الربيع العربي بين السيسي والسبسي

الربيع العربي بين السيسي والسبسي
الأربعاء 3 دجنبر 2014 - 15:19

كان حلما جميلا ذاك الربيع العربي، طلعت علينا نسائمه مع ثورة ياسمين تونس، وراحت بعد ذلك رياحه تهب شرقا وغربا في بلاد العرب لعلها تقتلع جذور الظلم و الطغيان لتحل مكانها العدالة و الحرية والنهضة الشاملة من سبات دام لعقود.

كانت ثورات شعبية كل ما فيها يكشف عن وحدة الخطاب و الموقف خرج فيها الكبير و الصغير المراة و الرجل بصدور عارية أمام رصاص القمع مقبلين على الموت في سبيل الحرية و العدالة الاجتماعية. لم يبق مجال للنعرات القبلية و لا للاختلافات الدينية و الأيديولوجية.

كانت هذه اللوحة جد معبرة تؤكد أن الشعوب وصلت مرحلة من النضج تستحق معه أن تغير شروط و قواعد اللعبة السياسية في بلدانها لتضمن بعد ذلك عيشا و كرامةكباقي شعوب العالم.

سقط بنعلي و تبعه مبارك قتل القذافي و ازيح عبدالله صالح فيما لا زالت أرض الشام مسرحا. لحرب مفتوحة لا يدرى فيها من يقاتل من.

كل التضحيات التي قدمت من أجل الإطاحة بهذه الرؤوس يمكن اعتبارها مقبولة في مقياس الثورات مع الأخذ بعين الاعتبار أن نموذج الديكتاتورية العربية فريد من نوعه من حيث عدم الأكثرات للنفس البشرية و من جهة أخرى على اعتبار أن هؤلاء المتجبرين حكموا لمدة عشرات السنين.

بعد سقوط رؤوس الأنظمة بدى واضحا من الوهلة الأولى عدم الجهوزية لتدبير المرحلة عبر التوافق و تحكيم المصلحة العامة بآليات متعارف عليها في المجال السياسي، و أصبح كل فريق يعمل على حصد غنائم (الانتصار) في المعركة لصالحه أو لصالح فئته أو جماعته أو حزبه.

وحيث أن أركان الأنظمة لا زالت تتحكم في كل دوالب الدولة من جيش و امن و قضاء و أعلام و رجال اعمال، فإنها لم تدع الفرصة لتمر دون العودة بسهولة فائقة لتتحكم بتنسيق دقيق وتكامل في الادوار للسطو على الثورات و الأخذ بزمامها عبر الترغيب و الترهيب و شراء الذمم.

رغم الاستحقاقات الكثيرة و المتنوعة التي عرفتها هذه البلدان في هذه الفترة الانتقالية إلا أن قوى الأنظمة البائدة كانت تعمل في خفاء ودقة تامتين للم شعتها و لتنظيم صفوفها لتسطوا من جديد على السلطة بمباركة شعبية يصنعها الإعلام والمال الحرام.

لا مجال لترك الفرصة لأي قوى منتخبة و كيفما كانت الأيديولوجية التي تتبناها، قنوات الإعلام أعلنتها حربا ضروسا تعقب الصغيرة قبل الكبيرة لتصنع منها الحدث، رجال المال و الأعمال يعملون على وقف دوالب الحركة الاقتصادية، إشاعة الفوضى و عدم الأمن بين المواطنين بتقصير مبيت من الجيش و الشرطة، بالإضافة إلى حشر القضاء في هذه اللعبة القدرة عبر أحكام ظالمة بسجن البريء و تبرئة الجاني.

لم يكن لقطاء وفلول الأنظمة البائدة لينجحوا في مخططاتهم دون دعم و غطاء خارجيين، وهكذا كانت دول الخليج لا تخفي دعمها المادي و السياسي لهم كما أن أمريكا و الاتحاد الأوروبي لم يجدوا غضاضة في غض الطرف عن ذبح الديموقراطية و الاختيار الحر للشعوب. كل ذلك كان يجري في تنسيق متناهي إلى أن جاءت ساعة الصفر بالنسبة للنموذج المصري لينقلب عسكر السيسي على أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا ولتبدء بعده خارطة طريق مهدت بالتدريج لعودة النظام بكامل أركانه و الذي انتهى مسلسله بالحكم ببراءة مبارك و أعوانه. و الزج في السجن بكل المعارضين و قوى الثورة.

أما تونس فهي تسير على درب مصر بخطى ثابتة نحو الهدف المنشود بتقلد السبسي رئاسة الجمهورية بعد أن حاز الأغلبية البرلمانية بتجميع كل الفتات المناهض للديموقراطية و اختيار الشعب تحت لواء فلول الحزب الوطني.
ولن استغرب رجوع بنعلي بعد ذلك معززا مكرما، لتعلن حركة النهضة تنظيم إرهابي و ليزج بالثوار في السجون أو التهجير.

لقد كان حلما جميلا ارتقى بنا لبضعة أشهر إلى استرجاع الثقة في نفوسنا على أننا أمة يمكن أن تصير يوما ما كباقي الأمم نحو التقدم والازدهار والرقي، لنفيق على كابوس يرجعنا عشرات السنين إلى الوراء. فهل هذا قدرنا أم أنه العدالة الربانية (كيفما تكونوا يول عليكم).

وكل ثورة و انتم بالف خير

‫تعليقات الزوار

4
  • FASSI
    الخميس 4 دجنبر 2014 - 09:46

    تحليل عقلاني ومتسلسل للاحداث.هذا ما نريد مفكرين احرار يقودوا الجماهير نحو المستقبل.فليسقط حكم العسكر

  • baba mouh
    الخميس 4 دجنبر 2014 - 11:59

    صحيح ان "الربيع الديموقراطي " في كل من مصروتونس يعرف نكوصا قد يستمر الى ما شاء الله ؛ ونفس الحال بالنسبة لليمن و ليبيا . والظاهر ان من وراء كل نكسة عسكر – اما ظاهرا او خفية – . الرحمة لشهداء الربيع.

  • أم مريم
    الخميس 4 دجنبر 2014 - 20:58

    "ويمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين " صدق الله العظيم ، سيتحقق الحلم إن عاجلا أم آجلا بإذن الله وسينصر الله عباده المخلصين وسيهزم عباده المفسدين ، لكن متى ؟ يقول سبحانه " إن تنصروا الله ينصركم " النصر شيئ غال عند الله تعالى ولا يمكن أن يعطينا إياه إلا إذا نصرنا الله في أنفسنا وفي أسرنا وفي مهننا .. إن أردت نصر الله فانتصر لدينه، إن أردت نصر الله فانتصر على نفسك، إن أردت نصر الله فأقم الإسلام في بيتك، وأقمه في عملك، إن أردت نصر الله عزَّ وجل فكن له كما يريد ليكون لك كما تريد.
    عندما نصل إلى هذا المستوى سننتصر..على الطغاة المفسدين إن شاء الله.

  • مسلم
    الجمعة 5 دجنبر 2014 - 22:10

    يااخ كفاكم خيانه ونفاق فلايوجد ربيع عربى ولكنه مخطط امريكي يهودى فلماذا لم يكون كما تقول ربيع عربى فى المغرب هل بلدكم احسن حالا من تونس او مصر او ليبيا او سوريا او العراق لا اظن ولكن لم ياتى عندك لعدم وجود تهديد منكم الى امن اليهود لان اليهود يعتبروا المغرب بلد لهم وهم يملكون رؤس الاموال فى المغرب بل ويخرج من المغرب اموال كل عام لتوسيع اسرائيل وقتل اهل فلسطين فلا يمكن ان يصل المغرب المخطط للتدمير واتكلم عن مصر فقط فكان مبارك حاكم وطنى من الدرجه الاولى حافظ على مصرنا وعلى بناء مصر من الحروب رد كل ارض مصر لمصر ولم يبيع مصر او تنازل عن متر فيها والمخطط هو تدمير كل بلد مجاور لاسرائيل وتدمير كل جيش يهدد امن اليهود ولكن حفظ الله مصر وجيشها فقد اوقف المخطط لليهود لان الله وعد بحفظ مصر وجيشها هم خير اجناد الارض وستظل مصر باقيه فيها الامن والامان كما قال الله عز وجل ادخلوا مصر ان شاء الله امنين ونعلم جيدا ان المغرب موالى لامن اليهود ويحافظ عليهم جيدا فلن يكون ربيع عربى ولكن سيكون العقاب من الله كما ارسل عليكم السيول لعلها تغسل ذنوبكم وخروجكم عن الاسلام توبوا الى الله فالموت ياتى بغته

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 2

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج