حديث النملة

حديث النملة
السبت 18 أبريل 2015 - 08:20

خرجت ” ربيعة ” من المطبخ تجري، بسنها المكسورة التي أكلها السكر و ليس الفار، صارخة : )هجوم .. هجوم. .) لم تفزع الأم بدلالة الكلمة، لكثرة ما سمعتها في الأخبار، بقدر ما أثارها الصراخ المزعج، انفعال طفولي غير معهود، نمط غذائي غير منتظم، إفراط في الشكولاتة التي ليست من سكر بلدي…

النمل يكتسح الطناجر النحاسية و الأواني الفخارية و الكؤوس البلورية، التي اشتراها الأب، رحمه الله، في أيام العز، يوم كانت الصناعة التقليدية تنمية لبلدي.
لم يترك النمل مؤونة إلا أخد حظه منها، أصبح الشغب في المطبخ، الشغل و ” الشقا ” معطل بإرادة النمل، و المصالح المطبخية بيد النمل، و المصير الخبزي للعائلة يحدده النمل.

أكيد انه ليس النمل الذي كان يعطي الدروس للصرصور المحترم الذي لا يظهر إلا صيفا، ليجني المحصول دون جهد، و قد يكون الآن في مهمة خاصة.

قالت الجدة: “لا تقتلوا النمل فهو رمز الخير و السلطة”، و امتعضت الأم، فالمطبخ أصبح عالما غير مرغوب فيه، لا طعم للأكل أو الشرب، و وجبات الأبناء لا غنى عنها، و إن لم يأكلوها، فالشكلاطة “الملعونة” تذهب بالشهية و بالنقود.

أصبح النمل هاجسا و مشكلة، و بحثا عن الأسباب، و التهمة موجهة ل”سكر بلدي”، فالجدة صاحبة “الحكمة ” تؤيد الحكم التاريخي، و تنتصر لإفراد العائلة الذين مات أغلبهم ب”مرض السكر”، فأصبحت من ” أنصار اللاسكر” و تعادي “السكرية”، و تصرخ باستمرار : (لا تكثروا من السكر..فهو يقتل )، لكن السكر بريء من تهمة العائلة.

جلس الأب يفكر ، كأنه يهيئ محاضرة، ما سر هجوم النمل ؟ لماذا ظل البيت في مأمن مدة طويلة قبل هذا الهجوم؟ ما رسائل النمل الواقعية و التاريخية ؟ و لماذا يكون سكر بلدي سببا ؟ و متى كان السكر مشكلا ؟

إن سكر بلدي حلو و لا يمكن أن يكون متهما، ف”السكر قياس و حلاوة” و”من زاد في القياس فقد خرق معادلة السكر”، و النمل بريء من تهمة السكر، و السكر بريء من أكل سن “ربيعة”، و بريء من أمراض المغاربة.

فالمشكل شيء آخر غير السكر، إنه مشكل المطبخ و حصانة المطبخ التي تركت النمل يدخل، أما السكر فهو طعم المطبخ، و كل شيء زاد على حده انقلب إلى ضده، و من حكمة السكر أن يوضع بالقياس المناسب و في المكان المناسب.

إن سكر بلدي لا يعبأ بالتهم، فهو سكر و سيبقى سكرا و لن يغير من حلاوته، و مهمة النمل شيء آخر إذا أصبح “القياس السكري”، فهي تعرف متى تدخل إلى بيوتها حتى لا تحطم، و تعرف دورة الفصول و وقت الجد و العمل و وقت المحصول، و تخبئ الصيف للشتاء، و تستوعب “زمن العاصفة” و ربيعها، وتميز بين غناء “الصرصور” و “الزنبور” و “اليعسوب”، و تعفو عن سخريتهم في الشتاء، وتعرف معنى التسكع و الجوع و الغم و قلة الحاجة و كيف تتخلص منها، و تدعو بالهداية لسائر “الصراصير”.

‫تعليقات الزوار

4
  • ن.ن
    السبت 18 أبريل 2015 - 12:37

    عندما نريد ان نوجهة خطاب المبهم بالمبهم ، نعبث بالحروف،نؤسس لجمل من كلمات خارج محيط الكون.نتحدى المستحيل ،ونرقد خلف الرموز .لكن نحترم قدسية الكائنات التي لا نجعل منها سخرية للعبث.تعالى قد يسامرك النمل يوم اراد ان يستهزيء من سليمان،فوجد ان لامفر يعلم الخطاب ،ومتى يغضب و متى يرضى ،ومتى يتألم مكان النمل.كل فوق الارض يسجد و يسبح ،و لايجهل مصير العمى ،ولا هل يمكن ان يكذب بحكم انه لايبصر .عظيم ان نحيك الظلام و نحن نقصد ضبابية الكلام و موت المنطق .نقبل بمسلمة ان نكتب ،ان عيش، ان نتنكر،وكل مقدساتنا هي ان لامعنى للوجود…….عظيم انت لكن ابطال السريالية يجب ان تكون ما وراء الموجود…..حيت التيه،تنساق ،فيحضنك السراب…………………

  • LAMZABI
    السبت 18 أبريل 2015 - 22:10

    اخي لكي يصل كلامك الى العقول عليك بقبول المعقول اما الكلام بالمرموز فلا يجوز مع اناس لا يابهون اصلا حتى للكلام الواضح المصقول
    فكى من الابهام

  • ن.ن
    الأحد 19 أبريل 2015 - 10:18

    قلت سأكتب خارج نفق الوجود.لكن لعنة من وضع القواعد طاردتني.بدأت برسم خريطة الالف،صرخ لاتلمسني.أنا بداية الذات ،وان تطاولت سأكنس جميع الحروف.لا أملك صورة للملعونات ،اني احمل في احشائي اسم الله،سيرة الكون،مسار ذات تعبر عن مبدع،حين انادي الباء فتحدثني عن ابدع ،و بالميم وحده المنان.ترددت وهل حروفحك تعبر عن خباياي ،وتجسد نبرات صوت الانسان.قال لا ..تأملت فأخبرته انني سمعت اصواتا غريبة لم افهمها،و لم استطيع التمييز بينها.فهل حدفت ما يليق بي؟رد أنت تستهزيء بنا و نحن لن نعطيك ما تكتب به قصائد لاتعبر الا عن ما نحتفظ به خلف ستار الوجود،فاقتن ما شئت ،لكن خارج ادراكنا،و ممتلكاتنا،و ما نخلقنا لنعبر عنه،و هو بالطبع ما يعتقده الكل.فابدع حروفا لك ،فنحن لانأول ما تبحث عنه.صراعك مع الحروف بدأ منذ داست قدماك التيه.قد تجد لحاجتك اشكال اخرى اعمق من دلالتنا…..!

  • ن.ن
    الأحد 19 أبريل 2015 - 18:37

    بالامس كان الوضوح ،و المفضوح،سرا لقصائد البراءة و الرصاص.هبت قوافل الرعد بقصف الجفاف ،فأخدت كل من تمتم بعبق الحق.فظل الباطل حكما للصف.
    لكن جسدي لم يقشعر،و تغيرت ثيابي ،فتاه القذف في خيال الصمت.لم اكن عاجزا للبحث عن حرف بين الابجدية،فقد صرنا سبلة تل.تعانقنا لم يسألني عن اسمي،لكنه بخبر باح ،فادركت ان زواج الرفض بالموت خيما منذ البدء.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس