أَنَّا بوليتكوفسكايا .. أيقونة روسية اغتالها رصاص يكره الحقيقة

أَنَّا بوليتكوفسكايا .. أيقونة روسية اغتالها رصاص يكره الحقيقة
الأربعاء 11 يونيو 2014 - 03:00

هي واحدة من رموز صحافة التحقيق بالعالم، نذرت حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان وعارضت بقوة سياسات رئيس بلدها فلاديمير بوتين، كما عارضت بقوة التدخل الروسي في الشيشان، وكان الجميع يدرك أن هذه الصحافية ستتعرض لمضايقات كثيرة، إلا أن القلة القليلة من فكرت في أن هناك من سيغتالها يوماً.

عادت قضية أنّا ستيبانوفنا بوليتكوفسكايا الصحافية بجريدة “نوفايا غازيتا” المستقلة إلى الواجهة هذا الأسبوع، بعد إصدار القضاء الروسي يوم الإثنين المتصرم، أحكاماً بالسجن من 12 سنة إلى المؤبد في حق خمسة أشخاص متورطين في مقتلها سنة 2006، منهم المنفذ، والمخطط، ورجل شرطة ساهم في الإعداد للجريمة.

بقي مقتل بوليتكوفسكايا، لغزاً خيّم على سماء الصحافة الروسية لسنوات، بعد توجيه الاتهامات إلى الدولة الروسية وبعض المقاتلين من الشيشان، دوافع القتل تعددت، بين من رأى أن بوليتكوفسكايا كانت تمثل خطراً داهماً للسلطة الروسية بكشفها الدائم عن الفساد وانتقادها للسياسات الرسمية، وبين من أشار إلى أيادٍ شيشانية أزعجها كشف الصحافية الروسية للفظائع التي ترتكبها الميليشيات الموالية للكرملين في الشيشان، قبل أن تعمد مصالح الأمن إلى اعتقال مشتبهين فيهما من الشيشان، برأهما القضاء الروسي سنة 2009، إلا أن الحكم تم إلغاءه، وأعيدت المحاكمة من جديد، لتنتج عنها الأحكام الواردة أعلاه.

تُعتبر بوليتكوفسكايا، من أيقونات الصحافة المستقلة في العالم، خاطرت بحياتها في سبيل نقل الحقيقة، وقامت بتغطية عدد من المناطق الملتهبة خاصة في الشيشان، كما كانت تنشط بشكل كبير في العمل الخيري بعدما جمعت أطناناً من التبرعات إلى الشيشانيين.

من كتاباتها التي يتذكرها قراء الجريدة، تحقيق “اختفاء البشر” الذي يروي قصة الشيشاني موردالوف الذي اعتقله افراد القوات الخاصة والذي اختفى فيما بعد دون أن يخلف أثرا، وكذلك ذلك الذي يحمل عنوان “تواطؤ اجرامي” أشارت فيه إلى وحدات شيشانية تحارب الى جانب القوات الفيدرالية في الشيشان، فضلاً عن تحقيقات أخرى فضحت فيها الطرق البشعة للتعذيب في روسيا.

كما نشرت بوليتكوفسكايا عدداً من الكتب التي جمّعت فيها ملاحظاتها عن الحرب في الشيشان والدور السلبي لروسيا فيها، من هذه الكتب: “الحرب القذرة”، “ركن صغير من جهنم” وصفت فيهما ما يقوم به الجنود الروس ضد المواطنين الشيشانيين من ابتزاز واغتصاب وقتل لم يُستثنَ منه حتى الأطفال الرضع، فضلاً عن كتابها “روسيا المؤلمة: يوميات امرأة غاضبة” انتقدت فيه ما آلت إليه الأوضاع بروسيا تحت قيادة بوتين.

كتبت ذات مرة فيما ترجمته عدد من الصحف العربية:” إنني أعلم جيدا أن روسيا تشن عليّ حملة قوية وتعتبرني عدوة لها، وأجيبهم من هذا المنبر بالقول: نعم أنا عدوة… عدوّة لجيش لا أخلاقي ومنحط.. عدوّة للكذب والتضليل والخداع حول الشيشان..عدوّة للأساطير المفبركة.. فأنا لا أحب ذلك الرجل الجالس على العرش الذي قيل لي إنه غاضب من كتاباتي، لأنني أحب روسيا”.

حازت أنّا بوليتكوفسكايا، على عدة جوائز منها جائزة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لقاء تغطيتها لأحداث الشيشان، جائزة منظمة العفو الدولية العالمية لصحافة حقوق الإنسان، وجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة بعد وفاتها.

قال صحافي بجريدة الجارديان البريطانية إنها استنفدت أرواحها التسعة، وذلك في إشارة صريحة منه للعديد من المرات التي حاولت فيها جهات روسية وشيشانية القضاء عليها، فقد حاول بعض الانفصاليين الشيشانيين تسميمها، وحبستها القوات الروسية في تحت الأرض، وتعرضت للإبعاد من روسيا أكثر من مرة، كما تلقت عشرات التهديدات بالقتل، إلى أن تم تنفيذ واحد منها.

ارتاح جزء كبير من السلطة الروسية لمقتل آنا، وكذلك كان الحال لجزء كبير من المقاتلين الشيشان، فقد انتصرت آنا للإنسان وحده دون أي خلفيات، وكلّفها هذا الانتصار حياتها، بعدما تحوّلت إلى خصم للطرفين معا. كانت كتاباتها سلاحاً من نوع آخر يكشف زيف السياسيين ويفضح متاجرة السلطة بدماء الناس، وربما أن حتى آنا كانت مقتنعة أنها ستُغتال قريباً، فقد كتبت يوماً فيما نقلته جريدة الاتحاد الإماراتية:” ”ليست الثورة البرتقاليّة متوقّعة عندنا، ثورتنا نحن ستكون حمراء من لون الدم”.

‫تعليقات الزوار

8
  • محمد
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 06:26

    دليل قاطع على أن الديمقراطية في الغرب وهم وسراب وخداع للعقول الضعيفة.
    فكل من يفضح جرائم الحكام والأنظمة -في الغرب أو في الشرق- معرض لمثل مصير هذه الصحافية الشجاعة، فتعلموا منها يا صحافيي المغرب يا من ترضون بفتات البقشيش من المفسدين، وتدفنون نور الحق والحقيقة كل يوم بين ثنايا مقالاتكم التي أنتنت من النفاق والكذب والزور والبهتان والعهر والرذيلة، إلا من رحم الله منكم وهم قليل قليل قليل…!!!

  • المغتربة
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 09:21

    الضلم وو القهر لا هوية له و الويل لمن يعارض من اول الخليقة الى اليوم
    لا شيء تغير

  • رحمك الله أيتها الشهيدة
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 09:46

    هدا هو عالمنا اليوم وهده هي سياسة كل دولة مع الصحافين الأحرار الدين يتقنون مهنيتهم بك ماتحمله الصحافة من معاني،بالفعل كانت صادقة في عملها وتنقل الحقائق للمجتمع وتكتب بدون تحفض ماأزعج المخبرات الروسية لكي تتخلص منها حتى لاتكسب الشعب الروسي من سياسة بوتن وغيره،لقد ضحت بحياتها في سبيل الحق وفي سبيل الإنسانية وشهدا لها العالم بنزاهتها وجرئتها تحدت بها الرصاص وقامت بما هو من واجبها ومن حقها وما هو على عاتقها من الشعوب ،السؤال إلى متى سيبقى الصحافي مهدد في عمله إما بالسجن أو التصفية الجسدية مادا يريدون من الصحفيين الدور الدي يلعبونه في المجتمعات التي يجتمعون من أجلها في التنمية والتقافية والحضارية والدينية،إنها الحقيقة المرة في عالمنا الإنساني فكل دولة تريد أن تعطي صورة إجابية عن بلدها ولاتقبل بسلبياتها التي يعلمها الداخل والخارج،إنه عالم النفاق والقوة والمصالح فوق كل شيئ،رحمك الله أيتها الصحفية الحرة.

  • marrueccos
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 10:13

    بإغتيال " بوليتكوفسكايا " أخرص ٱخر صوت ينقل مأساة الشيشانيين خاصة بعد مجيء " بوتين " إلى ! دفنت معاناة الشيشانيين معها ولم نعد نسمع خبرا عن هذا البلد المسلم !
    " بوليتكوفسكايا " ٱخر عقد جيل صحافة التحقيقات الميدانية وبإسدال الستار على قضية إغتيالها تفتح صفحة زمن رديء كرداءة مسرحية محاكمة جناة مفترضين يضحكون بملء فيهم شماتة بمن يتابع عرض مسرحية محاكمة أوغاد الكرملين الجهنميين ! ويستكمل تدجين الصحافة في مختلف بلاد العالم بما فيها الديمقراطية !

  • جواد س/س
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 10:15

    صحافية بمعى الكلمة تضحي بحياتها من أجل نشر الحقيقة و كشف المستور

    في الحقيقة إ دا أردنا تقديم التعازي فيجب تقديمها للصحافة الوطنية أما هدة
    الصحافية فلن تموت فمقالاتها لازالت وردية ترفرف من أجل نشر الحقيقة

    المرجوا من قراء هسبريس قراءة سورة الفاتحة ترحما على روح الصحافة الوطنية المغربية . أميـــــــــــــــــــــــــــــــــــن

  • أمازيغي
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 11:59

    ان القوة هي التي تسيطر على الانسان في كل بقعة من بقاع الدنيا في ادا كان المال والسلاح والسلطة والخدم فان من يملك هده العناصر لابد أن يفرض نفسه ويقوم بأي شيئ يمليه عليه عقله لكن البشر لا يبالي فهو يحب المال وملدات الدنيا فالبشر بطبيعته همجي وحيواني ومفترس لكن الثقافة تغير طبيعته لكن الثقافة متشعبة هناك ثقافة تستطيغع أن تغير الانسان الحيواني الى انسان متطور وهناك ثقافة تعمل العكس وتكرس الطبيعة الحيوانية للانسان فالانسان يبقى انسان لا حول ولا قوة له أمام الطبيعة وأمام نفسه كدلك فالديمقراطية هي ريح قليلة تلطف الجو على الضعفاء قليلا حتى لا يعود الانسان الى الهمجية الكبرى كما كان من قبل قرون عدة أما الضعيف فيبقى ضعيف الى حين توازن القوى بين الضعيف والقوي و السبيل الى دلك هو اتحاد الضعفاء ضد القوي ليشكلو قوة ترهب القوي فالشعوب لو كانت لها القدرة على الاتحاد فالحل لمواجهة الأقوياء هو تكوين جيش عالمي موحد خاص بالدفاع عن الضعفاء والتخل من أجل الحق ومن أجل محاربة الفساد والمفسدين

  • nabil
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 12:13

    و الله سؤال محير يؤرقني، و هل ستذهب هذه السيدة التي عملت صالحا إلى النار لأنها ليست مسلمة و يذهب أصحاب الشرور من المسلمين إلى الجنة فقط لأنهم يقولون لا إله إلا الله؟ و الله إنه خلل عظيم إن كنا نعتقد هذا! أظن أن الله عادل جدا، و أظن أن مسلمي هذا العصر واهون في تصورهم للعادل العزيز المنتقم. لا إله إلا عمل قبل القول و ليس كلمة فضفاضة لتطمين النفس أن الجنة مضمونة، و ربما في هذا سبب من أسباب تخلفنا، تماما كمسألة القضاء و القدر فأغلب الناس يركنون لإعتقاد أنهم مسيرون و بذلك يتقاعسون عن تطوير أمتهم. المضحك أن مديرا كبيرا في إدارة مغربية قال لي عندما كنت أتناول وجبة الغذاء معه بأن الله سخر لنا الغربيين ليصنعوا لنا و نحن نستفيد. فما كان مني إلا أن أسرعت في إتمام الوجبة لأنه إنتابني غضب شديد ممزوجا برغبة جامحة في الإنفجار ضحكا، و ربما كان ذلك سيقضي على فترة تدريبي في تلك الإدارة المشؤومة.

  • لهدا أحب الغرب
    الأربعاء 11 يونيو 2014 - 15:51

    ماهو الفرق بينها وبين مفتي سوريا،بالفعل إنه مسلم وإمام ومفتي ،أما هي المسكينة نقولو عنها مشركة إن لم نقولو كافرة بينما الله عزة وجل يعلم بعباده الصالحين والمنافقين والمؤمنين حقا،أنا شخصيا كمسلم لاأنضر للغربيين على دينيهم أو لباسهم بل دائما أقولفي نفسي إنها نصارة وهدي هي حياتهم التي أختاروها لأنفسهم وفي نفس الوقت أنضر إلى إنسانيتهم وعملهم الجاد وحبهم للناس وإحترامهم للأخريين،أما نحن المسلمين الكتير منا يكفر الناس وينافق المجتمع ويخدلهم في العمل والتقة والأمانة.رحمك الله ياأختاه.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة