كوكب آخر!

كوكب آخر!
السبت 17 أبريل 2010 - 18:27

لم تسنح لي الفرصة لمتابعة برنامج “خواطر” الذي بث على شاشة العديد من القنوات الفضائية العربية خلال شهر رمضان المنصرم، و لكن لحسن الحظ تمكنت من ذلك أخيرا بفضل موقع يوتوب الذي يمكنك بكل اختصار أن تجد من خلاله كل شيء.. خصصت وقتا كبيرا لمشاهدة كل الحلقات.. و يا ليتني لم أفعل ..


البرنامج بكل بساطة عبارة عن تقارير مصورة بدولة اليابان تسلط الضوء على هذا الشعب بالذات الذي اختاره القائمون على البرنامج لأنه شعب تفوق على كل الشعوب بما فيها أمريكا و أوروبا و شعوبنا (المسلمة) بطبيعة الحال.. فالفكرة نابعة من تحديد أسرار هذا التفوق و مكامنه.. هل تركيبة اليابانيين مختلفة عنا؟ هل هم أذكى منا؟ هل يملكون وصفة سحرية تضمن لهم هذا التفوق؟ من هذا المنطلق سافر مقدم البرنامج إلى اليابان و قدم لنا في كل حلقة مقارنة لسلوكيات اليابانيين و الشعوب (المسلمة) فكانت الخلاصات مثيرة للعجب و للحسرة في آن..


إذا تكلمنا عن الخصوصيات الجسمانية لليابانيين، فهم أناس قصار القامة أجسامهم نحيفة و مصفرة كأن بهم سوء تغذية، فإذا أخذنا بعين الاعتبار هذا الجانب ستكون لنا الغلبة حتما، فكما تعلمون فشعوبنا العربية و(الإسلامية) لا تذخر جهدا في هذا المجال، و ما عليكم إلا إلقاء نظرة على بطون السواد الأعظم من شعوبنا للتأكد من ذلك.. (ما شاء الله .. اللهم لا حسد..).


أما إذا تكلمنا عن القدرات العقلية و مستوى الذكاء، فقد تبث بأن المغاربة هم أذكى شعوب العالم – على الأقل حسب برنامج قناة أبو ظبي “وزنك ذهب” – فقد طرح في آخر حلقة من هذا البرنامج على مشارك مصري سؤال الحسم التالي: من هو أذكى شعب في العالم؟ المغرب أم اليابان؟ فضحك المتباري المصري وقال له طبعا اليابان .. قال له مقدم البرنامج: “الجواب خطأ.. المغرب يا أخي..” فتعجبت من الإجابة ! كيف للمغرب الذي يعيش فيه قرابة 80 في المائة من الشعب تحت وطأة الفقر و أكثر من 60 في المائة تعيش أزمة الجهل أن يكون هو أذكى شعب في العالم ؟ ! لكن الواقع يؤكد ذلك، فمن خلال دراسة أجريت على فئات من البشر تبين بأن المغاربة نبغوا في تعلم اللغات و العلوم الرياضية و غير ذلك و أثبتوا تفوقا جليا على غيرهم بل و على اليابانيين أنفسهم، أمر محير فعلا ! نحن الأقوى جسمانيا و الأضخم جثة، و الأذكى بشهادة الخبراء، لكن في نفس الوقت نحتل مراتب متأخرة عالميا في كل الميادين و نعاني التخلف و الجهل و الأمية.. مفارقة عجيبة غريبة ! لكن طلاسمها فكت من خلال برنامج “خواطر” و عرفنا من خلاله وصفة اليابانيين السحرية..


اليابانيون شعب رائع، تطور و تقدم مع الاحتفاظ بعاداته و تقاليده، فقد عادوا من الصفر بعد مخلفات حرب عالمية مريرة لم تزدهم إلا إصرارا على المضي قدما في حرب جديدة، حرب ضد الجهل و الفقر و التخلف.. ذات الصفر الذي بقي ملتصقا بشعوبنا نحن حتى أصبح يتوج رؤوسهم بل تضاعف ليصبح هذا الصفر صفرين… يكمن سر تفوق اليابانيين في التزامهم بأخلاق ديننا الحنيف، نعم .. رغم عدم وعيهم بذلك، أخلاق الأمانة و الكرم وحب الخير للآخر والتواضع و التفاني في العمل وغير ذلك من الصفات الحميدة التي تعتبر من جوهر المعاملات في الإسلام و التي حث عليها سيد الخلق، لكن للأسف نحفظها عن ظهر قلب فتبقى حبيسة اللسان دون أن نعمل بها على أرض الواقع، فماذا تقول عن أناس يعتبرون التحية أمرا مقدسا، فمن المستحيل أن تمر بأحدهم دون أن يحييك تحية رائعة منحنيا و مبتسما.. بينما تجد في المقابل ببلداننا (الإسلامية) من لا يكلف نفسه حتى عناء النظر إليك إن أنت ألقيت عليه التحية.. هذا إن لم يجبك بوابل من الشتائم !


من الأمور التي أعجبتني كثيرا .. كيف أن اليابانيين يخصصون مدة خمسة عشر دقيقة لنظافة الفصول يوميا وبصفة رسمية، ليس اقتصادا في المستخدمين، و لكن لغرس روح التضامن و التواضع في أجيالها منذ الصغر، فأين نحن من ذلك؟ ! أطفال أبرياء فعلا .. لا أقارنهم أبدا بغالبية أطفالنا للأسف الشديد، فالفرق الوحيد أن أطفالنا متفوقون .. نعم متفوقون.. من خلال امتلاكهم لقاموس غني و متنوع من الكلمات النابية و الساقطة التي يشنفون بها أسماعنا في الشوارع و الأزقة منذ نعومة أظافرهم .. فأين نحن من أدب الحديث والكلم الطيب المنبثق من روح الإسلام ؟


البعض قد يعتبر هذه المقارنة ظالمة.. وغير عادلة.. مدعيا بأنه من غير المعقول مقارنة اليابان كقوة اقتصادية عظمى بشعوبنا المتخلفة أو السائرة على طريق النمو كما يحلو للبعض تسميتها.. لكن إذا أردنا السمو و الرقي بذواتنا فإنه من الأفضل و الأنجع التطلع لمن هم أحسن منا حالا ومحاولة إيجاد مكامن قوتهم و تفوقهم والأخذ بما يفيد و ترك ما لا فائدة منه، لا الأخذ بالقشور من قبيل تتبع آخر صرخات الموضة.. حتى أصبحنا لا نفرق بين متشرد تائه في دروب المدينة و شاب يظن نفسه يرتدي آخر صيحات الموضة.. نفس المواصفات: (شعر منكوش.. سروال مثقوب و ممزق.. قميص مهترئ …).


هذه دعوة لمشاهدة برنامج “خواطر” ، فكما يقال: “ليس من رأى كمن سمع”، و إلى ذلك الحين، يبقى الأمل معقودا على الجيل القادم لعله يتمكن من صناعة مكوك فضائي وقوده الحكمة و محركه الأخلاق النبيلة والقيم الثابتة ليحملنا جميعا إلى كوكب اليابان الذي يبعد عنا حاليا بملايين السنوات الضوئية.. لأننا فعلا و للأسف نعيش في كوكب آخر !

‫تعليقات الزوار

7
  • zoon van de islam
    السبت 17 أبريل 2010 - 18:39

    بلا كثرة الكلام سأقول نعم نحن أدكاهم
    يكفي أن ترى أمي مغربي يتكلم لهجات عدة عربية و بطلاقة
    على عكس كل الشعوب
    فما دمت مغربي فلا تستغرب

  • ايوب الحالم
    السبت 17 أبريل 2010 - 18:41

    مشكل المغرب هو غياب الأمانة وروح العمل الجماعي و اللاوعي ثقافيا و اجتماعية وللأسف حتى دينيا لأبد من منهجية تستهذف كافة هذه المجالات و ليس فقط الخبز وا العمل و مكان صالح للسكن لابد من محاربة روح المادية لدى المغاربة ولكن كما قلت نحن في كوكب أخر يالله تخلق فيه بن أدم و يالله بدا عندنا التاريخ… شكرا على المقال

  • مغربية حتى النخاع
    السبت 17 أبريل 2010 - 18:29

    يجب على الشعوب العربية ان تستحي من نفسها عندها كل سبل النجاح و التفوق غير ان الغباء و غلبة المصالح الفردية تعمي الابصار و تجر بالكل الى الحضيض
    العرب يفضلون ان يسيؤا الى بعض و بالتالي ينحطوأجميعا، احسن عندهم الف مرة ان يساعدو بعض و يرتقو جميعا
    عندنا في الاسلام كل ما هو كفيل بجعل الانسان ارقى شيء شيء فوق الارض، النظافة، الادب، التشجيع على التعلم، اصول التجارة، كيفية تنظيم الاسر، كيفية تربية الاطفال، احترام البيئة و الحيوان، الاختراع، البحث، التقصي، علاجات نفسية لامراض النفوس، العدل، كيفية التعامل مع اولياء الامور، تقسيم الخيرات و الاملاك….
    لن اقول عنها سوى المدينة الفاضلة لكن يا حسرة من يطبق هدا كله؟؟
    انقلبت الموازين، المعاملة الحسنة اصبحت تترجم في ايامنا:اما خوفا،او تحايلا،او محاولة للتقرب من الشخص، او نفاقا، او طلب للشهرة،
    اصبح الانسان لا يرتاح الا ان يعامل و يعامل بالسوء فهداهو الوضع المقبول الذي لا يثير الشكوك و التاويلات
    كما قال الكاتب ، شعب اليابان او الصين ماذا يختلفون عنا
    اجسامنا اقوى من اجسامهم، عيوننا اوسع من عيونهم و مع ذلك متفوقين عنافي الالكترونيات و الرقاقات التي لا تكاد ترى بالعين المجردة، فكيف يرى هؤلاء هده الاشياء اكيد بالبصيرة و ليس البصر
    ياكلون.. انتم تعرفون لحوم اقرف ان اذكرها هنا، يعني المفروض يجيهم غباء و ليس ذكاء
    يصنعون الربوتات و انواع الاكترونيات، وكل يوم جديد اختراع جديد، بقدر تمسكهم بالتقاليد بقدر ريادتهم في الحداثة، شعب يتجاوز المليار منظم كل يعرف عمله و ما يجب ان يساهم به مثل مملكة النحل سبحان الله
    سمعت كذلك انهم يعملون اجتماعات عمل في الليل و في الرابعة صباحا، شعب لا يحب ان ياخد عطلة او نهاية اسبوع، شعب، على حسب سيدة فرنسية زارت اليابان قالت، اليابان في شوارعهم تحسهم اناس مختلفين عن باقي البشر يعيشون في عالم افتراضي، و في المحطات كل مشغول بجهازه المحمول (اكيد ليس الشات) لا احد ينتبه لاحد، ماشي بحالنا مرضنا عا بالحضيان شي حاضي شي

  • Nabil
    السبت 17 أبريل 2010 - 18:37

    Pourtant le Mexique, le Chili, Pologne et une centaine d’autres ne sont ni arabes ni musilmans et ne sont pas des pays dévoloppés …
    Par contre, la malysie figure bien dans la définition des tigres asiatiques et elle est bien développée que les pays cités ci-dessus et elle est un pays musilmane
    il faut chercher d’autres alébies valables et logiques

  • salaheddine
    السبت 17 أبريل 2010 - 18:33

    يؤسفني أن اقول بان اغلبنا ممكن ان يكون ذكيا ولو كان غبيا وذلك بالعلم والتعلم ، لكننا للاسف نستعمل طاقتنا الفكرية في المكر بالىخر وفي الحسد وفي القيل والقال والنميمة في الوقت الذي وصل فيه الناس إلى القمر بالبحث العلمي وصلنا نحن إلى آخر السلم الترتيبي في التعليم وإلى آخر السلم في الرياضة وهكذا…إن الامي المغربي الذي يزعم البعض انه يستطيع تحدث جميع لغات العالم لا يعدو ان يكون مجرد ببغاء أبله يردد ما يسمعه عن الغير دون ان يفهمه…ينبغي ان نعترف بان اليابانيين يفوقوننا تقدما واخلاقا ورفعة فهم عوض ان يضيعوا ساعات في النميمة يصنعون خلالها رجلا آليا …هم عباقرة متقدمون طيبون يبعدوننا بميار سنة من التقدم…إنها الحقيقة الساطعة لماذا لا نتأثر بهم ونستجمع قواننا من جديد لنحيي أمجادنا الغابرة التي وصلت إلى بلاد الاندلس.

  • amine
    السبت 17 أبريل 2010 - 18:31

    l inteligence est le passage d un etat de desequilibre a un etat d equilibre
    est ce ces marocains ont surmente les desequilibres economique;sociale;politique;educatif::::
    ou ils les ont accentue
    quel inteligence

  • محمد ايوب
    السبت 17 أبريل 2010 - 18:35

    ما لم يقله الكاتب هو ما هو دور حكامنا في تخلفنا؟ لماذا لم تعقد المقارنة بين حكامنا وحكامهم واحزابنا واحزابنا ومسؤولينا ومسؤوليهم؟ عندما تذهب الى اية ادارة عندنا فالموظف بها ينتظرك ليبتزك لا ليقضي لك غرضك بجد وتفان وحب… اغلب الموظفين ديدنهم وهمه الحصول على المال من الزبون…مهما كانت درجة ورتبة هذا الموظف: خليفة او قائد او رئيس دائرة او عامل او مسؤول مركزي بدرجة سامية او موظف بمحكمة او بمستشفى او بجماعة او او بمحكمة او بمحافظة عقارية او بادارة التجهيز والنقل او بالدرك والامن والقوات المساعدة او الجمارك او بادارة الضرائب او بمناسبة الانتخابات او بالتعليم… حتى التعليم اصبح موظفوه يبتزون المواطنين عن طرق الساعات الاضافية…من دون استثناء الا اشخاص قليلون يتقون الله في المواطنين وهؤلاء قلة مهمشة في الغالب…جل المسؤولين عندنا يبحثون عن المال وبالطرق غير المشروعة تكون مغلفة احيانا بالقانون الذي يجيد بعضهم التحايل عليه… لقد شاهدت اغلب حلقات البرنامج مباشرة في شهر رمضان، بل كنت احرص ان اشاهده انا وزوجتي واولادي لعلنا نتعلم من هؤلاء اليابانيين الذي اتضح انهم يطبقون اخلاق الاسلام ولا ينقصهم منه الا النطق بالشهادتين واداء العبادات بينما نحن لا نطبق الاسلام ولكننا ننطق فقط بالشهادتين ونمارس عباداته التي لم تغير من سلوكنا شيئا مما يفيد باننا نتمسك بالقشور فقط لا الجوهر…لقد قال الرسول عيه الصلاة والسلام:الدين المعاملة…فاين معاملتنا من معاملة اليابانيين؟ وقال ايضا: العمل عبادة…فاين نحن من العمل والجد فيه والمثابرة عليه؟ وقال رسولنا الكريم ايضا: من غشنا فليس منا… وانت ان تمعنت في امورنا تجد اغلبها غش في غش: بائع السمك والجزار وبائع العسل وزيت الزيتون والحليب ومنتجاته والمعامل التي تغش في السلع وتزور تاريخ صلاحيتها والموظفون وعمال البناء ووووو…غش في غش على مختلف المستويات وفي جل الميادين…اعتقد انه لو اردنا ان نكون مثل اليابانيين فيلزم ان يتوقف هؤلاء اليابانيون حيث هم وياتوا الى بلدنا ليعملوا بها على ان نكون نحن متفرجين فقط…ومع ذلك اشك في ان ينجحوا هنا…

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 7

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال