الديموقراطية..وماذا بعد

الديموقراطية..وماذا بعد
الخميس 21 ماي 2015 - 12:25

كثيرا ما ترددت نظرية الكفر بالديموقراطية من قبل بعض التيارات الإسلامية، لكونها تتعارض مع المبادئ المؤسسة للدولة الإسلامية التي تعتمد الشورى لأهل الحل والعقد. وكثيرا ما تردد على أسماعنا من معارضيهم أن الوسيلة الوحيدة الكفيلة بضمان حكم الشعب لنفسه هي الديموقراطية. فهي المفتاح السحري للقضاء على الفيودالية وعلى الديكتاتورية، وعبرها ترسيخ الحريات والعدالة الاجتماعية. وكثيرا ما سوق لنا الغرب سلعته هته ودافع عنها بل وحارب بلادنا من أجل اكراهنا على الإيمان بها كما يكره الطفل على تناول الدواء.

لقد وضعت الشعوب العربية والإسلامية في موضع المقارنة بين انظمتها الفاسدة بين جمهورية وملكية وقومية وبين النجاح السياسي للدول الغربية وماخلفه على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وكان بديهيا أن تنساق وراء المطالب بتفعيل الديموقراطية كأداة لتدبير الحكم في بلادها. أمام الإكراهات الداخلية والضغوط الخارجية اضطر الحكام العرب للتكيف مع الوضع، واستطاعوا إخضاع الديموقراطية لمسخ حتى توهم بشكل أو آخر الشعوب بالمشاركة السياسية وتبقي على هدفهم الأوحد وهو الحكم والسلطة بدون منازع من المهد إلى اللحد وبعدها التوريث لذريتهم من بعدهم. خلقت أحزاب وعقدت انتخابات وتكونت مؤسسات برلمانية ومجالس حكومية وتأسست تنظيمات موازية حقوقية و نقابية ومجتمع مدني. ولا يعدو أن يكون كل ذلك ديكورات تاثت وتزين أركان الأنظمة لتظفي عليها الشرعية. بل الأدهى أن هذه الأنظمة فرخت حولها ديكتاتوريات بحجم أصغر وطموح أكبر على رأس هته المؤسسات. كم رئيس عربي انسحب من الحكم عبر الصناديق؟ كم رئيس حزب أو نقابة أو مجلس انسحب بالانتخابات؟ لم يكن ذلك ليخفى على أعين صانعي القرارات من الدول الغربية التي تنافق بورقة الديموقراطية وحقوق الإنسان.

تغمض عينها كلما كانت مصالحها المادية والمعنوية في الحفظ والصون، ولتشهرها بلهجة بالغة الشدة كلما دعت الضرورة إلى ذلك. ثم ثارت الشعوب، ربيع عربي اندلعت شرارته لتقول للحكام ما عدنا نملك ما نخسره. اقضوا ما انتم قاضون. نطمح في حرية، في كرامة، في عيش. ككل الثورات عبر التاريخ، أدت الشعوب العربية التضحية اللازمة، زهقت أرواح ودمرت مساكن وبيوت وفتحت أبواب الجحيم على المشاغبين، العملاء، المخربين، الجرذان. ….ووو وتحررت الشعوب…….وأقيمت الاحتفالات وقيل للناس هل انتم مجتمعون، لعلنا نتبع الديموقراطية إن كانت هي الحل.

نظمت انتخابات وجاءت باختيار نخب تحكم باسم الشعب. كان بديهيا ومنتظرا أن تخرج هذه القيادات الشعبية الجديدة بمواقف تعبر فيها عن إرادة شعوبها. كان منتظرا كذلك أن تبدأ في إعلان الحرب على الفساد الذي ضرب اطنابه في كل دوالب الدولة ابتداءا من الجيش مرورا بالأجهزة الأمنية والقضاء ثم الإعلام وأصحاب المال والأعمال. حرب حقيقية لم تكن هذه النخبة مستعدة لها، وليس لديها لا الإمكانات ولا الموارد لتحمل تبعاتها. ثم إن الانتظارات الآنية للشعوب المسحوقة زادت من التحديات وقلصت فرص النجاح في الانتقال الديموقراطي.

لم تكن إلا سنة واحدة، نعم سنة واحدة لم تستطع فيها النخبة الممثلة للشعب أن تستوي على كراسيها، لم يتسنى لها حتى الوقوف على مخلفات الإرث الثقيل، اشتغلت آلة الدولة العميقة باركانها وأجهزتها وبدعم كلي من الدول الغربية لتطيح بالديموقراطية وعبرها بآمال وأحلام الشعوب. انقلابات دموية وانقلابات ناعمة وحروب أهلية. كان منتظرا كذلك أن تعاقب هذه الشعوب انها فكرت يوما ما في امتلاك زمام أمرها. اعدامات بالجملة، حرق، تجويع، اغتصابات، للمنتخبين ولمن انتخبهم. وكل ذلك يمشي على نهج نظرية وزير عدل الانقلاب في مصر ( متى كان لابن الزبال أن يصبح قاضيا) متى كان للشعوب العربية أن تختار حاكمها. وماذا بعد؟ اين المفر؟ ويسألونك من خلق داعش؟ ومن ينظر لها؟ وما يدفع الشباب للتشدد والإرهاب؟ إنه الظلم والقهر والجور…. فالارهاب يولد الإرهاب. وكل ديموقراطية وانتم بالف خير

‫تعليقات الزوار

1
  • Ahmed52
    السبت 23 ماي 2015 - 00:51

    الديمقراطية سيدي ليست صناديق الاقتراع وانتهى الامر. الديمقراطية لا تستتب الا باركانها الاربعة التالية:

    1 – الركن الاول: "العلمانية" بفتح العين دولة علمانية تحفظ حقوق مواطنيها بمختلف انتماءاتهم العرقية والسياسية والدينية.

    2 – الركن الثاني: "التعاقد الاجتماعي" دستور تتوافق بشانه جميع فئات المجتمع.

    3 – الركن الثالث: "حرية التعبير والتفكير" لا رقابة ولا خطوط حمراء على ابتكارات العقل الانساني في كل الميادين.

    4 – الركن الرابع: "سلطة الفرد فوق سلطة المجتمع" ومعناه ان الاغلبية المنبثقة عن الاقتراع لا يجوز لها هضم حقوق الاقليات ومن هنا تبدا حقوق الانسان.

    الا ان الاغلبية المصرية التي اشرت اليها سيدي والمنبثقة عن صناديق الاقتراع لا علاقة لها بالديمقراطية. هناك كثير ما يقال في هدا الباب عن قرارات الرئيس مورسي وتصوراته للاقليات في مصر "لمعجبو الحال يشرب لبحر" وووو.

    ثم ان الاصولية عدوة للعلمانية والتي تشكل الركن الاول والاساسي للديمقراطية.
    الاصولية والديمقراطية خطان متوازيان لا يلتقيان "الا بادن الله كما يقال".

    وشكرا.

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 7

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير