تدبير المسألة الأمازيغية بالمغرب المبادرات والمواقف والتفاعلات

تدبير المسألة الأمازيغية بالمغرب المبادرات والمواقف والتفاعلات
الأربعاء 5 غشت 2009 - 22:49


تعليق من المحرر : تعيد ” هسبريس ” نشر مقال (تدبير المسألة الأمازيغية بالمغرب المبادرات والمواقف والتفاعلات) ، بعد توصلنا بالنص الأصلي لمقال الدكتور سعيد بنيس والذي يختلف في متنه عن النص الذي نشرناه انطلاقا من موقع مبادرة الإصلاح العربي .


يمكن تحديد المسألة الأمازيغية بالمغرب في المطالب اللغوية والثقافية وتتمثل إجمالا هذه المطالب في دسترة الأمازيغية واعتمادها لغة رسمية للبلاد على شاكلة اللغة العربية وإجبارية تدريسها. هناك مطالب أخرى من قبيل إعادة كتابة تاريخ المغرب، استعمال اللغة الأمازيغية في الحياة العامة، الترخيص للأسماء الأمازيغية ،تنمية الجهات الأمازيغية الفقيرة اقتصاديا واقتسام الثروات الطبيعية. مما أدى بالفاعلين الأمازيغيين إلى اعتماد استراتيجيات عدة مثل العالمية بالارتكاز على مقولة حقوق الإنسان وحقوق الشعوب الأصلية (الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، الرابطة الأمازيغية لحقوق الإنسان، الكونكريس العالمي الأمازيغي، الحركة الثقافية الأمازيغية)، الجالية (المجموعات الأمازيغية بأوربا)، الجهوية (تنسيقات الريف، تافيلالت،تادا، تماينوت) الشبكات والمواقع الإلكترونية.


(www.tamazgha.org –www.souss.com – www.amazighweb.com -www.yennyer.fr -www.les chleuhs.com …)


القبلية ( أيت باعمران، بني زناسن…) كيانات أسطورية (تمازغا) كيانات جغرافية (شمال إفريقيا) عوض كيانات عرقية ولغوية ( المغرب العربي)، إسقاطات هوياتية وتحالفات دولية لبعض الفاعلين لاسيما الحزب الديموقراطي الأمازيغي المنحل والجمعيات المساندة له (إسرائيل، الأكراد، دارفور، اموهاغ).


في مقابل هذه الإستراتيجيات، يظهر جليا أن موقف الفاعلين السياسيين في المغرب تجاه المسألة الأمازيغية يتسم بالتعارض وعدم الانسجام ويتأرجح بين عدم الاكتراث والتحجيم المناسباتي إلى المبادرة الرائدة والتأييد المعقلن إلى الرفض و التضييق المعلن والقبول المشروط.


موقف الأحزاب السياسية :


يمثل موقف الأحزاب السياسية الوجه الأول حيث أن الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية تكاد تكون غائبة في برامج وأجندات الأحزاب المغربية وتحضر بشكل رمزي وصوري في الاستحقاقات الانتخابية. وهذا الحضور أضحى جليا في استحقاقات 7 سبتمبر 2007 عندما تم استرجاع وإعادة المسألة الأمازيغية في البرامج السياسية والانتخابية على أساس أنها تشكل قضية وطنية تتشاركها جميع مكونات المجتمع المغربي وليست حكرا على طبقة أو مجموعة بعينها. يمكن فهم هذا التحول على أنه رد فعل إيجابي للخطاب الملكي لأجدير ولتأهيل التراث الثقافي الأمازيغي وإدماجه في المنظومة التعليمية ولما يمثله اعتماد الخصوصيات الثقافية لدحض مقولات العولمة وما شابهها.


تجدر الإشارة إلى أن اللغة العربية تكتسي في مرجعيات هذه الأحزاب صبغة عالمية ووجودية وتبقى الخصوصيات اللغوية والثقافية خارج الفعل السياسي لهذه الأحزاب. كما أن السياسة اللغوية المعتمدة من طرف الحكومات والمشكلة من عدة أحزاب جعلت من الأمازيغية لغة للإستأناس التربوي والثقافي. كما يجب التأكيد على بزوغ جيل جديد من المطالب الأمازيغية يفوق ولا يتطابق مع ماهو مسطر في البرامج السياسية للأحزاب من قبيل العلمانية وحقوق الشعوب الأصلية وتقسيم الثروات والتكتل في تنسيقات جهوية مما يفسر الدعوة إلى مقاطعة انتخابات 12 يونيو 2009 الصادرة عن التنسيقية الوطنية للحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة المغربية ومجلس التنسيق لتنسيقية مولاي موحند للجمعيات الأمازيغية بالريف. لذا يظل موقف الأحزاب السياسية من المسألة الأمازيغية موقفا “مناسباتي” تتحكم فيه الاستحقاقات الانتخابية (مع بعض الاستثناءات كحزب النهج الديمقراطي وبعض الجرائد الحزبية مثل البيان والتجديد). وأمام هذا الفراغ المرجعي الحزبي، انشغلت المؤسسة الملكية منذ 1994 بتدبير المسألة الأمازيغية وأصبح لها دور ريادي بين دول المنطقة (مالي- تونس –الجزائر-ليبيا-جزر الكناري…) التي توجد بها مجموعة أمازيغية.


مبادرات المؤسسة الملكية:


تشكلت أول خطوة للمؤسسة الملكية سنة 1994 حين دعا الملك الراحل الحسن الثاني في 20 غشت إلى إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية. وكان من النتائج المباشرة لهذه الخطوة تبني نشرة أخبار زوالية متلفزة باللهجات الأمازيغية : الريفية التامزغت والتشلحيت.


ومع سنة 2001 أصبح الدور الريادي يأخذ شكلا معقلنا من التأييد المعلن للاعتراف بالحقوق اللغوية والثقافية لأمازيغ المغرب. وقد أعطيت انطلاقته مع خطاب أجدير حين أعلن الملك محمد السادس سنة 2001 على خلق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتبعه في 2003 تجريب تدريس اللغة الأمازيغية في 120 مدرسة عبر التراب المغربي. وفي نفس السنة تم اعتماد خط تفناغ بمباركة المؤسسة الملكية والاعتراف به دوليا سنة 2004 من طرف شركةUNICODE الكندية وسمي ب “تفناغ اركام”. أما في سنة 2008 فقد أصدر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية “كتاب النحو المرجعي للغة الأمازيغية”. وفي نفس السنة تمت المصادقة على مشروع خلق تلفزة أمازيغية أو ناطقة بالأمازيغية (70 في المائة من البرامج) سيشرع في بثها مع حلول يونيو 2009.


كل هذه المبادرات التي نهجتها المؤسسة الملكية دفعت إلى تفنيد الأطروحة القائلة بعدم الاعتراف بالحقوق اللغوية والثقافية للمجموعات كما شجعت على إنشاء التنسيقيات الجهوية مثل تنسيقية الريف والأطلس المتوسط وسوس. في هذا السياق تشكل مبادرات المؤسسة الملكية من المسألة الأمازيغية نموذجا يقتد به في دول شمال إفريقيا والدول التي توجد بها مجموعات أمازيغية. وهذا يتجلى في موقف الرئاسة الجزائرية إبانها أي مع الإعلان عن خلق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على إنشاء أكاديمية اللغة الأمازيغية والمجلس الأعلى للغة الأمازيغية. يمكن أن نخلص إلى أن موقف المؤسسة الملكية من الحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغ قد أسس لنموذج جديد وتأييد معقلن للتعامل مع تحدي التعدد الثقافي.


لكن وجب التذكير بالوضعية المتعثرة والغير المنسجمة لبعض الدول والحكومات والسلطات العمومية. ففي جزر الكناري تحرم المجموعات الأمازيغية من حقوقها السياسية والهوياتية، أما في ليبيا وتونس فيمارس حضر على استعمال اللغة الأمازيغية مع الإشارة إلى المضايقات والمراقبة المفروضة على الطوارق في نيجريا ومالي.


موقف السلطات العمومية المغربية:


مثل هذه السلوكيات كالتضييق والمنع والمصادرة تنهجها أيضا السلطات العمومية في بعض الجهات من المغرب. فموقف هذه السلطات تتحكم فيه القوانين المعمول بها والتصور الأمني للاختلاف الثقافي والإثني. تجسد هذا الموقف بعض المساطر والقوانين المنظمة للحياة العامة وذلك بهدف تقنين مسار الحركة الأمازيغية في ارتباطها بوضعية جهوية وعالمية متعددة الأبعاد (العولمة- حقوق الشعوب الأصلية-الاندماج في المجموعة الأورو متوسطية –حقوق الأقليات – حقوق الإنسان- أسطورة تمازغا…) ومن بين هذه المساطر والتدابير يمكن أن نذكر على سبيل المثال:


1- المنع الذي يطال بعض الأسماء الأمازيغية ( الفصل 21 من القانون رقم 37-99 المرتبط بالحالة المدنية)


2- تعريب الحياة العامة وبروز من حين لآخر دوريات وزارية تطالب بتعريب المراسلات والوثائق الإدارية والرسمية.


3- دورية وزارة التعليم الموجهة إلى مدراء الأكاديميات الجهوية فيما يخص لائحة أسماء المؤسسات التعليمية والتي تستثني بعض الشخصيات الأمازيغية.


4- عدم إدراج أسماء الشخصيات والمعارك الأمازيغية في المقررات المدرسية ( أنوال – لهري-ايت باعمران-بوكافر- محمد او سعيد ليراوي-لمرابط لحسين أوتمكا- سيدي علي مهواس…).


5- تغيير وتنغيم بعض أسماء الأماكن ( الراشيدية- إفران- مكناس-بركان…)


6- تناقض تدابير الوزارة الوصية وسلوكيات المسئولين على الأكاديميات التعليمية الجهوية.


7- إرجاء مسألة وضعية تدريس الأمازيغية في المخطط ألاستعجالي المقترح من طرف الوزارة الوصية.


8- إقصاء اللغة الأمازيغية من قطاعات الإدارة والقضاء.


9-منع التصريح لبعض الجمعيات الأمازيغية مثل المنتدى الأمازيغي للمواطنة.


10- التضييق على الأنشطة والناشطين الأمازيغيين لاسيما في المحيط الجامعي بالجهات ذات الحساسية الهوياتية مثل مكناس-طنجة-تازة-تطوان -مراكش -امتغرن – فاس أكادير..


يبدو تبعا لهذه المعطيات أن موقف السلطات العمومية يتسم بالتناقض، فبين منح المزيد من الحريات والهوامش الديمقراطية للمواطنين نجدها تعمد إلى التمييز عند رفضها اختيار بعض المواطنين لأسماء أطفالهم ،بيد أن المعهد الملكي يقترح ويستعمل في مقرراته المدرسية أسماءا أمازيغية الهدف منها تحسيس الأمازيغ بموروثهم الأونو ماستيكي، كما أن المنع الذي يطال بعض الأسماء الأمازيغية يمكن أن يوصف بالاعتباطي لأنه يسمح بتسجيل بعض الأسماء الأمازيغية في بعض الجهات وتتم مصادرة نفس الأسماء في جهات أخرى. وهذا المنع الترخيص يرتبط بمزاجات وتمثلات موظفي مكاتب الحالة المدنية.


وفي هذا السياق العام ،ندد المشاركون في آخر دورة للجنة التنسيق الوطنية للحركة الثقافية الأمازيغية المنعقدة في تطوان بتاريخ 23 نونبر 2008 ب “الأحكام العنصرية ” الصادرة في حق مناضلي الحركة وتحامل السلطات “العروبية” على “خنق” مطالبهم الهوياتية ومصادرة حقوقهم اللغوية والثقافية ومنعهم من حقهم في التعبير والتظاهر السلمي. كما يسجل بعض الفاعلين الأمازيغيين التعارض الحاصل في التوجهات والتدابير اللغوية والثقافية المحمودة للمؤسسة الملكية وسلوكيات موظفي العمالات والسلطات العمومية (منع الاحتفال بالسنة الأمازيغية، حجز الرموز والعلم الأمازيغي، منع الترخيص لبعض الجمعيات …) كل هذه التناقضات تشكل دوافع مباشرة لتنامي الحزازات الثقافية واللغوية وتفاقم مشاعر الإقصاء والتنافر وتعقيد الاندماج الوطني لأن هذا الأخير لا يستثب إلا عبر بوابة الاندماج الثقافي واللغوي.


موقف الفاعلين الأمازيغيين:


من بين الشعارات التي يستند عليها الفاعلون الأمازيغيون في الدفاع عن حقوقهم اللغوية والثقافية يمكن أن نسرد لا للحصر الديمقراطية ، حقوق الإنسان ،العلمانية ،حقوق الشعوب الأصلية والعصرنة. في هذا الخضم تواجه مجهودات المعهد الملكي فيما يخص مبادراته لتأهيل اللغة والثقافة الأمازيغية مقاومة شرسة من داخل المحيط الأمازيغي وخارجه. ففي هذا الصدد دعت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة منذ 2006 إلى خلق “هيأة وطنية مستقلة ونشيطة مؤهلة لحماية وتأهيل اللغة والثقافية والحضارة الأمازيغية ” تحل مكان المعهد الملكي. كما توجه أصابع الاتهام إلى المعهد الملكي على أساس أنه المسؤول عن ” الوضعية الكارثية” التي آلت إليها اللغة والثقافة الأمازيغية بعد ستة سنين من اشتغاله. فيعاتب المعهد على عدم الشفافية واللبس الذي يعتري جميع أنشطته، على انعدام المبادرات السياسية، على عدم انسجام تخصصاته مع تخصصات السلطات العمومية، تخليه عن المنحى النضالي (للمزيد من الإيضاحات في هذا الشأن يمكن الإطلاع على البيان الصادر عن الدورة الثانية للمجلس الوطني لأزطا المنعقد ب آسا من 15 إلى16 نونبر 2008).


فيما يخص الحركة الثقافية الأمازيغية التي تتبنى المبادئ العامة المسطرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي الاتفاقيات الدولية، تعدو المطالبة بالحقوق الثقافية واللغوية “لأمازيغ المغرب” مطلبا يندرج في سياق التعايش من خلال المساواة بين اللغات والثقافات ، بين الرجال و النساء. لذا نص القانون الداخلي للحركة الثقافية الأمازيغية منذ 1991 على حق الاعتراف ب”الأمازيغ” كمجموعة لها لغتها وثقافتها وهويتها الخاصة ، هذا الاعتراف ليس شكليا ولكنه” اعتراف رسمي ” بالحقوق الثقافية واللغوية والهوياتية.


وفي سنة 1995 تم تدويل المسألة الأمازيغية بخلق الكونكريس العالمي الأمازيغي المكون من جمعيات تنتمي إلى دول عدة منها : مالي- المغرب- النيجر – الجزائر – تونس ودول المهجر وتبعه إنشاء عدد متنامي من الجرائد اختص في المطالبة بترسيم ودسترة اللغة والثقافة الأمازيغية والتأكيد على راهنية المسالة الأمازيغية في كل إصلاح سياسي : ( أمود –تاسفوت- تامزيغت- توزا- أكراو تامونت- أدرار-تليلي – تفناغ – العالم الأمازيغي – نوميديا –تفاوت – تدمي …) كما شرع في بث عدد من محطات الراديو عبر شبكة الانترنيت مثل انغمسين. ….ma.fr


وفي سنة 2000 تم صدور البيان الأمازيغي الذي وقعه عدد كبير من الناشطين الأمازيغيين والذي أكد على :


-وجوب اعتبار الأمازيغية لغة رسمية للبلاد من خلال الدستور.


– اعتماد برنامج لتنمية المناطق الأمازيغية الفقيرة.


– إعادة كتابة تاريخ المغرب و “تصحيحه” في المقررات الدراسية.


– إنشاء تلفزة أمازيغية.


– التصريح للأسماء الأمازيغية.


وفي يونيو 2006، وجه الحزب الأمازيغي الديمقراطي المنحل مذكرة للعاهل المغربي يطالبه فيها بمراجعة الدستور المغربي وإعادة النظر في مدخل الدستور المغربي والاعتراف بالحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ .


فيما يتعلق بمطلب إدراج الأسماء الأمازيغية ( تايناست ،اماسين، سيفاو ، انير ….) في لائحة الأسماء المسموح بها في المغرب تتوحد المواقف في شبكة الأنترنيت: www.tamzghra.fr www.assays.com… على نعت موقف الوزارة الوصية والسلطات المعنية ب “عنصرية الدولة” وب “محاولة الإستيلاب الثقافي” الذي يطال “الشعب الأمازيغي” من طرف “المخزن”….كما تتعالى الأصوات في المنتديات الإلكترونية لحث “أمازيغن تامازغا” على العدول على تسمية أبنائهم أسماءا عربية والامتناع ومقاطعة اسم “محمد”. تنتج عن هذه المطالبة بالسماح للأسماء الأمازيغية استرداد وبعث بعض المورثوتات الهوياتية والوجودية من قبيل المطالبة باستعادة الأرض ( ” التي عمرت بالمساجد “) وتقاسم الثروات الطبيعية …


وكاستنتاج عام على موقف الفاعلين الأمازيغيين يمكن القول أن تدبير المسألة الأمازيغية يلبس لباس الضحية والأقلية ويشرعن من خلال مرجعيات تعتمد على الحقائق الاجتماعية والثقافية والتاريخية للمغرب. من الضروري إذن أن نلفت النظر إلى أن غالبية الفاعلين الأمازيغيين يقرون بعدم ثقتهم في الإصلاحات والمبادرات التي تنهجها السلطات العمومية لتقليص الفوارق اللغوية والثقافية، فيشجبون وينددون بالقمع والمضايقات واعتقال مناضليهم وبعدم فاعلية المعهد الملكي بل وجموده فيما يخص بعض القضايا مثل تلك المتعلقة بالمضامين التاريخية للمقررات الدراسية. كما تجدر الإشارة إلى أن مطالب الفاعلين الأمازيغيين تنحو نحو التجانس فيما يتعلق ببعض الثوابت منها:


– ضرورة التكتل في تنسيقات جهوية.


– الانتقال من صيرورة ثقافية إلى مسار سياسي (عنترة 2007) علامته البارزة توجهات الحكم الذاتي (مشروع الريف وتافيلالت نموذجا).


– التحول من الحقوق اللغوية والثقافية إلى حقوق الشعوب.


– رفض جميع أشكال الوصاية واستغلال المسألة الأمازيغية كأداة في بعض المناسبات من طرف الدولة أو الفاعلين السياسيين.


وهذا ما يفسر الإسقاطات التاريخية والتحالفات الجديدة منذ سنة 2007 التي تربط تاريخ ووضعية الأمازيغ في المغرب بتاريخ ووضعية الأكراد والإسرائيليين (اتفاقية صداقة مع الشعب الكردي، الاحتفال بالذكرى العاشرة لاعتقال الزعيم الكردي أوجلان، اتفاقية صداقة مع بعض الجمعيات الإسرائيلية). يجب التأكيد على أن التحالف مع إسرائيل أو ربط علاقات معها لايعني جميع المكونات الأمازيغية فهو يخص أقلية يمثلها الحزب الديموقراطي الأمازيغي والجمعيات التابعة له. وهذا الحزب دشن وعمل على توسيع الارتباط مع إسرائيل وتنميته من خلال خلق شراكات وصداقات مع جمعيات إسرائيلية. كما أن المقاربة الأمنية للسلطات العمومية تدفع الفاعلين الأمازيغيين إلى خوض حرب ضروس فيما بينهم لاحتلال مرتبة متميزة كمجموعة تضم عددا كبيرا من الضحايا وتتمتع بمساندة خارجية وذلك لتثبيت موقعها داخل المنظومة الأمازيغية. لتنزلق المسألة الأمازيغية من إطارها الوطني التعاقدي إلى إطار تدويلي تتدخل فيه أطراف خارجية تحت شعارات عدة منها حقوق الإنسان، العلمانية، حقوق الشعوب الأصلية، الحكم الذاتي، التمثلات الأسطورية أو هويات تحجيمية تفصل بين ما هو “مشترك مغربي” وبين ما هو خصوصي أمازيغي.


يمثل هذا الجيل الجديد من التوجهات تحديا كبيرا للفاعلين السياسيين لاسيما الأحزاب المغربية حيث طالب مؤخرا عدد كبير من الجمعيات الأمازيغية بمقاطعة استحقاقات 2009 لأنها بعيدة عن تطلعات “الشعب الأمازيغي” لينتهي الأمر بمطالبة الكونكريس العالمي الأمازيغي البرلمان الأوربي إلغاء اتفاقية الوضع المتقدم التي منحها الإتحاد الأوربي للمغرب في 13 أكتوبر 2008.


ومع هذه التطورات يمكن أن نتساءل كالتالي: هل ستفضي هذه الحركية الأمازيغية إلى زعزعة مقولة الانسجام الوطني والهوياتي في المغرب؟ أي أن المطالب اللغوية والثقافية أصبحت ذريعة مباشرة للمطالبة بأشكال متعددة من فك الارتباط مع مؤسسة وهوية “الوطن” ولتعويضها بكيانات متعددة الأبعاد: جهوية داخلية (الريف تافيلالت) أو جهوية خارجية (شمال إفريقيا) أو كيان مثالي (تامزغا) تمتد حدوده عبر الدول والأوطان. كما تتميز هذه الكيانات التعويضية بكونها لا تقحم المكون العربي بل ترفضه في غالبيتها لأنه يشكل في نظرها عنصرا مهيمنا ومكتسحا يتعارض مع خصوصياتها وفرادتها الثقافية واللغوية.


تفاعلات المجتمع المدني:


لرصد تحولات وتفاعلات المجتمع المدني المغربي مع المسألة الأمازيغية سأحاول أن أسوق بعض الأمثلة من الصحافة (المساء – التجديد – البيان – الصباح – الإتحاد الاشتراكي – أخبار اليوم – الجريدة الأولى – العدالة والتنمية…) وبعض جمعيات حقوق الإنسان (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المنظمة المغربية لحقوق الإنسان…) والموقف من الصداقة مع إسرائيل (الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي، الكونكريس العالمي الأمازيغي، منتدى افراتي، جمعية الذاكرة المشتركة بالريف،…) وبعض الآراء والتوجهات التي تؤثث للرأي العام المغربي.


كملاحظة عامة فإن الصحافة المغربية بجميع أطيافها الحزبية والمستقلة ترفض وتمانع الدفاع عن الأمازيغية عبر الهجوم والإقصاء الممنهج للمكون العربي، كما يجب التذكير أن حماة التعريب لايوفرون جهدا في نعت المطالبين بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية بالمتطرفين والعنصريين وإلى ما ذلك من النعوت السلبية.


لقد أفرزت هذه الحركية الخطابية حقلا دلاليا من المصطلحات أصبحت العلامة البارزة في التعاطي للمسألة الأمازيغية. ومن بين هذه المصطلحات يمكن أن نسرد لا للحصر: العنصرية – الأبارتيد – التفرقة – الشذوذ الإنساني – الفتنة – التعصب – الضلالات – “التكلبن”… تبعا لهذا، أصبحت تفاعلات بعض مكونات المجتمع المدني تمثل موقفا رافضا ومبعدا لكل ما يمت إلى الأمازيغية، وهذا ما يقع في بعض التظاهرات السلمية، كمثال على ذلك ما أعلنت عليه الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة في بيان تنديدي تشجب فيه “التصرفات غير المسؤولة والعنصرية” الصادرة عن بعض مسؤولي تنسيقية مناهضة غلاء المعيشة بالبيضاء والتي وصلت إلى “حد طرد أعضاء الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة (أزطا) فرع البيضاء أنفا من الوقفة الاجتجاجية” المنظمة يوم الإثنين 23 مارس الماضي بساحة بوشنتوف عمالة درب السلطان الفداء، و”منعهم من حمل الرموز الأمازيغية وكذلك اللجوء إلى السب والقذف” في حق مناضليهم. (جريدة الصباح العدد 2791، الأربعاء 1 أبريل 2009).


في المقابل اعتبرت الرسالة التي وجهها رئيس الكونغريس الأمازيغي “يحرض” فيها البرلمان الأوربي على المغرب وإلغاء الوضع المتقدم للمغرب والتي أتت متزامنة مع حملة ضد إسرائيل بالبرلمان الأوربي استفزازا للرأي الوطني المغربي، تعالت أصوات تحذر من طبيعة وأهداف الرسالة المذكورة ولفتت الأنظار إلى “استقواء البعض بالخارج لفرض توجهاته واختياراته على المغرب ضدا على سيادته الوطنية واستقلالية قراره السياسي والاجتماعي” (جريدة التجديد عدد 2100 الأربعاء 18 مارس 2009).


ويدخل هذا التحذير في إطار متابعة صحفية شملت ثلاث محطات من تحرك بعض الجمعيات الأمازيغية، تشكل محطة التطبيع مع إسرائيل أولاها والعنصرية ضد العربية والعرب لصالح الفرنكوفونية أومادونها ثانيها وإضعاف السيادة الوطنية عبر خلق تنسقيات والمطالبة بالحكم الذاتي ثالثها. إلا أنه يجب التنبيه على رفض التيار “الوطني” الأمازيغي، الذي يمثل الأغلبية، هذه التوجهات الفردية لبعض مكونات الأمازيغية مثل الكونغريس العالمي والحزب الديموقراطي الأمازيغي وبعض الجمعيات التابعة له، كما أن مطالبة الكونغرس الأمازيغي إلغاء الوضع المتقدم للمغرب وتزامنها مع الحملة التي يخوضها نشطاء مدنيون ضد إسرائيل لمراجعة منحها وضعا متقدما في علاقتها بالإتحاد الأوربي يجعل المغرب في نفس المرتبة مع إسرائيل.


مما دفع ببعض الجهات الصحفية إلى اعتبار مثل هذه الخرجات أداة “لتحطيم الثوابت والأركان التي تقوم عليها الدولة والمجتمع بهدف إضعاف الجميع تمهيدا لسيطرة فكر دخيل يحول المغرب والمغاربة إلى شعب بلا هوية” (جريدة المساء عدد 778 – الإثنين 23 مارس 2009). كما أشارت بعض الأعمدة الصحفية أن أخطر أزمة يعيشها المغرب حاليا ليست الأزمة الاقتصادية بل بروز بعض “دعاة الفتنة” التي تصنف ضمنها بعض الجمعيات الأمازيغية ولاسيما تلك التي انخرطت في جمعيات الصداقة الأمازيغية الإسرائيلية. ودعت إلى سحب ترخيص هذه الجمعيات وذلك لأن إسرائيل دولة عدوان ودولة يقطع معها المغرب علاقاته الرسمية وأن الإقدام على ربط مثل هذه العلاقات هو “استفزاز لمشاعر المغاربة وحملة منظمة على ثوابت المغرب (نفس المصدر السالف الذكر).


هذه التفاعلات الرافضة لمثل هذه الصداقات والارتباطات نلاحظها كذلك عند بعض الجمعيات الأمازيغية مثل جمعية سوس العالمة التي أدلى نائب رئيسها بأن تحريض البرلمان الأوربي على المغرب يتنافى وأخلاق “المواطنة المغربية” وأنه مجرد وسيلة غير مشروعة لإثبات الذات قام بها من وصفهم ب “الأقلية العاجزة” التي لاتمثل الأمازيغ والقضية الأمازيغية. (جريدة التجديد عدد 2100، الأربعاء 18 مارس 2009) كما صرح نفس المتحدث أن “نصرة القضية الأمازيغية لاتكون بممارسة الضغوطات من أوربا أو أمريكا، بل هو عمل في الميدان، والتواصل اليومي مع المواطن الأمازيغي بخدمة قضاياه الحقيقية” (نفس المصدر السابق الذكر).


وعلى عكس هذا التوجه تم بمدينة إنزكان المحادية لمدينة أكادير تأسيس “منتدى أفراتي للتنمية والحوار بين الأديان والثقافات” بهدف التقارب بين اليهود والأمازيغ، إلا أن السلطات المحلية رفضت تسلم ملف التأسيس في سياق مباركة بعض المكونات الأمازيغية وتنديد التيارات الإسلامية وبعض الجمعيات الأمازيغية التطبيع مع إسرائيل (جريدة أخبار اليوم العدد 31، الإثنين 06 أبريل 2009)، كما عللت الجهات الرسمية عدم الترخيص لهذا المنتدى بكون مدينة مثل إنزكان التي تعيش هشاشة اقتصادية هي في حاجة إلى جمعيات تنموية لاجمعيات “من شأنها خلق نزاعات عنصرية وتقسيم مكونات المغرب الموحدة” (جريدة أخبار اليوم، نفس الإحالة) لاسيما أن مؤسسو منتدى أفراتي ركزوا على إشراك المكون الحساني الصحراوي إلى جانب اليهودي والأمازيغي بدعوى أن الحكومات المغربية همشت المكونات الثقافية الأمازيغية واليهودية والحسانية وعززت وشجعت المكون العربي. وتظل تصريحات مؤسس منتدى أفراتي متناقضة فيما يخص القضية الفلسطينية حيث اعتبر أن “لفلسطين أبناء سيدافعون عنها” وأن ما يهمه هو القضية الأمازيغية” (جريدة المساء عدد 791، الثلاثاء 07 أبريل 2009)، وهذا الموقف استهجن ووصف “بالمتكلبن” نسبة للكلاب (جريدة المساء نفس الإحالة) وبحسب كاتب المقال فإن “الذين يطالبون منا ألا نهتم بقضية فلسطين هم أنفسهم الذين يؤسسون جمعيات للصداقة مع الصهيونية إي أنهم يتصادقون مع المجرم، ويطلبون منا ألا نتعاطف مع الضحية وقد شبه الكاتب جمعيات الصداقة الأمازيغية الإسرائيلية بجمعية “كيف كيف” في شذوذها”. ونعت شذوذ هذه الأخيرة بالشذوذ الجنسي والأولى بالشذوذ الإنساني.وتبعا للكاتب فإن هذا الشذوذ الإنساني يتجسد في التبشير”لمذهب عنصري وإجرامي اسمه الصهيونية”كما لم يستسغ الكاتب أن مروجي هذه الصداقات” يتظاهرون بأنهم مغاربة مثل غيرهم”.إذن هناك ثوابت وجب احترامها وعدم تجاوزها يمثل الحجر الأساس لتشكل الهوية المغربية.


كما أوردت في نفس السياق جريدة التجديد في عددها 2109 الصادر في 13/03/2009 أن هناك”مغاربة من أكادير يتسللون إلى إسرائيل بمناسبة المشاركة في يوم دراسي حول موضوع “زلزال أكادير وآثاره على الأسر اليهودية جنوب المغرب” وذهب كاتب المقال إلى أن هذه الخطوة بمثابة تكسير “لمقاطعة إسرائيل”وتسبح ضد التيار وتضرب “عرض الحائط كل نداءات الضمائر الحية المنادية بمقاطعة إسرائيل”. وهذه الخطوة التي أقدمت عليها بعض الفعاليات الأمازيغية لجهة سوس بالجنوب ثم تبنيها بموازاة تأسيس جمعية أفراتي بأنزكان وجمعية الذاكرة المشتركة بجهة الريف في الشمال وكلاهما تهتمان بالتقارب الأمازيغي الإسرائيلي. وجاء تفاعل الحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور تجاه هذه الحركية على لسان رئيسه الذي أكد على أن حزبه يشجع هذه العلاقات بدون تحفظ ويريد تقوية هذه العلاقات مع إسرائيل.كما أشار إلى أن “كل طرف يذهب حيث يريد في منطقة الشرق الأوسط، بعضهم إلى القدس وبعضهم إلى غزة ونحن نذهب إلى تل أبيب” (المساء عدد785،الثلاثاء 31 مارس2009) واستدل على هذه الوجهة على أن الفلسطينيين “ليسوا مع إيمازيغن، فهم يريدون استغلالنا فقط من أجل القومية العربية، التي هي عدوتنا” (نفس المصدر). كما أوضح أنه يحبذ ربط”اتصالات استراتيجية “مع إسرائيل والتقارب مع “الأقوام الآخرين من غير العرب” أمثال الفرس والهنود والأتراك واليهود” لأنهم هم الذين يمكنهم أن يفهمونا” (نفس المصدر السالف الذكر). في هذا الصدد هل يمكن اعتبار حركية وسلوكية بعض الفعاليين الأمازيغيين “شذوذا “و “ضلالات ” أم مجرد اختلاف جدري مع المكتسبات و الثوابت المغربية؟


للإجابة على هذا السؤال، يجب أخد بعين الإعتبار محورين أساسيين وهما المحور الوطني والمحور القومي. فيما يتعلق بالمحور الأول فالمحلي والوطني يرتبطان بتحالفات تقصي ما هو عربي أو يدور في فلك العروبة .أما الثاني، أي القومي فلا يدخل في اهتمامات فيصل الفاعلين الأمازغيين المؤيدين للتحالف مع إسرائيل. لأجل هذا تأتي مواقفهم معارضة لقضايا عربية مثل فلسطين والسودان والعراق ومقتصرة على ما هو محلي داخلي وبالخصوص كل ما يمت ويرتبط بنصرة القضية الأمازيغية. وهذا الاتجاه يعكسه قرب الشروع في إصدار جريدة أسبوعية “جريدة أفراتي المغربية” التي حسب بيانها ستختص في الدفاع عن “فكر الإنسانية والحرية والتعايش والصداقة ونصرة المظلومين ” وسيكون الموضوع الرئيسي للعدد الأول “تاريخ اليهود واليهودية بالمغرب بين الحقيقة والإفتراء”.


وفي هذا السياق رد أحد الفاعلين الأمازغيين على مقال وارد في حقه بجريدة المساء عدد784 ليوم الإثنين 30 مارس 2009 نعت فيه “بالتطرف” بأنه ليس “متطرفا” وأن اشتغاله بالمجال الثقافي يدخل في إستراتيجية الدولة التي دشنها الخطاب الملكي لأجدير سنة2001 من أجل إعادة الاعتبار للهوية والثقافة الأمازيغيتين وفي إطار “عمليات ثقافية هادفة ونشر قيم التسامح والتبادل الثقافي والإقتصادي بين كل دول العالم ودول البحر الأبيض المتوسط على وجه الخصوص” . كما عمد الناشط الأمازيغي إلى اعتبار العربية لغة تقتصر” على جدران بعض المؤسسات التعليمية والإعلامية ” وأن لغات التداول عند المغاربة هي الأمازيغية والدارجة .وأن من يعارض إدماج الأمازيغية في الحياة العامة يعارض التوجه الملكي ويأمن بالانغلاق والفكر الأحادي وهو من “رهائن حروب 1947 ومخلفاتها السياسية الفاشلة ومصالح لوبيات الشرق الأوسط”. وفي هذا تشجيع للمواقف الداعية إلى التطبيع والتعاون مع إسرائيل بصفتها دولة من دول حوض الأبيض المتوسط.


إلا أن هذا الموقف ينقصه الانسجام والتناغم، فإذا كان يرفض التبعية للشرق العربي عنوان التخلف والهزيمة والرجعية والماضي (احمد عصيد: الجريدة الأولى عدد283، الإثنين 20 أبريل2009) فإنه يحبذ في الآن نفسه هوية مغربية مجردة من كل ما هو عربي إسلامي تستمد قوتها من العالم الغربي الذي ينهل من معين “العقل العلمي” الذي لا يعترف إلا بنفسه ويقصي ما دونه مثل الدين والحضارة والماضي.


وفي مقابل هذا تنهج بعض الجمعيات الأمازيغية حركية مغايرة مثل الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي التي عبرت في بيان مؤتمرها 13 عن رفضها لكل أشكال التعريب واعتبرت ذلك “مسا بوحدة الوطن والشعب، واستفزازا للشعور الوطني “. لهذا أضحت مواقف حزب الاستقلال الداعي إلى تعريب الحياة العامة تجد معارضة قوية من طرف الجمعيات الأمازيغية لا سيما أنه دأب على ذلك منذ السبعينات. لذا يمكن تصنيف موقف الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بالموقف الوسط حيث تبنت هذه الجمعية تعريب وتمزيغ الحياة العامة في مقابل التصدي للغات الأخرى وبالخصوص اللغة الفرنسية وتبعاتها الفرانكفونية. كما سطررئيس الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي دور العربية والأمازيغية في الحياة اليومية للمواطن المغربي وأنهما “تتقاسمان المكونات الأساسية للتواصل في المجتمع المغربي” (جريدة التجديد عدد 2127، الإثنين 30 مارس 2009). فموقف الجمعية ليس ضد العربية بل “دفاع عن مكانة الأمازيغية في المغرب”. يزكي هذا اختيار الجمعية إصدار أعمالها مكتوبة بالعربية ليخلص رئيس الجمعية إلى أن من لا يعترف باللغة الوطنية للبلاد أي العربية لا يمكنه أن يدعي الوطنية وفي المقابل من يرفض الأمازيغية يصنف في نفس الخانة لأن الوطنية “لا تحتمل التجزيء” (جريدة التجديد نفس الإحالة) وأن الصراع بين الأمازيغية والعربية هو صراع مفتعل من طرف مناهضي الأمازيغية. لكن الدفاع عن الأمازيغية تتخلله وسطرت له أقلية رافضة ومبعدة لكل ما هو عربي ثقافة، لغة ودينا وتراهن على كل من يعادي هذه المنظومة. كما يتجلى التناقض عند معسكر دعاة التعريب في المغرب في ازدواجية سلوكياتهم الاجتماعية حيث أنهم يعدون من الفئة التي تشجع على الفرنسية وتوجه أبناءها نحو مدارس ومعاهد وجامعات اللغة الفرنسية.وتلاحظ هذه الازدواجية السلوكية كذلك عند النخبة الأمازيغية التي تدافع عن ترسيم وولوج اللغة الأمازيغية أسلاك التعليم المغربي بيد أن أبناءها يتابعون دراستهم في المدارس والمعاهد الفرنسية والأمريكية.كأن الفئتين معا تنتهجان نوعا من التفويض الممنهج والوصاية اللغوية والثقافية على باقي مكونات المجتمع المغربي دون أن يعني ذلك محيطها العائلي والأسري الخاص.


أما فيما يخص تفاعلات جمعيات حقوق الإنسان مع المسألة الأمازيغية فأسوق هنا تقرير سنة 2005 للجامعة الدولية لرابطة حقوق الإنسان (FIDH) الذي استندت فيه على آراء بعض جمعيات المجتمع المدني المغربي كجمعيات حقوق الإنسان (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المنظمة المغربية لحقوق الإنسان) وجمعيات الحركة الثقافية الأمازيغية (الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي،لجنة قاضي قدور، الشبكة الأمازيغية للمواطنة، تماينوت، تادا، تليلي) و المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وقد تزامن هذا التقرير مع انعقاد الدورة 59 للجنة القضاء على التمييز العنصري (CERD (.ومن بين النتائج التي خلص إليها تقرير الجامعة الدولية لرابطة حقوق الإنسان فيما يتعلق بالمسألة الأمازيغية ما يلي:


-أن المغرب سجل تقدما كبيرا في مناهضة الميز العنصري


-أن المغرب خطى خطوات مهمة في الإعتراف بالمكون الأمازيغي وذلك بخلق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والإشارات المتعددة في خطابات الملك محمد السادس إلى الأمازيغية.


– استمرار تهميش الثقافة الأمازيغية في وسائل الإعلام والإدارة.


ومن بين التوصيات التي وجهتها لجنة مناهضة التمييز العنصري إلى الحكومة المغربية:


-العمل على ضمان عدم التمييز فيما يخص الساكنة الأمازيغية


-الإعتراف بالمكون الأمازيغي واللغة الأمازيغية في الدستورالمغربي واعتبار هده الأخيرة لغة من اللغات الرسمية للبلاد.


-إدماج تدريس الأمازيغية في جميع أسلاك التعليم.


كما أتى التقرير السنوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لعام 2007 حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب فيما يتعلق بالمسإلة الأمازيغية منسجما مع ال

‫تعليقات الزوار

1
  • أنلماد
    الأربعاء 5 غشت 2009 - 22:51

    الحركة الأمازيغية على الطريق نحو الإسترداد (معنويا)و سلاحها هو “المنهج العقلي ” الذي مكننا من تحليل “العقل العربي” و تاريخه ووضعه موضع إستقراء و ملاحظة و بالتالي إعادتهم مع كل ما أنتجه إلى حجمهم الحقيقي و مكانهم في مسار الحضارة البشرية و معضم الفاعلين الأمازيغيين يعرفون أن العرب مع أكبر إنجازاتهم (الإسلام) هي ظاهرة تاريخية بشرية مهما حاولوا أسطرتها و إرهاب العقل (النور الأعظم) و إبعاده عن التفكير في ملابسات التاريخ الذي أنتجهم

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 20

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات