أحداث العيون في ميزان الربح والخسارة

أحداث العيون في ميزان الربح والخسارة
الخميس 25 نونبر 2010 - 09:29

لا يختلف اثنان في كون الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة العيون (في ما بات يصطلح عليه في المغرب ب ” الإثنين الأسود “) قد شكلت مرحلة جديدة في ملف الصحراء المغربية. لذلك فإن الحاجة ضرورية لتقييم تداعيات تلك الأحداث على ضوء تدبير الدولة للأزمة و التعامل معها.


إن فهم دقيقا لنتائج أحداث العيون و تبعاتها أمر بالغ الصعوبة في هذه المرحلة، وذلك بالنظر إلى غياب صورة واضحة تتعلق بمختلف تفاصيل الأزمة و أسلوب التعاطي معها منذ بدايتها إلى نهايتها. لكن كثيرا من التداعيات المرتبطة بالموضوع، تقدم لنا مؤشرات محددة يمكن على ضوئها تقييم الحصاد المغربي في ميزان الربح و الخسارة. و لذلك يمكن الفصل في هذا السياق بين مستويين: الأول سياسي، والثاني إعلامي. و بالرغم من أن هذا الفصل قد يبدو تعسفيا استنادا إلى التعالق الذي يفرضه مفهوم الدولة بين هذين المستويين، فإن الوقائع تحتم هذا التمييز. فقد حقق المغرب مكاسب سياسية مهمة على الواجهة الدولية حينما نجح في إخماد بركان الفتنة في مهده دون تسجيل ضحايا و خسائر في أرواح المدنيين. و هذا هو المهم، لأن الذين خططوا لأحداث العيون كانوا يراهنون على الإنفلات الأمني الذي من شأنه أن يحول المنطقة إلى معركة بين قوات الأمن و المحتجين، تنتهي بحمام دم يضع المغرب في وضع حرج أمام الرأي العام الداخلي و الخارجي و صانعي القرار في السياسة الدولية. لكن أسلوب التعاطي الأمني مع الأحداث فوت على هؤلاء هذه الفرصة. فقد تعاملت الدولة المغربية بحكمة وتبصر و هدوء مع الوضع. و نجحت بذلك في إفشال رهان الإنفصاليين و من يدعمهم على توريط المغرب حقوقيا. و قد بدا هذا النجاح جليا في موقف منظمة ” هيومن رايتس ووتش” التي تبنت الرواية المغربية الرسمية عن أحداث العيون، كما تجلى أيضا في القرار الصادر عن الأمم المتحدة حينما رفض مجلس الأمن فتح تحقيق دولي حول أحداث العيون، وفي ذلك تجاهل تام لادعاءات جبهة البوليساريو و من يقف خلفها. و هذا يعني أن المنتظم الأممي لا يحمل المغرب مسؤولية ما وقع.


هذا النجاح السياسي الواضح لم يتبلور إعلاميا، حيث وجد المغرب نفسه في موقف دفاعي أمام الهجمة الإعلامية الشرسة التي شاركت فيها الصحافة الإسبانية بقوة. و هكذا تحولت أحداث العيون إلى حرب دعائية استعملت فيه الأطراف المعادية للوحدة الترابية للمغرب كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للإساءة لسمعة هذا البلد. و لا يمكن أن نغفل في هذا السياق دور الإعلام في توجيه الرأي العام و التأثير في قناعاته. لذلك ندرك جميعا خطورة تلك الصور المفبركة التي نشرتها منابر صحفية إسبانية، لأن ربطها مباشرة بالأحداث المذكورة لابد أن يكون له وقع خاص على المتلقي. و إذا كانت وسائل الإعلام المغربية قد أفردت حيزا كبيرا لتكذيب تلك الإدعاءات و تصحيح الصورة المغلوطة التي نتجت عنها، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: أي تأثير لرد الفعل الإعلامي المغربي على تلك الدعايات الكاذبة؟. مشروعية السؤال ترتبط بطبيعة المخاطب الذي يتوجه إليه الإعلام في الحالتين. بمعنى أن كل الجهد الذي بذلته وسائل الإعلام المغربية سيظل أثره محدودا لأنه يتوجه إلى جمهور داخلي. أما الصور التي نشرها الإعلام الإسباني فهي موجهة لجمهور من نوع آخر. و هو الذي ينبغي أن تتغير لديه الصورة تحديدا من أجل أن تنكشف حقيقة التضليل الذي مورس عليه. لذلك فإن الدرس الأول الذي ينبغي أن تستوعبه الدولة المغربية بعد محنة العيون هو إعادة النظر في المشهد الإعلامي الوطني. إننا في حاجة ماسة إلى إعلام حر و نزيه ذي مصداقية يمتلك القدرة على التأثير في الرأي العام الخارجي من أجل تبليغ صورة حقيقية عن المغرب بإيجابياتها وسلبياتها. أما سياسة المصادرة وخنق المنابر الإعلامية أو إغلاقها، فلا تخدمنا بأي حال من الأحوال، لأن التعتيم الذي يصعب الوصول إلى المعلومة هو الذي يمنح الفرصة للأعداء لقلب الحقائق و تضليل الرأي العام.


إن المكاسب التي حققها المغرب بعد أزمة الإثنين الأسود في ما يتعلق بقضية الصحراء لا يمكن إنكارها، لكن الوقت مع ذلك يظل مبكرا للوصول إلى تقييم موضوعي وصحيح لكل تداعيات أحداث العيون، ولعل المستقبل كفيل بتوضيح الأمور وإزالة قلق السؤال وهواجسه.

‫تعليقات الزوار

5
  • rachid akchbab
    الخميس 25 نونبر 2010 - 09:33

    يجب المغرب احداث قناة تلفزية با للغةالاسبانية لمخاطبة الشعب الا سباني لشرح قضية الصحراءالمغربية وقناةاخرى باللغة الانجلزية لمخاطبة العالم

  • بنادم
    الخميس 25 نونبر 2010 - 09:39

    ما انتظره هو كشف المخابرات الجزائرية في هاته الاحداث ننتظر التحقيق ان يكتمل لتكتمل الصورة وللرد علىا الحزب اليميني الاسباني وفضحه بعد فضح الاعلام الاسباني

  • محمد الزيدي
    الخميس 25 نونبر 2010 - 09:37

    الى امهات الشهداء في الصحراء المغربية والى سائر المغاربة
    اختاه لا تبكيش البكاء مايفيد اختاه لاتبكيش ابنكوالله شهيد

  • mohamed
    الخميس 25 نونبر 2010 - 09:35

    احداث العيون رغم كل ما جرى فقد بينت ان كل المغاربة من طنجة الي الكويرة لهم صلة جد حميمة مع قضية الصحراء المغربية وويل لمن ياخد ولو حبة رمل من الصحراء المغربية في المغرب الكبير .
    حقا كبير في اعماله و سياسته و اعلامه وراء ملكنا العظيم محمد السادس نصره الله.
    الان في المغرب لا نرى الحديث الا عن الصحراء المغربية ، ولن نفرط فيها بعد ان اصبحت جنة بعدما كانت صحراء قاحلة لا ماء و لا بناء ولن نفرط فيها مهما كان والصحراء في المغرب احب من احب و كره من كره .

  • عبد الله بوفيم
    الخميس 25 نونبر 2010 - 09:31

    إن إسبانيا والجزائر وغيرهما, ممن شنوا حملة دعائية كبيرة على الشعب المغربي المسلم, لم يقوما بذلك من غير دوافع ولا حوافز. إن وراء ذلك شبكة صهيونية عالمية, ردت للمغرب الصاع صاعين, يوم كان المغاربة في العدوان الصهيوني على غزة من اشد واشرس المدافعين على المسلمين إعلاميا, وقام المغاربة بما لم يقم به شعب مسلم إبان الهجوم الصهيوني. يومها لم يكن الشعب التركي قد دخل بعد على خط التصدي للصهيونية العالمية. جميع شعوب الخليج العربي ساكتة بل وإن بعض سفهائها دافعوا على إسرائيل وشجعوها على إبادة اخواننا في غزة. في مصر كان اغلب الشعب مرغما على السكوت, إلا بعض الرجال والنساء الصادقين والصادقات, لكنهم وجدوا من مصريين آخرين مواجهة شرسة ودفاعا على الصهيونية العالمية.
    الشعب المغربي كان يومذاك كله مجمع على إعلان الحرب على العدوان الصهيوني وخرج المغاربة منددين وجلس الكثير منهم وراء شاشات حواسيبهم مدافعين ومهاجمين.
    وجدت الصهيونية العالمية أن الشعب المغربي المسلم, كان أخطر الشعوب واشدها شراسة وقت القتال بجميع أنواعه, لذلك شنت وسائلها الاعلامية حملات شرسة على الشعب المغربي المسلم, وعلى المرأة المغربية المسلمة خاصة, وصورت الصهيونية العالمية, المغرب على أنه ماخور كبير.
    انتقمت الصهيونية, بواسطة تجنيد فتيات يحملن صور ضحايا الصهيوينة ليقلن أن ما وقع وقع في مدينة من مدن المملكة المغربية.
    ايها الشعب المغربي الأبي, أفق واستعد للحرب وعلى جميع الجبهات, إن هذا البلد الذي يضرب له ألف حساب, ونحن نحسب أنفسنا تافهين, يراد لنا أن نكون إمعة غير مسلمين غير مؤمنين, مزقا يحارب بعضنا بعضا, لترضى عنا الصهيونية العالمية, وبعض أذنابها في اسبانيا والجزائر.
    للعلم فإني اعتبر الشعب الجزائري وكذا الشعب الاسباني, اخواننا لنا, لكونهم كانوا في زمن مضى رعايا لملوك إمبراطورية اسمها المغرب. وإنني لجد موقن أنه سياتي زمن ولو بعد حين يكونوا فيه إن شاء الله رب العالمين, رعايانا ومن جديد, ولذلك نسعى ونعمل, فانتظروا فإنا معكم منتظرون.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز