فصل المقال بين الدبلوماسية الشعبية والسياحة

فصل المقال بين الدبلوماسية الشعبية والسياحة
الثلاثاء 21 دجنبر 2010 - 06:54

تناسلت في الآونة الأخيرة الدعاوى الهادفة إلى تفعيل “مبادرات’ باسم الدبلوماسية الشعبية من أجل الدفاع عن القضية الوطنية بعد الأحداث الأخيرة التي كانت مسرحا لها مدينة العيون. أقول مسرحا لكون محدثي الشغب كانوا عبارة عن ممثلين من الدرجة الحقيرة، لعبوا أدوارا كما حددتها لهم المخابرات الجزائرية بدون جدوى نظرا لتماسك الجبهة الداخلية والتوجه الوحدوي لكل مكونات الأمة المغربية.


عودة على بدء، إذا كانت الدبلوماسية المنبثقة عن مبادرات تطوعية لفعاليات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية المغربية ضرورية بالموازاة مع الدبلوماسية الرسمية و البرلمانية من أجل بلورة رأي عام دولي مساند للطرح المغربي أو على الأقل مدرك بحقائق وخصوصيات قضية وحدتنا الترابية، وذلك تتويجا للمسيرة البيضاء التي عبر فيها المغاربة عن اختيارهم الحاسم واستعدادهم الأكيد للدفاع عن الوحدة الترابية. إلا أن الأسئلة التي تفرض نفسها بعد تعدد هذه المبادرات في الآونة الأخيرة، حول ماهية هذه “المبادرات”، طرق تمويلها، سياقاتها ودلالاتها وخصوصا انعكاساتها الإيجابية بنتائج ملموسة تسجل لصالح التمثل الجماعي لقضيتنا الترابية بأروقة التنظيمات الدولية المهتمة بالموضوع. وذلك بالمقارنة مع المجهودات المدفوعة الأجر التي تقوم بها لوبيات وجمعيات مسخرة من طرف خصوم وحدتنا الترابية.


ما يدفعني لطرح هذا السؤال هو الوفد/ الجمهور الذي انتقل، بعد انتهاء مونديال كرة القدم، إلى جنوب إفريقيا “للمشاركة” في أشغال مهرجان الشباب العالمي والذي تجاوز أعضائه ل 150 مسافر، بتذاكر سفرهم ومبيتهم ومأكلهم وخصوصا مشربهم.


سيتساءل البعض، بناء على ما سيروجه بعض المتضررين من هذا المقال من كوني أقف ضد المبادرات النضالية الهادفة إلى خدمة قضايا الوطن !! جوابي بسيط وصريح كالعادة، فما دام كل نشاط يتم دفع مصاريفه من جيوب دافعي الضرائب، فمن الواجب أخلاقيا على المشاركين/ المسافرين أن يثبتوا بالحجة والبرهان مردودية هذه المشاركة، وذلك قياسا بسابقاتها التي نظمت في السنوات الأخيرة بفينيزويلا وكوبا (معاقل الطرح الانفصالي)، وحتى لا نكذب على أنفسنا بإعادة تكرار سيناريو المشاركة الكارثية التي تمت بمنتدى كاراكاس بفينيزويلا، التي لم تتميز إلا بروائح مشروباتها (…) المنشطة جدا وبعض البيانات المشتركة التي يتم دبجها في تناغم مع شباب بعض الأحزاب لم يعد يتذكر إسمها حتى مواطنيها(…)، بل الأنكى من ذلك فقد أسفر عن بيان يدين المغرب. وكذلك بناء على الظروف التي ميزت تشكيل الوفد المغربي المتوجه إلى جنوب إفريقيا والمضاربات التي تم تسجيلها في تحديد الأسماء المشاركة لمقايضتهم فيما بعد بهدف دعم مواقف تنظيمية لقياداتهم الحزبية/ الجاثمة على صدور قواعدهم خلال انعقاد المؤتمرات الوطنية. فما دام سفرهم قد تم تمويله واقتطاع تكاليفه من مصادر عيش المواطنين البسطاء، فعليهم حين عودتهم، بدل النفخ في أبواق الفوفوزيلات التي سيستقدمونها معهم، تقديم إجابات شافية حول الأسئلة التالية:


أولا: ماهي المعايير التي تم بواسطتها اختيار المشاركين بغض النظر عن قربهم العائلي أو التنظيمي أو الولاء للقيادات الحزبية ؟


ثانيا: تفسير ظاهرة تواجد نفس الوجوه خلال هذه المناسبات (الناشطة مزيان) بالرغم من هزالة تأثيرهم حتى على مستوى الرأي العام الوطني نظرا ثقافتهم السياسية المحدودة جدا والتي لا تتجاوز الإلمام بقواعد الكولسة الحزبية وإتقان تلميع صورة شيوخهم؟


ثالثا: من و بالإسم من المشاركات والمشاركين له إلمام بخصوصيات قضية الصحراء المغربية؟ علما أنه حتى بعض القيادات الحزبية، التي حاولت التموقع سياسيا وتنظيميا بالمزايدة بإسم وحدتنا الترابية، قد تمت بهدلتها و تقزيمها خلال بعض البرامج الحوارية التلفزية من طرف المدافعين عن الطرح الآخر، والتي أبانت خلالها قيادات آخر زمن عن هزالة رصيدهم المعرفي وجهلهم بالمعطيات التاريخية والجوانب القانونية والسياسية للقضية الوطنية كما تدل على ذلك التسجيلات المتداولة عبر وسائل الإعلام المتعدد الوسائط. فبدل إشعاعهم، فقد أحرقت أضواء الكاميرات أوراقهم مباشرة عبر شاشات التلفزيون.


رابعا: كم عدد المشاركين القادرين على التواصل بلغات أجنبية بغية التواصل في الكواليس مع فرقائهم الممثلين للإطارات الجمعوية المناهضة للطرح المغربي والمتواجدة في البلدان المؤثرة على مجرى الأحداث؟


خامسا: حتى وإن افترضنا جدلا توفير الترجمة الفورية خلال أشغال هذا المنتدى مع شكوكي في تواجد هذه الإمكانية، نظرا للعدد الهائل الذي رحل إلى جنوب إفريقيا. فمن شارك في اللجان الموضوعاتية؟ وكيف تم تقسيم الأدوار والمداخلات لشرح قضيتنا الوطنية والدفاع عليها؟ وذلك وفقا للخلاصات المقدمة من طرف هذه اللجان الفرعية التي يجب الإدلاء بها.


سادسا: هو مربط الفرس، ما هي الانعكاسات الإيجابية لمشاركة هذا الجيش العرمرم في هذا المنتدى، والذي سيتم استنتاجه من خلال البيان العام الختامي للمنتدى، الذي سيتم نشره بعد اختتام أشغال هذا اللقاء الدولي.


لكل هذه الأسباب، ونظرا لحساسية الموقف المغربي داخل الأوساط الدولية، يجب الوقوف طويلا على ظروف هذه المشاركة والتي انطلقت من الخيمة وهي مائلة بناء على منطق توزيع الغنائم على الأتباع والمريدين، وخصوصا بعد أن تناقلت وسائل الإعلام الخصومات والتنافرات التي ميزت مرحلة التحضير بالمغرب. فلا يجب أن نستسهل خطورة الأوضاع الراهنة وخصوصا بعد الأعمال الإرهابية الأخيرة بمخيم إكديم إبزيك وتربص أعداءنا بنا. وحتى لا نبذر الرصيد الكبير المتمثل في التعبئة الوطنية الشعبية التي توجتها مسيرة الدار البيضاء وما أطلقته من رسائل قوية للرأي العام الدولي بأن وحدتنا الترابية هي قضية شعب أولا وأخيرا. كما يجب استحضار حرفية الفاعلين الأوربيين المناهضين لوحدتنا الترابية، فعلينا استحضار كيف سابقوا عقارب الساعة واستصدروا في وقت قياسي قرار من الحجم الأروبي معاكس لعدالة قضيتنا، عبر حملات تواصلية أثبتت للأسف مفعوليتها على عكس شطحات الجمعيات المغربية العابرة للقارات(…)، وذلك من خلال بلورة قرار البرلمان الأوربي الأخير المتعلق بأحداث العيون، ولولا الألطاف الإلاهية وخروج الشعب المغربي للدفاع عن وطنه بالموازاة مع الجهود القوية التي قامت بها الدولة المغربية بمختلف مكوناتها وتحركاتها وكذا ردود أفعالها اتجاه التحركات المعادية لنا، بالإضافة إلى نقلها للمعركة داخل الأوساط الأوربية ، لحدث ما لا يحمد عقباه…


وختاما، نود التأكيد على ضرورة الفصل بين الدبلوماسية الشعبية الهادفة إلى التواصل الفعال مع مختلف مكونات الرأي العام الأوربي والأمريكي (الشمالي والجنوبي) لإقناعهم بعدالة قضيتنا تاريخيا وسياسيا واجتماعيا… وبين استغلال المناسبات والأزمات من أجل السفر والسياحة تحت يافطة الدبلوماسية الشعبية.

‫تعليقات الزوار

1
  • Jawad
    الثلاثاء 21 دجنبر 2010 - 06:56

    Salam
    I agree with the last paragraph. We call them hijackers of plans. As Moroccans we know well enough how things are done. ( son go get your passport , we will go to South Africa ) ok dad .. They go to south Africa to say ,” Sahara Moroccan and will remain Moroccan “just like idiots. How can someone promote our Sahara Autonomy proposal without communicating English .
    The Moroccan elite is the one to blame to busy doing money laundry and hijacking our plans .
    Good luck et courage.
    Only fear Allah and Mohamed 6

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة