من أجل مغرب بدون علمانية

من أجل مغرب بدون علمانية
الثلاثاء 17 مارس 2009 - 09:00

رغم أن الدستور المغربي يقر في تصديره بإسلامية الدولة من خلال التأكيد القطعي على ذلك بمقولة ” المغرب دولة إسلامية ذات سيادة كاملة ” فإن الواقع ليس كالخطاب . وكما هو معلوم فإن إسلامية الدولة ليست بالمستجد والأمر الجانبي ، فباسم الإسلام قامت الدولة الإدريسية وعلى ضوئه توالت الدول وتعاقب الحكام .



من منا لم تتردد على مسامعه أقوال وأفكار تروم فصل الدين عن الدولة ، وتجرديها من كل ما هو إسلامي بغية تحقيق أطروحات علمانية . سمعنا ونسمع عن “فصل الدين عن الدولة” و “استغلال الدين في السياسة” وتحويل وزارة الشؤون الإسلامية إلى وزارة الأديان ، واللائحة تطول …



فصار كل من يتحدث باسم الإسلام ويحلل ويناقش وفقا لتعاليمه وأحكامه إنسانا رجعيا بالمفهوم القدحي للكلمة . رجعي لأن الإسلام في نظرهم مجرد نظريات غير قابلة للتطبيق ، ولأن القسوة والشدة سمات من بين أخرى تطبع هذا الدين الذي رضاه الخالق لنا دينا .



فصل الدين عن الدولة :



أما فيما يخص فصل الدين عن الدولة ففيه إعادة نظر ، والسؤال الذي يطرح نفسه كالتالي : متى ننادي بفصل الدين عن الدولة ؟ والجواب سيأتي من بلاد النشأة ، أي من الغرب ومن القرون الوسطى . حيث أن العلمانية قامت أول الأمر كرد فعل على النفوذ الكنسي ومراكمة هذه الأخيرة لثروات باسم الدين ، وبيعها لصكوك الغفران ، وقتلها للعلماء ، ونبذها للعقل … فكان فصل الدين واجبا ، لقيام دولة إنسية نادى بها كل من روسو ولوثر وآخرون … تكرم العقل وتحقق للإنسان رفاهيته وتعيد له إنسيته المضطهدة .



فهل حصل هذا عندنا حتى ننادي بهذا الفصل ؟ وهل لعب المسجد دورا شبيها بدور الكنيسة ؟ بيد أن الإسلام كرم العقل والعلم ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)) ومتى حصل العكس فإن ذلك ناتج عن أشخاص يجب إبعادهم عن الدولة كي لا يعطوا لأنفسهم تفويضا ربانيا وسلطة إسلامية تؤثر على حقيقة الدين ورونقه وبهائه ، فلا رهبانية في الإسلام ولا وساطة فيه . أما المسجد فضل منذ الحبوات الأولى للدعوة المحمدية مؤسسة اجتماعية وثقافية تهدف إلى تحقيق الاستخلاف الذي خلقنا من أجله .



استغلال الدين في السياسة :



كثيرا ما روج دعاة العلمانية على اختلاف انتماءاتهم لأباطيل في حق الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية الناهلة من الركائز الإسلامية ومركزياته العظمى ، العارفة لأحوال العصر وخبايا المصر ، العاقلة في سلوكها ، القدوة في أخلاقها …



وكأن هؤلاء يمثلون الجمهور ، وهذا هو رأي الأخير فيهم .أم أن الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية قد احتكرت الدين فعلا ، ومنعتهم من الحديث باسمه ، وجعلته علامة تجارية خاصة بها !


فمن منعهم من الحديث والاستشهاد وفقا لما ورد في كتب السنة والجماعة المفتوحة على الاجتهاد ومسايرة الأزمنة والأمكنة حتى يتحدثوا عن استغلال الدين في السياسة . والأصح أن هذا الاستغلال واقع في صفوفهم بشكل مختلف .ففي ظل حكمهم ، كانوا يمثلون اليسار أم الليبرالية ، حصل التراجع ونفر الناس من السياسة ومن أسباب الكسب وتحقيق الاستخلاف البشري . لذلك لا غرابة أن نتحدث عن ” استغلال الليبرالية في السياسة ” و ” استغلال الماركسية في السياسة ” ولتسألوا الأحزاب الحاكمة أين هي من ماركسيتها وليبراليتها ، وماهي نسب تحقيق برامجها كبرامج ومخططات اقتصادية تتجاوز مستواها النظري إلى التطبيقي منه ؟



العودة إلى الجمهور لحسم الخلاف :



إعلم أن أصل الخلاف نابع من التعدد والاختلاف ، وأنه متى حصل ذلك الاختلاف وقع التصادم بين أبناء القطر الواحد . إلا أن الجمهور يبقى الفيصل والميزان القادر على ترجيح كفة الأصلح منها . وذلك في جو من المسؤولية والعقلانية والتنافس الشريف لنيل ثقة الجمهور . بعيدا عن العنف والصراع والاقتتال ، فما كان سياسيا لا يحل إلا بطرق سياسية . وبقدر ما تسعى تلك القوى إلى الوصول إلى السلطة فإنه من حق الأحزاب الإسلامية أن تنادي ب” الحكومة الإسلامية” و”الدولة الإسلامية ” …



على سبيل الختم :



لست هنا بصدد الدفاع عن حركات الإسلام الجهادي المحرف المكفر للمجتمع والمبيح لسفك الدماء ، ولكنني أتحدث عن الحركات الإسلامية المتنورة، كانت جماعات أم أحزابا ، لقدرتها على إخراج الأمة من مخالب الانحطاط والضياع .



[email protected]


‫تعليقات الزوار

5
  • Padrino
    الثلاثاء 17 مارس 2009 - 09:08

    ان االشريعة الاسلامية شريعة متكاملة الجوانب فلا يجوز باى حال من الاحوال اقصاءها لماذا لانها قانون الهى صالح لكل زمان ومكان وشريعة والله الحمد غنية بكل ما يسعد الانسانية جمعاء لان الله تعالى يقول مافرطنا فى الكتاب من شىء وقال رسول الله صلى فيما معناه تركت فيكم ماان تمسكتم به لن تضلوا بعدى كتاب الله وسنتى اذن فلاح الامة وصلاحها فى الرجوع الى العمل بهذين المصدرين وفهمهما فهما جيدا لان الشريعة الاسلاميةكلها مقاصد ومن بين المقاصد مايحقق مصالح العباد والشريعة الاسلامية تحث العمل والابتكار والانتاج

  • Italiano
    الثلاثاء 17 مارس 2009 - 09:10

    العلمانية أحد المصطلحات المغلوطة التي روج لها الإعلام الغربي والصهيوني؛ الاسم الأنسب هو الجاهلية قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50]

  • marouane
    الثلاثاء 17 مارس 2009 - 09:02

    شكرا على هذه المقالة، فنادرا ما اصبحنا نجد من ينظر إلى الامور من الجوهر، بل اصبح يسيطر على الإعلام فقط اصحاب المظهر
    فهذا الاخير ينقل حرفيا ما جاء به الغرب من طالح وصالح وإن كان موجودا اصلا، ويتشدقون بالتقدم الذي وصل إليه الغرب عن طريق فصل الدين عن الدولة جاهلين او متجاهلين وغالبا متجاهلين الإجابة عن السؤال التالي : لماذا فصل المسيحيون الدين عن الدولة ؟
    فهذا الجواب يخفيهونه عنا، وانا فعلا متأكد من وجود قوى خفية تروج لهذه الافكار الشطانية

  • اوشهيوض هلشوت
    الثلاثاء 17 مارس 2009 - 09:06

    فصل الدين عن الدولة مطلب عظيم خصوصا في العالم الإسلامي حيث ” الدول” قائمة على اساس ديني وباسم هدا الدين ترتكب جرائم بشعة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا
    فحينما تختلط السياسة بالدين يتلوث ويصبح مطية لتحقيق اهداف مصلحية(مثلا تجنيد الفقهاء للدعاية :حرب لبنان 06 حرب غزة .08..) وبدلك يصبح المدنس( القابل للخطا= السياسة) مقدسا والمقدس(الدين) مدنسافيختلط الأمر على الجمهور (خصوصا وان معظمه امي او جاهل)فتغيب الحواجز بين الحق والباطل فيفسد المجتمع ويبتعد عن السياسة والدين معا
    وهدا حال اغلب “دول العالم الإسلامي”و سر تخلفهم السياسي والإجتماعي وووو
    فيييييييييامسلمي العالم تعلمنوا تصحوا

  • امازيغية اصيلة
    الثلاثاء 17 مارس 2009 - 09:04

    الاسلام الاسلام الاسلام شئتم ام ابيتم

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين