النقد العلمي لدعوى صحبة والد سيدي شيكر

النقد العلمي لدعوى صحبة والد سيدي شيكر
الخميس 23 يوليوز 2009 - 04:14

في الدورة الأولى للقاءات سيدي شيكر العالمية التي افتتحت في (شتنبر 2008)، صرح المؤرخ محمد سعيد الرجراجي للصحافة والإعلام، مبينا أصل الولي (سيدي شيكر):


“أول أمره أن سبعة رجال من رجراجة ذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول الرواية أنهم أسلموا وكلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بلغتهم وأرسل معهم رسالة دفنت هنا في سيدي شيكر، وسيدي شيكر ولد لواحد من أولئك الصحابة، وأولئك الصحابة لا بأس أن نذكر اسمهم فهم: سيدي واسمن، سيدي عيسى بوخابية سيدي سعيد السابق، سيدي عبد الله أدناس، سيدي يعلى والد سيدي شيكر، سيدي بوبكر أشماس ووالده سيدي صالح، فسيدي شيكر هو من هذه التربة الجيدة الطيبة، حينما مات والده ومات أولئك السبعة الذين كانوا يجاهدون وبقوا يجاهدون، كان سيدي شيكر واحدا من الأعلام الذين اتصل بعقبة بن نافع حينما جاء من المشرق، بالجيش الإسلامي وكان واحدا من قادته الأعلام وواحدا من صحابته وأصحابه، فبنى لهم عقبة هذا المسجد الذي يعد أقدم مسجد في المغرب” انتهى


وقد جزم محمد سعيد أن التصوف دخل إلى المغرب مع أولئك الرجراجة السبعة، وأنهم كانوا يقيمون موسما سنويا، فأكد بأن المواسم الرجراجية عرفها المغرب منذ القرن الأول الهجري.


وردد هذه المعلومات غير واحد.


وبالرجوع إلى المصادر التي أوردت تلك المعلومات لا نقف إلا على رواية غير مسندة:


قال حسن جلاب في كتابه: (الحركة الصوفية بمراكش وأثرها في الأدب): “وكان السكان يحترمون رجال رجراجة، ويستجيبون لتوجيهاتهم باعتبارهم أشرف قبائل مصمودة. وتذكر المصادر (1) أن الطبقة الأولى منهم كانوا مع روح الله عيسى، وآمنوا بما جاء به، وأنهم من الحواريين. وعندما سمعوا ببعثة محمد، سافر سبعة منهم إلى المدينة واتصلوا به، فخاطبهم بلسانهم، وحملهم رسالة الإسلام إلى بلادهم، وبعد عودتهم إلى رجراجة موحدين مجتهدين في الدين، بنوا لهم مسجدا بساحل حربلة (رتنانة)” اهـ.


وإثبات تلك الأخبار بهذه الرواية لا يصح في ميزان العلم والبحث العلمي؛ وذلك من خمسة وجوه:


الوجه الأول: علم الرواية


فهذه القصة لم تسند في مصدر من مصادر الرواية المعروفة ولو بإسناد ضعيف، وبين من حكاها وتاريخ وقوعها المزعوم ما يزيد على ألف سنة، ومثل هذا لاغ وباطل في ميزان العلم.


الوجه الثاني: علم السيرة النبوية


وذلك أن مصادرها على كثرتها وتنوعها لم يرد فيها ذكر لهؤلاء السبعة، وأخص بالذكر منها كتب السيرة المعتمدة عند المغاربة؛ وهي: سيرة ابن هشام بشرح الإمام السهيلي، سيرة ابن سيد الناس، والشفا للقاضي عياض.


ولا يخفى أن علماء السيرة دونوا من أخبار المصطفى ما هو دون هذا الخبر في الأهمية، وسجلوا زيارة الوفود له من شتى أنحاء الجزيرة، فكيف لا يسجلون زيارة هذا الوفد الذي جاء من المغرب الأقصى.


كما أن ما كتب عن الشمائل المحمدية والمعجزات النبوية لم يذكر فيه أنه صلى الله عليه وسلم تكلم بالشلحة، ولم يورده القاضي عياض في الباب الرابع من شفاءه “المعجزات والخصائص والكرامات”.


الوجه الثالث: علم الرجال


اعتنى السلف عناية خاصة بنقلة الدين من الرواة عبر طبقاتهم المختلفة، وأول طبقة هي طبقة الصحابة، الذين أخذوا من العناية ما هم له أهل بصفتهم أول المتلقين عن الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فذكِروا في كتب الطبقات والسير، وأفردوا بمصنفات خاصة مشهورة ومعروفة.


وبالرجوع إلى هذه المصنفات لا نجد ذكرا لهؤلاء السبعة البتة؛ وقد راجعت كتاب “الاستيعاب في معرفة الأصحاب”، لحافظ المغرب أبي عمر بن عبد البر (م. 463) فلم أجد ذكرا لواحد منهم، كما راجعت كتاب “الاستدراك على الاستيعاب” للحافظ أبي إسحاق الطليطلي (م. 544).


والعلم يشهد أنه يستحيل أن يوجد صحابة مغاربة يخفون على حفاظ المغرب والمشرق أيضا؛ فها هو ذا كتاب “الإصابة في تمييز الصحابة” للحافظ ابن حجر خلو من ذكرهم، وهو أوسع وأوعب من كتاب الاستيعاب، بل هو أوسع ما ألف في تراجم الصحابة.


وأيضا ها هو ذا الحافظ أبو نعيم (م. 430) المهتم بأخبار الصوفية، ترجم في كتابه “حلية الأولياء” لعدد من الصحابة ولم يذكر واحدا من أولئك السبعة.


بل إن كتاب طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ (م 412 هـ) عرو من ذكرهم أيضا، وأول من ذكر ممن عدهم أعيان الصوفية؛ أبو علي الفضيل بن عياض المتوفى سنة (186 هـ)


فهل يعقل أن يكون من المتصوفة صحابي ولا يذكر في أول من يذكر من المتصوفة؟


الوجه الرابع: علم التاريخ


وقد أبرزه الدكتور وراضي بقوله:


“لو صحت قصة سبعة رجال رجراجة الوهميين، لكان الإسلام قد انتشر في ربوع المغرب كلها قبل مجيء الفاتحين إليه؛ إذ ما الذي سيفعله الفاتحون، والرسول صلى الله عليه وسلم كتب قيد حياته رسالة إلى الأمازيغ بالمغرب، وحملها الرجال السبعة الذين أسلموا وأمرهم بقراءتها على إخوانهم والقيام بالدعوة إلى الإسلام ونشره في بلادهم وما صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يجهله وزراؤه وحاشيته ورجاله، مما يعني أن الصحابة المغاربة السبعة، سيكونون معروفين لدى الصحابة والتابعين وهذا كله كما وصل إلى علمنا ـ ونحن نقرأ تاريخ الإسلام ـ لم نقف عليه.


و”حتى عندما حضر الفاتحون إلى المغرب، والصحابة السبعة موجودون به، كان عليهم تجنب المواجهات الساخنة مع المغاربة انطلاقا من حدود المغرب الشمالية الحالية؛ إذ أنهم سوف يجدون ترحابا وحسن استقبال لائق لدى رجال رجراجة هؤلاء الذين يفترض أنهم قد قطعوا أشواطا بعيدة في إقناع الكثيرين باعتناق الإسلام، وبما أن الرجال السبعة الرجراجيين رجال أسطوريون، فالمعارك الطاحنة التي خاضها الفاتحون مع المغاربة، تتمثل حدتها وضراوتها في الجولات الحربية لكل من “كسيلة” و”الكاهنة الداهية” من جهة، وفي ارتداد المغاربة عن الإسلام أزيد من عشر مرات كما ورد عند ابن خلدون في “كتاب العبر” من جهة ثانية.


و”في ولاية عقبة بن نافع الثانية على المغرب، وهي الولاية التي قُتل أثناءها، توجه إلى بلاد درعة وسوس، فلقيه جموع البربر فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم انهزمت البربر بعد حروب صعبة، وقتلهم المسلمون قتلا ذريعا، وتبعوا آثارهم إلى صحراء لمتونة، لا يلقاهم أحد إلا هزموه”(1).


و”عند الطبري في “تاريخ الأمم والملوك”، وعند ابن كثير في “البداية والنهاية”، وعند ابن الأثير في “الكامن”، وعند ابن عذارى المراكشي في “البيان المغرب”، وعند الناصري في “الاستقصا”، وعند ابن خلدون في كتاب “العبر”، لا أثر للرجراجيين السبعة في نشر الإسلام بالمغرب، ولا أثر لقصة اتصالهم بالمختار صلى الله عليه وسلم.


فهل بعد هذا الكلام كله، يزعم منصف أن وجود سبعة رجال رجراجة وجود تاريخي صحيح مؤكد؟”اهـ(2).


الوجه الخامس: تناقض الرواية الصوفية


فبينما تجزم الرواية الأولى بثبوت رحلة سبعة من رجراجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وتعين أسماءهم، نقرأ في التشوف لابن الزيات (م.617هـ) رواية أخرى في الصفحة (32) خلاصتها أن سبعة رجال مراكش ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي زيد الدقاق مناما لا يقظة، وأن منهم اسم لم يذكر في الآخرين؛ وهو: أحمد الغساني وليس هو –أيضا- من الرجال السبعة المعروفين في مراكش؛ ومنهم: القاضي عياض والسهيلي والتباع وغيرهم.


جاء في كتاب التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات بتحقيق التوفيق:


حدثني محمد بن محمد بن أبي القاسم قال: سمعت أبا زيد الدقاق يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم عند أحد أبواب مراكش فقلت له: يا رسول الله أفي هذا البلد أحد من الأولياء؟ فقال: سبعة… فقلت يا رسول الله من هم؟ فقال لي: هؤلاء فإذا بسبعة رجال خرجوا من الباب، ما عرفت منهم إلا أحمد بن محمد الغساني المعلم”


وهذه تناقضات صريحة في إبطال المستند الذي جعل لظاهرة سبعة رجال بكل رواياتها وقصصها الخيالية.


وفي الختام لا بد أن نطرح على السيد وزير الأوقاف هذه التساؤلات:


ماذا سنجني من إقامة بنيان الإصلاح الديني على لبنات هشة، وادعاءات وأساطير يفندها العلم؟


وهل من الهيكلة الرشيدة للحقل الديني أن ندخل بلدنا في دوامة من الخرافة والوهم؟


ألا يمكن أن نحارب الإرهاب والتطرف، ونشيع ثقافة السلم والأمان إلا عن طريق القبورية الأسطورية؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى. 1/82. أبو العباس أحمد الناصري. تحقيق وتعليق ولديه: جعفر ومحمد. صدر عن دار الكتاب المغربية عام 1954م.


(2) عرقلة الفكر الظلامي الديني للنهضة المغربية ص. 224-225. مع تصرف يسير.

‫تعليقات الزوار

7
  • رابح الادريسي
    الخميس 23 يوليوز 2009 - 04:26

    بارك الله فيك شيخنا حماد القباج المراكشي، على هذا المقال و البحث الموفق و جزاك عن الاسلام و المسلمين خيرا، و قد كنت قرأت من قبل كتابا لأحد المستشرقين الفرنسيين موضوعه تاريخ منطقة دكالة، و المعلوم أن دكالة التاريخية ليست هي دكالة التي نعرفها الآن، حيث كان يطلق هذا الاسم -أي دكالة- على دكالة الحالية و كل من الشاوية و الرحامنة و عبدة و مضارب قبائل أحمر(حيث يقع ضريح شيكر) و الشياظمة، أي أنها كانت تضم المناطق الواقعة جنوب نهر واد أم الربيع كلها حتى حدود حاحا و متوكة، و من الساحل الاطلسي إلى حدود واد العبيد، المهم أن المؤلف تطرق الى تاريخ المنطقة و ذكر أسطورة الرجال الركراكيين السبعة و شدد على نكارتها و استحالة أن يكون أولئك القوم قد شدوا الرحال إلى الحجاز وقابلوا الرسول صلى اللع عليه وسلم. ثم جاء بالفرضية التالية:
    من المعروف أن منطقة دكالة التاريخية التي صورت لكم حدودها آنفا، كانت آخر المناطق التي دخلها الاسلام في المغرب الاقصى، لإنعا كانت تقع تحت حكم دولة البرغواطيين الكافرة بدين الاسلام التي دامت زهاء أربعة قرون من دخول الاسلام حتى دمرتها الدولة الموحدية، و كانت بداية تأسيسها على يد طريف أبو صالح الذي كان من الخوارج الصفرية، فلما مات ولي بعده ابنه صالح بن طريف الذي انسلخ من آيات الله وانتحل دعوى النبوة وشرع لقومه الديانة التي كانوا عليها من بعده ‏.‏ وادعى أنه نزل عليه قرآن كان يتلو عليهم سوراً منه يسمي منها سورة الديك وسورة الجمل وسورة الفيل وسورة آدم وسورة نوح وكثير من الأنبياء وسورة هاروت وماروت وإبليس… وهنا جاءت فرضية المستشرق الذي قال إن التوجية المنطقي لرواية الرجال الركراكيين السبعة أنهم زاروا صالح بن طريف الذي كان يدعي النبوة لكي يخصهم بشيء تكون لهم به على قومهم و غير قومهم الوجاهة و الفضل لتحقيق مكاسب شخصية، فلما رجعوا من عنده بعد أن أعطاهم ما طلبوا صار لهم ما أرادوا، بأن روجوا لإنفسهم صورة يغتر بها العامة و البسطاء من الناس، و بقي الامر على ذلك حتى دخل الناس في الاسلام افواجا، و ظهرت حاجة الدكاليين إلى شيء يبقي لهم نفوذهم الذي فقدوه لصلح الدولتين الموحدية و المرينية، فاتجهت النخبة الدكالية بكامل ثقلها إلى التصوف لضمان سيطرتها و (مصالحها) على العامة والدهماء نظرا لفقدانها لما تتمتع به النخب الاخرى كالنسب ( الاشراف من آل البيت) و العلم (النخب الحضرية فاس مراكش سجلماسة…)، و النفوذ الاقتصادي بعد أن دمر الموحدون مدن دكالة التي كانت من أجمل المدن و أغناها بفضل التجارة مع الصحراء و أروبا، و تحول عائدات المنطقة إلى خراج يبعث بع إلى مراكش و فاس. بإختصار ظهرت أسماء جديدة أرادت شيئا من المشروعية فلجأت إلى مثل هذه وقائع من قبيل زيارة الرجال الركراكيين السبعة لصالح بن طريف، و حورتها لتصير زادها و عتادها لشق طريقها نحو المكتسبات المادية و المعنوية التي ضاعت من بين يديهم. و القرائن قد تشهد بصحة ذلك، فقمن المعلوم أن منطقة دكالة تضم أكبر عدد من الأضرحة و المزارات و المشاهد و المواسم، هذا من جهة، و من جهة أخرى فألأسماء الأكثر وزنا بين أصحاب هذه الضرحة هي لرجال امازيغ صنهاجيين أو مصامدة كمولاهم بوشعيب أيوب بن سعيد الصنهاجي صاحب آزمور، و سيدهم بنور محمد بن “واكريس” الصنهاجي الذي تسمى بكنيته المدينة المشهور بسيدي بنور. و الله أعلم.

  • عبد الله
    الخميس 23 يوليوز 2009 - 04:16

    ألم تسمع بأحاديث أهل المغرب ومنها هذا عند مسلم?!
    روى مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال:
    حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، عن نافع بن عتبة. قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة. قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب. عليهم ثياب الصوف. فوافقوه عند أكمة. فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد. قال فقالت لي نفسي: ائتهم فقم بينهم وبينه. لا يغتالونه. قال: ثم قلت: لعله نجي معهم. فأتيتهم فقمت بينهم وبينه. قال فحفظت منه أربع كلمات. أعدهن في يدي. قال: “تغزون جزيرة العرب، فيفتحها الله. ثم فارس، فيفتحها الله. ثم تغزون الروم، فيفتحها الله. ثم تغزون الدجال، فيفتحه الله”.
    قال: فقال نافع: يا جابر! لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم.

  • نور الدين
    الخميس 23 يوليوز 2009 - 04:18

    كفى ضحكا على المغاربة يا وزير الأوقاف
    كفى نشرا للخرافات باسم ترشيد الحقل الديني
    فإن هذا الذي تجتهد فيه في إفشاد للعقول و إضعاف لهيبة الدولة وسلكتها الدينية وقتل لمصداقيتها الروحية.
    فجزى الله خيرا الكاتب الأستاذ أبا عبد الله على هذا البيان الشافي الذي فند فيه خرافة صحبة والد الشيكر

  • AdAmM
    الخميس 23 يوليوز 2009 - 04:22

    السلام عليكم ورحمة الله تعال وبركاته
    أولا أود أن أشكر الأخ حماد أبوعبد الله على طرحه موضوع صحبة سبعة رجال رجراجة للرسول ، والذي يمكن إدراجه في إشكالية اتصال منطقة المغرب الأقصى بالأسلام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهل هو سابق على فتوحات عقبة بن نافع سنة 62ه .
    لا شك أن بحث الأخ حماد لم يكن كافيا للحكم على صحة الرواية من عدمها لذى ارتأيت أن أثري الموضوع عبر تقديم أصل الرواية والمنتصرين لها وبحكم أن البحث التاريخي يقتضي الموضوعية والتحرر من الذاتية لابد من الوقوف على أراء المشككين وحججهم في ذلك .
    بالنسبة للرواية التي تفضل الأخ حماد أبو عبد الله بتقديمها فلعل أول من قال بها هو أبو عبد الله محمد بن علي الشريف التلمساني في كتابه ” المنهل الأصفى في شرح ما تمس اليه الحاجة من ألفاظ الشفا ” وقد عاصر الشريف التلمساني ابن خلدون وكان أستاذا له ، أما مصدر الرواية فهو شفوي عن أبي الحسن عن الشيخ ابن زكرياء عن شيخه منصور بن علي البجائي عن أبيه. والرواية تقول : ” دخل رجل الى المسجد فلم يعرف النبي ، فسأل عنه بلسانه ولم يعرف العربية ، فقال الرجل بلغته ” من ديون اسر أن ربي ” … بمعنى أيكم رسول الله ، وفي رواية أخرى ” متكن ايكن أرقص ان ربي ” ، فلم يعلم الحاضرون قوله ، فقال له النبي ” اشكد اور” ومعنى أشكد : تعال أو أقبل …واور معناها هنا ، … وجعل رسول الله يجيبه بلغته ولا يفهم القوم ، فاسلم وبايع وانصرف لقومه” .
    وبعد وفاة الشريف التلمساني انتصر لصحبة سبعة رجال رجراجة للرسول كل من أبو عبد الله بن علي بن طاهر السجلماسي المتوفى سنة 1044ه وشهاب الدين احمد بن محمد الخفاجي توفي سنة 1069ه في كتابه “نسيم الرياض في شرح شفا عياض” وأبو يعقوب الالي المراكشي في العصر السعدي حيث لقيه أحمد التمبكتي وقال عنه في كتابه ” كفاية المحتاج ” : لم ألق بالمغرب أثبت ولا أصدق وأعرف بطرق العلم منه ” وذكر الصحبة القادري “صاحب نشر المثاني والتقاط الدرر” كما ذكرها العديد من المؤلفين المعاصرين
    أما المشككون في الرواية فإن أولهم هو عبد القادر الفاسي وتبنى رأيه كل من شعيب الدكالي وتلميذه المختار السوسي .
    فقد افتى عبد القادر الفاسي بعد طلب من السلطان اسماعيل بعدم صحة الرواية ، وكان السلطان بصدد توحيد منطقة الجنوب، لكنه اصطدم برجال الزوايا والقوة الروحية والمعنوية لرجالتها السبعة ، فعمل على توجيه زيارتهم إلى زيارة مضادة نحو سبعة رجال مراكش للتقليل من الأهمية المعنوية لسبعة رجال رجراجة . وسبعة رجال مراكش هم : يوسف بن علي الصنهاجي ، القاضي عياض ، أبو القاسم السهيلي ، عبد العزيز التباع ، محمد بن سليمان الجزولي ، أبو عبد الله الغزواني ، أبو العباس السبتي . وبالطبع لم يفوت البعض -ونذكر بالخصوص دوكاستري- رغبة السلطان اسماعيل في إقامة زيارة سبعة رجال مراكش العرب لتأويلها تأويلا مغرضا على اعتبار ان السلطان أقامها ضدا لزيارة سبعة رجال البربر .
    أما الحجج التي يقدمها المشككون في الرواية فيمكن تلخيصها فيما يلي :
    -أن الرواية أتت متاخرة 8 قرون عن تاريخ الوقائع وبالتالي فهي فاقدة لمصداقيتها.
    -أن المغاربة لم يتمكنوا من الوصول الى الرسول عليه الصلاة والسلام لمشقة وصعوبة التنقل
    -أنه لم يدفن في المغرب إلا حلاق الرسول عليه الصلاة والسلام ” أبو زمعة البلوي “
    وسأتناول في ردي المقبل ردود المنتصرين للصحبة ومسألة ارتداد المغاربة عن الإسلام اثنتي عشرة مرة بناء على الخبر الذي أورده ابن خلدون نقلا عن الرقيق القيرواني حيث يقول : ” ذكر أبو محمد بن أبي زيد أن البربر ارتدوا اثنتي عشرة مرة من طرابلس إلى طنجة ، ولم يستقر إسلامهم حتى أجاز طارق وموسى بن نصير إلى الأندلس ” وتأويلها المغرض والخاطئ خاصة عند الكتاب الغربيين ومن تبعهم وسار على هواهم من الكتاب المغاربة “.
    يتبع…

  • َAdAmM
    الخميس 23 يوليوز 2009 - 04:20

    توقفنا في ردنا الأول على موضوع الأخ حمادة عند آراء المشككين. والتي نجدها لا تخلو من اختلالات خطيرة تكشف بجلاء مدى سطحية الحجج والبراهين التي أتوا بها وقد دحضها المنتصرون للصحبة بما يلي :
    -إنه من الصعب الجزم بأننا على علم بكل الصحابة الذين التقوا بالرسول ففي رواية لمالك ، فإن عددهم يناهز 124 ألف صحابي، حتى أن الذين ألفوا في الصحابة لم يستوعبوا عددهم . وقد يعود سبب عدم ذكر رواية الصحبة بما نسبه البعض للمغاربة من ضعف بالاهتمام بالتاريخ،كما ورد عند العربي الفاسي في “مرآة المحاسن” أو الكتاني في “سلوة الأنفاس” ، وعبارة الفاسي شهيرة في هذا الميدان حيث يقول : ” وكم من فاضل نبيه طوى ذكره عدم التنبيه ، فصار إسمه مهجورا ، كأن لم يكن شيئا مذكورا .”
    -أثناء عودة عقبة بن نافع من حملته على المغرب، قتل معه بمنطقة الزاب 18 صحابيا وأسر بعضهم ، وقد ذكر بعض المؤرخين عددا من الصحابة الذين قتلوا ببلاد المغرب وأهم من ذكرهم ابن حجر في “الأصابة وصاحب الخلاصة النقية فيمن دخل المغرب.” ونذكر من بينهم : أبو ثعلبة الانصاري، الذي شهد أحدا وغزى إفريقية، ثم عبد الرحمان بن العباس بن عبد المطلب ابن عم الرسول، ومعبد بن العباس بن عبد المطلب ذكر الذهبي أنه ولد زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وقتل بافريقية زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، أبو ذويب الهذلي ، أسلم على عهد الرسول وشهد السقيفة ، وغيرهم كثر.
    وإضافة إلى اللائحة الطويلة يسند المنتصرون للرواية إلى مايذكره الفقهاء مثل عبد البر في “الاستيعاب” كون أن الصحبة تتم عن طريق التواتر أو عن طريق الاستفاضة والشهرة.
    -أما القول بالمشقة والعناء ، فلا أساس له من الصحة لأننا نعلم أن المغرب لم يكن مجهولا نهائيا عن المشارقة قبل الإسلام ، وكان الإتصال بين المشرق والمغرب يتم بحرا كذلك ، والتواصل برا لم يكن يحتاج إلى وقت أطول فعبد الله بن الزبير، وصل إلى المدينة قادما إليها من سبيطلة ومعه خبر فتح إفريقية في ضرف 18 يوما.
    الأمر المثير للاستغراب فعلا هو ربط الكاتب بين مقاومة كسيلة والكاهنة الداهية للفاتحين العرب وسبعة رجال رجراجة، ولا نفهم بأي منطقي ومنهج علمي يتحدث كاتب المقال فالتاريخ والمؤرخون يجمعون على ان الداهية كانت بمنطقة الأوراس حيث تجمع بربرالمنطقة تحت قيادتها بتحالف مع جماعة بيزنطية مسلحة، وواجهت حسان بن النعمان في منطقة باغاي وتبسة لكن الحظ خان حسان فاضطر للتراجع إلى طرابلس في انتظار أن يأتيه المدد من دار الخلافة ، فالكاهنة حاولت أن تحافظ بكل الوسائل على وحدة القيادة وهذا السلوك العنيد سمي فيما بعد سياسة الأرض المحروقة . عاد حسان بن النعمان للهجوم مرة ثانية سنة 76ه 695م ، حيث طرد البيزنطيين من قرطاج ثم هزم الكاهنة سنة 79ه.
    -أما مكان التقاء جيش كسيلة بعقبة، فيروي الإخباريون أنه كان في محل يعرف بتهودة قرب بسكرة حيث انهزم واستشهد سنة 64ه 683م.
    -أما مقتل كسيلة، فكان على يد زهير بن قيس البلوي في معركة ممس سنة 67ه 686م.
    عند تتبع حملة عقبة بن نافع ببلاد المغرب، يفيد أن طابعها اختلف بافريقية والمغرب الأوسط عن طابعها بالمغرب الاقصى. فبينما اتسمت بالصدام الدامي في افريقية والمغرب الأوسط كما ذكرنا آنفا، ظلت المواجهات العسكرية قليلة بين جيوش عقبة ومغاربة المغرب الأقصى ، فببلاد صنهاجة “أطاعوه ولم يقاتلوه” وبأغمات اقتصرت المواجهة على “نصارى البربر” وبنفيس وجزولة أرسل إلى قبائلها “فوصلوه بوادي سوس فأسلموا ورجعوا” ، واما حاحة ورجراجة وبني ماكر “فأطاعوه من غير قتال” ، ويلخص ابن عذارى الطابع السلمي الذي واكب معظم فتوحات عقبة بالمغرب الاقصى بعد دخوله هسكورة فيقول :” لم يقاتله بعد ذلك أحد من اهل المغرب” . كل هذا يدفع إلى طرح التساؤل التالي : هل دخل الإسلام إلى المغرب الأقصى قبل حملة عقبة عليه سنة 62 ه?
    من خلال هذه الأحداث والكشف الجغرافي والزمني الدقيق للأحداث ، يتضح أن منهج الأخ حمادة لاعلمي حيث يربط بين كاهنة الأوراس وكسيلة تهودة وبسكرة، بقبائل رجراجة آسفي والصويرة ؟ا.
    ذكر كاتب المقال أن المغاربة ارتدوا على الإسلام أزيد من عشر مرات وهي الرواية التي حققنا في أصلها في ردنا الأول ،
    والحقيقة أن استحضار هذا النص جاء بعيدا عن سياقه التاريخي ، فالارتداد المقصود هنا هو ارتداد سياسي وليس دينيا ، وتواكبت أحداث النص مع جملة من التحولات التي شهدتها المنطقة خلال القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني الهجري ، وهي المرحلة التي دشنت ثورة الخوارج ببلاد المغرب التي غذتها المفارقة الصارخة التي عاشها المغاربة بين ممارسات ولاة بني أمية ، وما يدعو إليه الإسلام من عدالة وتسامح ، ولعل المتمعن للنص المذكور يستنتج أن المعني بالردة السياسية آنذاك ، يختص بمنطقة الأوراس حيث قادت الكاهنة الثورة على العرب الفاتحين وليس على مجال بلد المغرب كلها . إن اصطياد بعض الكتاب الغربيين للنصوص التي تسمح بتأويل تأخر أسلمة المنطقة ، انطلق من سؤال أساسي لخصه كورتواcourtois في مقال نشر سنة 1942 تحت عنوان ” افريقيا من روما إلى الإسلام ” وهذا السؤال يمكن بسطه كما يلي : لماذا أسلمت بلاد المغرب ولم تترومن ؟ ولماذا فشلت بها المسيحية ؟ وراح هؤلاء الكتاب يبحثون في سر نجاح الإسلام بالمنطقة من خلال تعليلات غير مؤسسة ، مثل سيادة الجفاف ودخول الجمل إليها ، وانتشار ظاهرة الترحال ، وهي كلها عوامل تخدم طبيعة الظروف التي انطلق منها الفاتحون المسلمون .
    الظاهرة التي تدعو إلى طرح نفس التساؤل هي ظاهرة حضرية وتتعلق ببناء المساجد حيث أن اللافت أن منطقة الجنوب أحتضنت أولى المساجد بالمغرب الأقصى وهذا مؤشر على أن المسلمين تجاوزوا بسرعة مرحلة الفتح العسكري إلى مرحلة التأسيس الديني والتعلميي ، بينما تأخر بناء المساجد بجهات أخرى ببلاد المغرب مثل المغرب الأوسط التي وصلتها الجيوش الإسلامية قبل المغرب الأقصى . وورد في كتاب “الانساب” لابن عبد الحليم أنه ” لم يصح عنده أن عقبة رضي الله عنه حضر بنيان شيئ من مساجد المغرب إلا مسجد القيروان ومسجدا بدرعة ومسجدا بالسوس الاقصى” ، وهذا المسجد الأخير هو الذي أشار إليه ابن حوقل في القرن 4ه ، وذكرالبكري أنه ظل يعرف باسم مسجد عقبة في القرن 5ه.
    ومن الظواهر الحضارية الإسلامية الاخرى التي ترتبط بعقبة ، أنه خلف عند عودته عند وادي تانسيفت واحدا من أصحابه اسمه شاكر لتعليم المغاربة أصول الدين الإسلامي ، وقد عرف هذا المكان باسم رباط شاكر أو سيدي شيكر عند العامة . وقد أصبح رباط شاكر موضع احترام بالمنطقة وبناه يعلى بن مصلين الرجراجي ثغرا مهما في مواجهة برغواطة. إن أسبقية رجراجة في بناء المساجد وفي صمودها الملحوظ لمواجهة برغواطة يدفع إلى القول بأن الإسلام تغلغل بهذه المنطقة ، مما يدفع إلى التساؤل مرة أخرى عما إذا لم يكن عقبة قد وجد الإسلام بالمنطقة ؟ ونشدد على أن الوازع الديني كان حاظرا بقوة في مواجهة رجراجة لبرغواطة التي ظلت عصية منذ نشاتها خلال القرن الثاني الهجري على كبرى الإمارات من أمويين وفاطميين وأدارسة وكذا الإمبراطورية المرابطية التي قتل زعيمها ومؤسسها الروحي عبد الله بن ياسين في إحدى المعارك سنة 452ه ضد برغواطة.
    والخلاصة أنه في غياب نصوص حاسمة تعضد أو تفنذ رواية صحبة الرجراجيين للرسول عليه الصلاة والسلام ، فإن المشتغل على التاريج مدعو للأستفادة من كل المصادر وبدون استثناء ولو كانت من قبيل الاسطورة ، فكل أسطورة تحمل في نواتها شيئا من التاريخ .

  • البوهالي
    الخميس 23 يوليوز 2009 - 04:24

    تبعا لرواية الاماممسلم عن اهل المغرب فالمهدى المنتظر من ال رجراجةالاحرار

  • marocain hor
    الأربعاء 17 أبريل 2013 - 17:29

    قوله ص "تغزون جزيرة العرب، فيفتحها الله. ثم فارس، فيفتحها الله. ثم تغزون الروم، فيفتحها الله. ثم تغزون الدجال، فيفتحه الله".
    قال: فقال نافع: يا جابر! لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم." يعني ان الرسول كلم القوم بالعربية و الدليل فهم الراوي عند قيامه بين القوم و بين النبي ص لكلام الرسول الموجه للقم الدين اتوا من قبل المغرب. و هدا يفند قدوم القوم من المغرب بمفهوم المغرب الاقصى. لان الرواية الصوفية تقول انه ص كلمهم بالشلحة. ادن المقصود بالمغرب اي من جهة الغرب…..

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين