"السعي التنموي"

"السعي التنموي"
الإثنين 3 غشت 2015 - 14:32

السعي التنموي محرك التنمية البشرية:

لقد زود الله تعالى الإنسان بقوى و طاقات و منحه العقل و حرية الاختيار كي يصل إليه، و أودع فيه شهوات، و أعطاه منهجا يسير عليه و سخر له الكون ليكون له دليلا على وجوده و وحدانيته، أي منحه ” إمكانية الحركة” و” دوافع الحركة ” و هما يصبان في مفهوم “السعي”.

فحركة الإنسان تختلف باختلاف السعي أو المساعي، حركة نحو كسب المال أو الجاه أو الانغماس في الملذات أو إيذاء الناس، مشهد السعي في كل مكان و زمان، يمكن أن تلاحظ مشهدا بسيطا من مكان عال و الناس يتحركون، و غالبا ما يلاحظ ذلك في العواصم الكبرى خاصة الغربية، حيث ” ثقافة السعي”، يقارن مالك بن نبي في كتابه ” شروط الحضارة” بين السعي العربي و السعي الغربي، مبرزا أهمية الزمن و الانضباط له ، فالزمن مؤشر حضاري لبناء التنمية و تحديد بوصلتها، ففي واقعنا ” اللازمني”، قد يخرج الشخص من البيت و يقف في الباب وقتا يفكر في الوجهة غير المحددة سابقا، و يستقر به الحال أن يجلس بأقرب مقهى، فليس له السعي حتى في اختيار المقهى، و إذا تحدث ف”السخط المجاني” و اللعنة للجميع، و إذا تلفن للساعين أو غير الساعين فكأنه رجل أعمال ينتظر الصفقات، و الأصل أنه بحاجة إلى ” صفعات السعي ” و الاستيقاظ من الغيبوبة، فيصبح لدينا أبطال المقاهي بدون سعي، أبطال يحتاجون إلى مخرجين.

إذا لابد من السعي كيف ما كان، فعلة الحياة الدنيا أن تسعى، فنحن في دار السعي و الآخرة لها سعي خاص ( وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ) الإسراء 19، فحكمة الله أن تخفى لتجزى كل نفس بما تسعى. (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ﴾ النازعات 35، ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ النجم 39.

إن السعي التنموي مرتبط بالاختيار، لو لم يكن اختيار لما كان هناك سعي نتاب عليه، ولا سعي نعاقب عليه، ولا كانت جنة ولا نار، ولا جزاء ولا عقاب، فالسعي التنموي حصيلة عمل الإنسان.

سعي الإفساد:

في مقابل ” السعي التنموي ” هناك سعي ” الإفساد”، و الإفساد إخراج الشيء عن طبيعته، فالأخلاق تفسد، والعلاقات تفسد، والجو يفسد، والماء يفسد، والنبات يفسد، والتربة تفسد، والبحار تفسد والنفوس البشرية تفسد، فهناك أشخاص يسعون إلى إفساد الحياة، و إفساد العلاقات، و هناك مؤتمرات تسعى لنشر الإباحية و المثلية و الإجهاض و معارض لتقريب الخمور من المواطنين ، و هناك إذاعات و برامج تسعى لإفساد العلاقة الإنسانية، بإشاعة الفواحش، وهناك من يسعى للإفساد العلاقة بين فئات المجتمع، بتجميع الأموال بأيدٍ قليلة وحرمان الأغلبية. و يتسع السعي نحو الفساد بطرق مختلفة، فكل سعي يخرج الإنسان عن سر وجوده هو طريق نحو إفساد السعي.

شروط السعي التنموي:

إن السعي التنموي هو الخروج من التخلف الاجتماعي و الاقتصادي، و الحديث عن التخلف هو حديث عن التنمية و إشكالاتها.

نحدد السعي التنموي من خلال أرضية تتحدد فيها بعض المنطلقات الأساسية دون أن نناقش الإمكانات و الموارد و العلاقات الدولية .

فلا سعي تنموي بدون تكريم الإنسان: فإنسانية الإنسان و كرامته هي محور السعي التنموي.

لا تنمية بدون ديمقراطية: أي لابد من وضع سياسي سليم، حيث يفسح المجال للكفاءات الوطنية، ولا تصبح التنمية امتيازات، و معلوم أن المؤسسات الدولية تحجب القروض التنموية عن الدول التي تفتقد للديمقراطية، فالتنمية رهينة الحريات و الفعل السياسي الراقي.

لا سعي تنموي بدون الاعتماد على الذات: إن الاعتماد على الديون لا يزيد البلد إلا اختناقا و خضوعا للإملاءات و الشروط الخارجية، و هيمنة المؤسسات المالية على الاقتصاد الوطني و خياراته و انعكاسا على القدرة الشرائية .

إن الرهان على المديونية رهان على التبعية، و للعجز عن تسديد الديون إجراءات تنعكس على السياسة العامة للبلاد.

لا سعي تنموي بدون تحرير فلاحي: إن الديون تضيع أراضي الفلاحين الصغار، و تسبب في الهجرة إلى المدن، و بسبب إهمال بعض المناطق تتطور الزراعات المضرة، و بسبب تخصيص الفلاحة للتصدير فإن الفائض الفلاحي لا يستثمر في ما ينفع البلاد و العباد.

لا سعي تنموي بدون صناعة وطنية : لا يمكن أن نحقق الاستقلال الاقتصادي و لا التنمية الوطنية و أغلب مشترياتنا من الخارج، و نعجز أحيانا عن الإصلاح الصناعي أو الصيانة الصناعية ، فآلات مختبرات معاهدنا و مدارسنا العليا و جامعاتنا تحتاج إلى الملاءمة مع التطور الصناعي ، إضافة إلى غياب شروط البحث الصناعي.

لا سعي تنموي دون تشغيل: فإعادة توزيع الثروة الوطنية أمر أساسي، و ضمان فرص الشغل و الحد من ظاهرة البطالة، و فتح المجال أمام الجميع للسعي التنموي.

فالقدرة على التشغيل دليل على العافية الاقتصادية، فلا تنمية بدون تشغيل و لا تشغيل بدون إعادة توزيع للثروة.

لا سعي تنموي دون هوية ثقافية: لابد من تجذير قيم التنمية في الواقع، فلا قيم بدون هوية، و لا هوية بدون ثقافة، لقد استطاعت اليابان أن تحقق “السعي التنموي ” الخاص بها رغم الظروف الطبيعية القاسية و قلة الموارد الأولية التي تستورد أغلبها، و الكثافة السكانية حيث تصل لجنة الإحصاء إلى 7 ملايين شخص، كل هذا لم يمنعها من أن تصبح قوة تنافس الدول العظمى.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس