"الخطاب السياسي من وإلى الربيع الديمقراطي"

"الخطاب السياسي من وإلى الربيع الديمقراطي"
الخميس 11 دجنبر 2014 - 12:54

يعبر مفهوم الخطاب السياسي ، عن سلة من الإيحاءات والمعاني التي يلجأ إليها الفاعل السياسي محاولة منه في تمرير الخلفيات التي يقوم عليها انتماءه الحزبي من جهة ، وكذا من أجل استمالة أصوات الناخبين فيما يرتبط بالبرنامج الخاص بطيفه الساسي ، سواء تعلق الأمر بمناسبة خوض غمار الانتخابات التشريعية أو الترابية من جهة أخرى .

لقد أجمع مختلف الباحثين في الحقل السياسي الكوني ، على الدور الريادي الذي تقوم به الأحزاب السياسية في صناعة القرار السياسي وعبره القرار التنموي ، غير أن واقع الأمر يختلف في “الدول المتقدمة” عن نظيرتها في الدول النامية أو السائرة في طريق النمو.

لقد اعتمدت مجموعة من دول العالم، على خلق مجموعة من قنوات التواصل والتلاقي مع المواطن أي الناخب، ومن بين هاته الجسور سنقتصر في مقالنا هذا على التطرق بالدراسة والتحليل للخطاب السياسي.

يحتل الخطاب السياسي ، موقع الصدارة لدى الدول المسماة متقدمة، ما يمكننا أن نستشفه من عدة نماذج دولية، والتي نجد على رأسها النموذجين الألماني والأمريكي ، إنها تجارب حزبية وسياسية لازالت تعتمد في تسويق برامجها على اليات تتخذ في صلب اهتماماتها التطوير الدائم للهجة الخطاب السياسي وثناياه التي يتم تضمينها في برامج تسابقها السياسي، أمر لم يكن بالسهل بلوغه ، إذ لطالما أبان النموذجين السالفي الذكر عن تعثرهما غير ما مرة ، خاصة ونحن أمام عالم متحرك محكوم بخصوصيات قوامها العولمة المفرطة ، غير أن جل هذه الصعاب قد تم التغلب عليها من وجهة نظرنا في كل من الفيديرالية الألمانية “سيدة أوربا” أو الولايات المتحدة الأمريكية “أول قوة اقتصادية في العالم”، وذلك باعتمادهما للغة خطاب سلسة ومنطقية قوامها التفاعل المباشر مع تطلعات رعايا الدولتين ، أمر لم توكل مهمة تلميعه ووضعه في قالب جذاب للأحزاب السياسية فقط ، بل تعداه إلى تأسيس وحدات خاصة شغلها الشاغل هو القيام بدراسات تمزج في ثناياها بين النظري والتطبيقي، ومن ثمة تعطي للمنظمات السياسية وعبرها الفاعل السياسي ماهية وسبل النجاح في الاستحقاقات الانتخابية ، الأمر الذي قاد أحزابا وقادات سياسية إلى التربع على هرم الفعل السياسي لأكثر من ولاية، وخير مثال نسوقه في هذا الباب النجاحات المتتالية لكل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل والرئيس الأمريكي باراك أوباما في الانتخابات لأكثر من مرة ، أمر يؤدي بنا إلى القول إلى أن مسالة توزيع الاختصاص قد وجدت لها مجالا واسعا في النموذجين السابقي الذكر، ومن ثمة استطاعت هذه الدول الرقي بمستوياتها التنموية إلى أحسن الأحوال وذلك بالرغم من تأثير رياح الأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصاديات مجموعة من دول المعمور، هذا وتجذر الإشارة إلى أن نجاح هذه التجارب لا يتوقف على واضعيها أو منمطيها “الوحدات الخاصة ” فقط، بل إنه قد عمل على تثبيت معالم المشاركة السياسية لكل مكونات المجتمع في تدبير الخريطة السياسية ، وذلك من خلال إخضاع جل التجارب السياسية إلى تقييم نصف الولاية والتجربة الأمريكية، إذ أن المواطن الأمريكي ومن خلال معايشته لتدبير الديمقراطيين ، اختار في الشهور القليلة الماضية بتلقين درس لهم ، وذلك بتمكينه للجمهوريين من أغلبية مقاعد الغرفة التشريعية ، إنها بالفعل قمة التدبير الديمقراطي للشأن الحزبي والسياسي، ذلك أن أمريكا قد جعلت من التقييم أكثر الوسائل الكفيلة بإعادة التدبير السياسي إلى جادته.

إن المغرب، وباعتباره أحد مكونات المنظومة العالمية ، قد عمل ومنذ حصوله على الاستقلال، على محاولة تطبيق سياسة بريسترويكا، كفيلة بالقطع مع زمن الاستعمار الغاشم ، محاولات كان للأحزاب السياسية وخاصة التاريخية منها دور كبير في الدفع قدما بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، والكفيلة بمغربة القرار السياسي لما بعد العصر الكولونيالي، أمر لا يمكن لأحد أن يشكك في أدوارها في الدفع قدما بمسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ببلادنا ، غير أن الأمر لم يسلم من بعض المعيقات والتي لازالت تؤثر على جني النتائج المرجوة من وراء الفعل السياسي ، والتي سأحاول إقحامها في هذا المقال بالموازاة مع مقدم ثورة الياسمين أو الربيع الديمقراطي.

لقد جعل الربيع الدمقراطي ، من الدولة المغربية ومقارنة مع الدول التي لازالت وإلى يومنا هذا تعاني من شرارة رياح هذا التغيير ، نموذجا يحتذى به ، وخاصة فيما يرتبط بإيجابية تفاعله مع هذا المعطى الجديد ، الأمر الذي نستشفه منمضامين الخطاب الملكي التاريخي ل 09 مارس والذي تلاه ميلاد تحول دستوري جذري كان قوامه التفاعل المباشر مع تطلعات المواطن المغربي ، أمر يمكننا أن نفهمه من خلال توسيعه لصلاحيات رئيس الحكومة ، وكذا من الدور الذي يجب أن تلعبه المعارضة في صناعة القرار السياسي والتنموي، وكذا من خلال تكريسه لمبدأ المشاركة المواطنة:” إمكانية تقديم المجتمع المدني والمواطن العادي لعرائض ومقترحات فيما يرتبط بمسألة تدبير الشأن العام”، هذا بالإضافة إلى تنصيصه على مبدأي المساءلة والمحاسبة الدستوريين والكفيلين من وجهة نظرنا وإن أحسنت مسألة تنزيلهما تنزيلا سليما بالقطع مع ممارسات الماضي والمضي قدما في تنزيل منطق الرجل المناسب في المكان المناسب على أرض الواقع، إنه ربيع ديمقراطي إيجابي بالنسبة للدولة المغربية ، غير أن ما يثير حفيظتي هو حالة السعار التي أصيبت بها أحزابنا السياسية منذ بزوغ فجر هذا الربيع ، أمر لا يمكن لأحد أن يمر مرور الكرام بدون التطرق إلى افته، أغلبية ومعارضة جعلتا من البرلمان بغرفتيه، ساحة لتبادل الاتهامات الفضفاضة والواهية والتي لطالما وصلت في بعض الأحيان إلى السب والقذف، الأمر الذي يتعارض قطعا مع المهام النبيلة التي أسست هاتان الغرفتان من أجل الاضطلاع بها.

لقد أفلت نصف الولاية التشريعية ، وكنا نأمل بأن يرتقي الخطاب السياسي إلى مستوى التطلعات المنشودة منه ، خاصة وأن بلاد الاستثناء قد عرفت ميلاد مشاريع تنموية كبرى ، لازالت تقد مضجع الجار والصديق، في الوقت الذي لازال فيه ساستنا غارقون في “المدابزة ” والتصارع على المناصب التي أصبحت حكرا على أشخاص دون غيرهم في سياق تغلب عليه النظرة الحزبية الضيقة وتصريف الحسابات السياسوية الفارغة والتي لازالت تضيع على بلادنا بلوغ مرامي الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي المنشودين.

إن ماهية التطرق لدراسة وتحليل هذا الموضوع بالذات ، قد يفهم معه البعض تحامل الكاتب أو قصده أشخاصا بذواتهم ، بل على العكس من ذلك، فالكاتب مناضل في أحد أعرق أحزابنا السياسية ، وإيمانا مني بخلفياته القائمة على النقد الذاتي ، فإني أقول لساستنا كفى من الاستهتار والعبث بمصالح المواطنات والمواطنين، ولننخرط جميع إناثا وذكورا في بعث روح المنافسة الشريفة ، القائمة على نبل الخطاب السياسي والارتقاء به إلى مستواه في النموذجين الانفي الذكر، أمر ليس من الصعب بلوغ تحقيقه ، إذا ما قلنا كفى من المزايدات الحزبية الفارغة ، ولنقم جميعا بنقد ذواتنا وتطبيق الديمقراطية داخل منظوماتنا لكي نبين للمواطن بأن زمن التعيينات المجانية وزمن القطيع الحزبي قد ولى ، وقد ثم تعويضه بمنطق النضال الحزبي النظيف والمشروط قطعا بضرورة إعادة النظر في خطاب أحزابنا السياسية ومن خلاله برامجها.

[email protected]

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات