الطبيعة الإنسانية تثور في شمال افريقيا

الطبيعة الإنسانية تثور في شمال افريقيا
الثلاثاء 25 يناير 2011 - 15:37

الحقيقة شيء ثابت وليس له ذاتان’ ديكارت


لا يزال الشعب التونسي صامدا في وجه أذناب النظام البائد، ولا يقبل بأي مساومة على إيمانه العميق بضرورة التغيير الكلي، وعزيمته في النضال من أجل الإصلاح الجذري والقطيعة التامة مع الماضي، في الوقت الذي لا تزال أنظمة الحكم الاستبدادية في الدول المجاورة، التي ـ على ما يبدوـ لم تستوعب الدرس التونسي، تراهن على المقاربة الأمنية في التعامل مع الحراك الاجتماعي بكل أشكاله، وبلغت بها الوقاحة حد إجهاض المبادرات الهادفة الى التضامن الشعبي، خوفا على كراسيها المهددة بانتقال الثورة الى بلدانها.. لكن، الى متى؟


الأنظمة الاستبدادية التي تستمد استمراريتها أساسا من تكريس ثقافة العبودية واستغباء الشعوب، لم يفتها أن تجند أقلامها وأبواقها من المحيط الى البحر الاحمر للمغالطة والتضليل بهدف حجب الحقيقة بعد أن أشهرت أسلحتها الثقيلة، للاغتيال المادي والمعنوي، في وجوه الأصوات الشريفة .. لكن هيهات.. لا يصح إلا الصحيح


ورغم محاولات التضليل الممنهج، فإن معظم التحليلات التي تناولت موضوع الثورة التونسية وإمكانية انتقالها الى دول أخرى مغاربية وغيرها، أجمعت على التقارب الواضح بين الأوضاع السياسية والإجتماعية في «تونس بن علي» والمغرب والجزائر وليبيا ومصر. ورغم المداخيل الهائلة للبترول والنفط بالجزائر وليبيا، فإن الشعوب الخمس، من المغرب الى مصر، تعاني من تسلط الاستبداد وفساد القضاء والفقر والبطالة ونهب ثرواتها وفساد حكامها والاغتناء الفاحش لمحيطهم وطغيانه وجبروته. ولعل ما يزكي فكرة انتقال الثورة، هي الأنماط السلوكية المشتركة التي تميز الطبيعة الانسانية ـ موضوع هذه الورقة ـ للشعوب المذكورة بما فيها الشعب التونسي صانع الثورة بدون منازع..


لقد باتت مدارس التحليل السياسي حول العالم، والمهتمة بشؤون العالم العربي الإسلامي على وجه الخصوص، منذ خروج الإحتلال العسكري من شمال افريقيا إلى حدود الأسابيع الماضية، في تعاليقها على الطبيعة الانسانية لشعوب شمال إفريقيا، تعتبرنا شعوبا نناضل حتى الموت ضد المحتلين الأجانب في حين أننا اليوم نقبل بنفس الدرجة من القمع والقهر والإضطهاد من قبل حكام ليسوا إلا مواطنينا..


لكن الشعب التونسي العظيم، منذ أن طور شكل الإحتجاجات من طابعها الإجتماعي المحض إلى المطالبة برحيل زين العابدين بن علي، وإصراره واستماتته أمام الآلة البوليسية الشرسة رغم تساقط الأرواح إلى أن سقط الديكتاتور، بعثر أوراق المحللين ليفتح صفحة جديدة من تاريخ شعوب شمال افريقيا. وأعاد للاذهان صورة أمجاد المقاومة ضد الإحتلال العسكري الفرنسي والإسباني والإيطالي والإنجليزي، و هذه المرة ضد ديكتاتورية محلية طالما سدت الآفاق أمام شعب أصابه الإحباط لدرجة كان يسفه كل المبادرات الداعية الى التغيير الجذري


إن ما حدث في تونس مؤشر إيجابي لتطور نوعي، في الوعي الانساني والسياسي لدى شعوب المنطقة، أفرز نمطا سلوكيا لم نالفه من قبل، يستحيل أن تهزمه الديكتاتوريات المحلية ـ رغم خبرتها المشهودة في القمع مهما استقوت بأي كان، ولها في التاريخ عبر ـ في غياب الاصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية..الجذرية.


إن الثورة آتية الى مصر والجزائر والمغرب وليبيا، لا ريب فيها.. ويبقي السؤال المطروح : هل سترضى «الشعوب الجديدة» بخطوات الإصلاح التي ستقدم عليها الأنظمة البائدة ام أنها ستطالب بأنظمة جديدة؟

‫تعليقات الزوار

3
  • MOHAMED
    الثلاثاء 25 يناير 2011 - 15:39

    الشعوب لم يعد لديها استعداد لتقبل الوضع الحالي و اصبحت غير قادرة على تحمل المزيد لان الوضع يسير من سيىء الى اسوأ…
    الشعوب اليوم اصبح لديها الوعي بان مصيرها يجب ان يكون بيدها و انهاكل يوم يتاكد لها على ان القدرة غلى القيام بدلك…
    الشباب الدي درس او سمع بثوراث الشعوب مثلا :الثورة الفرنسية او الثورة البولشفية…بشكل نظري و تاريخي ربما اخد فكرة عن الثورات الانسانية لكن بشكل نضري …
    في الايام الاخيرة عايش ثورة حقيقية و تابع اطوارها من البداية الى النهاية كانه يتابع فلم غير انه حقيقي و احيانا يتابع تطورات الميدانية بشكل مباشر ويستمع الى النقاشات الدائرة على المستوى الدولي عبر مختلف الوسائل الاعلامية المتعددة فهو انخرط و لا يزال في اسابيع من الدروس الساسية الحية الواقعية بعيدة عن النظريات…
    فتكونت له الفكرة الحقيقية عن الحاكم العربي التي عوضت الفكرة التي رسمت عنه لمدة عقود سواء عبر الاعلام الرسمي او المقررات الدراسية…
    نعم هده الايام عرت الحاكم العربي فكشفت عوراته السياسية للمحكومين و ترسخت فكرة لدى العوب العربي لا يعرف الا امرين :
    اما قمع شعب
    و اما الهروب
    و اعتقد الشعب العربي لم يبقى له ما يخسره ادن فقمعه لن يزيده الا اصرارا على دفع الحاكم المستبد الى الهروب….
    فالشعب العربي لم يعد يصدق الوعود و لن تنطوي عليه مسالة الاصلاحات السياسية لانه مقتنع ان مثل هده اللمور لن تغير من الامر شيئا …اسأل المجرب لا تسأل الطبيب ….المواطن العربي جرب و جرب …
    فاحد المدونات في مصر على احد القنوات مباشرة اننا لن نتوقف عن الاحتجاج في مصر حتى نسمع كلمة فهمتكم…
    و هدا في اعتقادي ما اصبح يقتنع به المواطن العربي…
    ادن الرسالة واضحة تماما لكل الحكام المستبدين في الدول العربية لم يعد لهم الخيار فالشعوب لن تترك لهم التصرف في مصائرها كما يشاؤون …
    عليهم ان يفهما هدا ….لم يعد بامكان الشعوب اليوم الرجوع الى الوراء…

  • fraj
    الثلاثاء 25 يناير 2011 - 15:41

    سبحان من يأخذ الظالمين من حيث لم يحتسبوا

  • Jihad
    الثلاثاء 25 يناير 2011 - 15:43

    المادة 1
    1. لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
    2. لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
    العهد الدولي الخاص
    بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين