الأطلسي: هكذا عرفت "سي العربي".. نظيفا وأنيقا ومعطاء

الأطلسي: هكذا عرفت "سي العربي".. نظيفا وأنيقا ومعطاء
الأحد 26 يوليوز 2015 - 16:45

كأنه غير قابلٍ للنعي..بالكثير من الحذر، وحتى الشك نقل أصدقاء الأستاذ محمد العربي المساري نعيه إلى بعضهم البعض…عرفناه قد اعتل جسمه وفي الأشهر الأخيرة حال عجزه عن الحركة دون مشاركته في العديد من الأنشطة…بل أضحى غير قادرٍ على الكتابة، ومع ذلك لم يكن نعيه سهل التٓقَبُل …

الحقيقة أن محمد العربي المساري قد مات …والحقيقة أن الحيوية التي حرّك بها فكره وقلمه وجسده على مدى عمره الثقافي والسياسي والإعلامي حوالي 60 سنة من 80 سنة التي عاشها …تلك الحيوية تُبْقيه حياً.

رصيد العطاء الإعلامي، وفي التأليف التاريخي، وفي التجربة السياسية لهذا المغرب الذي سكن حبه والولاء له كل خلايا جسده وكل وعيه ولاوعيه.

“العربي” كما كان يحب أن ينادى عليه أو يُشار إليه …حتى وهو وزير وفي مكتبه بدأت حديثي معه في شأن مهني بتعابير الاحترام المفروضة في مُخاطبة وزير، “نهرني” ونبهني إلى أنه بالنسبة إلي يبقى مجرد “العربي” …لأنه الاسم الأصح والأبقى كما شرح .

قبل مغادرته إلى البرازيل حيث عين سفيراً للمغرب هناك، أقمنا باسم جريدة “أنوال” عشاء توديعٍ له في منزل الرفيق عبد اللطيف عواد، حضر الحفل من جانب العلم (لسان حال حزب الاستقلال ) م.ع. المساري، ع الجبار السحيمي، وتميم بنغموش. ومن جانب أنوال (جريدة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي) محمد الحبيب طالب، العربي مفضال، عبد اللطيف عواد، عبد الجليل طليمات ، وطالع سعود الأطلسي..

يقول فقيدنا، لقد ضيعنا سنوات من جهلنا لبعضنا البعض (يقصد الحزب والمنظمة) واختزال كلانا للآخر في أفكارٍ مسبقة، واليوم نستطيع أن ننسج علاقات مباشرة لن تكون إلا مفيدة للحياة السياسية المغربية وأساساً للحياة الحزبية .

في نفس حفل العشاء سيعلن أنه في البرازيل سيكون ممثلاً للمنظمة في ذلك البلد وفي البلدان المجاورة. ولأنه العربي المساري لم يكن ما قاله مجرد كلامٍ مجاملة تفرضه المناسبة…واصل من البرازيل رعاية العلاقات بين الاستقلال والمنظمة وهو ما سيكون له بالغ الأثر في عمل “الكتلة “. من هناك شَغّل – من خلال ما يصله من أنوال – إنتاجنا السياسي والفكري في حركيته الدبلوماسية مع فصائل اليسار الماركسي في البرازيل …

كذلك عاش كل حيواته: حياة الحزبي، حياة الأديب، حياة الصحفي، حياة المؤرخ ، حياة البرلماني، حياة السفير، حياة الوزير، حياة الحي الذي يتغذى بالفرح وينهل من منابعه له ولغيره …عاش تلك الحيوات على قاعدة الإخلاص لها والالتزام بضوابطها، وفيها ما قال إلا ما سيفعل أو فعل …ولا فعل إلا ما استطاع واقعياً وما انسجم مع قوله فيه.

أنا اليوم أضعف من أن أتحكم في الصور التي تنهمر علي من ذاكرتي لعلاقة ربطتني بالسي العربي، عميقة، صادقة على مدى أزيد من أربعين سنة ،حفلت بالكثير من “التواطؤ” الفكري والتفاهم السياسي والتفاعل المهني والارتياح النفسي.

في جريدة العلم نهاية سبعينيات القرن الماضي كان العربي المساري أستاذا بحق، رئيس تحرير تتطاير منه أوراق صغيرة ملونة للتذكير بالتكليفات. لا ينسى ولا يتساهل . يعلم، ينتقد، يصحح، ولا يغفل عن التشجيع بالتنويه وطبعاً أبدع ونَوّعَ وألح على التجديد ما استطاع .

في نقابة الصحافة كنت ،مازحاً ،ألتمس منه أن لا يتجاوز في مقترح جدول أعمال المكتب التنفيذي 50نقطة، كانت مبدئيته الديمقراطية تفرض عليه أن يعرض لقرارات المكتب ومداولاته كل المراسلات وجميع القضايا. لا مجال عنده للكواليس ولا للتكتلات ولا للمناورات.

أخبره الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي بأن الملك الحسن الثاني اقترحه له وزيراً للاتصال، فوراً طلب مقابلتي في منزله ليقول لي بأن المطلوب هو أن نعمل سوياً على تنفيذ توصيات المناظرة الوطنية للإعلام …وألح علي بأن ألعب معه دور”محامي الشيطان” حتى لا يتخذ أي قرارٍ دون استحضار كل دوافعه وموانعه وكل احتمالات نتائجه وتداعياته.

واستمر يعامل الأستاذ الصديق معنينو ،الكاتب العام للوزارة بنفس صدق الثقة فيه والتقدير لمهنيته لما قبل توزيره..مردداً أن مايهمه هو فتح أوراش الإعلام.

أتصور أنه عاش حياته كما لو أنها مركب أوراش، وقد خاض تحدياتها مستعيناً بتلك الحيوية التي ميزته وبتلك الوطنية المغربية التي نضحت منه في كل تفاصيله وكنهه، وبتلك العقيدة الديمقراطية التي وجهت تفكيره وتدبيره للخاص وللعام من حياته. وبتلك الأناقة التي لايفتعلها وهو يمارس علاقاته؛ في لباسه وكلامه وضحكاته وحتى في غضباته …وبتلك النظافة التي ما حاد عنها في مسلكه وفي منطقه وفي عواطفه.

بذلك حقق في الأوراش الخاصة التي تحكم فيها ما هدف إليه …وفي غيرها من أوراش حياة هذا الوطن التي انخرط في تفاعلاتها …ترك الكثير من العطاء الثري والمخصب للمزيد من العطاء في النهر الهادر لحياة الوطن.

‫تعليقات الزوار

9
  • le manifestant
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 17:02

    C'est trop tard Mr.
    Il fallait faire ça lorsqu'il était encore vivant.Maintenant tout est fini pour lui,car il n'écoutera pas tes paroles.Si il a fait du bien c'est pour lui seul, sinon ?
    Ne soyons pas des hypocrites,car on dit quant un être meurt,ses jambes sont longues

  • khalil
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 17:11

    كان رجل دولة بجنب سي محمد بوستى هادئ رزين يتقي الله في بلده كان دائما يفكر في مستقبل المغرب ﻻ تغريه المناصب هكدا عرفت السي العربي المساري لم كنت في حزب اﻻستقﻻل

  • MOHAMED CHERIF: france
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 17:33

    لكن للأسف رغم أنه يحمل إسم المساري نسبة إلى قبيلتنا المهمشة والمنسية ، قبيلة بني مسارة بنواحي وزان حيث انتخب عنها برلمانيا ونال بها المجد لأن أهل المنطقة وثقوا فيه لكنه تنكر لمنطقته وقبيلته ، وانتهت الولاية البرلمانية وكذلك ولاية سفير ، وعاد لأهل المنطقة في ترشيح آخر للبرلمان لكنه مني بهزيمة كبيرة أمام مرشح أمي من المنطقة عقابا لمثقف خذلهم وتنكر لهم ، رغم ماقيل عنه في هذا المقال فهو لم يزر منطقته إلا نادرا قبل أن يصبح برلمانيا وبعدما نال مراده وحقق أحلامه وكبرت سمعته تنكر لدواره المهمش المنسي بنواحي وزان ؛ لا أحد كان أو سيفتخر بانتسابه لهذه المنطقة الجبلية التي تنكر لها ، أتمنى من الأحياء أن يردوا الجميل لدواويرهم المنسية ، عليهم أن يزوروها وذلك أظعف الإيمان ، أما محمد العربي المساري أنسب نفسه إلى تطوان وتنكر لبني مسارة فهل تطوان أعطته البرلمان ؟ أم أنه اعتبر أهله منطقته أميين وساذجين حين أعطوه ثقتهم ، لا يا العربي قبيلة بني مسارة أهلها أذكياء أعطوك البرلمان ولم يعيدوا انتخابك مرة أخرى لأنه كما قال الشاعر ليس العيب أن يخطأ الإنسان ، بل العيب أن يقع في نفس الخطأ مرتين ،

  • cherkaoui
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 17:50

    رحم الله السفير الوزير.وفاته خسارة للبلد.وعزاؤنالاهله وذويه.

  • عبد الاحد زاهدي
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 17:52

    رحم الله اﻻستاذ العربي المساري، فقد كان السياسي المحنك والدبلوماسي المدافع باستماتة عن وطنه وعن وحدة ترابه والكاتب والصحفي المقتدر والجدير بالذكر الطيب والتنويه. عزائي الى كافة اعضاء اسرته الكريمة والى كل اصدقائه، الهمهم الله والهمنا جميعا كامل الصبر والسلوان و تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة وادخله فسيح جنانه وانا لله وانا اليه راجعون. عبد الواحد زاهيدي*

    *عضو سابق بديوان المرحوم يوم كان وزيرا للاتصال.

  • citoyen
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 18:43

    كلام جميل وجد معبر ! رحم الله الفقيد

  • سعيد
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 19:36

    كان رحمه الله رجل كلمة، عندما واجه تماسيح وعفاريت زمان، سواء داخل الوزارة او في المؤسسات الاعلامية التابعة لها، قدم استقالته ومضى يحكي عن صدمته عندما حاول فتح اوراش اصلاح الاعلام، كان رحمه الله يبتسم لكل الضربات التي كان يتلقاها يوميا من طرف مافيا الفضاء الاعلامي بدء من الوزارة نفسها وانتهاء بالمركز السينمائي المغربي. لذلك منذ وداعه للوزارة اصبح يتجنب الكلام حول الاصلاح لانه خبر سرطان المافيا ومايفعله في ذوي النوايا الطيبة. فلما ان تكون فاسدا او تفلت بجلدك في متاهات الحياة وتترك ذلك الوحش المتعدد الرؤوس يعيت فسادا الى اليوم. رحمك الله السي العربي وانالله وانا اليه راجعون ولاحول ولاقوة ولا بالله العلي العظيم.

  • AZZADDINE
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 19:50

    بعد عبد الهادي التازي و… انطفاء شمعة اخرى من شموع المغرب. وهكذا الشموع تنطفئ في صمت

  • مراقب
    الأحد 26 يوليوز 2015 - 20:19

    لم يكن سهل علي تلقي هدا الخبر على شريط (الجزيرة) الامس و لا اجده على شريط (المغربية) عند داك استحضرني انجاز هدا الوزير عندما قامت وزارته بدراسة حول الارقام الخاصة دات الاتمنة المرتفعة التي كانت يتصل بها المغاربة لحاجة في انفسهم لرغم عدم اختصاصها بهده العملية لتأتي النتائج الكارثية حقيقة كبر هدا الانسان الجبلي سي العربي في عيني كما لا ننسى فترة مجاورته في عز شبابه للأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في منفاه بالقاهرة

صوت وصورة
حقيقة خلاف زياش ودياز
الإثنين 25 مارس 2024 - 23:58 5

حقيقة خلاف زياش ودياز

صوت وصورة
هشاشة "سوق النور" في سلا
الإثنين 25 مارس 2024 - 23:30 1

هشاشة "سوق النور" في سلا

صوت وصورة
الركراكي والنجاعة الهجومية
الإثنين 25 مارس 2024 - 23:04 1

الركراكي والنجاعة الهجومية

صوت وصورة
كاريزما | محمد الريفي
الإثنين 25 مارس 2024 - 22:30

كاريزما | محمد الريفي

صوت وصورة
رمضانهم | الصيام في كوريا
الإثنين 25 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | الصيام في كوريا

صوت وصورة
الفهم عن الله | رضاك عن حياتك
الإثنين 25 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | رضاك عن حياتك