"المناضل الحزبي والسكتة القلبية"

"المناضل الحزبي والسكتة القلبية"
الأربعاء 5 مارس 2014 - 14:12

تأسست الأحزاب السياسية من أجل تأطير المواطن وتكوينه تكوينا يسمح له بالانخراط المباشر في تدبير دواليب الشأن العام سواء من خلال المؤسسات التشريعية أو المجالس الترابية المنتخبة، انها مؤسسات ثم ايجادها من قبل مختلف دول العالم رغبة منها في القضاء على نظام الديكتاتوريات السائدة آنذاك وتعويضها بمناهج جديدة قوامها الديمقراطية والمساواة بين جميع المواطنات والمواطنين في أفق ضمان التطبيق الصحيح لمبادئ الحريات العامة والتي ثم تضمينها في ثلة من العهود والمواثيق الدولية والتي نجد من بينها حرية التعبير و نعتبرها من وجهة نظرنا عماد التدبير الديمقراطي للحياة الانسانية بصفة عامة وللممارسة السياسية بصفة خاصة.

تدل التجارب السياسية العالمية على تضارب صارخ في التعاطي مع مسألة تأطير المناضل السياسي، هذا الأخير الذي جعلت منه أحزاب سميت متقدمة عصب تقدم عجلة تنميتها بل ونقطة انطلاقتها ونهايتها فيما اعتبرته أحزاب أخرى وسيلة يتم التحكم فيها وتوجيهها من قبل “قياداتهم” من أجل تحقيق ماربهم الضيقة الخاصة، الا أن الأمر لا يعني بأن هذا القول يسير في طريق التعميم بل على العكس من ذلك فان هناك مجموعة من المنظومات الحزبية وبالرغم من انتمائها لفئة الأحزاب النامية الا أنها استطاعت الانخراط في دينامية الاصلاح السياسي من خلال الاهتمام بتطوير اليات التعاطي مع فئة المناضل السياسي.

لقد تعمد الكاتب التطرق الى تحليل مثل هذه المواضيع في شكل سلسلة انتقلت من التطرق الى التصارع السياسي مرورا بدراسة وتشخيص مواطن وقوة الحقل السياسي ووصولا الى اقتراح الوسائل البديلة والكفيلة من وجهة نظرنا ولو بالتخفيف من وطأة تخلف المنظومة الحزبية ، ومن بين هذه الحلول سبق وأن تطرقنا الى التذكير بضرورة الحوار السياسي البناء بين مختلف الأطياف السياسية ولمالا تنظيم مناظرة وطنية تضم كل مكونات الخريطة السياسية أغلبية ومعارضة، مناظرة عنوانها تشخيص الداء والبحث عن الدواء في أفق المصالحة الحزبية، لكي نصل في هذا المقال للقول بأن الاهتمام بدراسة وتحليل ومن ثمة تشخيص وضعية ودور المناضل السياسي لتعتبر من بين أحد مقومات اصلاح المشهد السياسي الذي سبق وأن اعتبرناه معطوبا.

ان المنخرطين في الأحزاب السياسية وبقلة نسبتها ببلادنا يمكننا الجزم بأنها فئة موجهة أو محكومة في أغلبها بتوجهات لا تؤمن بخلفياتها الا أنها تبحث عن منافعها الشخصية الضيقة، ذلك أننا أصبحنا أمام مشهد حزبي مهترئ لم يستطع الاضطلاع بمهمته الأساسية الا وهي تأطير المواطن، اذ أنه أصبح يعج بأناس مستقدمين من قبل من لهم المصلحة في ذلك لا لشيء الا من أجل اللجوء اليهم وقت الحاجة وتجييشهم من أجل تمرير بعض القرارات التي تخدم المصالح الشخصية لفئات لازالت تجمع بين يديها لمجموعة من الاختصاصات ضاربة بذلك عرض الحائط لمبادئ الديمقراطية التي تفرض لزاما بضرورة توزيع الاختصاصات في أفق تكريس مبدأ التداول على المناصب الحزبية وتطبيق منطق التناوب الحزبي، والتجربة خير شاهد على العصر السياسي الحالي الذي أصبحنا نرى فيه الأخ والأخت والابن والابنة بل وحتى الجد يحتكرون مواقع القرار السياسي الحزبي في حين أنهم لا يعقلون أدنى أبجديات الحياة السياسية غير الهتاف والصياح وترصد المعارضين.

ان التطرق لسرد هاته المعيقات التي لازالت تجهز على مردودية أحزابنا السياسة لا يجب أن يفهم معه الترويج لأفكار عقيمة أو متذمرة بل عل العكس من ذلك فممارستنا للنقد الذاتي لواقع أحزابنا نابع من وطنتينا الحقة والتي تنم عن غيرتنا الدائمة عنه، لا لشيء الا لأننا أصبحنا نعيش زمن المسخ السياسي الذي انحرف عن مهامه وانخرط في مسلسل السب والشتم وتبادل التهم الواهية.

ان التطبيق الصحيح لمسار الديمقراطية الحزبية ليفرض على كل الكفاءات الوطنية وخاصة المنضوية تحت لواء الأحزاب السياسية الاستفاقة من سباتهم المبني على الترفع عن التعامل مع الاخر ، لا لشيء الا لأن قوتهم في تجمعهم وتكتلهم ضد جيوب الفساد السياسي الذين وبالرغم من كثرة عددهم الا أنهم يهابون المفكرين والأكاديميين والذين لطالما لقبوهم “بصحاب العصا فالرويدة”.

ان الاصلاح السياسي في وجهة نظرنا لا يمكن أن يتم الا بمساءلة وضعية المناضل الحزبي والاهتمام بتقييم وضعيته الحالية ومن ثمة رسم الخطوط المستقبلية العريضة والتي سنتمكن من خلالها من تسطير استراتيجية حزبية قوامها التفاعل والمشاركة المباشرة وغير المباشرة مع انشغالات المواطن اليومية من خلال تأطير المناضل الحزبي تأطيرا ينسجم وتطلعاتهم.

ان التفاعل الايجابي مع تطلعات مواطن ما بعد الربيع الديمقراطي، مشروطة بالقطع مع الممارسات السلبية التي نجمت عنها تركة سياسية كثيرة الكلام وضعيفة المردودية ، تركة لم تستطع بتاتا القطع مع منحى جني المصالح الشخصية والانخراط المباشر في تقدم الخريطة التنموية لبلادنا، خاصة وأن المغرب قد أصبح في الوقت الحالي دولة نموذجية للسلم والسلام المرتبطين بمد يد المساعدة للآخر، وخير مثال نسوقه في هذا الباب ما تقوم به بلادنا من مساعدات مباشرة أو غير مباشرة للشعب المالي الشقيق والذي أحس فعلا بأن التجربة التنموية لبلادنا قد باتت نموذجا لامناص من الاعتماد على تجاربه وخبراته بشقيها العام والخاص في أفق اعادة بناء نموذجها التنموي المالي التواق الى معانقة الديمقراطية الحقة، هذا اذا ما علمنا بأن تجربتنا قد أصبحت تزعج بعض الدول الجارة والصديقة الأمر الذي يمكننا تفسيره بنجاعة وحكمة النموذج المغربي لمابعد حقبة الربيع الديمقراطي الذي لازالت نيرانه تلهب صرح دول أوروبية كما هو الحال بالنسبة لدولة أوكرانيا التي لازالت لم تعرف طعم الاستقرار السياسي الى الان.

ان التطرق للتذكير بمختلف هذه الوقائع ليس من قبيل الصدفة أو المغالاة بل من أجل استنهاض همم أحزابنا السياسية التي أصبحت تنخر أجسامها الأنانية المتجسدة في أشخاص بعينهم بعيدا عن تحقيق الانسجام والتقارب مع مؤشرات التنمية الوطنية والتي لم ولن يتم الوصول اليها بدون قيامها بالنقد الذاتي، والذي يجب أن ينطلق من والى المواطن وعبره مناضلوا المنظومة السياسية ، والذين يمكنني أن أجزم من خلال ممارستي السياسية بأنهم لازالوا بعيدين من التعبير عن طموحات وانشغالات المواطن العادي لا لشيء الا لأنهم قد ورثوا ارثا ثقيلا عن المتحكمين في المشهد الحزبي والذين يشكلون في غالبيتهم اما شيوخا وصلوا الى سن التقاعد السياسي واما دكتاتوريات لازالت تؤثر على هاته الفئات اما من خلال الترغيب أو الترهيب المبني في عمقه على تبادل المنافع والمصالح الشخصية الضيقة ، ما يعبر عنه بعض مستضعفي النضال السياسي بالتوجه الحزبي، فعن أي تأطير تتحدث أحزابنا السياسية هل تعني بذلك خلق عقليات قطيع شغلها الشاغل هو ترصد الكفاءات ومحاولة التشويش عليها ، وما يبرر هذا الطرح هو ما أصيبت به أعرق الأحزاب السياسية ببلادنا من حالة الترهل المتبوعة بالتصدع بل وحتى الانشقاق، ما يتأكد معه بأنه لا ديمقراطية داخل مشهدنا السياسي ويصعب معه الحديث عن ديمقراطية خارجها، انها متناقضات لا يمكن لأحد انكارها لا لشيء الا لأنها لازالت تؤثر سلبا على مردودية مشهدنا السياسي سيما وأن مغرب الاستقلال ليس هو مغرب العهد الجديد، مغرب أصبح يطالب بالاتحاد من أجل مجابهة الصعاب، ومن هذ المنطلق أقول لأحزابنا السياسية كفى من افتعال الأزمات ولنمض قدما لبناء مغرب الجميع عبر الانكباب على تكوين كفاءات حقيقية تؤمن بالاختلاف في الرأي وتلتف على بلوغ المصلحة الوطنية في جو يجب أن تغلب عليه الأخلاق في ممارسة السياسية ، هذه الأخيرة التي يجب التعاطي معها لخدمة الانسان وليس لمجابهة طموحاته.

ان المغرب الحالي لم يعد يقبل ومن الان بطوابير العطالة السياسية الموجهة لخدمة المصالح الشخصية الضيقة، ولكنه يتطلع الى تكوين نخب وكفاءات سياسية بإمكانها الانخراط المباشر في تدبير الشأن العام تدبيرا يتسم بالانفتاح على الاخر.

وختام القول، لنغير سلوكنا السياسي.

[email protected]om

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة