جيوب مقاومة الإصلاح بالمغرب

جيوب مقاومة الإصلاح بالمغرب
الأحد 20 مارس 2011 - 16:06

في كل تجمع بشري أو منظمة او دولة يوجد دائما جناح يسمى بالمحافظين والذين يشكلون عقبة امام أي فرصة للتغيير في الهياكل أو السياسات أو الأفكار، وهكذا تكون المعركة من اجل التغيير محفوفة بالمخاطر ومعرضة للارتداد نحو المحافظة ،وتحتاج الإصلاح الى درجة كبيرة من الوعي والحكمة من اجل التحقق بسلاسة وبدون خسائر في ظل تضارب المصالح. في واقع المغرب اليوم يحصل نفس الشيء ، بعد الخطوة الملكية الشجاعة يتضح مدى محاولة القوى المناهضة للتغيير في اجهاض هذا المشروع ووضع العقبات أمامه و عرقلته من جهة أو التشكيك فيه من جهة ثانية .


فكلتا الجهتين المعرقلة أو المشككة ترمي الى نفس الغاية مهما اختلفت التوجهات والوسائل ،فالجهة الاولى تصر على الابقاء على الوضع كما هو عليه، من خلال بعث رسائل كثيرة الى المعنيين بالأمر مفادها ان لا شيء تغير وأن زمام التغيير لا يجب ان تمس مصالحها وعليها ان تضمن بقاء بعض الامتيازات أو على الاقل ان يكون لمساهمتها في عدم عرقلة الإصلاح مقابل ما .


وهذا المقابل قد يصل الى طي صفحة الماضي نهائيا ،خاصة ما يتعلق بالفساد من طرف كل المحيطين بالنظام والذي كانوا يشتغلون لصالحه لفترة غير يسيرة ،فلا يجب ان يتم التخلي عنهم بهذه البساطة وان يتخلوا عن كل امتيازاتهم بسهولة والتي كانت مقابل ضمان الولاء التام للنظام وضبط اللعبة السياسية وإخراجها حسب المقاسات المرسومة. الشي الذي لم يكن ليتحقق لولا إمساك هؤلاء بكل الخيوط الاقتصادية والسياسية والامنية وحتى الاعلامية ايضا.


إن ما تم طرحه في مشروع الاصلاح ليس بالبسيط وانما يشكل ثورة كبيرة وبدون شك سيكون لها ضحايا كثر من البطانة المحيطة بالسلطة وإلا فلن يكون للتغيير والاصلاح أي معنى في ظل تواجد هذه البطانة الفاسدة .


واذا كان من المستبعد أن تحصل هذه الطبقة على مكافاة نهاية الخدمة على الفترة السابقة التي خدمت فيها مشاريع السلطة بإخلاص ، فهي تحاول ضمان الخروج باقل الخسائر في الوقت الذي رفع فيه البعض ضرورة المحاسبة وعدم الافلات من العقاب . شيء يهدد بفتح صراعات خفية لتصفية الحسابات من جديد في دائرة السلطة مما يعني ان الرؤوس التي ستسقط ستحاول ان تجر معها أكبر عدد ممكن من الضحايا وخلط الاوراق .وصراع النفوذ هذا له انعكاسات كبيرة على الساحة السياسية والاقتصادية من خلال الاقدام على تصرفات متناقضة وغير منسجمة تبرز مدى تخبط دوائر السلطة في اتخاذ قرارات موحدة في قضايا معينة.


ولا شك ان طريقة التعامل الاخيرة مع الاحتجاجات يشكل وجها لهدا التخبط بحيث يظهر وزارة الداخلية كجسم غير منسجم وهي التي تجتمع بيدها كل الملفات والقضايا ،فهناك من يريد الاستمرار على نفس النهج القديم ،وهناك من يريد مواكبة التغيير .وهكذا فكيف يمكن لوزير الداخلية المسؤول الاول عن هذه الوزارة أن يسمح بوقوع ما حدث، بل ان ينفي كونه اعطى التعليمات بحصوله .بمعنى ان هناك جهات اخرى بهذا الجسم تتصرف كما يحلو لها .


وهناك جهة ثانية ترفع شعار الاصلاح والتغيير أيضا، لكنها في الواقع لا يشكل الاصلاح أولوية لديها، وتفضل بقاء الوضع على ما هو عليه من أجل ضمان أسباب البقاء، من خلال مواصلة الاشتغال على تناقضات النظام السياسي وعلى ملف الحرية والديموقراطية الذين يشكلان مصدرا لوجودها. وفي ظل التغيير تذهب القضية الاساسية وتنتفي مبررات هذا الوجود. حتى وإن حصل بعض التغيير في خطاب هذه الفئة من اجل التأقلم مع الوضع الجديد من خلال تبني خطاب الدفاع عن العلمانية و التخلص من كل ما هو رجعي وظلامي ، فان هذا التوجه ليس له أي امتداد داخل الشعب المغربي وسيكون أثره في ظل الديموقراطية والتغيير جد محدود وهامشي. لذلك فان هذه الفئة ليست لها أي مصلحة في حصول ذلك و ستحاول بكل الوسائل عرقلة المشروع بكل الوسائل .


وهكذا فان الأحداث الاخيرة في البيضاء وخريبكة وغيرها تمثل أفضل نموذج لتلاقي أهداف الجهتين المحافظة من جهة السلطة والمعرقلة من جهة المجتمع. وستسعى كلتا الجهتين الى الاستفادة من الجهة الاخرى إما بالاستفزاز أو بالتنسيق .


وهذا التنسيق غير مستبعد ما دام سيحقق اهداف الجهتين ، وهكذا فان الجهة المعرقلة والمشككة بدأت تضع كل المبررات وكل التحفظات مند اليوم الاول على المشروع . وجعلت في الاحداث الاخيرة أكبر مبرر لشكوكها رغم أن مصداقية المشروع يكتسبها من النواحي التالية :


– كونه جاء تلقائيا واستباقا للوضع من خلال قراءة رصينة للوضع الاقليمي وليس نتيجة لضغط شعبي داخلي .


– انه جاء بسقف أكبر بكثير من إنتظارات أغلبية النخبة السياسية بالمغرب ولم يقتصر على تعديلات جزئية هدفها امتصاص الغضب الشعبي ،كما يصور البعض ،والذي لم يبرز بوضوح ومازال محدودا .


– انه اعتمد منهجا تشاركيا من خلال التأكيد على ضرورة اشراك جميع المكونات السياسية والجمعوية والشبابية.


ثم من اجل المزيد من المصداقية ايضا رافقته اشارات مهمة من خلال دسترة مجلس حقوق الانسان وتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة وكذلك ادماج الامازيغية .هذا بالإضافة الى اشراك الهيئات السياسية والنقابية في لجنة التتبع حتى تقف على مواكبة المشروع حتى نهايته. كل هذه العناصر تؤشر على جدية المشروع والرغبة الاكيدة في الاصلاح والتغيير ،ويبقى فقط الانتباه الى عدم الانخراط في مشروع المعرقلين للمشروع سواء منهم المشككين أو المحافظين من داخل أو خارج السلطة.


فالمرحلة القادمة تحتاج الى الوعي واليقظة في كل الخطوات التي تخطوها الحركات الاحتجاجية السلمية لأنها ستكون مخيرة بين الحفاظ على استقلاليتها تجاه الجهات المشككة والتي لاشك ستواصل السعي نحو التصعيد ، وفي نفس الوقت سيكون للجهات المحافظة في السلطة بعض المبررات الضرورية لقمع هذه الاحتجاجات بدعوى الحفاظ على الامن العام وهكذا سيتم التشويش على المشروع وصرف الاهتمام عنه حتى يخرج فارغا من مضمونه ويبقى الوضع على ما هو عليه .


إن أفضل وسيلة هي الانكباب على بلورة اشكال نضالية جديدة تمكن من تجنب اعطاء الفرصة للمعرقلين والمشككين لبلوغ مأربهم ،وفي الوقت نفسه الإسهام الايجابي في الخروج بمشروع إصلاحي يلبي طموح المغاربة وينتقل بهم الى نظام اكثر ديموقراطية وعدم إفراغ المشروع من مضامينه، ولن يتحقق ذلك بدون المشاركة والمشاركة فقط .

‫تعليقات الزوار

7
  • فاطمة
    الأحد 20 مارس 2011 - 16:10

    هؤلاء الذين يقفون عرقلة في طريق الاصلاح بشر ونحن بشر لهم عقول ولنا عقول فهلموا لصد مكائدهم بمكائدنا واخيرا الخير ينتصر على الشر باذن الله تعالى فلا للاستسلام ولا للخنوع ولا للخوف الا من الله عز وجل فلا تكون العبودية الا للالاه.

  • amazigh.
    الأحد 20 مارس 2011 - 16:16

    المحافظون في المغرب ومقاومي الإصلاح هم تلك الفئة التي تعيش على إديولوجية القومية العروبية والإديولوجية الدينية.تلك التي تخاف من الشعب الأصلي الأمازيغي لالمغرب.تخاف أن ينهار برجها المبني على عبادة البشر وقداسة اللغة ووضع خطوط حمراء أمام المواطنين لالتعبير عن غظبهم من الفساد والتسلط والقمع وإطلاق يد كل من هو مخزني أن يطال كرامة المواطن وحريته.

  • أيوب
    الأحد 20 مارس 2011 - 16:14

    واش حنا عندنا البرلمانيين ديول اسبانيا او بريطانيا؟؟؟؟؟؟ عندما تقدم البرلماني ” سعيد السعدي ” عن حزب التقدم والإشتراكية بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية إلى السيد ” عبد الرحمان اليوسفي ” حينها كان وزيرا أولا في حكومة التناوب ، إنقسم الشارع المغربي بين مؤيد ومعارض ، وكثر الجدل واللغط وسط المغاربة ، وانتشرت الشائعات كون الخطة المقترحة هي نسخة طبق الأصل لما هو متداول داخل الدول المسيحية . وشق المجتمع نصفين ، نصفه يهدد بمحاربة النصف الآخر حتى اقتربنا من الفتنة ، وخرج المدافعون والمدافعات عن خطة ” السعدي ” في مسيرة ضخمة بشوارع الرباط ، وقابلها المعارضون والمعارضات بمسيرة مليونية بالدار البيضاء ، وسار بعدها البعض يظهر عظلاته على الآخر ، ورماد الفتنة ينفخ فيه من كل طرف وتم الإستعانة بفقهاء الوقت الثالث حتى تخيل للمغاربة أننا أقرب لحرب أهلية من حبل الوريد ، وسط كل هذا اللغط ، جاء التدخل الملكي بردا وسلاما على المجتمع ، واستلم الملف ، وشكل لجنة لبلورة تصور مغربي لمدونة المرأة وبعد سنة تقريبا قدمت عملها لجلالة الملك حظي بموافقة كل الأطراف التي كانت متعارضة بالأمس ومرت الأمور بسلام والحمد لله .
    إلى الداعين لملكية تسود ولا تحكم هذا نموذج واضح عن دور أعلى سلطة داخل مجتمع مسلم ، هذه ليست مسرحية

  • Ben Ali
    الأحد 20 مارس 2011 - 16:12

    Des conservateurs de corruption ont eu recours à des mèthodes de mafia pour salir le mouvement de protestation à Marrakech ,le 20 Fevrier ,des rumeurs parlent de Baltagias payès pour casser ce jour la,d’autres sement la zizanie en organisant des manifestations pour le ROI, nous sommes tous royalistes,par mauvaises intentionns ils font l’amalgame entre revendications et ,monarchie ,innadmissible,le Maroc doit èvoluer plus question de conserver les mentalitès fèodales. 

  • abouhajar
    الأحد 20 مارس 2011 - 16:20

    يجب الإحتكام إلى صناديق اقتراع هي التي تفصل.

  • إمام وخطيب وواعظ
    الأحد 20 مارس 2011 - 16:08

    الفساد ينخر الإدارة المغربية حتى النخاع، ولم يقتصر على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، بل حتى مؤسسات الدولة الوصية على القطاع الديني دب إليها الفساد، رشوة، محسوبية، زبونية، نهب، اختلاسات، اقتطاعات تعسفية من تعويضات القيمين الدينيين.
    والسؤال المطروح هو:
    أين أنت يا أحمد توفيق؟
    هل أنت نائم؟
    أم تشتغل بكتابة رواية أدبية جديدة على غرار “جارات أبي موسى”؟
    أم أنت في حلقة ذكر صوفية؟
    أين أنت…؟! أين أنت…!؟
    طهر مندوبياتك ونظاراتك ومجالسك العلمية من العفن الإداري، نظفها من اللصوص والناهبين، وجميع الفاسدين والمفسدين.
    اجعل هذه المؤسسات نموذجا يحتذى، اجعلها مثلا أعلى للصلاح والإصلاح
    وكن أول من يستجيب للخطاب الملكي التاريخي الذي أحيا الأمل في نفوسنا بعد أن أعدمته تصرفات إدارتكم المتعفنة.

  • مغربي
    الأحد 20 مارس 2011 - 16:18

    الملك لا يفصل في النزاعات يا أخي بل يفرض رأيه و رأي مستشاريه، رغم أن رأيه يغضب أحد الاطراف، لانه بكل بساطة أمره مطاع و لو بالطاعة العمياء، نظراً للقداسة التي يتمتع بها في الدستور.
    و السؤال المطروح هل المغاربة راضون عن مدونة الاسرة؟؟ أنا أقول لا، و من هنا تبدأ مشاكل هذا البلد.

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء