مستقبل الحركة الانتقالية التعليمية

مستقبل الحركة الانتقالية التعليمية
الإثنين 20 أبريل 2015 - 23:47

لا يختلف اثنان على أن أي إصلاح للمنظومة التربوية في أي بلد لا شك يجب أن يراعي ضرورة تحفيز أطره للانخراط الإيجابي و التلقائي في هذا الإصلاح، و المتتبع للشأن التعليمي في بلادنا لا شك سيلاحظ وجود حركية حثيثة تحاول إشراك الجميع في بناء تصور إصلاحي متوافق بشأنه، يروم هذا التوافق وضع القطار على سكته التجريبية خلال السنة الدراسية المقبلة؛ مع ذلك يبقى مغيبا في هذه الحركية وضع ترسانة تحفيزية لأطر القطاع لضمان انخراطها الفعال ؛اللهم ما يرتبط بإشراكها في التشخيص و البلورة من خلال اللقاءات التشاورية ، أو ما يخص مراجعة النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة ،و الذي لا ندري أيحمل جديدا محفزا ؟أو يعيد التاريخ ليعرف هو الاخر اختلالات تحتاج في المستقبل إلى إعادة النظر فيه من جديد. نتساءل في هذا المقال عن موضوع الحركة الانتقالية باعتبار الانصاف و العدل فيها بابا من أبواب تحفيز هيئة التدريس، و بوصفه مطلبا لهذه الفئة طالما عبرت عنه كلما أتيحت الفرصة .كيف يمكن تحقيق العدل و الانصاف في تدبير الحركات الانتقالية ؟ و ما هو مستقبل الحركة الوطنية في ظل الجهوية الموسعة و إعادة تنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين ؟

تنقسم العلاقات الإنسانية عموما إلى نوعين ،فإما أن تكون العلاقة “تعاقدية” تحتكم إلى عقد او تعاقد بين طرفيها، حال العلاقة التي تجمع المواطن بدولته و الموظف بمستخدمه؛ و هي علاقة تتسم بنوع من المساواة و الانصاف و العدل. و إما ان تكون العلاقة “تراحمية” ،كما يسميها الدكتور عبد الوهاب المسيري ،يراعي فيها كل طرف ظروف الاخر و يتغير التعامل حسب هذه الظروف؛ و بخصوص التسمية فبدل ” التراحمية” التي أراها إيجابية بشكل مطلق أفضل أن أسمي العلاقة الأخيرة بـ”التعاطفية” لكونها علاقة نسبية تتحرك درجتها على سلم بين أعلى الصفر و أدناه، فإما أن تكون إيجابية كحال التمييز الإيجابي لطرف دون اخرمراعاة لظروف خاصة، و إما ان تكون سلبية كحال الميز العنصري؛ ما يهمنا في هذا المقام هو توضيح العلاقة الاصلية التي تربط الاطار التعليمي بوزارته و امتداداتها في تدبير ملف الحركة. فعلاقة الموظف بالوزارة في الأصل “تعاقدية “، تخضع لمجموعة من القوانين الموضحة لحقوق و واجبات كل طرف ، و التي يُفترض فيها ـ من جهة الوزارة الوصية ـ أن تراعي مبدأ المساواة و الانصاف بين موظفيها ؛لكن الذي يحدث في الاستثناء المغربي هو العكس تماما، حيث تنحو الوزارة في تدبيرها للملف منحى “التعاطفية” التي تعامل فئة ـ الالتحاقات ـ بميز إيجابي تعطيه الاسبقية في الاستجابة لطلبه دونا عمن يستحقه لو عملت الوزارة بالتعاقدية. ما يدل على أن الوزارة تتخبط خبط عشواء في تدبير ملف الحركة ،أو ما يبين أن ما تنحوه من منحى التعاطفية ليس سليما هو كونها تفتح كل سنة بابا لدراسة الموضوع و تعديل معاييره بمباركة من النقابات التي للأسف لم تعد تمثل إلا نسبة قليلة من الموظفين. لو أرادت الوزارة أن تحل هذا الاشكال دفعة واحدة و لا تحتاج أن تعود إليه كل سنة، فما عليها إلا أن ترجع إلى اصل علاقتها بموظفيها ،أي أن تنحو منحى التعاقدية ، و تحدد معايير الحركة على هذا الأساس؛ بحيث تأخذ بعين الاعتبار مجموع نقط الموظف التي تعبر عن أقدميته في المنصب محليا و إقليميا و جهويا . و لابأس أن تمنح نقط امتياز لهذه الفئات الاجتماعية في إطار تعاطف نسبي معها بدل التمييز المطلق، ويبقى معيار الاستحقاق الوحيد هو مجموع النقط.

إن العمل بمبدأ المساواة و الانصاف في تدبير الحركة الانتقالية مهما كانت الطريقة التي يطبق بها ، يترك أثرا طيبا في نفوس المترشحين لها و لو لم تلبى طلباتهم ،ذلك أنهم و في قرارة أنفسهم يشعرون أنه لن ينتقل إلى المناصب التي حددوها في طلبهم إلا من يفوقهم في عدد النقط و الأقدمية، و هو أمر يبعث على الارتياح النسبي بدل الشعور بالإحباط في حال انتقل إليها من يقل عنهم نقطا و لا يفوته إلا بالتمييز الإيجابي. و إننا لنأسف لبعض الحالات التي تنتقل فيها ملتحقة ب 7 نقط إلى منصب شارك إليه من تجاوزت عدد نقطه المئة (100). كيف تريد لمثل هذه الحالات ـ التي لا تجد لحالها اذانا صاغية ـ أن تساهم تطوعا في بلورة مشروع المؤسسة و تنخرط في مجالسها و تساهم في مشاريع الوزارة؟ بل هل تضمن أن تؤدي واجبها على أحسن وجه؟

في موضوع ذي صلة ،لا زال رئيس الحكومة يدافع عن طلبه في تعيين الأستاذات قريبا من أهلهن ، و قد أفردنا لهذا الموضوع ساعتئذ مقالا مرتجلا يحمل عنوان ” رسالة من معلم بالبادية إلى بنكيران رئيس الحكومة” ، و هو المقال الذي نقلته بعض المنابر الالكترونية التربوية من موقع المزار 24 ـ المغلق حاليا ـ و نشرته دون إشارة إلى صاحبه.و هو مطلب منفرد لرئيس الحكومة لا توافقه عليه أغلبيته؛ لو حدث أن تم نقله إلى التطبيق لقضى على كل الآمال في الانتقال إلى حواضر المدن لنساء و رجال التعليم على السواء ، و خصوصا إذا ما تم إعادة ترتيب الحركات الانتقالية و يُبدأ بالتعيينات و ينتهي بالحركة الوطنية ،وهو مما يراج حاليا ،و يبدو أمرا ممكنا بحيث يتم تعيين الخرجين في النيابات داخل جهاتهم في انتظار أن تتم الحركات الثلاثة و تسند إليهم المناصب الشاغرة بعدها .

أي مستقبل للحركة الانتقالية الوطنية في ظل هذه المستجدات؟ خصوصا إعادة تنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين التي وعدت في المذكرة المنظمة لامتحانات ولوجها هذه السنة، أن يتم تعيين الخريجين في جهاتهم التي قدموا من خلالها ترشيحاتهم؛ لابد أن أشير إلى أن هذا الاجراء إيجابي من جهة اعتباره استباقيا لتلافي الإشكالات التي تطرحها الحركة الوطنية مستقبلا ؛ و لكنه للأسف لا يحل المشاكل الحالية بل يفاقمها ، لأنه إجراء يحكم بالمؤبد على قدماء المحاربين من نساء و رجال التعليم الذين أبحروا في الفيافي و القفار و أعالي الجبال لأكثر من عقد، و لم تطأ أقدامه بعد يابسة الاستقرار و بر الأمان. و في ربط بين هذا التعيين و بين تطبيق الجهوية الموسعة لن تشهد الحركة الوطنية أي تحسن، إذا ستتحول إلى مجرد حركة تبادلية بين الجهات فقط. بعملية رياضية بسيطة نكتشف هذا الامر ، الجهات تحدد خصاصها من الموارد البشرية و تفتح أبواب مراكزها الجهوية لتكوين هذا الخصاص دون زيادة أو نقصان، و بالتالي لن تستقبل في الحركة الانتقالية الوطنية أي موظفين إلا بالقدر الذي تصدر منهم إلى جهات أخرى خلال نفس الحركة؛ لنفترض أنه استقبلت جهة معينة عددا من الموظفين أكبر مما أرسلت إضافة إلى خريجي مركزها الجهوي ستعرف فائضا في الموارد البشرية، ما سيعتبر هدرا للمال العام؛ و على العكس في حال صدّرت عددا أكبر مما استقبلت فستعرف خصاصا لن تجد ما تملأه به إلا على حساب مصلحة المتعلم بضم الأقسام و خلق مكتظة و أخرى مشتركة ،أو تلجأ التعاقد الذي سيثقل على ميزانيتها.

نعود ختاما لنؤكد أن اختيار مسار التعاطفية في تدبير الملف يسيء لا محالة إلى مبدأ الشفافية و الديموقراطية في تدبير الموارد البشرية للقطاع ، وقد يؤدي مع توالي السنوات و تفاقم أوضاع نساء ورجال التعليم ضحايا الحركة إلى خلق أزمات نفسية و اجتماعية لهم و لذويهم، ما سيؤثر سلبا على مردوديتهم و مردودية تلاميذهم؛ و بالتالي فإن كان الشعار الذي رفعه الميثاق الوطني للتربية و التكوين ” مصلحة المتعلم فوق كل اعتبار ” ساري المفعول ، فعلى الوزارة أن لا تحمّل المدرس وحده مسؤولية هذه المصلحة ، بل عليها أن تعمل على توفير الظروف المناسبة له للعمل على تحقيقها، و أول خطوة في هذا المضمار هي تحقيق نوع من الديموقراطية و المساواة و الانصاف بين موظفيها في تدبير ملف الحركة.

‫تعليقات الزوار

3
  • استاد
    الثلاثاء 21 أبريل 2015 - 11:09

    "استاذ لا يفكر في الانتقال للغياب مسطرة الشفافية والنزاهة". عنوان قد يطزح اكثر من سؤال.لكن لا احد يفكر او سيفكر في الاجوبة.لاننا وللاسف نتفنن في وضع الاجوبة
    اذا كنا نؤمن بالديمقراطية فلماذا la discrimination لماذا المييز? لماذا المييز بين الموظف الذكوري والموظف الانتوية .كلنا سواسية اما القانون .كل سنة والا ونتحف بمفاهيم جديدة .الالتحاق بالزوج المراة المطلقة … اسمحوا هذا لايعني انني اكن عداء للمراة حشى ولله فااللجنة يحت اقدامها.
    لماذا لا يعتمد على على معيار الاقدمية وكفى المومنين شر القتال دون مييز بين مفاهيم اغرقت القطاع في غياهب الضلام وياخذ بمبدا " انت اقدم مني انت اولى بالانتقال" انذاك ترى اثناء اعلان نتائج الحركة بعضهم يهنئ الاحترام لان كل شيئ احتكم الى الشفافية التي هي اساس الديمقراطية.
    مما لاشك فيه اذا احتكم الى نتائج الشفافية دون مييز يذكر ولا الى علاقة تراحمية تجد الكل مرتاح الى الت اليه النتائج .اما اذخال derogations حالات اخرى فهذا ما يقتل الديمقراطية ويزرع الفساد التربوي الناتج عن غلط ارتكب من طرف الدولة في حق خادمها و خادم سكانها.
    السلام علىكل غيور على التعليم

  • instituteur
    الثلاثاء 21 أبريل 2015 - 20:18

    Premièrement merci hespress et tous vos fiers lecteurs.
    Un chaleureux merci aussi a Mrs lhoucin jghou .
    Et incontestablement chapeau et parfait mon prof commentateur numéro 1. et vous méritiez d être le premier car vous avec traiter avec un magnifique raisonnement le fléau de mouvement .le brème que vous avez proposé n a tellement besoin de commentaire parce que vous l aviez analysé avec une pleine neutralité .évidement le fais d avouer le mot DISCRIMINATION .ce dernier fait de vous un parfait analyste et ce qui a donné de réel à votre commentaire c est que vous aviez nettement réfuter toute dérogations qui peuvent avoir place .énormément monsieur le commentateur n1 nous vous demande honnêtement de nous proposer un brème car vous nous montrer que vous êtes raisonnable et sans doute bien expérimenté
    encore merci hespress , jghou lhoucine et le prof commentateur nemero 1

  • عبد الرحمن/أكادير
    الأربعاء 22 أبريل 2015 - 19:00

    الحركة الانتقالية هم يعيشه رجال و نساء التعليم.و قد كانت له في الماضي ضوابط قانونية و أخرى أخلاقية نذكرها اليوم بتقدير:فالانتقال في الماضي كان بعد قضاء فترة تقل أو تطول حسب الظرف في مقر العمل الجديد.و لا يمكن بتاتا تصور قبول رجل أن تعين أنثى في أبعد فرعية و يبقى هو في الوسط الحضري أو ما يشبهه بدعوى المساواة. اليوم اختلت الموازين، و صارت الشعارات حاجبة للحقائق التي يرفضها الشرع و القانون. فالأنثى أنثى،و لا يمكن أن تساوى مع الرجل إلا في الحقوق. اما الواجبا فمن كل حسب طاقته و بنيته و جنسه.
    وقد سبق للوزارة أن فرضت بقاء الجدد أربع سنوات في مقر عملهم قبل السماح لهم بالمشاركة في الحركة. غير أنها اضطرت إلى السماح لهم بالحركة خارج القانون قبل تعيينهم بالمؤسسات.إنه الارتجال الذي طبع سياسة الوزارة.
    و دعوني أطرح فكرة: لماذا يوحد القانون أمام المغرب المتعدد؟ أليست هناك جهات لا بد أن يسمح لأي موظف بطلبها بغض النظر عن الشروط؟ أليست هناك أماكن تعاني من نثص دائم؟ لماذا هذا القهر القانوني؟لماذا تعامل كل الجهات بنفس الطريقة؟اسمحوا بالحركة الحرة في اتجاهات معينة،و لن تعدموا من يطلبها لحل مشاكله الشخصية.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30

احتجاج أساتذة موقوفين