هل الإسلام دين علماني ؟

هل الإسلام دين علماني ؟
السبت 31 يناير 2015 - 16:20

سؤال مستفز ، و يستشف منه الكثير من التساؤلات الجدلية ، بين من تصل حد تفسيق صاحبه ، و التشكيك في منطلقاته الفكرية أو بين من قد يجد قبولا عند فئة منظرة للعلمانية كممارسة لا كإديولوجيا لها مآرب سياسية تبعية معينة . لقد كان الإسلام دينا له أبعاد تتلاءم مع واقعها ، و تستشرف مستقبلها ، أي تصلح لكل زمان و مكان ، لذلك كان من الصعب استساغة علمنة الحياة في مجتمعاتنا الإسلامية ، و في مقابل ذلك لم يجد العلمانيون المسلمون غضاضة من التصريح بأن الإسلام دين علماني ، منطلقين في فكرتهم من أن العلمانية تعني و ببساطة خدمة الإنسان من خلال تيسير سبل العيش في واقعه ، دون عنت ، و الإسلام ينحو هذا النحو ، ما دام كما قلنا جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، و هذه الاستعارة المجازية لا تشمل فقط العقائد و العبادات ، و إنما تمتد إلى المعاملات و السلوكات الإنسانية في الحياة اليومية .

مفهوم العلمانية غير بريء ، و لم يحدث إجماع عام على اصطلاح موحد له ، رغم أنه يشاع أنها تعني فصل الدين عن الدولة ، و لكن فهمها بتأويلات متعددة ، هو من جعل العلمانية منعزلة عن السواد الأعظم من المسلمين الذين يلقمونها حجرا بدعوى أنها تستبيح دينهم ، و تدعو إلى حصره في المساجد ، و في نفس الوقت ففهم الإسلام اليوم أيضا متعدد ، رغم اصطلاح الكثير من الفرق الإسلامية ماضيا و حاضرا ، على ألوهية الله و وحدانيته ، و رسالة نبيه صلى الله عليه و سلم ، لكن اختلفت كثيرا ، و وصلت إلى التناحر الدموي ، ماضيا و حاضرا طبعا

أحيانا تنهال عليك الحلول من كل حدب و صوب بين من يعتبر الإسلام هو الحل للخروج من هذه الابتلاءات التي تكتوي منها الأمة الإسلامية ، و من يرى أن تبني العلمانية سيف قاطع لهذا النكوص و الارتكاس الذين نعانيه ، و لكن تبقى هذه الأصوات غير مؤسسة ، و لا تنتظم في شكل مشاريع منظمة ، ما دامت لا تعدو أن تكون مشاريع فردية ، تموت بموت صاحبها ، أو تخفث بارتداده ، و تواريه .

أٌقول بكل يقين أن الإسلام لا يتعارض مع العلمانية في روحها و عمقها ، كما أنها بدورها لا تختلف عنه ما دام الإسلام جاء ليلبي حاجيات الناس في الحياة ، و يحقق لهم الراحة النفسية ، بأن يحلل لهم الحلال بما يتوافق و طبيعتهم البشرية ، و يحرم عليهم الحرام الذي تأنف منه طباعهم ، و العلمانية بدورها جاءت من حيث هدفها للقضاء على التسلط على الناس تحت أي مسمى ، دينيا أو دنيويا ، خاصة حين يكون التسلط عليهم ، و خنوعهم له إراديا نابعا من الجهل المقيت ، أو الإكراه القسري ، كما هو حال أروبا في عصورها المظلمة .

إذن يمكن أن أقول جازما إن الإسلام و العلمانية يشتركان معا في نبذ كل ما يحط من كرامة الإنسان ، بمعنى أنهما اصطلحا على خدمته ، فالإسلام جاء في وقت كان فيه الناس يرزحون تحت وطأة مجتمع قاس يأكل فيه القوي الضعيف ، و تستباح الحرمات ، و تنتهك أعراض أراذل القوم ، بمعنى آخر فالرسالة التي حققت للإسلام القبول بين سائر الأمم في مختلف أمصار العالم أنه دين يعز فيه المظلوم ، و يلجم فيه الظالم . و العلمانية بدورها بزغت في عصر كان فيه تجار الدين يستعبدون الناس من خلال ترهيبهم بعالم غيبي يحرمون فيه على الناس ما يحللونه هم على أنفسهم ، و إن كان هذه الرؤيا تنطبق أكثر على الأديان الأخرى أكثر من الإسلام .

‫تعليقات الزوار

4
  • KITAB
    الأحد 1 فبراير 2015 - 09:40

    فلننتظر الفرسان وهواة النفش في الكتابات "الإسلامية" ، ليشحذوا أقلامهم حول هذا الموضوع الذي بدأته بتساؤل (مصيدة) …الإسلام والعلمانية ، أية علاقة ، حلل وناقش .!!

  • Stupid
    الأحد 1 فبراير 2015 - 18:12

    مقالة ضعيفة مع كل الاحترام للأخ , ليس تعاطفا مع الإسلام السياسي ولا تعاطعا مع الطرح العلماني , لكن المقالة مُضحكة لأنها جائت تخوض في قضية جدلية عميقة لها امتداد تاريخي بمقالة من بضع أسطر لم تخض في التفاصيل ولا خاضت في النص ولا في النصوص ولا حاولت حتى عقد مقارنات جدلية ولا استمدت من التنظير الفلسفي للعلمانية ما يدافع به كاتب المقالة عن طرحه .

    صديقي مثل هذه المواضيع الكبيرة وجب أن تُجند لها وقتا وقبله بحثا مُفصلا دقيقا ومُتجردا وذلك حتى لا تقع في مثل العبث الذي بنيت به مقالة موغلة في الهشاشة ولا تُعبر سوى عن موقف ضعيف لا ينتصر للإسلام "دين ودولة " ولا هو ينتصر لـ " الإسلام دين العلمانية " كما حاولت الدفاع عنه فأنت لم تنتصر لأحد الطرفين سوى الانتصار لمقالة ضعيفة لم تستند فيها على أي إثبات سوى تكرارك لعبارتين بنفس المضموع " أكاد أجزم " و " أقول بكل يقين " وهذا ليس تقليلا منك لكن حاول أن تزن مرة أخرى المواضيع التي تتناولها فهناك فرق في الوزن بيين موضوع وآخر وما اخترته موضوع له وزن ثقيل لسوء الحظ وفي النهاية هذا أمر وارد الحدوث لكل فرد فينا وهذا بالتأكيد ليس عيبا إن تبعه تصحيح للمسار .

  • عبد العليم الحليم
    الإثنين 2 فبراير 2015 - 22:12

    بسم الله

    العِلمانية هي scientisme

    لكن

    ماهي العَلمانية laïcité؟

    هي عند كلود جفراي:إلغاء كل مرجع ديني

    وعرفها كورنليس فان بيرسن بأنها تعني:تحرر الإنسان من السيطرة الدينية أولا،ثم الميتافيزقية ثانيا على عقله ولغته.
    وقال:إنها تعني تحرر العالم من الفهم الديني وشبه الديني،إنها نبذ لجميع الرؤى الكونية المغلقة وتحطيم لكل الأساطير الخارقة وللرموز المقدسة…إنها تعني أن يدير الإنسان ظهره لعالم ما وراء الطبيعة

    وعرفها فتحي القاسمي العلماني: بأنها نزعة استقلالية بشرية انبنت على انسلاخ عن سيطرة المفاهيم الدينية على الإنسان

    وعرفها المؤتمر العام الدائم للتيار العلماني في لبنان:نظرة شاملة للعالم أي للإنسانية جمعاء،والكون كله تؤكد استقلالية العالم بكل مقوماته وأبعاده وقيمه
    تجاه الدين ومقوماته وقيمه، والاستقلالية تعني أن هناك قيما ذاتية فعلية للعالم غير مستمدة من الدين وغير خاضعة له

    وهذا تعريف شامل للعلمانية.إنها باختصار إقصاء للدين من جميع المجالات

    وهو نفس ما عبر عنه عبد السلام سيد أحمد،فالعلمانية عنده تقوم على إحلال منظومة متكاملة من القيم والأخلاق والعلائق الإنسانية أو الإنسية مقابل الدينية

  • saccco
    الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 22:37

    يلجأ الاسلاميون الى إستعمال لفظ العلمانية ك"بوعو" لتخويف العامة فالمغالطة التي يقترفها الاسلاميون عن جهل او بنية مبيتة هي ان العلمانية تهدف الى نسف الدين ومحوه من المجتمع وهذا أمر يكذبه الواقع
    فجميع الدول العلمانية وبدون إستتناء لا زال الدين حاضرا في الحياة الخاصة للأفراد ففي أمريكا مثلا وهي الدولة العلمانية رقم 1 يصرح أكثر من 80 في المائة بأنهم مؤمنون ويزاولون طقوسهم الدينية
    فالعلمانية لا تهدف الى محو الدين من الحياة الخاصة للافراد بل على العكس من ذلك حيث تنشد إحترام معتقدات الافراد في عالم متعدد المعتقدات وواجب التعايش في خضم هذا التعدد ولهذا فالعلمانية ترتكز على مبدأين أساسين وهما
    – حرية المعتقد اي حرية الفرد في إختيار المعتقدات التي يريدها اواو عدم إلاختيار
    – مساواة جميع الافراد وضمان حقوقهم امام السلطات العمومية وعدم التمييز بينهم لا من حيث إختلاف المعتقدات أو الجنس او العرق
    ولأجرأة هاذين المبدأين (إحترام حرية العقيدة ومساواة الافراد امام القانون يلزم :
    -عدم لجوء الدولة الى التمييز بين المواطنين على أساس ديني -جنسي -عرقي
    – حياد المؤسسات العمومية إتجاه كافة المواطنين

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة