ما بين الحرية والإرهاب

ما بين الحرية والإرهاب
الجمعة 16 يناير 2015 - 11:57

خلفت حادثة الهجوم على الجريدة الفرنسية شارلي ايبدو وكذا المطعم اليهودي بالعاصمة الفرنسية الاسبوع المنصرم ردود فعل متباينة، لعل أغلبها كان ينحو منحى الشجب و الاستنكار لمقتل ما يزيد عن 16 شخصا من بينهم صحفيين بالإضافة إلى منفذي العملية.

وإن كنا لا نختلف كثيرا عن هذا الموقف من حيث رفض الإرهاب بكل أشكاله وانواعه وخاصة منه ما يؤدي إلى العنف الجسدي أو القتل، فإن القاعدة العامة لتعريف ماهية الإرهاب لا زالت محل تساؤل وجدال كبيرين.
وكذلك الشأن بالنسبة للحريات بشكل عام وحرية الرأي بشكل خاص، حيث لازال التساؤل مطروح من أين تبدأ الحريات وأين تنتهي؟ و هل هناك شيء يسمى الحرية المطلقة؟

حيث أن كل القوانين السماوية و الوضعية جعلت للحقوق و للحريات حدود بما فيها الحق الأسمى و هو حق الحياة.
ومن هنا يحق لنا التساؤل إلى أي حد يمكن اعتبار ما قامت به جريدة شارلي ابدو يدخل في إطار الحريات وليس تجاوزا خطيرا يضرب في الصميم عقيدة أكثر من مليار مسلم؟
وهل يحق أن نضرب في العمق الحرية بإسم الحرية؟
وهل باسم الحرية يقبل الغرب الطعن في نموذج الحريات التي يعيشها و يجعل منها الاها مقدسا؟
ولماذا هذا الغرب نفسه يسن قوانين جنائية تجعل حرية الرأي تقف عند انتقاذ اليهود تحت مسمى معاداة السامية؟
فإذا كان القانون الفرنسي قد قال كلمته الفصل بأن ما تقوم به المجلة المذكورة يدخل في إطار الحريات المباحة و المشروعة، فلماذا لم يقبل الفرنسيون بقانون طالبان ولا قانون شمال مالي و لا قانون داعش، هذه القوانين التي سنها أصحابها بمعرفتهم ولضمان حريتهم والتي لا تمس بفرنسا ولا بالفرنسيين لا من قريب ولا من بعيد، و أرسلت جندها و طائراتها لتغيير هذه القوانين بطريقتها ووفق ما يتماشى مع هواها على حساب آلاف الأرواح التي زهقت؟
فرنسا والغرب يريدون حرية على المقاص، تعز بها من تشاء وتذل بها من تشاء. حرية تفرضها موازين القوى، ويرضخ فيها الضعيف للقوي.

حرية الكيل بموازين وليس ميزانين.أما فيما يخص الارهاب، فقد حسم جورج بوش الأبن في تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود فيه حينما قال قولته المشهورة (معي أو مع الإرهاب).واستنادا لهذا التعريف خرج نتانياهو بباريس يناضل ضد إرهاب اطفال و نساء و شيوخ غزة، و خرج ساركوزي الذي ازهقت طائراته آلاف الأرواح الليبية، واصطف إلى جوارهم يدا بيد في تعاطف منقطع النظير جل طغاة الحكام العرب الذين يحكمون شعوبهم بالحديد و النار ويفتقدون لأدنى مستوى من الحريات في بلدانهم.

وهنا بيت القصيد، فالخزي والعار والذل والهوان الذي تعيشه الأمة العربية الإسلامية دون الأمم ما هو إلا نتيجة لما نرى عليه تخاذل و رعونة حكامنا. هذا الذل والهوان الذي سافر عبر الزمن ليجعل من خير من خلق على وجه الأرض يسب و يقذف و يهان، و حكامنا يشاركون في مسيرة تأييد وتضامن لمن يفعلون ذلك.

يحزنون لمقتل بضعة عشر نفر ولا يحركون ساكنا لابادة جماعية يتعرض لها المسلمون من غزة إلى سورية مرورا بالعراق ونهاية بأفريقيا الوسطى و بورما.غابت النخوة العربية و غابت الخلافة الراشدة فأصبحنا مأدبة اللام أبيضهم واسودهم و اصفرهم.

وأخيرا اقول لمن ارتكب هذا الجرم بدعوى الدفاع عن الرسول عليه السلام، لقد اخطاتم مرتين، فإما الأولى فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل من شتمه وذمه قط، وما كان يغضب إلا لله و ليس لنفسه، ولذلك تولى الله الدفاع عنه و رفع ذكره.و اما الثانية فقد اخطاتم الهدف، فمن جلب لنا العار والخزي فليست شارلي ايبدو بل نحن، من يحسبون على أمة محمد.

فالاعداء الذين بين ظهرانينا أخطر بكثير من ألف شارلي ايبدو.

ولعلني اتفق نسبيا مع أحد المقولات التي جاءت في إحدى الكاريكاتورات للمجلة المشؤومة وذلك على لسان نبينا عليه الصلاة والسلام (je suis adoré par des cons )

‫تعليقات الزوار

4
  • كاره الضلام
    الجمعة 16 يناير 2015 - 17:41

    ادا كانت في الغرب قانون يسمى معاداة السامية فهناك قوانين ضد الاسلاموفوبيا، و بناء على قانون الاسلاموفوبيا تم طرد ايريك زمور من عمله،الفرق هو ان المسلمين لم يتعرضوا لمحرقة و لو يطردهم الفرنسيون من فرنسا كما وقع لليهود،قانون معاداة السامية هو رفض لشتم شعب بكامله و هو اليهود و ليس انتقاد الصهيونية، هناك اصوات عديدة تنتقد الصهيونية في فرنسا و اوروبا و قد صوتت برلمانات لصالح الدولة الفلسطينية،اليهود تعرضوا لابادة فكان قانون ينتصر لهم مثل ما فرضت عقوبات على الالمان و اليابانيين اثر الحرب العالمية، و لو كان المسلمون تم اضطهادهم و ابادتهم من طرف الاوروبيين لتم سن قوانين تحميمهم من العنصرية،و لكن ما جرى هو العكس، المسلمون هم القتلة و هم المهاجمون و هم من يريد ابادة الاخرين،اما العنصرية فيتعرض لها كل الاجانب في الضواحي و منهم الاروبيون كالبرتغاليين،و الاسيويون ،و لكن لا احد يلجا الى الارهاب سوى المسلمين
    الحرية هي الحرية و متى وضعنا لها حدودا تكف عن كونها حرية،حدود الحرية هو القانون و ليس رغبات و عقد الامسلمين،و القانون الفرنسي لا يجرم المس بالمقدسات لان ليس هناك في القانون مقدسات اصلا

  • فاضل
    السبت 17 يناير 2015 - 00:49

    أخي الكريم! لقد قلت كلمة الحق في الغرب، وفي الحكام المداهنين له، الذين خذلوا دينهم وشعوبهم!
    وأما قولك (فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل من شتمه وذمه قط)، فهو غير صحيح؛ لأنه- عليه الصلاة والسلام- أمَر بِقَتْل الذي كان يَسُبّه ويُؤذيه في أشرف وأطهر البِقاع . ففي الصحيحين من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرُ ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ فَقَالَ : اقْتُلُوهُ .
    قال ابن بطّال في شرح البخاري : أمَر بِقَتْله دون سائر الكفار ؛ لأنه كان يُكْثِر مِن سَـبِّه، وقد أمَرَ بِقَتْل قَينتين كانَتَا تُغَنِّيَان بِسَـبِّه، وانتقم لنفسه ؛ لأنه مَن سَب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كَفر، ومَن كَفَر فقد آذى الله ورَسَوله . اهـ .

  • عبدالعالي
    الأحد 18 يناير 2015 - 10:19

    الاخ الذي ذكر حادثة قتل ابن خطل ليست كما قلت اخي.
    الرسول قال ؛ اقتلوه و لو وجدتموه متعلقا باستار الكعبة فقد كان يتشبب ببنات المسلمين.
    امر بقتل انتصارا لأعراض بناتت المسلمين و لم يكن لأنه سبه.

  • فاضل
    الإثنين 19 يناير 2015 - 11:27

    وفي الحديث الصحيح : أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بقتل كعب بن الأشرف . وقوله : من لكعب بن الأشرف ! فإنه يؤذي الله ورسوله . ووجه إليه من قتله غيلة دون دعوة ، بخلاف غيره من المشركين ، وعلل قتله بأذاه له ، فدل أن قتله إياه لغير الإشراك ، بل للأذى .

    وكذلك قتل أبا رافع ، قال البراء : وكان يؤذي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، ويعين عليه .

    وكذلك أمره يوم الفتح بقتل ابن خطل ، وجاريتيه اللتين كانتا تغنيان بسبه – صلى الله عليه وسلم – .

    وفي حديث آخر أن رجلا كان يسبه – صلى الله عليه وسلم – ، فقال : من يكفيني عدوي ؟ فقال خالد : أنا . فبعثه النبي – صلى الله عليه وسلم – فقتله .

    وكذلك أمر بقتل جماعة ممن كان يؤذيه من الكفار ، ويسبه ، كالنضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط .(انظر الشفا)؛وشكرا.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة