الإجهاض بين ضوابط الشريعة واكراهات الواقع

الإجهاض بين ضوابط الشريعة واكراهات الواقع
السبت 21 مارس 2015 - 12:12

استأثرت قضية الإجهاض في الآونة الأخيرة باهتمام الرأي العام الوطني،وبلغ نقع السجال بين المعارضين والمؤيدين عنان كل المنابر الإعلامية .وبسب أهمية النازلة كان لابد أن تطرح القضية على عاهل البلاد حتى يرى فيها رأيه .الملك بدوره كلف رجال الدين ورجال القانون بالانكباب على هذه الملف الساخن ، وحثهم على النظر فيه وفق ما ينص عليه الشرع وما تستدعيه ضرورات الحياة ،وبعد ذلك يرفعوا إلى نظره ما تم الاتفاق عليه .

أما معشر الكتاب فقلة قليلة منهم من حمل يراعه ليكتب في هذه النازلة الملغومة . وهم محقون في ذلك ، وعدم رغبة أغلبهم الخوض في هذا الموضوع له مسوغاته المعقولة ،لأنهم يعلمون علم اليقين أنهم كتبوا ضد للإجهاض فإن ذلك سيخلق دون شك مشكلة وإذا ما عبروا عن تأييدهم للإجهاض فحتما سيواجهون مشكلة أعوص .وهدف هذه الورقة طبعا ليس الانتصار أو رفض الإجهاض ، كل ما أريد الإشارة إليه هنا هو دعوة القارئ إلى التفكير معي في النقط التالية:

أولا :لا يمكن لأي كان أن ينكر أن الحق في الحياة هو حق مقدس، وكل الشرائع السماوية وحتى غير السماوية ، إضافة إلى القوانين الوضعية تنص على هذا الحق .وبالتالي فإن صون الحياة هو هدف الخالق والإنسان معا .

ثانيا :السجال القائم بين المؤيدين والرافضين للإجهاض هو سجال ذكوري بامتياز ، وكأن المرأة التيهي أصلا معنية بهذه القضية ،والتي غالبا ما تعاني جسديا ونفسيا من عملية الإجهاض لا دخل لها في الأمر ، ولا رأي لها في ما يتعلق بنسلها وحياتها .

ثالثا : من السهل على رجال الدين أن يتهموا من يريد أن يستحضر تطور الحياة وما يفرضه الواقع من اكراهات ، بأنه فاسق لأنه يستبيح الفروج ويرمي إلى هلاك النسل .هذه تهم سهلة ، لكن أصحابها شاؤوا أم أبوا لابد أنهم يضعون رؤؤسهم في الرمال كالنعامة ، ويرفضون رفضا باتا النظر إلى المشكلة من زاوية أخرى .

رابعا :الإجهاض الذي حاول البعض أن يمنعه ، وهو ممنوع منذ القدم بفتاوى الفقهاء . كان يتم دائما ، ويتم في بعض الأحيان بطرق تقليدية إن لم أقل بدائية ، مما كانت تترتب عنه فضائع وحشية في حق المرأة التي كانت تجد نفسها حملا لعدة أسباب لا مجال لذكرها في هذا المقام .

خامسا :لماذا الحديث اليوم بالضبط ،وبكل هذه الجلبة عن الإجهاض. هل لأن هذه الظاهرة استفحلت حتى أن رائحتها أزكمت الأنوف ، وبالتالي أصبح من الضروري أن نقضي عليها أو على الأقل أن نخفف منها ، أم هي مجرد جعجعة ولا طحين .

سادسا :إذا كانت هذه الظاهرة مستفحلة بقوة وهنا مربط الفرس، فعلى فقهائنا أن لا يرفعوا ورقة التحريم والتجريم ، في وجه الذين يختلفون معهم في معالجة هذه القضية ،بل يجب على الجميع أن يناقش الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تجعل الظاهرة تستفحل في مجتمعنا ، والتفكير في الحلول الناجعة التي يجب أن تقدم للحكومة ، والتي من شأنها أن تحد من أسباب الإجهاض .

سابعا :قلنا أن الحياة لا تقدر بثمن ،وهذا أمر نتفق عليه جميعا .فكيف سيكون حال الرافضين للإجهاض حين يرون زوجاتهم مقبلات على ما لا تحمد عقباه إذا لم يلجأن إلى الإجهاض .هذا طبعا بالنسبة للنساء اللائي يربطهن عقد زواج برجالهن ، لكن بالنسبة للفتيات اللواتي حملن سفاحا على حد قول الفقهاء،بسبب وعد كاذب بالزواج مثلا، أو بسبب ضعف إنساني أدى إلى هذه النتيجة التي لم تكن الفتاة ترغب فيها أو توقعها .وما مصير الفتاة التي تعرضت للاغتصاب وترتب عن الاعتداء عليها حمل هي أصلا لا ذنب لها فيه . هؤلاء النساء كيف سيواجهن الحياة في أسرهن وكيف سيتعامل معهن أقاربهن والمجتمع بأسره.ليضع كل معارض للإجهاض نفسه في هذا الموقف ،وبعدها يحكم بما يشاء .

كل ما ذكرناه آنفا لا يعني أننا نشجع على ظاهرة الاجهاض ، بل نريد فقط أن نثير الانتباه إلى أن التحريم فقط جواب سهل ،وربما النقاش السطحي هو نقاش مغلوط .لأن أفضل الأجوبة أنجعها للفرد والأمة ، هي التي تلك ألأسئلة التي تركب الصعب وتحاول أن تستحضر الشرط الديني والشرط الواقعي المرتبط بالحياة التي تتطور على الدوام ، ومع تطورها تطرح علينا تحديات اجتماعية يجب أن نكون أهلا لمواجهتها وإيجاد الحلول المناسبة . تلكم الأسئلة التي لا تغضب الرب لأنها تروم الأجوبة المقنعة ، ولا تعطي بظهرها لجوهر المشكل .لأن الجبن في التعاطي مع هكذا ظواهر لن نجني منه سوى أخيب النتائج ، ونحن أمة مدعوة للاعتبار وطبعا لا يعتبر سوى ذوي الألباب .

‫تعليقات الزوار

4
  • فيلسوف
    الأحد 22 مارس 2015 - 01:46

    …الإجهاض قتل لنفس بريئة و لا يحتاج الأمر إلى اجتهادات…!!!…حجة المطالبين بتقنينه وضيعة وهاوية…!!!…لا يستحضرون مثلا عدد الناجين من الإجهاض برادع جرم القتل و إنما يتطرفون صوب شواد الأمور لعلهم يسترزقون حججا بها يستكبرون ويتنصلون مما صنعت أيديهم…!!!…لو أخدنا بمبرراتهم للإجهاض و طبقناها على سلالة أجدادهم لما وطأت أقدامهم هذه الحياة…!!!

  • الحسن لشهاب
    الأحد 22 مارس 2015 - 20:06

    فعلا لاينبغي ان يعطي علماءنا الاجتماعيون و فقهاءنا المتفتحون بظهرهم لجوهر لمشكل عدم شرعنة الاجهاض او عدم شرعنة بين بيع المخدرات .لأن الجبن او الخلاف بين اصحاب القرارات ( لغرض في نقس يعقوب ،قد يرجى منه الدفاع عن اقتصاد الريع ،وقد يرجى منه الدفاع عن ابالطرة المخدرات او ..) في مواجهة مثل هده الظواهر لن نجني منه سوى أخيب النتائج ،ندكر على سبيل المثال:نفسية المغتصبة المرمية الى الشوارع بقوة الارتشاء،نفسية رجل تزوج رغم انفه بالمغتصبة وهو متأكد من برائته ،نفسية الابن المحروم من حنان الاب الغير الشرعي،السلوكات الناتجة عن اموال الاجهاض السري ،بين كل المتدخلين (الوسيطات قي الدعارة ، الاجهاضيون الاطباء ومساعديهم،المرتشون من رجال الشرطة ثم رجال القضاء..) و اثرها على سمعة مجتمع اسلامي او على الاقل انساني ،ثم سيأتي دور ردود فعل هده النفسيات المجروحة .الله تعال قال وما اوتيتم من العلم الا قليلا ، ربما لان الواقع الاجتماعي المرتبط بالحياة ، يتطور على الدوام ،اما العقول المتحجرة او المتشددة او المؤدلجة تحت قوة اغراءات الصناديق السوداء ،يسهل عندها الاجابة بالحرام او الحلال.

  • Afaf
    الثلاثاء 24 مارس 2015 - 12:41

    Exacte personne ne demande à ces filles et femmes et enfants dans la rue leurs opinion. Les enfants delesses n'existent pas chez nous . Ayez Pitie de la femme Ayer pitie de ces enfants dans la rue. L'erreure est humaine et l'avortement clandestin existe et a toujours existé. Et ces femmes et enfants souffre avec votre accord ou pas!.

  • الحسن لشهاب
    الثلاثاء 24 مارس 2015 - 20:19

    لما لا يتصور هدا المسلم المتحجر او المتشدد او كل من يؤيد الاجهاض السري ان هده الفتاة المغتصبة المرمية الى الشوارع بقوة الارتشاء و اللوبيات بنته او هدا الشاب البريئ الدي سيتزوج هده الفتاة المغتصبة ابنه، او هدا الابن الدي سيزداد بهده الطريقة ابنه ، او يتصورا هؤلاء المتحجرون كيف ستكون ردة فعل ابن المغتصبة المرمية الى الشوارع ادا اصبح حاكما او مسؤولا كبيرا في المجتمع ،خصوصا بعدما يعلم بالحدث المؤلم،خصوص ادا كانت عقوبة المغتصب هي السجن وليس الزواج من اجل التستر عن فضيحته و سمعة الاسر .اما ادا كان الاغتصاب الناتج عن العنف او الانتقام ،فمادا عسى ان يكون مصير المغتصبة ،الا اللجوء الى الاجهاض السري المرتفع الثمن او الاجهاض عن طريق الاعشاب و الخرافات المهددة لحياتها ، او الهروب بعيدا بحثا عن واقع جديد يأويها.فعلا يتواجد بيننا اسلاميون و اعلاميون اديلوجيون كفار بقلوبهم و عقولهم حتى وان ظهر الدينار على جبينهم.يمكرون و الله خير الماكرين.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين