الثمن

الثمن
الخميس 26 فبراير 2015 - 13:17

كثيرا ما يشعر المرء بنوع من الحسرة والمرارة وهو يعيد شريط الذكريات للعديد من المحطات من تاريخنا الحافل بالمآمرات ، ويسأل نفسه السؤال الوجودي ، ماذا تحقق بعد كل هذا المخاض، والتجارب والتراكمات والنضالات من مختلف الأطياف و من أبرزالأسماء المعروفة ؟ والتي كثيرا ما سلط عليها الإعلام بركاته والأسماء التي بقيت في الخلف تشتغل في صمت وحياء ونكران الذات و كان الوطن يغويها ويسكنها حد النخاع ولم تكترث يوما إلى قصائد المدح وتصفيقات الجمهور وهدايا السلطة.

ليس من باب الصدفة أن يركب العديد من الرجال والنساء في الوطن العربي سفينة التغيير، كل من موقعه ومن القضية التي أغرم بها واتخذها عشيقته المفضلة. إنها مشيئة الإخلاص للذات وشرف القضية. وقد ذاقوا أنواع الإهانات والضربات في المناطق الحساسة بدءا من قوتهم وتشهيرا بأقرب المقربين لهم وتلطيخ سمعتهم وقد يصل الأمر إلى حبسهم . كل حسب ” الجريمة” الأخلاقية والفكرية والسياسة والحقوقية والأدبية التي ارتكبها في الإخلال بقواعد الإجْماعْ.

أمثلة كثيرة ووازنة في الوطن العربي، لم يتنازلوا قيد أنملة عن مواقفهم وظلوا ثابتين صامدين كالجبل ، ينبعث صداهم من بعيد ورائحة القرنفل تعشش بين شقوق صخورهم، حيث صنعوا الحدث دون أن يلتفتوا إلى جلاديهم.

سياسيون نبلاء قهروا السلطة وجبروتها بذمهم، لم يحملوا يوما رشاشا ومتفجرات ، كان الموقف والمبدأ وشارة النصر سلاحهم، الذي فجروا به الوضع القاهر ولم يتهافتوا يوما على كرسي عاقر.

حقوقيون، كانت كرامة المواطن عقيدتهم، لم يتاجروا يوما بمعاناة المواطن ، أو يقتاتوا من بؤسه وقلة حيلته. ولا سمعنا يوما أنهم تحولوا سيفا مسموما على رقبته بل سيفا قاطعا لورم القهر و الاستبداد في سيرتهم.

مفكرون وكتاب، كان القلم ابنهم الشرعي وفلذة كبدهم، ينامون على رموش حروفه العريقة ويستيقظون على صوت رصاصه المدوي، شجرتهم أصيلة ولم تسجل في قاموسهم كلمة مجاملة أو مداهنة ،إنهم محاربون بالوكالة من طرف جيش القُراء من أجل روح الحقيقة وصناعة الجمال وقدسية الكلمة .

مبدعون في عدة ميادين، أقسموا أن تكون إبداعاتهم سواء في التشكيل أو السينما أو المسرح رسالة حياة وقصيدة حب، لم يحملوا يوما إحساسهم ووطنهم إلى أشهر سوق لبيعهم بأعلى سعر يقدم إليهم . كما لم تكن يوما الشهرة والتتويجات في الملتقيات السياحية ضمن شهواتهم . لقد كانوا خلية نحل حقيقي وصانعي عسل طبيعي.

إن الوقوف قليلا،على أعمال هؤلاء الجنود، الذين تركوا الكثير من التحف الإبداعية والمواقف النضالية والأعمال الإنسانية والتي نقتات منها في كل لحظة وبشراهة أديمُهُما وانسيابُهُما الرقراق دون أن نعرف الثمن الذي قدمه هؤلاء العظام في سبيل تحقيق هذه الغاية السامية، ودون أن ندر هل تم فعلا وضعهم في كفن أبيض يستر على الأقل سوأتهم.

إن تجاهل المواطن تكون أكثر وطأً وقسوة من السلطة وأهوالها، عندما يتحول إلى صنم من رخام بارد، متنكرا لزرع الآخرين وجاحدا لفضل أعمالهم ومعاناتهم بعد رحيلهم، أما عندما يتوارى صاحب القضية إلى الخلف في عزلة اختيارية أو مكرها بسبب من الأسباب ويتم هجره من طرف المواطن، باعتباره أكبر مساند – بعد حصار السلطة – فهذه أعظم مدبحة ومؤامرة في حق القضية وحامليها .

-كاتب وصحفي

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 3

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 5

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال