المرتزقة الجدد!

المرتزقة الجدد!
الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:08

لم يكن أمام إعلامنا المترهل وهو يرى الاستغلال البشع لـ”صور بريئة” ضد وحدتنا الترابية إلا أن يشن حملة شعواء لا هوادة فيها ضد مرتزقة (البوليزاريو) ومن دعمهم في هذه المسرحية من الإعلام الإسباني ومواقف الجزائر الرسمية؛ واليوم تتكرر “صور غير بريئة” –وهي عديدة- تشوه الحقيقة وتتعسف على الواقع وتصوغ أطروحات لا تقل خطورة عن تلك التي تدعو إلى الانفصال؛ لكن من دون أن يتحرك –هذه المرة- المسؤولون الحكوميون والحزبيون الذين يطنبون آذان المتابعين والمتتبعين بلغتهم الركيكة وهم يعبرون عن سخطهم واستهجانهم لهكذا استغلال وتوظيف إعلامي لـ”صورة”، مجرد صورة! في الوقت الذي يقوم فيه “المرتزقة الجدد” بمجزرة دموية في حق السياسة المغربية ويغتالون الديمقراطية ويجهزون على المكتسبات الحقوقية ويوظفون مؤسسات الدولة وكافة أجهزتها، مستغلين في مسرحياتهم المحبوكة كل الواجهات المتاحة سواء التنفيذية منها أو التشريعية أو القضائية، وصور الواقع -في هذا الصدد- غنية عن كل وصف في أعين الشهـود !


أصالة الاستـقواء :


عنصر “الاستـقواء” المادي والمعنوي أصيل في كل المرتزقة، وواقع (البوليزاريو) في هذا المجال غني عن الذكر، لكن يكفي أن نشير إلى حجم الدعم الذي تتلقاه من دول تدعي تبنيها لمواقف مبدئية تجاه “قضايا مزعومة”، هذا الحجم من الدعم المعنوي والمادي يبلغ مداه درجة فرض الأمر الواقع على مواقف الحكومات التي تجد نفسها غير قادرة على السير عكس تيار الرأي العام ذي الوعي المقولب-الموجه.


في المغرب الحبيب، يثير “المرتزقة الجدد” الكثير من “القضايا المزعومة” ويستقوون في ترويجها بكافة عناصر الدعم المادي والمعنوي، فتراهم يستغلون الإعلام لصياغة الرأي العام على المقاس، وتحضيره لتقبل نتائج حساباتهم الانتخابية الخاصة التي يبدو أنها لن تحسم في صناديق الاقتراع، وهو الاستغلال الذي أزكم الأنوف وأدمع الأعين لدرجة دفعت “الهاكا” إلى إدانة القنوات العمومية والخاصة –على السواء- في خرقها لمبدئي التعددية والإنصاف. وتعلمون من حل على رأس اللائحة في المستفيدين من البرامج والتغطيات التي تجرى تحت الطلب!


كما أن “المرتزقة الجدد” لا ينفكون عن التمسح بمؤسسات الدولة، والتحكم في أجهزتها التي يفترض أن تكون هي ضمانة الاستقرار بحيادها، وهم بذلك يفرضون أمرا واقعا قلما تجد من ينتفض ضده ولو من أجهزة الدولة ذاتها، لتكتسي في تحركها طابع العصمة الموجب لتنفيذ كل الأوهام التي تصدرها قياداتها المجالية. وأمثلة انصياع كثير من رجال السلطة لمسؤولي الوافد الجديد لا حصر لها، وكذلك هي حالات الثبور والويل الذي لحق شرفاء المسؤولين والنزهاء منهم.


ثالثة الأثافي في هذه “الأصالة”، أصالة الاستقواء طبعا! نخصصها للاستقواء المادي، ولندع الجوانب اللوجستيكية الحاسمة، ولنقتصر على الجزء المالي هاهنا مع غض الطرف عمن اختاروا طواعية أن يكونوا “مرتزقة” لحماية مشاريعهم وتنفيذ مخططاتهم، ويضخون –في سبيل ذلك- ملايين الدراهم بسخاء سترا لفسادهم وزكاة لعوراتهم المالية (وقد يدفعون أكثر لإسكاتنا)، ولكم –معشر القضاة/القراء- أن تتصوروا حجم الرواج في هذه البورصة إذا كان قطاع تنظيمي متوسط المساحة يستحق مليار ومائتي (200) مليون سنتيم لحرث قطعة سياسية وتدبير شؤونها الحزبية، ولكم أن تتصورا أيضا حجم الدعم للوالد إذا كان المولود يستأثر بخمسين (50) مليون سنتيم بـ”التبريحة والعلالي” من أموال الشعب بمجرد أن يخرج للوجود ولو ميتا!


المنازعات المعاصرة :


لعل النزاع حول صحرائنا المغربية أضحى -اليوم- متجاوزا بعد المبادرة الشجاعة للحكم الذاتي، وبروز أصوات مؤيدة للمقترح المغربي من داخل جبهة المرتزقة رغم التضييق والإقصاء الذي يعانيه المؤيدون، ولعل عودة أفواج المحتجزين من جحيم تندوف إلى أرض الوطن يشكل أحد العلامات الدالة في سياق الانفراج الذي يعرفه المشكل المفتعل. ولا يهمنا في هذا الصدد بالذات تكرار الأحداث الشاخصة للعيان، لكن ما يحرك تشخيصنا للوضع هي تلك النقاط التي تتقاطع بين المرتزقة –حيثما وُجدوا- في تدبيرهم للتنازع حتى لا نقول الاختلاف؛ لأن المرتزقة لا يؤمنون بالتنوع الذي يجسده اختلاف الأفكار والتصورات، بل قناعة كل مرتزق الراسخة هي أنا (السفلى وليس حتى العليا) ومن بعدي الطوفان، وإلا لما كان مرتزقا من الأصل! وهنا مكمن “داء الارتزاق”، خاصة في ثوبه الجديد!


الأخطر –اليوم- في النزاعات المفتعلة على الساحة السياسية، لا تتمثل في منازعة الوطن على سيادته في أراضيه، وإنما في تبخيس سلطان الدولة وتقـزيم هيبتها وتهميش قوانينها بشكل غير مسبوق وبصورة تحمل في طياتها العديد من الآليات المعاصرة، تبتدئ بسرقة شعار سامٍ عرف به العهد السابق، ولا تنتهي عند نسبة منجزات العهد الحالي لبعض مؤسسيها كما يروج بعض الدجالين السياسيين.


منازعة الدولة على سيادتها يتجسد –اليوم- في احتلال الأرض وإرادة مواطنيه من خلال ادعاء تمثيلية شعبية وامتداد عضوي لا وجود له في الواقع، ليتم تعويضه بمحاولات احتلال المشهد السياسي في أفق الاستئثار بتدبيره الأحادي، والاستفراد بالفاعلين السياسيين وإضعاف وجودهم الحيوي وتشويه سمعتهم لدى الرأي العام، وهو الاحتلال الذي يدفع مهندسي “الارتزاق الجديد” إلى نهج سياسة التضييق والإقصاء والاستئصال بكافة الوسائل، فكانت البداية بجبهة تدعي احتواء كل الديمقراطيين بشكل يحاكي –في الاشمئزاز الحسي- جبهة المرتزقة التي تدعي تمثيل كل الصحراويين! ومرت بابتزاز من تملك الدوائر المعلومة ملفاتهم العجيبة لتحتجز ولاءهم قسرا وأصواتهم عنوة لصالحها في قبتي البرلمان كما يحتجز صحراويو تندوف على أرض صحرائنا الشرقية، وهاهي –اليوم- تصنع من قياديي العدالة والتنمية “مصطفى سلمي الداخل” وتمهد للصدمة القادمة بالإجهاز النهائي على ضحاياها المعنويين.


إن مصادرة الحريات الفردية والجماعية، وتقويض مكتسبات الدولة وضرب سمعتها عرض الحائط، لَيبرهنُ عن قمة “الارتزاق” المعاصر، ولعله يصوغ نظريات جديدة في علم السياسة تنضاف لقائمة النماذج التاريخية المعروفة في الاستبداد والطغيان والفجور السياسي، والذي لا تنتهي فصوله إلا بخاتمة كتلك التي طالت “ابن علي” من ذل وهوان، وبحجم ما تستحقه أنانية التحكم ونزعة التفرد والاستئثار المقيت. ولا أعتقد أن هناك من علامة نذير بهذا الزخم لمن كان يملك منطقا يسنده القانون والعقل والمروءة.. وأيها “المرتزقة الجدد” إنكم إلى زوال! وسيحيا شعار الوطن في قلوبنا ضدا على عبثـكم السياسي وكبتكم الذي يطال رقبانا!

‫تعليقات الزوار

7
  • salim
    الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:16

    المرتزقة الجدد هم اصحاب التراكتور لي غدي يتقلب عليهم

  • محب لوطنة
    الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:10

    المرتزقة في تونس خربت بالنهب والسلب ومصادرة الحريات والحقوق.
    نفس السيناريوا نرى بدايته في المغرب.
    نطالب السلطة العليا بالتدخل لايقاف هذه المهزلة التي ستأتي على الأخضر واليابس.

  • مواطن مغربي
    الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:12

    باغيين انتخابات حرة كيفما دايرة اوروبا وكل الدول اليمقراطية.

  • Boga
    الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:18

    الله يعطيني العمى الى افهمت شي حاجة من هاذ الشي اللي كتبت ورغم ذلك اقريتو كولو. مالك ؟ خايف؟ ولا ماقاد على الخبز الكارم البيصارة. الله يدير البركة فولاد الشعب اللي تحداوا لرصاص و طيحوا الديكتاتور فتونس.

  • الدكتور مولاي أحمد الليلي
    الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:20

    أبتدا تعليقي حول هذه المقارنة التي أقل ما يقال عنها تنم أن صاحبها يعاني من جهل كبير في المعطيات حول قضية الوحدة الوطنية والترابية للمغرب ، ناهيك عن دفاعه المستميت عن أقطاب الفساد القدامى و اقصد هنا حزب الإستقلال والعائلات الكريمة المسيرة له بدءا بآل الفاسي الذين أسميهم آل طرابلسي المغرب وإنتهاءا بآل الرشيد في الصحراء المغربية إذا كان الأصالة والمعاصرة تطور بهذه الكيفية لأنه وجد الأرضية صالحة فإذا نجح في أداء جيد الله إعاونو ولكن مع وضعه تحت المجهر ومطاردة المفسدين أين ماكانوا سواءا في البام أو في غيره مع حل حزب الإستقلال الحزب الذي يتبجح قادته بتاريخ المقاومة في حين أنهم كانوا أكبر الخونة حسب أحرضان كما أنهم إستغلوا هاته الشرعية المزعومة لتخريب التعليم لبناء نخب على مقاساتهم ووو…ومرورا بالنجاة الإماراتية .
    أما بخصوص جبهة البوليساريو التي وصفتها بالمرتزقة فهو وصف شعبوي يجب التخلص منه لأن الشباب الذين أسسوا هذه الحركة كان هدفهم الأول هو أستكمال تحرير المغرب لكن تمت إهانتهم من طرف أقطاب حزب الإستقلال و تمت مطاردتهم من منطرف النظام والخونة المتعونين معه في عز سنوات الرصاص التي يذكرنا وصفك لهم بالمرتزقة بها ، إذا كان جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله أدرك الأخطاء التي قام بها نظامه غداة عدة إنقلابات قادها أبناء فرنسا ضده أملت عليه إجراءات قاسية أفرزت جبهة البوليساريو و أحداث 1981 بعديد المدن المغربية و1984 و1988 بفاس التي كان أول من أشعل فتيلها ليخون من بعد الجماهير هو حميد شباط الذي هو أحد أقطاب الحزب الذي تدافع عنه ، فأسقبل وفدا عن البوليساريو نحن نسعى الأن لإقناعهم بأن المغرب تغير أصبح مغرب الكرامة والمحبة والتآخي لا مغرب الحقد والكراهية مغربا نستطيع جميعا أن نبنيه رغم الخراب الذي ألحقهوا به آل الفاسي وأمثالهم كثر

  • الرايس
    الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:22

    أقتبس من مقالك يا سيدي الفاضل عبدالكريم كعداوي..
    تقول :
    لعل عودة أفواج المحتجزين من جحيم تندوف إلى أرض الوطن يشكل أحد العلامات الدالة في سياق الانفراج الذي يعرفه المشكل المفتعل. أنتهى كلمك …..
    عن اي عائدين تتكلم بعد أحداث مخيم اكديم ايزك لقد تم إلصاق التهمة احداث مخيم العيون و بقدرة قادر على العائدين .لقد تم سجن معظم العائدين إلى الوطن (الجحيم) بسب تلك التهمة الغبية التي لا يصدقها الاغبياء فمابالك بالعقلاء.
    فكيف تريد لناس أن يعود إلى السجن الكبير مع كارطية لا تسمن ولا تغني من جوع .فأولى للعائدين الذين ليس لهم أهل هنا أن يعود لمخيمات تندوف ولسان حالهم يقول كقول الشعب التونسي خبز وماء وبن علي لا.
    خبز وماء ونظرةإحتقار لا وألف لا .
    السلام على الاموات لانهم عرفوا الحقيقة .

  • سمير جهان
    الأربعاء 19 يناير 2011 - 19:14

    المرتزقة ، كل من يحسب ويظن ان الحقوق تنحصر في الاكل والشرب من غير حق في الكرامة الانسانية والحرية في اختيار طريقة عيشه والتعبير عن رايه من غير خوف ولا وجل ولاتوجس ودون الخروج عن القانون المتفق عليه ، ومن دون استعباده من طرف سلطة القهر والظلم والجبروت ، ومحاسبته على حركاته وسكناته ، المرتزقة الدين يبدلون الوانهم وجلودهم لالشيء الا ليحظوا ببعض الامتيازات والتصنيف ضمن النخبة المنعم عليها بالوسائل المادية مع ما يفقدونه من قيم انسانية .
    المرتزقة الدين لايهمهم الا بطونهم وفروجهم ولايعرفون حقا لغيرهم او لمن خالفهم الراي ، استئصاليون بامتياز يدعون الديمقراطية والتقدمية والحداثة والتحرر، المرتزقة الجدد مدعومون من المتسلطين الجدد الدين لايعرفون من السلطة الا جني المال وتزوير المحاضر وخدمة الشركات الوهمية والشركات التابعة لدويهم واصدقائهم .
    مرتزقة يعملون فقط على تلبية حاجيات اولياء امورهم من الاسياد ويتحايلون ويتحينون الفرصة للانقضاض عليهم ، فالمرتزق مرتزق وهده الكلمة كافية لتعريفهم ، لايهمهم الا انفسهم فهم يبيعون كل شيء مقابل كسب مزيد من المال ، يبيعون انفسهم مقابل دلك فاما ان يكسب او يدهب الى غير رجعة .
    المرتزقة باعوا دولهم وشعوبهم وباعوا ابنائهم وابائهم واخوانهم وعشيرتهم مقابل التمتع ببعض السلطة والمكانة لدى مموليهم .
    الارتزاق ليس الا حالة من بين حالات عدة من الانحطاط والسفالة ، فان يسعى الانسان لكسب منصب او جاه او مال ولايحافظ على قيمه وهويته وشخصيته وكرامته وشرفه دليل وعربون الخيانة ، ومن يصدق اقوال وتقارير امثال هؤلاء غبي وسادج ، العيش في عز بكوب ماء خير من العيش في دل مع ما لد وطاب من الماكل والمشارب .
    السلطة الحقيقية يجب عليها احترام حقوق الانسان الدي كرمه الله الدي خلقه ، وكل نظام او حاكم ادل شعبه لن يسجل عليه التاريخ الا اسم ديكتاتور او مستبد او ظالم . كل من نافق يعلم انه منافق يخادع نفسه .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة