصة تلك التي تستقر ببلدان يعتبرها المتملصون من أداء الرسوم جنّة، إذ يركّز ابن ورزازات على شق المشروع الذي هم مؤسسته البنكيّة بعموم التراب الإيطاليّ.

أحلام مسترسلة

“ما حققته إلى حدود الحين أراه لا بأس به، وذلك بالنظر إلى الفضاء الذي وفدت منه وانتمائي المجتمعي الأصلي الذي غادرته عن طريق الهجرة.. لكنّي مرتاح لما أنجزته، خاصة أني أسست أسرة بها ابنان أروم السهر على تكوينهما” يضيف عبد النبي قبل أن يزيد: “أود العودة مستقبلا إلى المغرب بالرغم من كون بلدي الأم يفاجئني بفعل التغيرات الكثيرة التي أقف عليها حين أقصده سنويا لـ3 أسابيع، فأنا أراه سائرا في التطور بسرعة كبيرة في ميادين عديدة، لكن تغيره على مستويات غير التجارة، خصوصا بالمضمار المهني الذي يهمّني، هو ما سيحدّد موعد عودتي بفعل التشجيع الذي سأحس به”.

وبخصوص الشباب المغاربة الحالمين بالبحث عن ذواتهم وتحقيق النجاحات عبر جسور الهجرة يقول حميد: “ينبغي على قاصدي أوروبا أن يتحلوا بالصدق كي يعرفهم الناس كذلك، وبهذا سينالون الثقة من محيطهم من أجل تحقيق ما يرغبون به.. كما أن التوفر على الصبر هو محدد مفصلي ضمن البدايات وما تلفها من صعوبات، لذلك ينبغي إعطاء ما يكفي من الوقت لمرحلة التعلّم من البيئة الجديدة وتحقيق الإنداج الممكّن من نيل فرص النجاح، ومن كان متفوقا لن يلاقي غير اليسر والتشبث به من لدن المحيطين به”.

‫تعليقات الزوار

16
  • مراكشي عتيق
    الأحد 15 فبراير 2015 - 09:20

    المغرب يخسر عقوله بسهولة .. مسالة عادية في دولة من دول العالم الثالث!!
    على اي السيد عبد النبي يشتغل الان في برنامج FATCA و هو برنامج امريكي بهدف الى ايقاف الامريكيين المتهربين ضريبيا حتى لو كانوا يعيشون خارج الولايات المتحدة.. الامر الذي دفع ابتداءا من 2008 العديد من الامريكيين الاثرياء الذين يعيشون بالخارج الى التخلي عن جنسيتهم الامريكية بالمقابل قاموا شراء جنسيات من قبرص و مالطا تمكنهم من السفر بها الى اي مكان في العالم بما فيها حرية التنقل شينغن.. العديد هنا يحلم بالجنسية الامريكية لكن ما ان تصبح ثريا فهي تصبح لعنة تلاحقك

  • بحر العلوم
    الأحد 15 فبراير 2015 - 10:20

    من المؤسف جداً ، ان يطول الكلام عن مسيرة حافلة بالصعوبات و المتاعب لأجل دنيا فانية ليس الا ، في حين لم يستثمر عُشر مِعشار رصيده المعرفي والثقافي والمهني .. في خدمة دين الله تعالى وإيصاله الى اهل الارض بحق ، لانه الغاية الاسمى التي خلقنا من اجلها ، ولكون التبليغ عن الله وعن رسوله واجبا شرعيا على كل مسلم ومسلمة ، كلٌّ بحسب استطاعته وقدرته

  • salah eddine
    الأحد 15 فبراير 2015 - 10:50

    اعجبني الختام حين قال يجب على الشباب الطامح التحلي بالصدق . لن يدرك عمق هده الكلمة الا مغترب عانى من السمعة السيئة التي تطارد العرب والتي ساهمو بانفسهم في تكريسها .

  • محمد
    الأحد 15 فبراير 2015 - 10:54

    لايجوز التسمي بأسماء فيها التعبيد لغير الله لان ذلك من الشرك.فنحن عبيد الله ولسنا عبيد النبي. انا اعلم انه لم يختر ذلك وربما لم يبين له احد الامر حين كبر ولكن ان علم فبامكانه تغيير اسمه. قد يقول قائل الموضوع في الشرق وانت في الغرب فاقول ان الشرك من اعظم الذنوب.
    انشري هسبريس وفقك الله لما بحب ويرضى.

  • wald warzazzte al bar
    الأحد 15 فبراير 2015 - 11:18

    Bonjour,
    Bravo les competences marocaines. On est fier de fils de tinghir. Mais y a que ce monsieur qui peit beneficier de la publicite. Y a des multiples exemples. Comme le grand professeur bouayad fils de tinghir.
    merci

  • شاهد على العصر
    الأحد 15 فبراير 2015 - 12:05

    الوقت اللي مشيتي فيه لإيطاليا ماشي هي دابا .. واخا تكون دكتور مايعقلوش عليك في هاد الوقت .. العنصرية والكراهية لكل من هو عربي ومسلم .. زادتها الأزمة الإقتصادية ..

  • manchester
    الأحد 15 فبراير 2015 - 12:07

    اي تقدم في المغرب بنايات شقق مغشوشة اين العدالة ومعلوميات بالادارة.,.,.صحة.,.,,

  • driss
    الأحد 15 فبراير 2015 - 12:08

    لمثل هذا فليتنافس المتنافسون بالعلم والاجتهاد و الجد والا بتكار فهذا ما يرفع رايتنا ويسموا بقيمة بلدنا الحبيب الى اعلى الاعالي وليس بغناء الشاب فلان ولا الشابة فلانة

  • ع بوقليعة
    الأحد 15 فبراير 2015 - 12:30

    هنيئا للاخ حميد على المجهود الذي ابدله في مشواره .

  • يوسف
    الأحد 15 فبراير 2015 - 12:46

    يجب على كل من يحمل إسم "عبد النبي"-و العياد بالله- أن يغير إسمه، فاﻹجراءات القضائية بسيطة ﻷن القضايا المتعلقة باﻷحوال الشخصية تتميز بالمسطرة الشفوية المعفية من توكيل محامي.إذن لن يكلف ذلك الشيء الكثير

  • salim
    الأحد 15 فبراير 2015 - 13:21

    ليس هناك اي هروب للادمغة، وإنما تجربة خارج أرض الوطن، عدد كبير أيضا من الأوروبيين يقصدون امريكا وكندا و… المهم هو أن تتغير الأمور والعقليات بالمغرب لاستضافتهم والاستفادة منهم حين عودتهم، لأنهم كنز تعلموا قبل كل شيء الاعتماد على الذات والجد والمعقول…عوض الوقوف أمام البرلمان والمطالبة بالحصول على وظائف دون اجتياز مباريات أي الريع، شكرا هسبريس

  • انسان حر
    الأحد 15 فبراير 2015 - 13:39

    شكرا للمعلقين 4 محمد و 10 يوسف . كلامكما متفق عليه .

  • عمر الملالي
    الأحد 15 فبراير 2015 - 17:32

    salam
    Hamid était un compagnon de classe mais aussi un ami.J'en profite pour lui passer un grand bonjour mais surtout pour le féliciter.Moi aussi je suis en Italie (BG) et je suis résponsable de la division technique dans
    une societé à Milan.peut-etre que Hespress publicant cet article nous permettera de renouer les relations. Pourquoi pas??

  • mohajir marocain
    الأحد 15 فبراير 2015 - 17:49

    Je cois que le parcours de abd nbi n est q une exception beaucoup de marocain ont du mal a sintegrer a cause de plusieurs raison telque le racisme

  • hmida
    الأحد 15 فبراير 2015 - 18:55

    Vous avez rien trouvé a critiquer que son prenom. abdenbie (et non abdennabi) est le serviteur de ennabie (avec el hamza s la fin). A savoir celui qui predit l'avenir (يتنبأ). Arrêtez vos betises

  • zineb
    الأحد 15 فبراير 2015 - 21:14

    Abdennebi Hamid est originaire de Taznakht et non pas de Tinghir et plus précisement Douar l3ine n ait hmed mais il a passé toute son enfance à ouarzazate jusqu'à l'obtention du baccalauréat … bravo Hamid we are proud of yout

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة