وقفة تأمل في المشهد السياسي المغربي

وقفة تأمل في المشهد السياسي المغربي
الجمعة 4 يونيو 2010 - 15:15

هل ما تشهده الساحة السياسية الوطنية يستحق الاهتمام فعلا ؟ سؤال طالما تبادر إلى ذهني وأنا أتتبع وقائع وتطورات ما يسمى بالحقل السياسي المغربي الذي يعج بأحزاب ضعيفة، منها ما جاء في ظروف موضوعية ومنها ما أملته الطموحات الشخصية والحسابات السياسية الضيقة الأفق.


وقد لا يختلف إثنان أن هذه الأحزاب لا تمتلك ما يكفي من المقومات والاستعدادات لتكون جديرة بثقة واهتمام المواطنين المغاربة الذين ضاقوا درعا بالوعود والأكاذيب والشعارات الرنانة التي تصاغ في كلمات لا تستحقها، مثلما لا تستحق حتى المداد الذي كتبت به.


هل في بلادنا حزب واحد يمكن أن ينطبق عليه مفهوم الحزب السياسي كما هو متعارف عليه في أدبيات العلوم السياسية التي تعتبر الحزب بمثابة الكيان الذي يسعى إلى ممارسة السلطة أو المحافظة عليها ؟ لا أعتقد أن الجواب سيكون بالإيجاب لأن المتأمل الموضوعي في مجريات الأمور لن تغيب عنه حقيقة أن جميع الأحزاب التي تؤثث المشهد السياسي الوطني لم يسجل لها يوما أن سعت إلى ممارسة السلطة بالمعنى العلمي منذ الاستقلال وإلى الآن.


وبصرف النظر عن أن القواعد التي تحكم سير النسق السياسي ربما لا تسمح لها بهذا النوع من الممارسة السياسية، فإنه يحق التساؤل في ذات الوقت كيف يتأتى لها ذلك وهي مثقلة في تكوينها الداخلي بالعديد من القيود والأغلال الذاتية ومتعودة على الخمول والكسل والنشاط المناسبتي والجري وراء المصالح الخاصة لـ “زبنائها” الذين لا يستحضرون أية مبادئ أو أفكار أو مقاصد نبيلة.


إن كل هذه الأمور ليست إلا مجرد كلمات منمقة تستحيي حتى الحروف التي تشكلها من أن تجد نفسها مقحمة في الوثائق والأوراق الداخلية لهذه الكائنات السياسية المشوهة، أما الواقع اليومي فيحكي حكايات مغايرة ظاهرها الدفاع عن الوطن وقضاياه الكبرى وانشغالات المواطن وهواجسه المؤرقة، أما باطنها فتدافع وتزاحم بين الأضداد من أجل إرضاء أنانيات الذوات المنتفخة.


وحسبي في التدليل على ذلك ما نعاينه في كل مناسبة انتخابية من اقتتال مستطير بين الساعين إلى الظفر بالتزكية التي صارت أحد الأسباب في مبادرة الغاضبين إلى إنشاء أحزاب جديدة. أما مواعيد “المؤتمرات العامة” و”تجديد” الهياكل فتسبقها معارك طاحنة بدءا من تشكيل اللجن التحضيرية و انتهاءا بمعايير انتخاب أو تعيين أعضاء المؤتمر نظرا لما تكتسيه هذه المحطة من أهمية قصوى في تحديد النتائج وتحقيق الأهداف المسطرة سلفا، وهذه ظاهرة لا يشذ عنها أي حزب بما فيها تلك التي تختصر منطلقاتها في المرجعية الإسلامية.


في كل هذه المناسبات هناك ضحية واحدة وهي الديمقراطية التي يتغنى بها الجميع وينشدها، وهي منهم براء براءة الذئب من دم يوسف، فأية علاقة يمكن أن نقيمها بينها وبين أحزاب يورثها الآباء للأبناء أو يقرر فيها شيوخ لا يتزحزحون إلا بالموت أو تنتظر مكالمات هاتفية من جهة ما لتضع جدول أعمال اجتماعاتها فبالأحرى أن تصنع قراراتها دون وصاية.


وإذا ما تجاوزنا هذا المستوى الذي يهم كل حزب على حدة ، فإن الإنتقال إلى مستوى التأمل في المشهد ككل ومنظومة العلاقات التي تؤطره يجعلنا من الوهلة الأولى أمام واقع مر تلخصه المحاولات اليائسة التي من أجلها وُجد حزب طارئ على الساحة قصد جمع شتات أحزابنا وتوحيد عملها في أقطاب عصية على التصنيف وفق رؤية فوقية لا تراعي أن هذا التشتت متأصل موضوعيا في واقعنا الحزبي ولا سيبل لتجاوزه إلا بمبادرات حقيقية تأتي من أسفل إلى فوق وليس العكس .


أما ما يجري حاليا تحت إشراف الحزب المومأ إليه ومن تعاقد معه من الباطن فيما بعد، فمآله في إعتقادنا الفشل تماما كما حصل في تجارب سابقة.


على المعنيين أن يدركوا أن الرهان على مثل هذه المبادرات الذي يجري بأشخاص استنفذوا صلاحياتهم وبوسائل غير ديمقراطية لن يؤدي إلى أي نتيجة سوى تكريس ظاهرة العزوف السياسي ونفور المواطن من أي نشاط أو تحرك له علاقة بالسياسة عل الطريقة المغربية . لقد تعب هذا المواطن المغلوب على أمره ومل من دور الضحك على الذقون الذي تتفنن أحزابنا في أدائه على مسرحنا السياسي الباعث على الشفقة والترحم.


ولذلك لا غرابة أن تبقى آمال المواطنين المغاربة معلقة فقط على الملك الذي يكثف من مبادراته وتحركاته بما يحيي الأمل في النفوس ويقوي الإيمان بإمكانية الوصول إلى مغرب آخر ممكن حقا إذا توفرت شروط معينة أولها تطهير المشهد السياسي من الانتهازيين المدعين، كذبا وزورا، غيرتهم على الوطن، وآخرها التفعيل الملموس لأسس ودعامات الحكامة الجيدة وتتصدرها الرقابة القبلية والبعدية والمحاسبة، بمعنى مكافأة المجدين المخلصين ومعاقبة المفسدين المتلاعبين بمستقبل الأجيال الحالية واللاحقة.


[email protected]

‫تعليقات الزوار

4
  • walo
    الجمعة 4 يونيو 2010 - 15:17

    السلام عليكم
    مقال لم يأت بجديد، بدلا من لعن الظلام، أشعل شمعة. i7tiramati

  • سناء
    الجمعة 4 يونيو 2010 - 15:19

    شكرا لصاحب المقال الدي فتح لنا المجال مرة اخري لادلي برائينا في الموضوع .
    وخاصة ان هدا النقاش صحي ونحن مقبلون علي الجهوية والانتخابات التي نحن ما نزال نحلم بنزاهتها .والتي اكد ويؤكد عليها جلالة الملك محمد السادس في كل خطابه والتي قال عنها حفظه الله اثناء افتتاح الدورة التشريعية يوم الجمعة 12/10/2001″ان نجعل من نزاهة الانتخابات المدخل الاساسي لمصداقية المؤسسات التشريعية وان تتحمل السلطات العموميةوالاحزاب السياسية مسؤوليتها كاملة في توفير الضمانات القانونية والقضائية والادارية لنزاهة الاقتراع وتخليق المسلسل الانتخابي “انتهاء كلام جلالته.
    اما بنسبة للجهوية والتي قال عنها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني بان المغرب بمثابة فسيفساء بشرية وجغرافية
    ويظيف رحمه الله “اريد تحقيق الامركزية لاترك يوما الجهات تتمتع باستقلالية كبيرة علي شاكلة المقاطعات الالمانية ودلك سيكون بتاكيد في مصلحة المغرب.
    بحيت يكون التنفيد اسرع والتصور اكثر واقعية.فالمغرب حباه الله بتنوع رائع لانه يزخر من الناحية الجغرافية بصحراء شاسعة. وواحات نخيل وارفة الظلال وثلوج تكسو جباله.وسهول خصبة .فضلا عن سواحل مترامية الاطراف علي المحيط الاطلسي والبحرالابيظ المتوسط ولا ينقصه الا صقيع القطب الجنوبي “
    فخريطة الطريق واضحة ومبنية علي اسس مثينة لا تنقصها الا ارادة حسنة

  • المتشائل
    الجمعة 4 يونيو 2010 - 15:25

    عن أي جديد تريد أن يحدثك صاحب المقال؟ليس في المغرب السياسي ما يستحق الإهتمام فعلا،نحن لا نفعل سوى اجترار الماضي بكل سلبياته، في المغرب كل شيء يتغير من أجل أن لا يتغير أي شيء

  • ما تخفوش من الهمة
    الجمعة 4 يونيو 2010 - 15:21

    الى صاحب التعليق رقم واحد ماذا تريد من الكاتب ان يأتي لك به من جديد,أظن أنك تريدالمستحيل . المشهد السياسي المغربي واضح للعيان . الهمة يتحكم في الجميع ويجمع شتات أحزابنا الفاشلة ومن حوله مجموعة من الإنتهازيين الفاشلين وأصحـــاب الشكارة الذين لا يعرفون حتة طرح سؤال بمجلس المستشارين والنواب. على ذكر مجلس النواب لاحظوا أسئلة البام ومواقفهم غير المفهومة عند إستقبالهم للوفود الخارجية سواءا من طرف الأمين العام او من طرف اعضاء المكتب السياسي يقولون للوافد أن المغرب حقق تنمية مستدامة وإنتقال ديمقراطي ويشهرون في وجهه تجربة الإنصاف والمصالحة الخ ويقولون له ان هذا تحت قيادة صاحب الجلالة نصره الله وايده وبالمقابل يعقبون على التصريح الحكومي لعباس الفاسي الوزير الأول ويقولون في التلفاز بأن الحكومة لم تقم بأي شيئ ويفترض أن تقدم إستقالتها .هذا تناقض صارخ لأن حتى الوزير الول يقول بأن نحن حكومة صاحب الجلالة ونشتغل في إطار ألأوراش الكبرى المفتوحة من طرف صاحب الجلالة. داخلنا عليكم بالله واش غادي تفهمو شي حاجة. أوما الإتحــاد الإشتراكي للقوات الشعبيةة مات مسكين او باع الماتش وما استوزار لشكر سواء جزء من لعبته المفضوحة والتجمع مسكين يشتغل بتليكموند ديل الهمة والإتحاد الدستوري رهن اشارة الهمة لكن مازل محشاهلهومش الحركة الشعبية حزب ديال العرسات والقصاير العنصر مسكين من موظف بسيط بوزارة البريد لوزير لأمين عام السيد والله ما كيعرف حتى حاجة غير السنطيحة.الأحزاب الصغيرة الأخرى راه بحال الباعة المتوجلين. الله إعفو اعلينا . الحزب الذي يستحق ان يسمى حزب حسب الأعراف المتعارف عليها دوليا هو حزب العدالة والتنمية اتفقنا معه أولا المهم كيدافع على مواقفو أو متيخافوش من الهمة

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات