مقاصد العقيدة تحصين للأمة

مقاصد العقيدة تحصين للأمة
الجمعة 3 يوليوز 2015 - 02:26

جرت العادة أن نتحدث عن مقاصد الشريعة و كلياتها الجامعة، و نحن اليوم في حاجة إلى جمع الإشارات المختلفة ضمن علم ” مقاصد العقيدة ” و تأصيله كما تأصلت مقاصد الشريعة، و مشكلتنا أننا نتعامل مع العقيدة كمعلومات و ليس كمقاصد واقعية، فهي تجيب عن إشكالات المسلمين حاليا في ظروف الفتنة و غياب البوصلة.

جاء في شرح الفيروزابادي للبصيرة أنها “عقيدة القلب”، فالعقيدة ما يبصره القلب، كما أن الشهادة ما يبصره الحس، و إذا كانت العقيدة تطلق على العناصر الغيبية و ما حولها من أفكار، فيصبح الفكر عقيدة لصاحبه، وإذا كانت العقيدة ترتبط بما يراه القلب، تصبح العلاقة بين الفكر و القلب وطيدة، و هذه العلاقة هي طريق العلم بالله تعالى، فالعقيدة غيبيات و أفكار يعرفها الناس عن طريق الرسل، و ليست مجرد معلومات، بل تقتضي العمل و تتضمن الأمر و النهي، فقولنا: ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ البقرة:224، يعني أمرا بالالتزام، ونهيا عن الاعوجاج، فالله تعالى يَسمَع الأقوال ويعلم الأفعال، و ذلك يقتضي الثواب و العقاب.

فمقتضيات صفات الله و أسمائه هي مقاصد العقيدة، يقول ابن القيم في ” مدارج السالكين ” أن كل اسم من أسمائه سبحانه له صفة خاصة، و كل صفة لها مقتضى و فعل إما لازم أو متعد، و لذلك الفعل تعلق بمفعول و هو من لوازمه، و هذا في خلقه و أمره و ثوابه و عقابه، كل ذلك من آثار الأسماء الحسنى و موجباتها.

إن كل اسم له تعبد مختص به، و أكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء و الصفات، فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر، فلا يحجبه التعبد باسمه ” القدير ” عن التعبد باسمه ” الرحيم “، و هذا توجيه قوله تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف 180، و الدعاء هنا بالأسماء يتناول المسألة و الثناء و التعبد.

و من مقاصد العقيدة التي تحتاج إلى حوار و تأمل على سبيل المثال لا الحصر:

ـ تحقيق الأمن و الاطمئنان.

ـ تحرير الإنسان من الهوى.

ـ توحيد العلم و تكريم العمل.

سأركز على المقصد الأول الذي يتقاطع اليوم مع بعض المفاهيم المتداولة، ك”الأمن الاجتماعي” و”العمران الإنساني”، و قد اعتبرها العلماء من الضروريات، وليس فقط من باب الحقوق، فغيابها يفضي إلى اختلال المصالح و ظهور المفاسد.

لقد وضع الإسلام قواعد لتنظيم العلاقة بين المسلمين وغيرهم تتميز بحفظ الحقوق، و تجنب الظلم رغم الاختلاف في الدين، فهناك حدود أدنى ترتبط بالكرامة الإنسانية، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} الإسراء :70 .

و قد حرص على حفظ حق الحياة، و حق العمل والسعي والكسب المشروع و التكافل الاجتماعي، و تشريع الزكاة حتى لا يشيع الحقد في المجتمع، و شرع الصدقة وصلة الأرحام والإحسان إلى الأيتام، وتوقير العلماء وأهل الفضل، وحض الحكام وولاة الأمر على الرفق بالناس، وتبادل النصح بين الراعي والرعية.

و جعل دور العلماء والمثقفين أساسيا في ملء الفراغ الذهني المهدد للأمن الاجتماعي، كما جاء في الحديث:”إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا”

و حث على التماسك والتعاون على البر والتقوى بين المواطنين، و ذلك بالائتلاف والاتحاد والتعاون والوفاق، وترك النزاع والتناحر جانبا، فكلما سادت هذه الفضائل بين أفراد المجتمع ساد الحب والتقدير والثقة المتبادلة، والتضامن والوحدة والتراحم، وإذا فقدت ساد التمزق والانحلال والاضطراب والقنوط واليأس وشلت حركة الأمة وتحولت سعادتها شقاء وأمنها خوفا.

صوت وصورة
مغاربة والتعادل مع موريتانيا
الأربعاء 27 مارس 2024 - 01:07 8

مغاربة والتعادل مع موريتانيا

صوت وصورة
المخارق والزيادة في الأجور
الأربعاء 27 مارس 2024 - 00:30 3

المخارق والزيادة في الأجور

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | انتخابات 2011
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | انتخابات 2011

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30 1

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس

صوت وصورة
معرض تضامني مع فلسطين
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:47 1

معرض تضامني مع فلسطين