"التِّكْنُولُوجِيا" بِأَيدٍ مُتَخَلِّفَةٍ !

"التِّكْنُولُوجِيا" بِأَيدٍ مُتَخَلِّفَةٍ !
السبت 5 أبريل 2014 - 12:15

عند التأمل في استعمال التقنيات الحديثة في بعض المجتمعات المتخلفة فكريا وثقافيا يبدو أن الطين زاد بلة بهذه الوسائل، وصب على المجتمع مشاكل وتعقيدات، جعلت جهله وتخلفه ظلمات بعضها فوق؛ فإذا كانت هذه الوسائل خلقت لتكون وسيلة للتقدم والاستفادة وتسخيرها في مجال البحث العلمي؛ فإنها تبدو وفي كثير من الأحيان زادت لأصحابها جمرات من التخلف وحزازات من التبلد، تستخدم في تضييع الأوقات والأعمار، وإنفاقها فيما لا ينفع، وقد ولد سوء استعمالها نظرة قاصرة لوظيفة التقنية أورثت اتكالية وضعفا، غاب فيها التوفيق بين المعاصرة والأصالة في مجتمع متطور متنقل.

فهذا تلميذ ألهته التقنيات بمختلف أنواعها عن تحصيل درسه، وخروجه من ظلمات جهله، عوض أن تكون له سبيلا رشدا نحو التحصيل واختصار مسافات الأموال والأوقات في النفير لطلب العلم؛ لكن شيئا من ذلك لم يكن إلا من رحم ربك وقليل ما هم، وفئة أخرى سخرت هذه التقنية في تنمية أمراضها الاجتماعية وتتبع العورات، وهتك الأعراض، ونشر الزور والقذف بالبهتان، والاختباء وراء مسميات وهمية، خشية المتابعة، والخوض في قضايا شخصية بعيدة عن الرأي والفكر الذي يمكن أن يؤخذ منه ويرد.

ويكاد استخدام التقنية عند الفئات المتخلفة فكريا عندنا يقتصر على اقتناء آخر ما أنتجه العالم المتقدم صناعيا، واستهلاك ذلك فيما هو سلبي في الاستماع إلى مقاطع الغناء، ومشاهدة ما يجوز وما لا يجوز من المرئيات، أو في أحسن الأحوال الانهماك في الدردشة في قيل وقال فيما لا ينفع ولساعات طوال. ووسائل التكنولوجيا عندنا لا تعد قيمتها بقيمتها العلمية بل بقيمتها القيمية في الأسواق، فصارت وسائل للتباهي بين الأقران والأصحاب، حتى غدا هذا الفخر أيضا عاملا من عوامل التخلف الذي يقاوم سنن التطور، وإن كان حاملها لا يدري كيفية استخدامها، فصارت التقنيات تحدث خرابا في النسيج، وردة في الأفكار والسلوك، ومورثة للاسترخاء والكسل.

ونظرة أولية غير فاحصة لكثير من الصفحات الشخصية في المواقع الاجتماعية تنبئك بالضآلة العلمية والمعرفية، وما ترسخه من تخلف فكري وثقافي، وإن الجيل القادم سينبؤكم بضحالة فكرية وعلمية ومستوى علمي سقيم، لا يحسن إلا حمل لوحات وهواتف وأجهزة لا يدري من استخدامها سوى التقاط الصور ونشرها، وتحميل ما قد لا يفيد لتضييع الوقت، والسهر مع ما لا يفيد. وتغذي فيه تلك الانشغالات بما لا طائل من ورائه دمامل التخلف.

ومع أن المعاهد والمدارس يفترض أن تكون فضاء آمنا لعشاق العلم والمعرفة؛ لكنها صارت من الوسائل الفعالة التي تساعد على هدر الأوقات بها فشبكات الاتصال فيها بما لها من تأثير إيجابي أحيانا إلا أنها أوهنت صلة الطلبة بعضهم بالبعض الآخر فأصبحت الروابط العلمية غائبة، والمشاركات المعرفية غير متكاملة، والعلاقات الفردية قائمة على الحذر والمنفعة الخاصة، فضعف التجالس بين الطلبة والأساتذة وانحصر بغالبيته في المواقع الاجتماعية.

وزيارة خاطفة إلى الكليات والجامعات تنبئك عما يشغل طلاب العلم والمعرفة؛ فالمكتبات صارت خاوية على عروشها، والازدحام على المحلات التي توفر الاتصال لزبنائها غفير، وهو اتصال محمود لو سخر فيما ينفع، غير أنك لو تأملت الشاشات وما يعرض فيها لرأيت ساعات متواصلة من الدردشة الفارغة، والمشاهد التي يجتمع أصحابها لتحليل لقطاتها، عوض المناقشة والمدارسة العلمية التي تضع العقل والخيال في وضعية المحاكمة والبحث والنقد، وتحيي وتغذي النشاط الخلاق.

إن ما تستخدم فيه التقينة في مجتمعاتنا منذر بخراب العلم والمعرفة، وهذا ما دعانا لزعم: “التكنولوجيا بأيد متخلفة”.

[email protected]
www.facebook.com/karimkallali

‫تعليقات الزوار

10
  • nhai
    السبت 5 أبريل 2014 - 15:09

    هادا ناتج عن برامج التعليم الفارغة المضمون وشكرا….

  • fedilbrahim
    السبت 5 أبريل 2014 - 15:54

    ربما كان الاجدر عنونت المقال بتعويض ايد بعقول لان العقول هي مصادر القرار التي افسدها للاسف التنميط وفق منظور ديني غايته التحكم و الاستبداد الكاره للسؤال و المسيج بخطوط حمراء و المحيط بكل شيء
    فللاسف الشديد التعليم الديني و المؤدلج دينيا لا ينتج العلم و البحث و انما ينتج الات تسجيل و ببغاوات ادمية تردد نصوص و متون السلف بحرف او بتصرف
    يدهب كثيرون الى شمولية النص الديني مما يجعل البحث مسالة تحصيل حاصل بحيث يهرع فرع منهم القول باسبقية القران للحديث عن اكتشاف معين بلي اعناق الايات بزعم الاعجاز العلمي في القران مما يجعلهم في مسالة تناقض
    فاذا كان القران منجما للعلم غير قابل للنضب فلماذا ننتظر دائما اكتشافا غربيا و اسيويا لالحاقه بطرائف الاعجاز العلمي في القران
    الخلل هو في تكبيل العقل بمسلمات و ضرورات و حدود غيبية و تكريس الاطلاق و الجمود و التسليم بدل الحرية و النسبية لانهما مفتاح العلم والابداع

  • fedilbrahim
    السبت 5 أبريل 2014 - 18:32

    التكنولوجية بدعة والشاط ضلالة
    يذهب صاحب المقال الى تحميل وسائل الاتصال المسؤولية في تردي المستوى التعليمي في المغرب و سوء استخدامها دون استحضار المحيط العام ولهذا يمكن ان نجزم ان جميع طلبة العالم يستخدمون هذه الوسائل و في نفس الهدف لان التقنية عامة و لا تستهدف المغاربة وحدهم و اود ان اركز على المحيط الموبوء باستبخاس التعليم الجامعي بالخصوص من خلال ضعف الميزانية المرصودة سواء المنح او الاكل وكذا اقصاء المتخرجين من العمل و الوظيفة جعل من الاباء يفضلون توجيه ابنائهم الى التكوين الحرفي و المهني او التخلي نهائيا و كذلك عدم حماسة العائلات للتعليم مادام يشكل الخريجين الجامعيين اكبر نسبة البطالة

  • لشكر
    السبت 5 أبريل 2014 - 21:48

    سيدي القلالي :
    عندما خرج فيليكس من الأرض، تأمل الكوكب الازرق على بعد 36 كلم فقط، قال : ما أصغر الانسان، إنه لا يشكل الا ذرة من ذرات الكون.

    التقنية سيدي هي نتاج مسيرة انسانية طويلة وبحوث علمية مضنية وشاقة لا تخلو من مشاركة أسلافك الميامين، وهذه التقنية التي تغزو الأرض والفضاء والبحار ومختبرات البحوث والكشوف العلمية في هذا الكون الفسيح، لا يمكن اختزالها في اجهزة بسيطة يستغلها المراهقين لسد كبتهم وفضولهم، ولا يمكن حصرها في المآرب الجنسية كما ذهبت اليه، فهذه الأخيرة تجاوزها أطفال عصر الفضاء، تطلعاتهم وطموحاتهم وهمومهم لا تعرفها أنت ولن تعرفها طالما الحرية عندك طابو، فلا تخلط الأمور وتفصلها على مقاصك، ولا تقف ما ليس لك به علم.

    العلم سيدي لا يبحث عن الحقيقة المطلقة، انما يبحث عن الحقيقة التقنية، وبهذه التقنية يجسد نظرية كشوفه لينطلق بتطوير آلياته البحثية لفهم المادة والكون، وهذه هي المسيرة العلمية التي لا تسير إلا في اتجاه واحد ووحيد " قل هو الله أحد " .

  • إقرأ بإسم ربك
    الأحد 6 أبريل 2014 - 09:32

    1- تفشّي الأميّة بين المسلمين البالغين في هذا العصر بصورة مزعجة تتراوح نسبتها بين 50% و 80% (بمتوسط حوالي 58%).
    2 ـ كثرة ما تحتاجه دراسات العلوم والتقنية من تجهيزات، ومختبرات، وأجهزة، ومعدات، وما وصلت إليه تكلفة ذلك في هذه الأيام من مبالغات.
    3 ــ انعدام التخطيط والتنسيق والتعاون بين مختلف المؤسسات العلمية والتقنية في العالم الإسلامي المعاصر.
    4 ـ هجرة أعداد كبيرة من العلماء والفنيين إلى خارج حدود العالم الإسلامي؛ وهذا في حد ذاته يمثل استنزافاً لأهم طاقات المسلمين ولأعظم إمكاناتهم.
    5 ـ تمزُّق العالم الإسلامي المعاصر إلى أكثر من خمسين دولة بالإضافة إلى أقليات منتشرة في كل دولة من الدول غير الإسلامية تفوق أعدادها مئات الملايين في بعض هذه الدول، واحتلال أجزاء عديدة من أراضي المسلمين؛ مما أدى إلى تشتيت المقومات المادية والروحية والطاقات البشرية للمسلمين.
    6 ـ اعتماد الدول الإسلامية على الاستيراد من الدول الأخرى بدلاً من التكامل الاقتصادي والصناعي والزراعي فيما بينها؛ مما أدى إلى خنق كثير من النشاطات الصناعية والزراعية في العالم الإسلامي، وإلى استنزاف أموال المسلمين واستغلالهم

  • sifao
    الأحد 6 أبريل 2014 - 13:56

    كيف يعقل ان يوظف متخلف احدث ما انتجه العقل البشري في مجال التواصل والاتصال والبحث ؟ التعليم تجاوز مسالة الحفظ من اجل الاستضهار واصبح ينكب على اليات الاشتغال بالتقنية الحديثة اختصارا للزمان ، اما المواضيع التي تستهوي الشباب والشابات فهي محط اهتماماتهم ، كل ما عمل الفقهاء على اخفائه وستره تحت ستائر حرام وحشومة اصبح متاحا ومباحا للجميع ، ما يهمك في الموضوع هو ما تتيحه هذه الوسائل من امكانيات كانت بالامس مستحيلة وبالخصوص علاقات الشباب بالشابات وما يجري بينهما من امور شخصية تعتبرها من الرذائل وهي حاجات ضرورية وملحة وخصوصا في مجتمع يتغذى على ثقافة الكبت والحرمان ، ما يُنشر على صفحات التواصل الاجتماعي يشكل مادة دسمة للباحثين المتخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع لفهم بعض الظواهر الاجتماعية والنفسية ،ا لايجابية منها لاستثمارها والسلبية لمعالجتها ولا يحق للفقيه الخوض فيها لانه ليس مؤهلا لفهمها ومناقشتها ، ما يقلقك تحديدا هو انفلات الامور من المراقبة والقيود التي تفرضها ثقافة اللاهوت على السلوكات الفطرية للانسان ، والدليل القاطع هو ما جاء في كلامك حقد على ارقى مظاهر تطور العقل البشري .

  • berbere
    الأحد 6 أبريل 2014 - 14:03

    ايوا الا كانوا متخلفين فمن واجبكم الوقوف على مكامن الخلل وتصحيحه .
    1-التلميذ اناء فارغ محشو بما تلاقاه من محيطه ومدرسته واسرته .اذن يفرغ ما اعطيتموه .
    2-التلميذ غير كاتعمروه ونهار الامتحان يعصر داكشي لي عطيتوه ان كنت تحاجيه غايحاجيك كنت تحاججه سيحاججك كنت تثقفه سيتقفك كنت تشتمه سيشتمك كنت تملي عليه الحروف سيستعرضها عليك .
    3-التلاميذ بصفة عامة فيه بكاي(يضل يبكي على اي شيء) وشكاي(ديما ضرني هذا سرقني داك) ومستفز(عزيز عليه يشد العكوس ويتقامش ويضادد ماتقوله او يحاجج) وكاينين الاصنام(يا اما لايسمع ) )او لي قلتيها يديرها).
    والاساتذة صنفان كاين لي يسكت البكاي ويسمع للشكاي ويتقبل المستفز .
    وكاين الاستاذ لي يهز العصى على البكاي ويقطع اللسان للشكاي ويدابز ويشتم ويحط الصفر للي يخالفه الراي او يستوقفه او يحاججه.
    +
    نحن لانعرف بما تقيسون التخلف ؟واش بالاعمال ولا بالعقل ولا بالاقوال.او التوجه التعليمي والمهني او بالقدرات نتاع كل واحد او بالعرق او الجنسية اوبالاصل او بالمال او البلد.

  • sifao
    الأحد 6 أبريل 2014 - 17:22

    التقنية الحديثة عندما تسقط في ايادي المتخلفين لا تستخدم على نحو واحد ، هناك من يوظفها ايضا في نشر ثقافة الكراهية والحقد والتحريض على الآخر
    بسبب الاختلاف وفي نقل الخبرة لصناعة المتفجرات والتخطيط لافعال اجرامية وأخف الناس ضررا للمجتمع وانتفاعا من هذه النعمة هم فئة من العشاق رجالا ونساء كل حسب طريقته وحاجاته ، بالاضافة هذا ، الى امكانية كشف المستور الذي يعمل الفقهاء على اخفائه ونكرانه ، جسد المرأة بالنسبة للرجل و جسد الرجل بالنسبة للمرأة ، المرأة لم يعد بامكانها ان تخفي جسدها وكذلك الرجل ، حانت لحظة الاكتشاف العظيم ، لقد تم تحطيم حاجزي الانصات والمشاهدة ، وسيأتي اللدور على الحواجز الاخرى واحدا تلو الآخر الى ان تنهار تماما ، ويحدث الانفجار الكبير، التحرر من قماقم اللاهوت، ستنتهي مهمتكم مرة واحدة والى الابد.

  • الرداد
    الأحد 6 أبريل 2014 - 19:28

    الى المعلق 8 هل لك مشكل مع النساء ومع الاديان كل ما كتبت حرف تقحم الجنس والدين والرجل لم يذكر اي شيئ من ذلك. تصفح بعض المواقع وسترى ما يكتب وما يناقش انواع الشتم خاصة البربر منهم تفننو فياللشتم والقدح. وكانها من القيم الكونية البربرية لقد خلع عنكم القناع تراسلون كيري وكما قالت المعلقة البربرية انتم من نوع البكاي والشكاي.ليبي مجرم في بلاده ومبحوث عنه هو من يفتي عنا ما يجب فعله ويقاضي المغرب امام الامم المتحدة. انت من الخلايا النائمة لحزب الليكود الصهيوني.
    انتم علة على المغرب. ولتذكيرك فزر عمان والظفار لترى ان الناس مثلك تعيش في الجبال حيث الماء العذب والخضرا والرمان وليس كما تردد صحراء وجمال. لا يملكون ولو نعجة.
    لا يكفيك ان السلخة التي اعطاكم اياها القراء.
    شكرا للكاتب الامازيغي المحترم

  • pere de ton eleve
    الأحد 6 أبريل 2014 - 21:49

    la technologie est l enemi numero des obscurantistes

    personne ne croit vos khozaabalates , google facebook , twitter you tube sont entrain de reduire le controle de choyoukhs al fitna des esprists simples

    un conseil pour l auteur: le role de l enseignant ce n est pas de jouer le petit policier religieux dans les classes et intimider les fillettes sans foulard , occupe toi de mo9arrare et laisse les habils de bnat nasse tranquille
    ,

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين