الحمار والعربة أو باي باي فاتح ماي

الحمار والعربة أو باي باي فاتح ماي
الخميس 30 أبريل 2015 - 22:17

هل القرار الذي اتخذته النقابات الثلاث الداعي إلى مقاطعة تظاهرة الفاتح من ماي لهذه السنة ،هل هو قرار معقول مبني على حنكة ود راسة وبعد نظر من شأنه أن يدفع بالعربة إلى الأمام من دون كثرة عياط وسياط ،يعيد للطبقة الشغيلة المغربية وزنها في الساحة ،أم أن القرار هو مجرد دق الماء في المهراز رنات صداعه وضجيجه أكبر من حصيلته ومردوده؟ ثم لماذا لم تختر النقابات أسلوبا آخر عوض سياسة الساحة الفارغة ، ألم يكن من الممكن ترك العمال والموظفين وباقي الشرائح ينزلون من بيوتهم إلى الشارع حتى يظهر كل واحد بما له من قوة وما عليه من مسؤولية عوض إعفائهم من التعبير عن مطالبهم ومكبوتاتهم التي جرت العادة أن يفرغوها أمام السلطات والباطرونا وأنظار العالم كلما حل هذا العيد السعيد؟ أليس من مصلحة الحكومة والباطرونا وأعداء الطبقة العاملة والعمل النقابي الغياب عن التظاهرة والبقاء ببن جدران البيوت والمقاهي للثرثرة أو الخروج إلى أرض الله لدفن ما تراكم من إحباطات و أدران على النفوس؟

الفعل النضالي كما نعرفه من مصادره الحية لا يكون مستكينا للهدوء والراحة رغم كل الأحوال ، بل حالة بحث دؤوب عن الدروب المضيئة داخل النفق المظلم الموصلة إلى حقوق الناس المغلوبين على أمرهم كاملة غير منقوصة لا ينتهي. فهل عجزت النقابات ؟ هل فشلت؟ ومن الذي خذل الآخر القاعدة النضالية الشعبية أم زعماء النقابات أم أن هناك من اندس بينهما كالشيطان وأفلح في تمزيقهم وتشذيرهم من حيث لا يحتسب الجميع ؟

أتذكر احتفالات فاتح ماي في مطلع السبعينات ، فيقشعر بدني ،حين كان المظلومون يلجؤون إلى الإحتجاج عن أوضاعهم من كل الشرائح عمال ،موظفون ،مثقفون ،أساتذة، عاطلون ،متعاطفون حشودهم عبارة عن كتب مفتوحة فوق القلوب والهامات. يخيم على مدينة الدار البيضاء قلعة العمال واليسار آنذاك جو غريب يمتزج فيه الشعور العام بالقمع والحگرة بالإنتهاكات السافرة لحقوق الإنسان في أبعادها السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية التي تركت ندوبها على الخارطة الوطنية بمدنها وجبالها وسهولها وصحاريها .كم كانت دهشتي كبيرة وأنا ارى في النصف الأخير من يوم ليلة الفاتح من ماي الدكاكين تغلق أبوابها قبل الأوان ، في سباق مع الزمن(درب عمر ) وكأن تيارا كهربائيا لسع الجميع ،الكل في ترقب بالذي يمكن أ ن يحدث غذا .صورة كانت تتكرر بشكل أكثر جدية ووضوحا ليلة الإضراب العام (81 19 (كنموذج .أما في الصباح فيجزم الكل أنه وسط عرس مجتمعي طليعي يجمع الصفوة المثقفة من كُتاب وصحفيين وشعراء وأساتذة وموظفين وطلبة وتلاميذ بالقاعدة العمالية ، تتراءى أمامك الحشود بجلالها وبهائها ممتدة حد البصر تتجاذبها الأناشيد والشعارات وألوان الرايات وزغاريد النساء من فوق السطوح وشرفات المنازل تثقب الآذان إيذانا بالتجاوب والتضامن وگأن قافلة الحشود الجماهيرية على أهبة الذهاب إلى ميدان المعركة كما قال الشاعر حسان بن ثابت:

تظل جيادنا متمطراتٍ تلطمهن بالخُمُر النساءُ

فإما تُعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاءُ

وإلا فاصبروا لجِلاد يوم يُعز فيه الله من يشاءُ

.وترفع بصرك أنت إلى سماء بلادك و عبرها إلى عيون النساء البيضاويات فتحسب نفسك بين الحشود بطلا تحمل همك وهم المجتمع تحاول الجمع بينهما حيث يصعب عليك حينها التحكم في عبرة أو عبرتين فتتماسك فالمقام للصلابة لا للهشاشة والعواطف ينبهك أحد الشيوخ الذي سقطت أسنانه و أكلت التجاعيد وهموم الدنيا وجهه و مازال متشبتا بحقه وبأهمية الدفاع عنه .

ثم تسيخ السمع لخطبة الزعيم تحت الشمس نكرة من ضمن النكرات وهو تحت ظل سقيفة المنصة محاطا بحراسه وضيوفه من الداخل والخارج، تُلبِس نفسَك هيئة مناضل ماركسي لينيني بلحية ونظارة طبية ، متأبطا جريدة لا يمكن أن تكون إلا الأتحاد أو أنوال أوالبيان وما جاورهما في الدرب والمسار،جريا على دأب زملائك ورفاقك ممن أوجبوا عليك تملك قاموس المعارضة لكل ما له علاقة بالمخزن والنظام الرأسمالي والأمبريالية والطبقية والبرجوازية .بعدها تتفرق الحشود تجر معها أصداء الخطاب والشعارات والأناشيد ، تحلم ببدائل آسرة للقلب والعقل لتغيير المجتمع وأوضاعه.نكمل بعدها النقاشات في البيوت والمقاهي تحصينا لما جاء به الخطاب أو تكميلا لثغراته .في صباح الغذ نقرأ الجرائد. بعض عناوينها مكتوبة في الصفحة الأولى بالبنط الغليظ تقول :الجماهير الشعبية خرجت عن بكرة أبيها لتكسير الأغلال/ الطبقات المسحوقة تنتفض وتتوحد من أجل حقوقها… مزهوين بمشاركتنا معتبرين كل تخلف عن هذا العرس النضالي خيانة للجماهير الشعبية.

فما الذي تغير؟ وماذا وقع ؟ هل تحسنت ظروف ومعيسة هذه الجماهير الشعبية إلى الحد الذي لم يعد الخروج بهذه الحشود للتظاهر السلمي ضروريا ؟ هل يرجع سبب هذا التراجع النضالي الحقيقي المهول إلى القيادات التي تقول بعض الجهات أنها باعت تاريخها وتاريخ الطبقة العاملة النضالي بأبخس ثمن احتراما لميثاق السلم الإجتماعي الذي بدأ مع حكومة التناوب والذي عمر طويلا ولم تجن منه الطبقة العاملةباستثناء بعض الشرائح، إلا المزيد من القهر والتقهقر والتهميش ؟ هل نقول وداعا : أخواتي العاملات ..إخواني العمال..هل نقول الوقت تبدل وأسلوب النضال هو الآخر من واجبه أن يتبدل؟ النضال كان دوما صوتا مزعجا قاد البعض إلى السجون والمنافي والجنون ، وقاد البعض الآخر إلى السدة العالية المتعالية باسم التصالح في اشتباك سوريالي مع خطاب رسمي مازال يعاني الإزدواجية والتناقض والغموض.

فمن نصدق إذن النقابات التي قاطعت احتفالات ماي لأنها ربما تهيئ لما هو أقوى من الخطب والشعارات أم نصدق تلك التي نزلت إلى الشارع عن طواعية واقتناع أم نصدق أولائك الذين لم يعد فاتح ماي ولا شوال يهز لهم شعرة من شعر رأسهم ؟ ربما من الأليق أن نصدق العربة التي يجرها الحمار الذي نحمل عليها الأثقال تلو الأثقال ومع ذلك فالذي يجرها فهو صبور لا وقت له للإحتفال يكفيه ما فيه و الله الوحيد المطلع على ما في الصدور وما تحت السطور . وكل فاتح ماي وسلالة الكادحين بخير ../

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس