المرأة المعاقة بالمغرب: تلك التي أسقطت من أجندة المنظمات الحقوقية للنساء

المرأة المعاقة بالمغرب:  تلك التي أسقطت من أجندة المنظمات الحقوقية للنساء
الإثنين 9 مارس 2015 - 23:00

إذا كانت المرأة في المجتمعات الفقيرة و المتخلفة عن الركب الحضاري تعاني التمييز وشتى ظروف التهميش ، وتناضل حركاتها الحقوقية منذ عقود عديدة بمختلف الملفات المطلبية للحركة النسائية المرتبطة بالحقوق السياسية والمدنية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية والبيئية للنساء ونجحت ببلدنا في تحقيق عدة مكاسب توجت بما تلك المقررة في دستور 2011 الذي حظي بمساندة واسعة من طرف الشعب المغربي،من قبيل إحداث الهيئة العليا من أجل المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز الفصل 19 فان المرأة في وضعية إعاقة ظلت مسقطة من أجندة المنظمات النسائية الحقوقية ، لتظل النساء في وضعية إعاقة يعانين إلى جانب ما يعانيه معظم الأشخاص في وضعية إعاقة في مجتمعنا يعانون من الإقصاء والتهميش على جميع المستويات ، يعانين من التمييز المزدوج، كونهن نساء تم كونهن معاقات وينضاف في الغالب إلى ذلك كونهن فقيرات ليخنقهن هذا الثالوث المدمر ويفرض عليهن وضعية تتعرض فيها حقوقهن المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان خاصة الإعلانات والأدبيات الأممية ذات الصلة بالإعاقة لانتهاكات عديدة ولا توفر القوانين الوطنية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة ضمانات حقيقية لهذه الحقوق. فبالمقارنة مع الرجال في وضعية إعاقة فمعدل النشاط ضمن الساكنة النسوية البالغة 15 سنة فما فوق يصل إلى 27% غير انه بالنسبة للساكنة النسوية الموجودة في وضعية إعاقة فلا يتجاوز 4.2 % و بالنسبة لفرص ولوج الشغل بين المعاقين رجالا و نساء يسجل البحث بان نسبة النساء النشيطات و الحاصلات على العمل لم تصل سوى إلى 3.8 % مقابل نسبة 15.5 % لدى الرجال في وضعية إعاقة ، وتوضح هذه المعطيات الواردة في المصدر المشار إليه أعلاه بان الإعاقة تشكل عاملا إضافيا للإقصاء بالنسبة للنساء ، ومن نتائج ذلك ضعف تعبيرهن عن حاجياتهن وهزالة مشاركتهن بشكل مباشر في الحركات المطلبية من اجل تفعيل حقوقهن. من جهة أخرى , يلاحظ ضعف اهتمام الجمعيات العاملة في مجال المرأة من جهة، ومجال الإعاقة من جهة ثانية بهذه الشريحة من المغربيات.

وعلى غرار العديد من الدول في العالم عرفت أوضاع النساء عموما خلال العقدين الأخيرين كما سلف عدة تحولات بفضل جهود الدولة ونضال الحركة من أجل حقوق النساء ، لكن العديد من المعيقات على المستوى القانوني و السوسيو اقتصادي لا زالت تحول دون تمتع النساء بكافة حقوقهن مقارنة بالرجال. أما إذا أضيف للانتماء حسب ألجنس حالة إعاقة فإن النتيجة تتمثل في وضع شديد الهشاشة بالنسبة للنساء المعاقات. إد هناك مجموعة من العراقيل الثقافية التي تجعل النساء المعاقات يعشن على هامش المجتمع كما لو كن مختلفات عن باقي النساء وغير معنيات بطموحاتهن، وفي هذا الإطار تسود فكرة كون المرأة في وضعية إعاقة لا تستجيب للضوابط والمرجعيات التي يعتمدها المجتمع في تعامله مع المرأة ” غير المعاقة فلا زال بعد الإعاقة غير مدمج في برامج و مخططات المتدخلين وطنيا ومحليا خاصة بالنسبة للجمعيات النسائية بالمجتمع المدني مما ينعكس سلبا على مستوى مشاركة المرأة في وضعية إعاقة ووصولها إلى مختلف الحقوق و الحريات الأساسية و التمتع بها وذلك لأسباب عدة منها سيادة مواقف مجتمعية سلبية عن الإعاقة وجود تمثلات سلبية عن المرأة في وضعية إعاقة

قلة البرامج التوعوية ، التحسيسية التي تنشر قيم ورسائل ومقاربات ايجابية عن النساء المعاقات و ضعف مشاركة النساء المعاقات في الحركات الحقوقية النسائية و عدم إدراج الجمعيات النسائية العاملة لحقوق المرأة في وضعية إعاقة في برامجها ضعف قدرات النساء الناشطات في مجال الإعاقة .

ومن المفارقات الاجتماعية في هذا الشأن، وجود العديد من النساء المعاقات المناضلات أعرف العديد منهن شخصيا اللواتي برغم الظروف وظلم المجتمع الذي لا ينصفهن ويمارس كل أشكال التمييز و الإقصاء و الإهمال تجاههن ، والسياسات الحكومية وحتى الحركات النسائية المغيبة لهن، رغم كل هذا تبادلن هذا المجتمع وهذه الحكومة بحب هذا الوطن وخدمته خصوصا في مجال التدريس حيث اعرف صديقتين يناضلن بكل معنى الكلمة في تدريس طفولته البائسة في المغرب النائي والمنسي واللواتي انحني هنا إجلالا لهن ويمكننا بحق أن نفخر بهن ونكن لهن عميق التقدير وشديد الاحترام

أن هذه الوضعية لا يمكن أن تبقى على الهامش في مغرب اليوم فبعد مصادقة بلادنا على الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة والبرتوكول الاختياري الملحق بها، والتي انتبهت لهذه الوضعية وخصصت المادة السادسة 6 من مقتضياتها للنساء ذوات الإعاقة التي نصت على أن تقر الدول الأطراف بأن النساء والفتيات ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز، وأنها ستتخذ في هذا الصدد التدابير اللازمة لضمان تمتــعهن تمتعا كاملا وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وان تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل والتقدم والتمكين للمرأة، بغرض ضمان ممارستها حقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في هذه الاتفاقية والتمتع بها.

وانسجاما مع التزام دستور 2011 بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء و حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان؛ كما جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.

فإن قضية المرأة المعاقة تطرح نفسها بصفتها مسألة حقوقية مثلما تطرح بوصفها مسألة مرتبطة بالتنمية الاجتماعية وهدا يحتم على جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة و مناصريهم العمل بشراكة مع جميع الأطراف الحكومية المعنية جهويا ووطنيا والمؤسسات المختصة والهيئات المنتخبة وكافة مكونات المجتمع المدني. في اتجاه تحقيق نهوض فعلي لحقوق هذه الفئة من المواطنين، وإعمال هذه الاتفاقية الأممية ،من خلال دمج منظور الإعاقة في سياسات وخطط الرقي بالمرأة المغربية ، لضمان تعزيز وحماية تمتع النساء في وضعية إعاقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيز احترام كرامتهن .

*ناشط حقوقي في مجال الإعاقة

‫تعليقات الزوار

2
  • مجرد سؤال !
    الثلاثاء 10 مارس 2015 - 06:22

    ماذا يقول "أنصار" تعدد الزوجات الذين يبررون «حقهم الرباني» في التعدد بفعل الخير في سبيل الله بالحد من ظاهرة العنوسة وتمكين الأرامل و المطقلات من العيش الكريم في إطار شرع الله ومحاربة الحرام من ذعارة و زنى …
    ماذا يقولون عن النساء المعاقات، ألسن مسلمات لهن قسط فيما كرم به الإسلام، (حسب زعمهم !) المرأة المسلمة ؟ و كيف يبررون اللجوء المنهجي إلى القاصر و العذراء حين يغيب وينعدم التبرير الأول ؟ هل الإنجاب أم الطراوة أم كلاهما معاً ؟
    لا أعرف رجلاً من هذه "الماركة المسجلة" عزز حريمه بزوجة أكبر سنّاً من سابقاتها … اللهم إذا "بانت ليه شي همزة ديال شي ورث !"
    في الواقع هذا البحث المنهجي و الجري وراء الفتاوة هو السبب الساحق في تطليق نساء لازلن في عز شبابهن … أمّا المعاقات فليس لهن إلا أعينهن للبكاء إذا لم تعد الإعاقة (التي قد يمكن أن تصيب المرأة بعد الزواج !) … نعم إذا لم تعد هذه الإعاقة عقاباً لسبب لا يعرفه إلا الخالق المُعاقِب لتبرير الإقصاء و التهميش من طرف المخلوق الرؤوف و المرفِق بأخواته في دين الرحمة والتسامح !

  • صم بكم
    الخميس 12 مارس 2015 - 12:19

    الصم البكم يعيشون تهميشا واقصاءا داخل التهميش وداخل الإقصاء نفسه ، وحالهم في المغرب يدعو إلى الحسرة والألم وعلى الخصوص في المغرب المنسي المغرب غير النافع فحتى داخل الجمعيات المعنية بحقوق المعاقين تهمش هذه الفئة نظرا لطبيعة إعاقتها فبالا حرى مجتمع تأسست ثقافته على الإقصاء وإذا كان الأمر بالنسبة للنساء فتلك مصيبة لا يعلمها إلا الله والأسر التي تكابد الويلات من اجل أطفال صم وحتى رجال صم بكم لا تقدم الدولة المغربية – ذات الدستور المتقدم – أية دور اتجاه هذه الفئة ولا تجد الأسر أية دور أو تدخل للدولة في مساعدة هذه الأسر على تحمل أعباء إعاقة تتطلب تكاليف باهضة ليس فقط مادية وإنما نفسية واجتماعية والحال يكون صعبا إذا كان في الأسرة أكثر من معاق … نتعجب عندما يتم الحديث عن الدستور والمواثيق الدولية و … على الدولة أن تنزل إلى الأرض وتشاهد المأساة التي تتخبط فيها الأسر لتعرف الحقيقة ولتعرف البون الشاسع بين الخطاب والمواثيق وبين الحقيقة على الدولة أن تستوعب المفارقة بيننا وبين دولة لا تبعد عنا ألا بعض كيلومترات لكن على مستوى الإعاقة تبعدنا ربما بسنوات ضوئية …

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين