هل خان بنكيران الإخوان؟

هل خان بنكيران الإخوان؟
الأربعاء 1 أبريل 2015 - 17:25

نستطيع أن نسُوق العديد من الحجج الوجيهة لتوضيح أنه قد تم تمرير صفقة بين المخزن و بنكيران سمحت بإقناعه بمصافحة السيسي و التّودّد له من جهة، و حالت دون حدوث زلزال في صفوف حزبه بسبب تلك المصافحة، من جهة أخرى.

إن صفقة دَفع بنكيران إلى مصافحة الرئيس المصري الذي ارتكب، باعتراف من بنكيران نفسه، مجزرة تاريخية في حق الإخوان، صفقة مُهولة باعتبارها مؤشراً إلى أقصى ما يمكن أن تصل إليها التنازلات بين المخزن و بنكيران. لابد إذن من الوقوف على تطلعات طرفيها و على ما ستُسفِر عليه إستراتيجيا بعد أن نفذ بنكيران بُندها الرئيسي الذي هو التّودّد للسيسي.

الأرجح أن المقابل الذي دفعه المخزن لبنكيران هو “ضمانات انتخابية ستعيده إلى الحكم”، لكن هل فكر الطرفان في أثار ذلك على الساحة السياسية المغربية و عن رد فعل باقي أحزاب المعارضة؟

تطلعات المخزن من الصفقة

أولا، أفضل ما يمكن أن يجنيه المخزن من توريط بنكيران في مصافحته و تودده للسيسي هو أن ذلك سيخدم بشكل هائل مخططه في تحويل حزب العدالة و التنمية بالكامل إلى حزب عادي و مِطواع. سيتم تعميق تغلغل الحزب في مفاصل الدولة العميقة و سيُوَرَّط في مشاكل تلك الدولة في الوقت الذي سيعتقد بنكيران أنه يعيش لحظات التّمْكين. انهاء سنوات العزلة و التهميش التي طالت الإسلاميين ليس سوى خدعة و سراب لأن ما يريده المخزن هو الإنتقال تدريجيا بالعدالة و التنمية من حزب مـتأسلم و أكثر مَيْلا إلى التهديد إلى حزب سياسي وديع لا يرى أي حرج في المتاجرة حتى على حساب قناعته الدينية و ولاءه للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. المخزن مقتنع أن تغيير طبيعة الحزب الإسلاموي و مزاج صقوره و أتباعه هو السبيل الوحيد لكي يصبح أكثر هدوءا و أقل تهديدا.

ثانيا، يمكن للمخزن أيضا، بفضل صفقته مع بنكيران، الذهاب بعيدا في التطبيع مع الإسلاميين المعتدلين و بالتالي التعاون معهم في مواجهة السلفيين المتطرفين، كجماعة العدل و الإحسان، الذين يسيطرون الآن على فئات واسعة من القوى الحية في البلاد و يشكلون خطراً. المخزن يعلم أن تقاربه مع العدالة و التنمية ، خصوصا منذ الربيع المغربي، أدى إلى تَشكّل نواة سلفية صلبة تُواصل الاستثمار في انتشار الشكل الأكثر تزمتا للإسلام المناهض للتعددية و لحقوق المرأة مِمَّا غَيّرَ من طبيعة الإسلام المغربي وساعد على تشجيع التطرف.

بالصفقة مع بنكيران سيُكسِّر المخزن شوكة تلك النواة السلفية.

ثالثا، الجميع يعلم أن المخزن قام بكل ما يجب لإستعمال حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية بوتيرة فاقت طاقاته حتى امتص كل ما يمكن أن يعطيه لجعل المغرب يتجاوز، سِلبا و إيجابا، مرحلة انتقالية خطيرة. الآن جاء الدور على حزب العدالة و التنمية للقيام بنفس المهمة. يمكن، بفضل هذه الصفقة، أن لا نشك أن المخزن وصل إلى مرحلة السرعة القصوى لإستنفاذ إمكانات الحزب المادية و المعنوية.

إنني أشعر بالأسف للمناضلين الأصفياء في العدالة و التنمية المُجبرين على تَلقِي ضربات قيادتهم في العدالة و التنمية كما تلقاها المناضلين الأصفياء في الإتحاد الإشتراكي أيام حكومة اليوسفي حتى أورثهم حزباً مُهَلْهَلا و وجدوا انفسهم في الشارع مشردين. سيستعمل المخزن بالتأكيد القوة لمنع الفوضى من الانتشار إلى بعض الأحزاب التي تُعتبر خاضعة له حتى نهاية عملية إدارة إضعاف الإسلاميين و تثبيت الإسثناء المغربي. و هو استعمال يُتقنه صقور المخزن و لكن على حساب المستقبل الحداثي للمغرب.

تطلعات الريسوني الإخواني و أتباعه من الصفقة

أولا، هناك صعوبة تطرح تحدّياً على تطلعات المخزن و هي أنه في الوقت الذي يَعتبر هذه الصفقة “تحويلية”، أي انها ستحوِّل العدالة و التنمية من حزب يطرح تهديدا إلى حزب وديع، فإن الريسوني و أتباعه سيعتبرونها صفقة “معاملاتية”، أي أن الحزب يتعامل مع متطلبات محيطه و يزداد بذلك قوة و التزاماً بمبادئه الإسلامية. لكن ما يبدأ باعتباره معاملاتياً يمكن أن ينتهي به الأمر تحويلياً. لا يمكن لأحد أن يتكهن أو يتنبأ بحقيقة ما سيقع.

ثانيا، يجب أن لا ننسى أن حزب العدالة و التنمية هو من وضع العراقيل أمام تنزيل الدستور خصوصا فيما يخص حقوق المرأة، كما بالغ في مهاجمة الأحزاب المعارضة له بهدف تبخيسها مما خلق جوًّا من الصراع وصل حتى التلاسن الأكثر انحطاطا في تاريخ القاموس السياسي المغربي. سيعمل الريسوني و أتباعه بموجب الصفقة على الضغط بكل قوة في اتجاه إجهاض حقوق المرأة و تسفيه طموحات و مطالب المعارضين الحداثيين.

ثالثا، يُعتبر حزب العدالة و التنمية، في المعركة العامة ضد المتطرفين السلفيين، صانع المشاكل و رجل الإطفاء في آن واحد. إنه يَرى أن خطر التطرف يُعزى إلى قمع المخزن للسلفيين. إذن، سيعمل الريسوني و من معه على استعمال الصفقة بحيث سيضغطون في اتجاه إفشال العملية التي يديرها المخزن و التي تهدف إلى استنزاف السلفيين و الإسلاميين في صراع بَيْنِي و بذلك سيعيدون المخزن من جديد إلى الحلبة كطرف ثالث في النزاع بإسم الدين.

رابعا، إذا نجحت هذه الصفقة مع حزب العدالة و التنمية و تم بِموجبها رفع الحصار على الريسوني بإعتباره إخوانيا نشيطا، فإن كثيرا من المواطنين سيلتحقون بالحزب بِما فيهم السلفيون و سيتقوى التيار الإسلاموي المتشدد داخل الحزب، و من يدري فيُمكن أن نرى الريسوني أمينا عاما للعدالة و التنمية ثم رئيسا للحكومة المُقبلة. آنذاك سنقرأ جميعا الفاتحة على روح الدولة المغربية الحديثة.

‫تعليقات الزوار

6
  • الكازاوي
    الأربعاء 1 أبريل 2015 - 19:01

    اولا بنكيران رئيس الحكومة لا يمكنه باي حال مقاطعة احد تانيا ادا انقلب السيسي فهو انقلب علی بلده ثالثا يجب طمأنة دول الخليج و الاسلام دين وسطي واعتدالي ولكن للاسف اصبحت بعض الجماعات دموية في الافكار بأسم الاسلام ولهذا وجب علی بنكيران التعامل بالاخلاق العالية واخيرا العنف لا يولد الا العنف و شكرا

  • maghribiii
    الأربعاء 1 أبريل 2015 - 21:51

    إن القمة المقبلة ستُعقد بالمغرب وبمنطق المعارضين لمشاركة عبد الإلاه بنكيران سيكون من باب أولى أن ترفض المملكة مشاركة مصر والسيسي على حد سواء فيها وهذا أمر لا يستقيم .لإن المغرب لا يستطيع أن يعيش في قرية معزولة، وأن يُكيف وضعه أو أوضاعه على معطيات داخلية فقط ، بل هو جزء من هذا العالم ويتفاعل معه، بقدر ما يجلب من مصلحة على الٱمة،
    وبهذا الحضور، السيد بن كيران ضرب مجموعة عصافير بحجرة واحدة…؟¿
    ١ـ ٱن حزبُه ليس تابعا لتنظيم الإخوان وبالتالي تكميم ٱصحاب هته الٱطروحة وإن تعاطف معهم ،فإن الشعب المغربي كله مُتعاطف مع الشرعية كمبدٱ وليس الإخوان كفاعل سياسي.؟¿
    ٢ـ العمل على المصالح العليا للوطن وعدم حصرها على حسابات ضيقة حزبية محضة..؟¿
    ٣ـ التٱكيد على العمل المُشترك بين المؤسسة الملكية والحكومة بطريقة سَلِسَة…؟¿
    ٤ـ تسويق صورة المغرب داخليا وخارجيا والتٱكيد على ٱن الدولة تتعامل مع ٱبنائها إسلاميون كانوا ٱم علمانيون وبشكل ديموقراطي…؟¿
    ٥ـ فرضُ هذه الحكومة على الدول العربية والتعامُل معها على ٱساس ٱنها تُمثل المملكة والشعب المغربي وهو من إختارها لتسيير شؤونه،وهنا يكمُن الإستثناء المغربي …؟¿

  • maghribiii
    الأربعاء 1 أبريل 2015 - 22:40

    ٦ـ الضربة القاضية من بنكيران لخصُومه السياسيين وتشتيت ٱفكارهم وخُططهم وإستقوائهم بدول عربية معروفة تَنبذُ المرجعية الإسلامية ،وجعلهم يتخبطون كمن يتخبطُه المس من الجن…؟¿
    آما بخصوص هؤلاء المُتربصين بهذه التجربة ،فليكونوا ٱكثر جُرٱة وينتقذوا النظام لٱن النظام هو من إعترف وبارك نظام السيسي من ٱول وهلة، لكنهُم يفتقدون الجُرٱة والنزاهة وإستقلالية القرار،إبتعدوا وإعملُوا على إنماء هذا الوطن وكفانا تجزئة وشتات فكلنا مغاربة ،لٱن الزمن لن يرحم ،سايرُوا متطلبات العصر لإن في وقتنا الحاضر من الصعب بما كان ٱن تجد من يثقُ بك ويٱخد بٱفكارك والشعب المغربي ذكاؤه حاذ وهذا ما يُميزنا عن غيرِنا ،عصر الإنترنت والموبيل الذكي واعيقوااا الشلاهبيا الله يجعلك ديرها غير مزيانة …؟¿وشكرا هسبرس

  • شوقي
    الخميس 2 أبريل 2015 - 12:11

    فى الحقيقة كل المسلمين خانو اﻻخوان فهذه الحركة هي اﻻكثر انفتاحا وسلمية ووافعية واعتداﻻ من غيرها من ااحركات ﻻنها لم تقصي نفسها في الجبال والغابات بل عايشت ااشعب وشاركته همومه ومحنه وظهرت هذه الحركة مع ظهور حركات واديلوجيات دخيلة على اامجتمع فكما وجدت الحركة الصهيونية لجمع اليهود كذلك وجدت حركة اﻻخوان لتجمع المسلمين على كلمة سواء فمن يرد لهم الجميل ويقف معهم في محنتهم

  • علوان
    الخميس 2 أبريل 2015 - 16:13

    من السذاجة أن نعتبر ما حدث أي لقاء السيسي بنكيران مجرد تنفيذ رئيس الحكومة لأمر ملكي و تمثيل المغرب خارجيا و أن رئيس الحكومة لم يكن له هامشا من حرية القبول او الرفض.
    قراءة الخبايا و الخلفيات تبين لنا أن ذكاء من دفعوا بن كيران إلى هذا الموقف هم أذكى مما كان الجميع يتصوره. و رئيس الحكومة كان أخر من يتوقع أن يكلف بهذه المهمة.
    فما الهدف الذي خطط له هؤلاء العباقرة؟
    لقد وضعوا بن كيران أمام خيارين
    – أن يرفض الأمر الملكي و يكون منسجما مع مواقفه و النتيجة غضبة ملكية و هذا ماكان يريده أعداءه
    – أن بفعل ما فعل و هذا سيذله و يجعله يبحث عن التبريرات. و هذا الذي حدث
    و تزداد الطامة لما تجد من يبرر موقفه و لا يتورع هن استعمال الدين كما فعل اليتيم……….

  • نشيد
    الجمعة 3 أبريل 2015 - 13:07

    مع ذلك ﻻ يحق لنا ان نحمله ما ﻻيطيق المهم انه مخلص لوطنه ويفعل ما في وسعه ﻻصﻻح ما قد فسد واﻻهم ان لدينا ملك مصلح وبجانبه رئيس حكومة يعمل قدر المستطاع على اﻻقل لم نعد نسمع بالذين يهربون اموال الشعب الى الخارج فبدﻻ من معارضته جزافا ينبغي الوقوف بجانبه اذا كنا حقا نريد خيرا لهذه اابﻻد

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات