موائد أطباق الإعدامات بين السعودية وإيران !

موائد أطباق الإعدامات بين السعودية وإيران !
السبت 9 يناير 2016 - 11:41

الإعدام شنقا،رميا بالرصاص، خنقا حتى الموت،الموت البطيء،الإعدام هو القتل غير الرحيم،القتل هو القتل،التقتيل شريعة الغاب، الهمجية،القصاص،الجلد،الحد،المقصلة،الحقن القاتل،الكرسي الكهربائي، الرجم، التعذيب،بتر الأعضاء،الإلقاء في غياهب زنازن مظلمة وباردة… . إنه اليسير من معجم زاخر بكل دلالات ومعاني البربرية،ينغمس دما،ولا يمت بأي صلة تذكر، للتحضر البشري.لغة، في غاية القسوة والشراسة،عنيفة جدا،تنحدر من العهود البائدة،ولاعلاقة لها سواء من قريب أو بعيد، بالديانات السماوية الثلاث الكبرى في طهرها الروحي،وجوهرها القائم على الرحمة،ولا بسير وسلوكات ومتون ووصايا الأنبياء والرسل،في مقدمتهم طبعا النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

منظومة معجمية،مرعبة ومخيفة،تعرف جدليات اختفائها وتجليها،توهجها وفتورها،فقط مع ديمومة الأنظمة الشمولية والعقائدية،سواء أكانت انزياحا وتحريفا للنص الوضعي،باسم بيروقراطية الشيوعية،أو انزياحا والتفافا على حقيقة النص المقدس باسم الثيولوجيا.ولاشك،أن التحضر البشري في اجتهاداته الوضعية،قد حسم نهائيا الفيصل بين الإنساني واللا-إنساني،والتباهي البدائي بطقوس الموت، من خلال إبداعه الفكر الديمقراطي، وتبنيه النهائي للدولة الوطنية المؤسساتية.شخصيا أشعر بالغثيان،ويكتنفني إحساس بالدوخة المرضية،وحزن شديد، كلما سمعت كلمات من هذا القبيل :أن يقتل أحد، أحدا،مهما كان المبرر !.

تعود بي الذاكرة،إلى سنوات الثمانينات،زمن الدعاية الملتهبة،لما عرف بالثورة الإسلامية الإيرانية.وقتها،كلما تصفحت مجلة سياسية،إلا وصادفت صور أعواد المشانق،المنتصبة على امتداد بعض شوارع طهران،وقد تدلت أجساد من مختلف الأعمار،ليسوا بالضرورة أنصارا للنظام القديم،بل ساهموا في إسقاط الشاه لكنهم اختلفوا لحظتها مع الخميني، في حدود التداخل بين الشخصي وآفاق البلد،الجميع تحسس وقتها رأسه، المتدين كالماركسي والليبرالي مثل المنضوي في تنظيم مجاهد خلق… .المهم،دشنت الثورة انطلاقتها،على أطباق وصحون ووجبات صباحية ومسائية،محتفية بكرنفالات رقصات الموت، باسم تحصين الثورة من أعداء الثورة،مع أن جل المشنوقين، هم من حول أطاريح الخميني إلى ثورة ملموسة،على أرض الواقع.

أيضا، ولدى الجانب السعودي،لا يتوقف تدفق حكايا مثيرة جدا،عن صنيع السيف وقطع الرؤوس بضربة واحدة والجلد حتى الموت،وفي أفضل الأحوال ربما،إزالة الجنسية عن أحدهم أو توجيه تهمة الانشقاق عن صفوف الأمة،باسم أن الفتنة أشد من القتل،والفتان رجل منشق، إن لم يشنق بالضرورة.

إذن، وبمناسبة إعدام نمر باقر النمر،سنجد أنفسنا مرة أخرى ننحدر من السيئ إلى الأكثر فظاعة،ضمن سياق عربي في غاية البلاهة،وستكتسحنا بامتياز،الجزئيات تلو الصغائر،وسيزداد بعدنا بامتياز عن الأفكار الكبرى، لنغوص في ألهيات الشتائم الطفولية.هكذا،ستُقصف جماجمنا بصواريخ عدد لابأس به من الفضائيات العربية،وسيترهل وعينا أكثر من تآكله الأصلي،ونحن نتأرجح جيئة وذهابا، وذهابا ولا إيابا،بين طهران والرياض،ولا نقاش إلا عن الأكثر طهرا وصفاء وصدقا وخدمة لقضايا الأمة العربية والبشرية جمعاء.سيقول فريق، وسيرد فريق ثان، وهكذا الدوامة إلى ما لانهاية،وستتراجع بمساحات سحيقة القضايا الجوهرية :

دمقرطة الحكم العربي، بناء المؤسسات،مواجهة إسرائيل،النهوض بالاقتصاديات،إرجاع الأموال العربية المنهوبة،حصر الفساد، التوزيع العادل للثروات، تكريس الثقافة العقلانية،تعليم الشعوب وتهذيبها،اقتلاع جذور التطرف،تعميم القيم الإيجابية، التفكير الاستراتجي في المستقبل… .أقول،سيتوارى مرة أخرى صوت العقل ويتوارى العقلاء،كي تمتلئ شاشاتنا،ب:المتزلفين والشيوخ والدعاة والمدعين والعقائدين المعتوهين والسطحيين والمنافقين والمتطلعين إلى مصالح نفعية…،فيصبون زيتا وافرا على نار مشتعلة جدا،بترديدهم للأسطوانات المسكوكة :سني-شيعي،شيعي-سني،الملعون-المرحوم،مؤمن-كافر،الصفويون-آل البيت،العرب-الفرس…،تنابز بألقاب لاعلاقة له مرة أخرى بالنص الديني في تجرده وتساميه، ولا بالأفق المعاصر للدولة الحديثة.

السعودية وإيران، نظامان أوتوقراطيان، يسندهما الرافد الأوليغارشي،يتحملان نصيبا وافرا بخصوص المآلات الكارثية للعالم العربي : ابتداء من تفتيت الدولة الوطنية في العراق وتشريد شعبها،مرورا بتسميم الربيع العربي وتفريخ التنظيمات الدينية المتطرفة والقضاء على منطلقات الفكر الأنواري ونشر ثقافات الفتاوي والمال والولاء إلخ.

إيران، وخلف يافطة مواجهة الكيان الصهيوني، ومناهضة الأطماع الأمريكية،ستخلط تضليليا وعمدا بين الممكن واللا-ممكن،ستمزج قصدا بين أحلام فقيهها أو مرشدها العام،بجيواستراتجية صراعها مع القوى الكبرى حول المنطقة.أما السعودية،ودون رمزية الأماكن المقدسة،وسلطتها المالية، فهي عاجزة لأسباب عدة،عن قيادة الدول العربية،وتجسيد الدولة -المركز.

الصراع بين النظامين،المغطى بكساء ديني،أساسه في الأول والأخير تضارب المصالح السياسية،سابقا في العراق ولبنان والخليج والتسيد على القرار الفلسطيني،ثم بعد ذلك سوريا واليمن،ودرجة الحظوة التي ستحظى بها السعودية وإيران ،عند المايسترو الأمريكي.لاشك أن التلاعب الميكيافيلي، بتحريض المشاعر دينيا، لأغراض محض سياسية،سيلهب بإفراط العالم العربي، أكثر من حرائقه المتوقدة.

لو تكرست لدى السعودية حقا منظومة ديمقراطية مواطِنة،لم يكن ليخطر قط بخلد باقر النمر،المراهنة على نزوع مذهبي، أو تفعيله بكيفية من الكيفيات، لمخططات أجنبية داخل بلده،لأنه مواطن سعودي، أولا وأخيرا.في المقابل،سيترفع النظام السعودي كليا عن التوظيف السياسوي،للقنبلة الطائفية،فيتعتبره مواطنا معارضا،يتمتع بكامل الحقوق، كي يفصح عن آرائه، في إطار احترام قانون البلد،ويحاكم إن تبث حقا مساسه بالأمن الداخلي،وفق التشريعات والمقررات الدولية، الرافضة جملة وتفصيلا لعقوبة الإعدام، ومختلف أشكال تصفية البشر.

لو كان نظام طهران،يفهم حقا أن إدارة شؤون الدولة وقيادة شعب،يستمد فقط شرعيته من المنظومة الحقوقية والقانونية، التي يجدر بها أن تظل مدنية، وليس تفعيلا لأهواء الفقيه،لأنه في نهاية المطاف هو بشر مثل باقي البشر،والدولة فوق الجميع،لاعتبر قضية النمر،شأنا سياسيا سعوديا داخليا،لكن قبل هذا،لاحترمت إيران سيادة العراق، ولما حقنت العراقيين بكل أنواع الظلامية، لمحوهم من الخريطة البشرية،وتركت السوريين وشأنهم يختارون حاكمهم بمحض إرادتهم،ثم ميزت تمييزا نبيلا بين دعمها لحزب الله كمقاوم للمخططات الإسرائيلية،بغير تفخيخها الضمني للحقل السياسي اللبناني.

إن الصراع الجوهري في العالم العربي ،ليس بين المؤمنين والكافرين ولا بين المتدينين الحقيقيين والمزيفين،ولا بين العنصر الفارسي والعربي، أي كما تريد تحويره السعودية وإيران، لكنه صراع في حقيقة أمره، ينبغي مركزته ضد الكيانات الشمولية والشوفينية والطائفية والعقائدية والتطرف أكان سنيا أم شيعيا،صراع مع إسرائيل والتوسع الأمريكي والنظم السياسية العربية غير الديمقراطية،فكفانا الرقص البدائي على الجثث،باسم ديماغوجية الدعوة إلى ماهو حق.

http://saidboukhlet.com

‫تعليقات الزوار

3
  • كاره الضلام
    السبت 9 يناير 2016 - 13:06

    عقوبة الاعدام واجبة و لازمة لاستمرار الدول و حفظ الامن و دعكم من خرافات دوستوييفسكي و من سار على دربه من المثاليين او المزايدين السياسويين، الخائن و القاتل و مغتصب الاطفال لا ينبغي ان تخف عقوبته عن الاعدام،الخيانة العظمى و القتل العمد لروح او اكثر و اغتصاب الاطفال يستوجبون عقوبة الاعدام التي هي عقوبة جنائية و ليست لاهوتية ،وما خلا هده الجرائم تكون عقوبة الاعدام قاسية ،و لهدا لا يجب الخلط بين الاعدام كعقوبة جنائية و الاعدام اللاهوتي الدي قد يقتل ايا كان لاي سبب انطلاقا من الردة الى االزنا مرورا بقتل من لا غيرة له ووووو،ايران تقتل الفين روح سنويا لاسباب تافهة كالخيانة الزوجية او المثلية الجنسية ،و الميليشيات الايرانية في العراق اعدمت شاعرا بسبب قصيدة و شنقته امام الملا، السعودية ايضا تريد اعدام شاعر من اصل فلسطيني بسبب تدوينة ،و لكن قتلها للارهابيين شيئ مشروع فمن قتل مصلين ابرياء مسالمين في مسجد يجب ان يتم اعدامه و من يتعامل مع العدو مثل الارهابي باقر النمر يجب اعدامه،هدا طبعا بعد محاكمة عادلة و ياتباث التورط في الخيانة

  • مجرم ام معارض؟
    السبت 9 يناير 2016 - 13:52

    المجرم يجب اعدامه لا جدال في هذا.لكن قتل المعارضين للسياسة المتبعة او للمذهب المعاكس فهو جريمة.من هنا قد يتحول من كان يظن انه يطبق القانون او الشرع الى مجرم وجب اعدامه

  • مواطن مغربي قح
    الأحد 10 يناير 2016 - 11:06

    3 – MATAHARI

    لا فُض فوك أيها الطاهر ، فالفرق بين الضلاميين والظلاميين ليس سوى اختلاف الحروف أما المستنقع فهو واحد ، تحياتي لك .

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية