بنجيلالي .. طريق أكاديمي مغربي بين "الأحد الغربية" ونزوى

بنجيلالي .. طريق أكاديمي مغربي بين "الأحد الغربية" ونزوى
الثلاثاء 29 ماي 2018 - 06:00

قضى عبد المجيد بنجيلالي 10 سنوات وبضعة شهور في سلطنة عُمان، وافدا على هذه البلاد بصفة أستاذ للتعليم العالي في جامعة نزوى، مكملا بهذه التجربة ما يتخطى 13 عاما من الحياة في الخليج.

ينظر هذا المغربي إلى هجرته الوطن الأم، في الخطوة الثانية التي تبقى مستمرة، نتاجا لـ”تصرف الأقدار”، بينما يراهن على انعكاس هذا “المحتّم” حتى يختم التزاماته العلمية التي يستمر في التشبث بها.

عشق مسقط الرأس

ولد عبد المجيد بنجيلالي في الأحد الغربية، المنطقة الكائنة جغرافيا بين أصيلة وطنجة، ووسط تضاريسها وناسها ذاق حلاوة الحياة وتشبث بطيبها حتى الحد الأقصى خلال ربيع الطفولة.

“لو وضعوا العالم كله في كفة وهذه المنطقة التي ولدت فيه بالكفة الأخرى لعادلت الأحد الغربية غيرها من البلدان.. أعشقها لأنني قضيت فيها طفولة رائعة”، يكشف بنجيلالي.

استهل عبد المجيد خطواته في التعلم بحفظ القرآن الكريم بمسقط رأسه، ثم انتقل إلى أصيلة حين حاز شهادة الدروس الابتدائية، مفارقا هنا إيقاع الحياة الذي اعتاده بالأحد الغربية.

إلى التعليم العالي

عاش المغربي ذاته أربع سنوات في أصيلة قبل مغادرتها ظافرا بشهادة الدروس الإعدادية، معوضا إياها بمدينة طنجة التي حصل من إحدى ثانوياتها على شهادة الباكالوريا.

في العاصمة الإدارية للمملكة، الرباط، تخصص بنجيلالي في الأدب العربي بجامعة محمد الخامس، ظافرا بالإجازة التي أتاحت إليه التقدم للعمل أستاذا بمؤسسة التعليم العالي نفسها.

عن تجربته التدريسية في المغرب، يقول عبد المجيد: “طبيعة عملي الجادة لم تجعلني من المنعم عليهم، لكني تركت بصمة بعيدة عن كل مجاملة في المناقشات المهنية”.

دبي ونزوى

يقول بنجيلالي، الذي حاز دكتوراه بالموازاة مع نشاطه التعليمي، إن مستشارا للسفارة الإماراتية في الرباط قد أقنعه بخوض تجربة في إحدى جامعات هذا البلد الخليجي، ليتحرك جراء ذلك من الوطن.

جرب الأكاديمي نفسه العيش في دبي ثلاث سنوات، ثم قفل إلى المغرب بعدما لم يعجبه الوضع الذي كان فيه.. لكنه التحق مجددا بمنطقة الخليج مقبلا على تجربة أداء مغايرة في سلطنة عُمان.

“كان يأتيني مسؤول في وزارة التعليم العالي العُمانية، مع زميلي المرحوم علال الغازي، راغبين في استقدامي إلى جامعة نزوى من دبي؛ لكنني تشبثت بالرفض حينها”، يتذكر عبد المجيد.

ويردف بنجيلالي: “توفي صديقي العزيز الغازي، وحين أتت جثته إلى المغرب طلب مني القبول بإكمال ما بدأه الأستاذ المغربي نفسه في سلطنة عُمان، وكان له ذلك احتراما ومحبة للراحل، حيث عوضته في رئاسة قسم وبرنامج الماجستير”.

كان الدكتور المغربي مخططا للبقاء في هذا التموقع المهني مدة لا تتخطى 6 أشهر؛ لكنه يجاهر بكونه لا يعرف كيف وقع به الحال لفترة 10 سنوات، مقتطعة عِقد وزيادة من حياته.

جهد وإبداع

التحق عبد المجيد بجامعة نزوى في سلطنة عُمان وهي لا تزال لم تبارح طور النشأة الرامية إبرازها محدّثة، وحرص من هذا المنطلق على إنهاء العمل المستهل من قبل سلفه علال الغازي.

عن تلك المرحلة، يضيف بنجيلالي: “بيديّ وضعت التوصيف الوظيفي للجان، والخطة الاستشرافية والمُخرجَات.. ومع ذلك تواصلت الجهود الرامية إلى تطوير الأداء، بالرغم من الجمود الذي ينبع عن النظام التعليمي ذي الخلفية الأنكلوسكسونية”.

المهام اليومية للأستاذ الدكتور المغربي تتضمن أيضا فضاءات زمنية يخصصها للتأمل قبل الإقدام على الإبداع من خلال الكتابة، ووسط هذا الخضم لا يوقف ذهنه حين يقبل على التفكير في الوطن، بنظر إلى الماضي كما المستقبل.

تصريف الأعمال

بابتسامة عريضة على شفتيه، يقول “ابن الأحد الغربية” إنه لم يتنقل إلى سلطنة عُمان، خلال العقد الأول من الألفية الجارية، حاملا أهدافا خاصة به، وبالتالي لا تلازمه طموحات محددة.

وبلسان “تصريف الأعمال” يشدد بنجيلالي على أن “القدر كتب علي المجيء إلى الخليج مرتين اثنتين، ولا انتظار لي، بجانب الاستمرار في الوفاء بالتزاماتي العملية على أكمل وجه، إلا حلول أوان عودتي إلى المغرب”.

الأكاديمي المرتبط عمله بجامعة نزوى، الحاضرة التي كانت عاصمة للسلطنة قبل استبدالها بمسقط، يورد أيضا: “تشاء الأقدار أن أبقى هنا حتى أجل لا أدركه، وأخلاقيات المهنة تجعلني مضحيا وفيا وفاء بما ألتزم به”.

الهجرة والإنجليزية

ينصح بنجيلالي المغاربة الراغبين في استجماع تجارب وسط المنطقة الخليجية بعدم الإقبال على هذه الخطوة إلا إن تعلق الأمر بوضعيات مهنية محدد، مجملا إياها في الارتباط بالأداء التعليمي الجامعي أو القضاء أو الاستثمار والخدمات المتصلة به.

“الخليجيون لا يترددون في الإقبال على الكفاءات المغربية القادرة على منح قيم مضافة؛ لكنني أرى أنه من الأفضل أن يظفر المقبل على هذه الخطوة من الهجرة بمنصب في الوطن الأم ثم يبحث عن إعارة”، يذكر المغربية عينه.

كما يختم عبد المجيد بنجيلالي كلامه بالتنصيص على أن النظام التعليمي المعمول به في المملكة يحول دون تشجيع شباب البلاد على التوجه صوب الفضاء الجغرافي نفسه، معربا عن ذلك بتغييب اللغة الإنجليزية عن غالبية اشتغالاته؛ بالرغم من مكانة هذا اللسان على الساحة الدولية.

‫تعليقات الزوار

9
  • taher
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 07:05

    ا لسلام عليكم يشرفنا جميعا كمغاربة ان نقرا هذه السطور لرجل اجتهد و ثابر وكلل مشواره بالنجاح ومزيدا من التفوق ,ابن احد الغربية

  • salmane
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 07:21

    وانا كذلك من مواليد جماعة الأحد الغربية مدشر أولاد حباس سنة 1978 ولدت وقضيت طفولتي بها لي فيها ذكريات جميلة درست فيها الابتدائي ثم انتقلنا إلى عروسة الشمال سنة 1989 درست الإعدادي في عبد الرحمان ثم الثانوي في عباس السبتي ثم الجامعة في تطوان كانت أيام جميلة ولحسني حضي هاجرت إلى الديار الفرنسية سنة 2004 والحمد لله. يموت الإنسان وتبقى الذكريات. احد الغربية من اجمل مناطق المغرب أحب إلى قلبي

  • مغربي حر
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 09:39

    قانونية وترابية تسمى " حد غربية وليس الأحد غربية"

  • أبن مدائن الشمس.
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 09:54

    نعم نحن أبناء قرية الشمس او مدائن الشمس كما سماها ابن قريتنا الاحد الغربية ، والذي يعرفه الدكتور بنجيلالي وقلة قليلة من أبناء المنطقة، لانه انتقل صغيرا إلى مدينة طنجة.
    كلامك دكتور كله صراحة وقيم ومبادئ، وهذا في حد داته مشكل كبير الكثير ممن لم ينعم عنهم.
    اتذكر ، كاليوم تسعينيات القرن الماضي ، ولكوني اعرفك ، احد أحد أيام السبت حينما فتحت صفحة من صفحات الملحق الثقافي لجريدة العلم ، لاتفاجا بعنوان عريض لمناقشتك لرسالة الدكتوراه: قراءة في رحلات …..
    شخصيا أكن لك إحتراما كبيرا ، نظرا لاجتهادك الصامت.
    نشاركك جهنم التي لم تخترها…. ولغة سيرفانتيس والدون كيخوط دي لا مانتشا.
    حفظك الله.
    تحية لكل المعلقين خصوصا أبناء قريتنا الرائعة.

  • غيور
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 14:03

    ماشاء الله موسوعة معرفية تصبر اغوار رمال الخليج العربي يعيش المغرب ويا فخرا بابناءه العظام

  • تشريف
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 17:08

    السلام عليكم استاذي. صراحة رفعت راسنا يا ذاكرة من حديد. ما عرفنا عنك الا بشاشة وجهك و تواضعك ندعو الله ان يوفقكم

  • عبد الواحد الوهابي
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 18:04

    الدكتور عبد المجيد بن جيلالي .صديق الدراسة الابتدائية والاعدادية والثانوية .منذ نعومة اظفاره رشف من رحيق هذه البلدة الطيبة .ومنها تفتحت عبقريته الادبيّة .لقد حفظ كتاب الله بالموازاة مع حصصه التعلمية.مثال الانسان المكد والمجد.الخلوق المتواضع .ازدادت به قريتنا فخرا واعتزازا.وفقه الله لمافيه الخير.

  • Arbila
    الثلاثاء 29 ماي 2018 - 20:46

    شرف كبير لمنطقة حد الغربية…الاستاذ المتواضع بنجيلالي يبقى رمزا للجد و المتابرة و الكفاح…
    العودة الى الوطن و بالضبط إلى مقهى الهاشمي …
    تحياتي .
    ابن المنطقة..

  • الشاوني
    الإثنين 4 يونيو 2018 - 00:50

    من يعرف د ع المجيد بنجيلالي عن قرب ستمتلكه الحسرة و لا غيب ،لان الجامعة المغربية و قطاع البحث العلمي و التربية و التكوين ضاءعة فيه لأكثر من عقدين من الزمن تاركا المكان للأسف فارغا فمكانه في قيادة على أدنى تقدير موءسسة علمية كبرى . د ع المجيد قامة علمية و اخلاقية رفيعة بها تبنى صروح المعرفة الحاقة،أتمنى صادقا ان يعود هذا الطاءر لسربه و موطنه فالحاجة ماسة اليه

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة