الجامعة المغربية بين التحصيل العلمي وإراقة الدماء

الجامعة المغربية بين التحصيل العلمي وإراقة الدماء
الجمعة 2 ماي 2014 - 17:39

الجامعة هي عبارة عن مؤسسات ثم تأسيسها للتحصيل العلمي ، تهدف في مجملها وعبر برامجها التكوينية الى تأهيل العنصر البشري ليصبح قادرا على المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول والشعوب.

لقد استطاعت المؤسسات الجامعية في مختلف بقاع المعمور النجاح في مهامها التكوينية المبنية على تربية النشأ ، ما يساهم في سيادة الأمن والطمأنينة المبنية على الاحترام والتآخي واحترام الرأي الاخر.

ان دافع كتابة هذا المقال يتجلى في مصرع الطالب الحسناوي بكلية اظهر المهراز بفاس، حدث خلف وقعا أليما بالنسبة الى كل المغاربة، لا لشيء الا لأنه قد انحرف بالأدوار الطلائعية لجامعاتنا من التكوين والتحصيل الى التناحر واستعراض العضلات التي بلغت ذروتها في هذا الحدث الأليم والذي لا يمكن الا أن نصفه الا بالهمجي واللا انساني.

لقد عادت بنا واقعة الطالب الحسناوي الى سنوات خلت، سنوات كان يخلط فيها بين النضال وتصفية الحسابات الشخصية الضيقة، الأمر الذي من الواجب التعامل معه بكل الصرامة والحزم الضروريين والكفيلين بإعادة الاعتبار للمشهد الجامعي باعتباره قناة للتحصيل المعرفي وليس حلبة للمصارعة واستعراض القوى.

ان النضال بالمعنى الحقيقي لا يدل في كنهه عن الصرعة أو القوة الجسمانية ولكنه يعني التصادم الفكري بين جميع مكونات الساحة الجامعية، ثورة فكرية قوامها الدفاع عن مصالح الطلبة وتتبع مسارهم الدراسي في شكل تحترم معه الهوية والانسية المغربية، ذلك أن أرقى الدول الديمقراطية الان وان اختلفت الا أنها تدبر اختلافها بالاحترام المتبادل ومناقشة الرأي والرأي الاخر في شكل يصب في مواصلة الصرح التنموي للدولة.

ان العنف لا يمكن أن نعتبره بأي شكل من الأشكال السبيل الأمثل لتدبير الاختلاف، بل على العكس من ذلك فلقد أبانت التجارب الدولية المقارنة بأن التعنت للرأي هو سبب المخاصمة التي تؤدي في أغلب الأحيان الى ارتكاب حماقات يمكنها أن تصل الى حد ازهاق أرواح الاخرين بدون موجب حق.

ان الجامعة المغربية لم تأسس للتبارز بالسيوف والخناجر وانما جعلت لمحو الأمية والجهل المعرفيين، وبالتالي فالدعوة موجهة الى كل الفاعلين المجتمعيين للتصدي لهذا الداء الخطير الذي أصبح يعصف بأرواح الأبرياء، ذلك أن التدبير التشاركي لهذه المعضلة قد أصبح ضرورة ملحة تقتضي الاسراع في اخراج قوانين صارمة تحرم التعنيف بشتى أنواعه داخل الجامعات، الأمر الذي يتطلب معه فتح حوار وطني قوامه تدارس مكامن تجذر العنف بالوسط الجامعي وبالتالي محاولة تشخيص أسبابه ومن ثمة اقتراح السبل الكفيلة بالقضاء عليه تماما صونا لقدسية المهام النبيلة التي أسست الجامعات من أجل القيام بها.

ان التعاطي مع مثل الأحداث الدامية داخل الوسط الجامعي أو المدرسي سيان، لا يجب معه التساهل في معاملة الجناة ، الأمر الذي يجب أن يفهم معه بضرورة توخي الصرامة في تنزيل القوانين المجرمة لمثل هاته الممارسات الشنيعة والتي لا تمت للإنسانية بصلة، ما مفاده بأن وصول الجريمة الى الجامعات ليعتبر أكبر دليل عن تخلف التحصيل العلمي بداخلها، ذلك أن جنوح الفصائل الطلابية لاقتراف مثل هذه الأفعال المشينة لا يمكننا تفسيره الا بتقاعس المنظومة الجامعية عن القيام بأدوارها الجوهرية والمتمحورة جلها حول تأطير الطالب تأطيرا يمكنه من استيعاب مساره الدراسي ومن ثمة انخراطه في بناء المستقبل الوطني الى جانب رفاقه سواء كانوا معتدلين أو يساريين، ذلك أن التشبع بالقناعات ليست وليدة الانسان وانما يتم اكتسابها بالممارسة وعن اقتناع، ومن هذا المنطلق أوجه ندائي لكل الفصائل الطلابية النشيطة في الوسط الجامعي والتي كان لي الشرف بأن عبرت عن أفكاري وطموحاتي بداخلها، بأن لا تقحم تصريف توجهاتها السياسية الضيقة داخل الجامعات لا لشيء الا لأن هذه الأخيرة قد جعلت للتكوين وليس للتصارع.

ان المفهوم الحقيقي للنضال لا يمكن أن يلتقي بتاتا مع منطق حلبات المصارعة المبنية على الغلبة للأقوى، وبالتالي فلنعمل جميعا على تغليب المصلحة العليا للوطن والمواطن، ولنسع جاهدين للتشبع بالفكر الاسلامي المبني على الوسطية والاعتدال، اذا ما أردنا الدفع قدما بمسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا والتي أصبحت تقض مضجع الجيران لا لشيء الا لأنها قد استطاعت أن تبرهن عن نجاعة وتبصر الساهرين عن تنزيل برامجها على أرض الواقع، وبالتالي فإنني أوجه ندائي للطلبة خاصة وللفاعلين المجتمعيين عامة من أجل أن نتصدى جميعا لمثل هاته الظواهر الهمجية ولنقل جميعا كفى من اراقة الدماء في جامعتنا ونعوضها بالتخلق، لا لشيء الا لأن الأمم أخلاق فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا، فالتخلق يؤدي الى التخليق الكفيل بضمان عيش الجميع في طمأنينة وأمان.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

1
  • محمد أيوب
    الأحد 4 ماي 2014 - 18:26

    أغبياء ومغفلون:
    على القارئ أن يلاحظ أن"النضال"على مستوى الجامعات بالمغرب لا يوجد الا في الكليات التي يلتحق بها أفراد بوزبال/الشعب،أنا تلك يوجد بها أبناء النخبة فلا يوجد بها أي"نضال"بل التحصيل العلمي المقرون باحترام الضوابط التي تسير عليها المؤسسة.لكن لأن أبناء بوزبال/الشعب أغبياء ومغفلون فانه تجمعهم"الغيطة"وتفرقهم "الزرواطة" مثلهم في ذلك مثل آبائهم تماما عندما يهرولون لاستقبال رموز المخزن بعد أن يكون هذا الأخير قد سبقهم بنشر فرق"الغيطة"التي ما يكاد يسمع صوتها في الشوارع حتى يهرول بوزبال نحو مصدرها.ان"المناضلين"بالجامنعات هم حفنة من الكسالى أيضا الذين تجد بعضهم قضى سنوات عدة وهو هناك لم يستطع أن يحصل على شهادته رغم ضعف مستوى الجميع:طلابا وأساتذة الا من رحم الله منهم وهم قلة نادرة..وأنا حينما أستعمل مصطلح:"بوزبال"فلأني كنت واحدا من ةهؤلاء المغفلين والأغبياء في أواخر السبعينات بكلية الحقوق بالرباط لكن الله تعالى يسر لي نيل اجازتي في ثلاث سنوات والحمد لله على ذلك..هناك بتلك الكلية تعرفت على شخص قضصى 10 سنوات لينال اجازته..ان الذين" يناضلون"بالجامعة يضيعون أنفسهم وزملاءهم المجدين لا غير.

صوت وصورة
أحكام قضية الدهس بالبيضاء
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:58 4

أحكام قضية الدهس بالبيضاء

صوت وصورة
معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:55

معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 3

احتجاج بوزارة التشغيل