رئيس الحكومة و"الربيع المغربي" المؤجل

رئيس الحكومة و"الربيع المغربي" المؤجل
الثلاثاء 12 يناير 2016 - 06:16

تأتي قضية الأساتذة المتدربين أخيرا في مشوار حكومة خيار ” الإصلاح من الداخل” لتزيح القناع الذي كان يغطي وجه الحكومة الكالح، تأتي القضية بعدما اكتوى المغاربة من الطبقة المتوسطة والطبقة المفقرة الفقيرة بالزيادات والزحف على المكتسبات ؛ لتكشف زيف شعارات الحكومة العاجزة التي تريد أن تغطي سوأة أخواتها السابقات، وتريد أن توهم المغاربة أنها سائرة في طريق الإصلاح ، ليكتشف المغاربة من أول يوم أن حكومتهم الموقرة ما أتت إلا لتأتي على مكاسبهم التي انتزعت بشق الأنفس من قبل.

المثير في القضية أن ” الزعيم المكتسح” كما يصفه غاضبون من حزبه، يدافع عن حكومته والأشياء التي فرضتها فرضا على المغاربة، لا يجد أدنى غضاضة في اعتبار حكومته هي المنقذ من ضلال الفساد التي تعيشه قطاعات واسعة من قطاعات الدولة الحيوية؛ ومنها قضية التعليم العمومي وإرادة تفويته لصالح الخواص، وهدم ما تبقى من مقومات المدرسة العمومية، و”إصلاح” ما تسميه الحكومة بإصلاح صناديق التقاعد التي اختلس صناديقها مجهولون فوق المحاسبة والمتابعة، وكي جيوب المواطنين البسطاء بفواتير الماء و الكهرباء الملتهبة وغيرها من الزيادات المبررة وغير المبررة .

استماتة رئيس الحكومة في عدم الانصات لأبناء الشعب لها تفسيران اثنان : إما أنه يريد أن يثبت أنه أقوى رئيس حكومة في المغرب لفضح المفضوح، وكشف المستور من أزمات سياسية واقتصادية كان المغرب مقبلا عليها قبل موجة الربيع العربي في سنة 2011 ، وكان الأقوى في إخراجها للعيان، وهذا ما بدا في أول ولايته الحكومية من فضح لأصحاب الامتيازات وما يسمى باقتصاد الريع، إلا أنه تراجع عن ذلك في الوقت الميت من فضحه للفساد، وأقر تلميحا وتصريحا أن هناك حيوانات مفترسة أقوى منه وأنه لا قبل له بمحاربتها، بله القضاء عليها؛ ونسي رئيس حكومتنا الموقر أن اقتصاد الريع له ماض طويل منذ فجر “الإحتقلال ” استفاد منه من استفاد، وبقيت نتائجه حية وقائمة إلى يومنا هذا وسيستمر_ لا قدر الله_ إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

التفسير الثاني يجد جوابه في أن “الزعيم المكتسح” يعبئ للانتخابات القادمة بعدما بقي من ولاية حكومته القليل، ويوغل في تضليل أطراف المعادلة السياسية بأن خياره هو الحل، وأن التيار السياسي الذي يقوده هو الأجدر بقيادة المرحلة وإلا فالربيع المغربي المؤجل على الأبواب، وهذا ما عبر عنه في كثير من المناسبات ؛ وإلا كيف يُفسر هذا العناد الذي تواجه به صرخات المغاربة واحتجاجاتهم، ومطالباتهم بالإصلاحات الجوهرية التي يأملونها بدل التهريج المقصود والتسويق لإصلاحات كان من المفروض أن تتدرج تصاعديا بدل التهاوي نحو الإفلاس والتدني .

كلا التفسيران له ما يؤيده من الوقائع والتحليلات المعتبرة داخليا وخارجيا؛ حيث أن المرحلة المقبلة قد حضرت سلفا كبديل مرتقب كان قد غيبته رياح الربيع العربي منذ أزيد من أربع سنوات، ووضعت كل الضمانات التي تفضي إلى النتيجة التي يرجونها وقد يكون حزب رئيس الحكومة قد أضحى واحدا من قطع الشطرنج التي قد تستخدم في صناعة ملامح المرحلة الحكومية المقبلة، لهذا نجد أن “الزعيم المكتسح” يشعر أن ظهره أقوى مما كان من أول يوم دخل فيه الحكومة وترأس مجلسها الوزاري الذي أتاح فرصا كثيرة للاستوزار أكثر من سابقاتها إرضاء للأطراف وتصالحا مع الخصوم.

لعل زعيمنا المكتسح قد غاب عنه أنه بعناده وتجاهله للمشاكل الحقيقية؛ قد أجج الشارع المغربي، وهو من أشعل الأسعار، ويسير في تدمير المكتسبات الاجتماعية لشريحة واسعة من المغاربة التي تلعنه علنا وصمتا مضمرا في الصدور؛ طبعا عندما نُحمل رئيس حكومتنا كل هذه المآسي التي اكتوى بها المغاربة، هذا لا يلغي مسؤولية باقي التيارات السياسية لحظ أكبر مما يفرزه هذا النقاش في الساحة السياسية المغربية، ولا يعفيهم من المساءلة، وإلا كيف نرضى لبلادنا أن تصير محتجزة في قبضة من أصبح يرى الفساد إصلاحا والمطالبة بالإصلاح فسادا مبينا .

من نتائج هذا التعنت الحكومي أمام ما يقترحه الناس ويطالبون به هو إفراز نقاش سياسي حاقد على مؤسسات الدولة، وكفر بالديمقراطية المغربية، وفضح لزيف الشعارات الحكومية الرنانة، ولكي نتجاوز كل هذا عليكم يا رئيس الحكومة أن تنصتوا بإمعان للأصوات الحرة التي تريد بكم خيرا، وتريد لهذه البلاد مستقبلا مشرقا وإلا فالربيع فقط كان مؤجلا وأن شروطه كانت قائمة ولا تزال.

‫تعليقات الزوار

1
  • Ahmed52
    الأربعاء 13 يناير 2016 - 16:38

    الاصطوانة المشلروخة للربيع العربي لم يعد احد يؤمن بها ولا حتى ان يتكلم عنها.

    مشاكل المغرب كثيرة وحلولها ليست بيد الحكومة وحدها وعلى الجميع ان يعلم هدا قبل الكلام عن الديوقراطية والعدالة الاجتماعية والنضالات النقابية وووو.

    العفاريت والتماسيح ليسوا حلما بل واقع مادي يراه الجميع كلما تحرك واين ما ولى وجهه فتم تماسيح وعفاريت ولا يمكن القضاء عليها بدون شعب واع ومسؤول.

    مند بداية الاستقلال والعفاريت والتماسيح تنهب في خيرات البلد ومن تكلم من المواطنين الغيورين كان ماله الاختطاف والسجن والتعديب وما زالة الجوقة التي تحكمت في البلد هي هي . فممن تطلب ادن محاربة الفساد.؟

    يتبع.

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب