شــجــون

شــجــون
الإثنين 18 ماي 2015 - 14:41

على كف قلبي أحمل شجنا بحجم دموع نساء العالمين، بحجم خسارات أمتي بحجم الخجل الذي اعتراني يوما من عروبتي،بقلبي شجن كفيل بإشعال الحرائق في ورقي،أحمله شجنا ثقيلا ثقل صفحات التاريخ في ذاكرتي أحمرا بلون الدماء التي أريقت على بساط العروبة لتضل معلقة بمحاكم التاريخ شاهدة على حدث السقوط اللانهائي المتواتر بين الأجيال إنه شجن يكبر ويتعاظم مع نشرات الأخبار يكبر بالنظر في أعين الشهداء، يكبر بالخيبات والانكسارات يكبر في بيئة صالحة لنموه، في أمة تجيد صناعته، يكبر في أعين اليتامى وفي العراة أمام أعين الكامرا، يكبر عند أبواب الحانات وعناوين الراقصات، يكبر في التفاهة التي التحفتها منابر الاعلام في وطني، يكبر في أيادي المتسولين وفي أكياس النفايات ، يكبر بفوهات المدافع والبندقيات المصوبة عصبية بين أخوين أحدهما سني والآخر شيعي، إنه شجن ينمو عند أبواب المساجد شفقة عليها من صلاة تنتهي صلاحيتها عند ختامها ومن مصلين لا يدرون منها إلا حركات ذات حسنات لا امتداد لها على واقعهم ، يكبر في عيوبنا التي حملناها كرها وحملها وفصالها في ألف عام ويزيدون، نصرفها لمن بعدنا إرثا ونحن على حملها ملومون،

وكيف لا ينمو حزني ويصير أكبر من قدرتي على التعايش وأنا أشهد اليوم إعدام وطن و قضية أمة كيف لا أحزن وأنا اليوم أقرأ بعناوين الصحف إعدام أول محاولة للحياة برقعة من أمتي إعدام إرادة شعب بأكمله كمسرحية تعرض على الملأ فيضحك منها العابرون على جراحنا شماتة فينا وفي خسوف أفراحنا اليتيمة وانهيار أبراج الأمل التي بنيناها بربيع كاذب كان كالحلم الهادئ في ليل بهيم عليه ريح صرد عاصف تبدد على إثرها الحلم،كيف لا أحزن وبقلبي وئدت فلسطين بغزة يوما ولا زالت في غيابات الموت والحصار تموت كل يوم ،كيف لا أتوسد الأسى كل ليلة ودعواتنا مشتتة بين اليمن وسوريا والعراق وفلسطين وإخوان لنا عرفناهم لوقت قريب تسلخ عنهم جلودهم لا لشيء إلا لأنهم قالوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونحن نفتعل الشفقة على صور لحومهم المحروقة والمعجونة في مقبرة جماعية كطقس لابد منه ونتبادلها على مواقع التواصل الاجتماعي طلبا للدعاء ولمزيد من الدموع علها تكفي للتضامن البئيس،وكأننا ندفع ذنوبهم عنا بحزن طفيف ودمعة شفقة، كم نحن ضعفاء أو محظوظون لا أدري، إذ أن نصيبنا من ضرائب خسارات أمتنا الدموع فحسب،

كيف لا أحزن وقد صار دم العربي باردا وصارت حميته أطلالا نبكي على أمجادها شعرا وننشدها في المحافل كمحفوظة قديمة لا تصح سوى للترتيل، كيف لا أحزن وأنا أرى جيلا مشردا عن هويته مضيعا قبلته، يعيش اللاشيء واللاقضية ويملؤه الفراغ والعدم، جيلا لاهثا خلف السراب وتاركا النبع الصافي،الحزن صار من عاداتنا إذ أنه الشيء الوحيد الذي نملك القدرة على ممارسته للتكفير عن تخاذلنا وترميم بقايا إنسانيتنا وتلاحمنا مع بقية جسدنا المسجى فريسة للذئاب تنهشه من كل جانب، لا أدري كم من الأحزان علي أن أعدد وهل سيكفيني حبر لذلك؟ وكم من الدموع تلزمني لأبكي كل هذه الجروح وغيرها،تعالوا لنتباكى جميعا فعمر أحزاننا سرياح طويل كعمر عجوز أشيب لا تريد أن تموت أو كمرض مزمن لا يخرج من جسد صاحبه إلا إذا أرداه قتيلا فلنتباكى ليس لنا إلا البكاء عله يسقي القلوب فتدب بها الحياة….

[email protected]

‫تعليقات الزوار

11
  • KITAB
    الإثنين 18 ماي 2015 - 20:59

    الآلة العسكرية الجاثمة على قلوب الملايين المصرية ، ستندحر آجلا أم عاجلا ، وهما كان الدعم الذي تتلقاه من السفاحين…

  • جليل
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 00:50

    خاطرة جميلة تلامس شغاف القلب ..ولكن لمن يفهمون وقبل ذلك يحسون ..ننتظر المزيد من الأخت الكاتبة آسية شرفي …ممتع..مزيدا من العطاء…

  • لهلا صبحي
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 01:40

    موضوع جميل ولغة رائعة بالتوفيق

  • عـبد الرحمــن
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 09:19

    خطت أناملك فألقت ما في القلب على ورق يئن من الألم
    كتبت ما تختزله كل القلوب العربية .. الشجن ذاك الإحساس الذي يستوقفنا ويحثنا على إعادة ترتيب أوراقنا من جديد
    لكن وهل يستمع النيام؟ ألا والموت حق! الناس نيام ومن استيقظوا يعدموا .. ألا والموت حق انتفضوا من ذات أحلامكم أيها العرب إنتفضوا !!!
    شكرا آسية

  • مغربية متألمة
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 11:02

    مقال جميل يعبر عن الواقع المرير الذي تعيشه لكن لي ملاحظة على عبارة "يكبر بفوهات المدافع والبندقيات المصوبة عصبية بين أخوين أحدهما سني والآخر شيعي" الشيعة ليسوا اخوانا لنا و لا يشرفنا ذلك هم من ابتدئوا العدوان و الحوثيون في اليمن شيعة مدعمة من ايران التي ساهمت في تمزيق العراق و سوريا و الآن تحاول ذلك في اليمن لتمتد بعد ذلك الى الدول المجاورة لتحقيق حلمها في اعادة مجد الدولة الفارسية ، اخواننا في العراق يقتلون و يشردون من هؤلاء الشيعة الروافض الذين يسبون الصحابة و يتكلمون في عرض امنا عائشة زوجة الرسول فكيف سنجعلهم اخوانا لنا ؟! لو تصدى لهم العرب في العراق لما تجرئوا و فعلوا ما فعلوه في اليمن و سوريا عاصفة الحزم هذه جاءت متأخرة ، و كنا نأمل ان تعصف ايضا بشيعة العراق و سوريا المجرمين.

  • souad mahboubi
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 13:41

    مقال يعبر عن كل ما نعيشه اليوم من انتهاكات و ظلم و عري ..ذكرتي الكثير و ما لم يذكر كان اكثر..ليس لفرط نسيانك به و لكن لكثره و تفشيه في المجتمع..عزيزتي بوركت اناملك وفقك الله لما يحبه و يرضاه

  • asmae
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 17:51

    جميل جدا اسية، اتمنى ان يذهب كل ما ذكرته إلى مزبلة التاريخ، وان تتحرر الامة من كل مظاهر الطغيان والفساد والميز والعنصرية والاستبداد والاستعمار والظلم والقهر…… اللهم ارحمنا والطف بنا

  • عبد المنعم
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 18:53

    احييك على لغتك الجميلة و روحك التواقة للعدل ! نحن نعيش ظلما حالكا لم يبق ولم يذر !

  • oumaima
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 19:47

    مقال رااااائع شكرا لك فعلا كلنا نعيش ذلك الحزن وأنت كأنك تكلمت بألسنتنا نتمناو أن حال هاد الامة يتبدل للأحسن موفقة أختي

  • آسية شرفي
    الثلاثاء 19 ماي 2015 - 20:52

    شكرا لقلوبكم البيضاء ومروركم الانيق، أدرك أنكم جميعا تحملون نفس الشجن وتتوحدون معي في هذا الحزن الذي يتسرب لنا من كل المنافذ التي ذكرتها، أتمنى أن تموت أحزاننا يوما وأن نلتقي على امل جديد ..

  • عماد امطيري
    الأربعاء 20 ماي 2015 - 14:43

    أسلوب جديد و جميل للتعبير على الواقع العربي الذي نعيشه, و يا ليت الكلمات كانت لتغير الواقع تحياتي.

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج