الحوار الاجتماعي لصالح من؟

الحوار الاجتماعي لصالح من؟
الثلاثاء 17 فبراير 2009 - 12:16

لقد توقف الحوار الاجتماعي وكل طرف على حد سواء، النقابيون وأرباب العمل، قرأ هذا التوقيف انطلاقا من موقعه وهو يستحضر مصالحه، في وقت تم كليا تغييب المصالح الفعلية للشغيلة ومختلف الذين يعتمدون قوتهم العضلية أو العقلية في السوق الجديدة لنخاسة العمل “كمصدر” وحيد للعيش.


فكنفدرالية أرباب العمل اختارت، والنقابيون الذين “يسمسرون” على “ظهر الشغيلة” اختاروا طريقهم، وبينهما تتوسع معاناة الشغيلة وتتمدد فضاءات إحباطاتهم في وقت تشرذمت فيه وحدتهم و”شاخت” رؤى النقابات المعتمدة التي كانت تحمل ولو، بعضا من آمالهم حتى الأمس القريب.


كل شيء أضحى الآن مرتبطا بمقولة “ماذا سأربح؟ وماذا سأخسر؟


فأرباب العمل قبل قبول مجرد الحديث في أي مطلب من مطالب النقابات (التي توجد في وضعية لا تحسد عليها منذ سنوات خلت)، يقومون بعملية حسابية، على المدى القريب والمتوسط والبعيد، للإجابة عن السؤال : ماذا سنربح نحن من وراء الاستجابة لهذا المطلب أو ذاك؟ فهم بكل بساطة يرون أنه لا يمكن المساهمة في حوار اجتماعي إلا إذا كانوا على يقين أنهم لن يخسروا شيئا، لأن النقابات لم تعد بتلك القوة أو بتلكما المصداقية والنزاهة التي كانت عليها بالأمس، جراء فقدان الثقة فيها بفعل الوقوف على التلاعب بمطالب الشغيلة والسمسرة “على ظهرها” لتنمية المصالح الخاصة والذاتية، حيث لا يوجد الآن زعيم نقابي اضطلع بمسؤولية قيادة إحدى النقابات لم يتورط في فضيحة مالية أو نازلة الاغتناء غير المشروع على حساب الشغيلة أو استغلال موقعه ونفوذه وللمتاجرة بالقوة النضالية والكفاحية لمنخرطي النقابة التي يتربع على عرشها.


انظروا إلى القادة النقابيين السابقين كم بلغت أرقام ثروتهم الآن، وكم تضم حساباتهم البنكية من ملايين؟ وكم من عقار محفظ باسمهم أو اسم ذويهم؟ وكم صفقة فوتوها لأقاربهم بطرق غير مشروعة؟


الواقع الحالي للحوار الاجتماعي، في نظر أرباب العمل يتلخص في فكرة واحدة لا ثاني لها :


“لقد قبلنا الزيادة في التعويضات العائلية والزيادة في الحد الأدنى للأجور لكننا لم نستفد من أي شيء حتى الآن، كل هذا بالنسبة إليها مجرد كسور“.


قد يبدو هذا الكلام غريبا للكثيرين لكنه طبيعي جدا، لأن أرباب العمل بالمغرب تعودوا على أن لا يوافقوا على تلبية مطلب من مطالب النقابات و الشغيلة إلا إذا كانوا على يقين أنهم سيربحون أكثر مما يعطون أو أن الدولة ستمكنهم من المزيد من الامتيازات الظاهرة منها والمستترة، وهذا أمر طبيعي جدا في ظل سيادة “الاتكالية” التي ظل أصحاب رؤوس الأموال يعتمدون عليها للاستمرار في جني الأرباح دون مساهمة ذات جدوى في صيرورة التنمية الاجتماعية الفعلية، التي لا يمكن أن تستقيم في ظل سيادة اقتصاد الريع الذي يعني السطو على حقوق الغير دون وجه حق، وليس مجرد منح امتياز يقتطع من قوت الشعب فحسب.


أغلب مكونات المجتمع المغربي المعول عليها لتفعيل آليات التنمية والتغيير وتحقيق القفزة النوعية المرجوة في مختلف المجالات والميادين، ترتكز، عن وعي أو بغير وعي، من حيث تدري أو لا تدري، على “التسولقراطية”، إنهم مجرد متسولون يمدون أيديهم للقيمين على أمورنا ليتمكنوا من الاستمرار في العيش في رغد وبذخ في السراء والضراء، سواء خلال فترات الرخاء أو في ظل الأزمات.


لذلك لم يتمكن المغرب من تحقيق تراكمات فعلية تؤهله لتفعيل آليات داخلية مستقلة لتنمية حقيقية، لأن مثل هذه التنمية لا تستقيم والشحاتة، وهذا واقع لا يشرف المغاربة بين الأمم.


فكيف، والحالة هذه، نسمع حديثا عن التعويض عن البطالة وعن فقدان العمل؟ أليس هذا ضحكا على الذقون؟ علما أن الأغلبية الساحقة من شغيلة المغرب لا زالت محرومة من الحد الأدنى للأجور، وجيش عرمرم من المغاربة يجدون أنفسهم مضطرين إلى قبول أجور زهيدة جدا، تقل بكثير عن الأجر القانوني، ورغم ذلك فإنهم يضطرون للانتظار أكثر من شهرين أو ثلاثة دون راتب.


فهل هذا الوضع يسمح بالحديث عما يلوح به البعض بخصوص التغطية الصحية والعيش بكرامة؟ فهل يغلطون أنفسهم أم أنهم “يستحمرون” المعذبين على أرض “المغرب السعيد”؟ هذا البلد الأجمل في العالم، والأكثر تقدما، “ديمقراطية وحرية”، في العالم العربي؟


فكيف لبلد يسمح لجنرالاته برواتب تفوق 10 ملايين سنتيم شهريا مدى الحياة ويسمح لذويهم بالاستفادة منها حتى بعد التحاقهم بالرفيق الأعلى ـ علما أن كل هذه الرواتب تقتطع من مال الشعب دون موافقته على ذلك ـ أن “يطبل” و”يغيط” على التغطية الصحية أو زيادة دريهمات محدودة في التعويضات العائلية أو في مستوى الحد الأدنى للأجر، المخزي أصلا، لأنه يقل بكثير عن المصاريف الخاصة بـ “كنانيش” (جمع “كانيش” الكلب) بنت أو ابن هذا الجنرال أو ذاك؟


في ظل هذه الديمقراطية الوهمية، ماذا يمكن أن نجني من أي حوار اجتماعي، حتى ولو دام سنوات؟

‫تعليقات الزوار

1
  • غيور
    الثلاثاء 17 فبراير 2009 - 12:18

    شعار هادوك
    لي صاب شي ضحكة او ما ضحاكش
    عليها تحاسبو نفسو
    أما الشغيلة الله معهالأن بعض النقابات صبحات تدافع عن مصالحاو كراسها

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش