الأحزاب السياسية والرهان على الديمقراطية العددية

الأحزاب السياسية والرهان على الديمقراطية العددية
الأربعاء 13 ماي 2015 - 10:54

تنطلق الديمقراطية في مفهومها التقليدي من مسلمة الحكم للأغلبية في تدبير الشأن العام، وقد استمر العمل بهذا التوجه لردح من الزمن. وباستقراء السيرورة التاريخية للديمقراطية كنموذج أو “فن التدبير” نجد انه قد مر بمجموعة من المراحل التاريخية ، وكل مرحلة تشكل لبنة أساسية في استكمال و”تجديد” الديمقراطية ممارسة وسلوكا، مما يطرح معه التساؤل حول هوية الديمقراطية المعمول بها في المشهد الحزبي المغربي، هل هي ديمقراطية مستوحاة من تعريف بريكلس أم ديمقراطية ” الرهان”؟

مما لاشك فيه أن المشهد السياسي في المغرب خصوصا بعد دستور 2011 ، يتسم بنوع من الصراع المحتدم على كسب الأصوات وحشد الشعبية، باستعمال آليات وأساليب تنم عن الجمود الفكري لدى الطبقة السياسية وتبرهن عن غياب التجديد والابتكار في الأساليب والآليات التي تتقاطع في تدبير الشأن العام، والمؤدية حتما إلى النتائج نفسها التي تحققها الديمقراطية وفق التعريف البركليسي .

لقد مر المشهد الحزبي المغربي من مراحل تاريخية مهمة أفضت إلى وضع الإطار العام للمشهد السياسي برمته، واتسمت كل مرحلة بخصوصيات مختلفة عن المرحلة السابقة أو اللاحقة لها، فتارة يطغى سياق الإنغلاق السياسي وتارة أخرى يظهر سياق الانفتاح، وهو ما اتسمت به العشرية الأخيرة مند أواخر التسعينيات من القرن الماضي وبداية القرن الحالي.

وتعتبر سياسة الانفتاح واستراتيجية الإشراك لفاعلين جدد في استكمال أو بالأحرى” تجديد” بناء المشهد السياسي الحداثي، خاصية مميزة لمرحلة ما بعد دستور 2011 ، إلا أن الصراع والتجاذب السياسي حول التفاهة يعكس عدم استيعاب جوهر فلسفة الانفتاح على الفاعلين الجدد في المجتمع المغربي (مجتمع مدني، مواطنين، خواص…) ،وهذا ما يؤدي إلى السعي نحو بلوغ ديمقراطية “الرهان” بدل الديمقراطية “التشاركية”.

إن الديمقراطية العددية تطرح إشكالية عدم الملائمة والفعالية في تدبير الشأن العام برمته، خصوصا وأنها ترتكز على منطق التحالفات بغض النظر عن وحدة البرامج السياسية والمنطلقات مما يفقد الديمقراطية وفق تفسير ” بريكلس” جوهرها وروحها لدى الأحزاب السياسية المغربية ، التي استسلمت لمنطق الجمود الفكري واستبعدت التجديد في الآليات والأساليب المدعمة للديمقراطية عمليا، وهذا ما يمكن ملامسته في اللقاءات التواصلية الحزبية مع المواطنين في كافة ربوع الوطن من طرف الأحزاب السياسية، إذ غالبا ما يتم السعي نحو كسب المزيد من التأييد والحشد الجماهيري كأرقام مهمة في “ديمقراطية الرهان”، عوض اعتماد “الديمقراطية التشاركية ” التي تقتضي الإستماع إلى اقتراحات المواطنين، خصوصا وأننا مقبلين على انتخابات الجماعات الترابية، قصد تنزيلها عمليا محليا وجهويا.

ومما لاشك فيه أن تطور الزمن السياسي وطنيا ودوليا، يفرض نوعا من التجديد والابتكار في الحقل السياسي برمته، فلم يعد مقبولا اعتماد ديمقراطية الحشد الجماهيري المفضية إلى ديمقراطية أكبر فائز بأكبر عدد من الأصوات، خصوصا إذا اعتمد منطق ديمقراطية “الرهان”.

-باحث في القانون العام

‫تعليقات الزوار

1
  • KITAB
    الأربعاء 13 ماي 2015 - 22:42

    ما لنا ولهذه النظريات التي نجترها كل وقت وحين ، الواقع السياسي المغربي لا يتطلب كبير جهد لإدراك أبجدياته ، فقط يمكن اختزاله بوضوح في كلمة واحدة الملك وكفى الله المؤمنين شر القتال !!! أنت شاب ما زلت في مقتبل العمر ومن حقك أن تلوك قليلا بعض النظريات كأستاذ أكاديمي ،ولكن كل هذا يتكسر على تلك الصخرة الصلداء ، شكرا هسبريس.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز