السلوك الدبلوماسي المراهق

ما قام به حزب الأصالة والمعاصرة في قضية الصحراء المغربية وتحديدا في سياقها المرتبط بواقعة أمنتو حيدر بذريعة الدبلوماسية الموازية أو الحزبية ، في بيانه المائع ضد بان كيمون،و الذي عبر فيه عن موقفه من انحيازه وكتابته لرسالة خاصة لزعيم البوليساريو وخرجة عرابه فؤاد علي الهمة بالعيون والتي وجه فيه خطابا شديد اللهجة كعادته لايخلو من التهديد والوعيد لاسبانيا   ، يمثل أنموذجا هزيلا استعراضيا، لذلك النوع من المواقف، في قضية مصيرية، ومسألة وجودية تهم الشعب المغربي قاطبة… لن أناقش البيانين من حيث شروط وجدوى القيام بهما ولكن من حيث مضمونهما ولغتهما قياسا مع غايتهما الدبلوماسية، أي  من حيث هما تعبير عن موقف سياسي عقيم وقاصر، يكشف أزمة حزب أريد له أن يكون كبيرا،لكنه مازال..رغم نفوده الكبير، يعيش غيابا للرؤية، ويتخبط في تحديد أولوياته، ويخلط القضايا الكبرى، بمواقف حزبية ضيقة موجهة لدغدغة عواطف الشارع المغربي المحبط وإن على حساب مصير قضيته المصيرية ,

لقد افتقد البيانان لضرورات الخطاب الدبلوماسي  المتزن والموضوعي، فأوقعانا في مأزق مع بان كيمون حينما اتضح أن الرجل لم يبعث بأي رسالة خاصة لزعيم البوليساريو عدا رد جوابي عن رسالة كان محمد عبد العزيز قد بعثها له بصيغة الاستفسار ويتضح معه أن البام اعتمد كعادته على وشاية كاذبة تماما كما حدث في قضية المنصوري من الأحرار,

وبالعيون وعلى مرمى حجر من معتصم امنتو حيدر وما يعنيه ذلك من الحضور المكثف لوسائل الإعلام الدولية المتربصة بالأخطاء المغربية يطلق الهمة تهديدا غريبا بعدم تعاون المغرب مع اسبانيا في قضايا الإرهاب والمخدرات مالم تتعاون هي في قضية الصحراء كأن المغرب لاينتج من عوامل القوة إلا الإرهاب و المخدرات عن سابق رصد وترصد ,

إن هذين الموقفين المرتبطين بسياق واحد هما بالنسبة إلينا خطأين جسيمين يعبران عن السلوك السياسي المراهق للوافد الجديد ويثبتان من جديد عدم صحة التحاليل التي اعتبرت نشأة الحزب مرتبطة بخدمة أجندة وطنية تهم قضية الصحراء  خصوصا بعد انتخاب بيد الله أمينا عاما له ورئيسا لمجلس المستشارين , فما حدث حول الاهتمام وبدل وجهة الأنظار قسرا عن قوة الموقف المغربي المتمثلة في مقترح الحكم الذاتي الذي تعتبر مهمة الترويج له ودعمه إحدى المهام الوطنية للأحزاب المغربية إلىقضايا أخرى جانبية لايمكن أن يكون الشد والجدب فيها إلا في مصلحة خصوم الوحدة الترابية للمغرب فما فعله حزب الجرار يذكر بالمثل الشعبي القائل ¨ جا يكحلها عماها  ¨ ,

إن التطورات الأخيرة في قضية الصحراء لاتعبر فقط عن فقر وقصور الأحزاب السياسية المغربية التي ما إن يتجاوز موقفها التنديد أو التأييد حتى تصطدم بمحدوديتها في الفعل وتؤكد الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه المغرب على الامتداد التاريخي للقضية التي لم يجعل منها في أي يوم من الأيام قضية شعبية وإن كانت تنعت في الأدبيات السياسية والإعلامية بالقضية الوطنية , بفعل التعتيم الإعلامي والضعف الدبلوماسي الذين جعلا من القضية طابوها وطنيا بامتياز , في الوقت الذي صورت فيه البوليساريو بدبلوماسيتها الشعبية نفسها كضحية وشعب مقهور, على الرغم من قوة المقترح المغربي  الأخير فإن وسائل الدعاية له كانت ضعيفة إلى الحد الذي جعل الجزائر والبوليساريو تحاول الالتفاف عليه ووضعه محل الحل المتجاوز والتشويش ثم توجيه الانتباه نحو بعض الأخطاء الحقوقية هنا وهناك , والنتيجة يصبح فيها موقف امرأة مغمورة واضرابها عن الطعام مهددا كبيرا لقضية المغرب الكبرى , هل الوضع بهذه الهشاشة والهوان ؟

بالتأكيد فعندما لايستطيع وزير الخارجية  فتح قنوات اتصال سليمة وجادة تخدم  الموقف المغربي ويعجز عن تقديم أجوبة  مقنعة لأسئلة من يفترض أنهم وضعوه في موقف الشريك المتقدم وعندما يكون جواب الوزير الأول خارج التوقيت  تماما كما هو جواب المواطن العادي الذي يكتفي  بمطالعة الصحف,

مؤكد أن الله يبتلي كل أمة برجال يسيئون إليها عن قصد أو عن غيره ولكن حينما يبتلينا الله وفي قضيتنا الأولى بزلات الرجل الأول في الخارجية والرجل الأول في الحكومة والحزب الأول في الدولة فما على أمتنا إلا أن تنتظر الساعة ,