القانون الإرهابي وسخاء الرصاص

القانون الإرهابي وسخاء الرصاص
الأحد 1 ماي 2011 - 17:07

لا أحد يستفيد من قوانين الإرهاب أو قوانين الطوارئ التي وضعتها الأنظمة العربية إلا الذين يستحوذون على ثروات البلاد وما سخره الله تعالى للشعوب قاطبة،فالولايات المتحدة الأمريكية التي تمد الأنظمة العربية بالشرعية كانت تعلم بأن قانون الإرهاب سيلقى الحضن الدافئ لديها باعتبارها عدوة للحرية الفردية السياسية والإقتصادية والدينية أيضا..إن القناعات على هذه المستويات من الحرية الفردية قد رجت رجا في الغرب بما زلزل صرح الديمقراطية وحقوق الإنسان ، لكن وجب التخفيف من هذه الرجة بتصدير قانون الإرهاب لمن هو مستعد لخنق الحريات بشدة ودون أبه من الشعوب المكلومة التي ترتعد خوفا من مجرد ذكر أسماء حكامها قبل هبوب نسائم الثورات المظفرة ! لم تكن أمريكا على استعداد لخسارة مبدأ سيادة القانون والدمقرطة والمؤسسات وحرية الافراد ، لذلك فإن مهمة التعذيب للمعتقلين وكلت لهذه الأنظمة ، نشير على سبيل المثال إلى ما ذكره ادريس الكنبوري من أن عناصر من المخابرات المغربية قامت بزيارة إلى معسكر غوانتانامو التابع للولايات المتحدة في كوبا حيث يعتقل ما بين 16 و17 مغربيا، وأن هؤلاء نقلوا إلى المغرب للتحقيق معهم قبل إعادتهم إلى القاعدة العسكرية الأمريكية، وقالت الصحيفة أن هذه التحقيقات هي التي قادت إلى الكشف عن أفراد خلية جبل طارق ، وذلك عام 2002 !


لطالما كان المغرب تلميذا نجيبا لأمريكا ، فهو كان سباقا للإنضمام إليها فيما يتعلق بمكافحة مسمى الإرهاب،بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أصبح المغرب في قلب الإهتمام الغربي باعتباره حلقة محورية في مكافحة “الإرهاب” إذ له الموقع الإستراتيجي على المتوسط المطل على أوروبا المتوجسة خيفة من ملف الهجرة السرية والخطر “الأصولي” في من الدول المغاربية ، أو للولايات المتحدة بسبب موقعه إزاء التجارة الدولية، لذلك سارعت الدولة بتشريع قانون” مكافحة الإرهاب” بكل عنفوانية وحماسة ونشاط وفي ظرف قياسي وقدمته للبرلمان للتصديق عليه دون أن تأبه لمواقف الفاعلين الجمعويين والحقوقيين والأحزاب السياسية ، خاصة وأن هناك أولويات أخرى كانت عالقة ، ولكم أعجب ذلك الذين ينتابهم الحنين إلى سنوات الماضي حيث سخاء الرصاص ! هكذا يعود المغرب إلى الزمن الغابر بعد أن حسب الناس أنهم متروكون وأن الصفحة الدموية قد طويت وأن إرهاب الدولة صار ماضيا لا رجعة له أو إليه ! هكذا يصير “العهد الجديد” هو عينه “العهد البائد” مع اختلاف في التسمية !


لم يتبق آنذاك إلا أن تعلن أمريكا بأنها تحكم المغرب ، فهي التي تدخلت لتغيير المناهج التعليمية، وفرض رقابة على المساجد والخطباء ودور القرآن ، كما أن الحكومة المغربية بإيعاز من سفارة أمريكا عمدت إلى منع أية ندوة أو محاضرة تتعرض لسياسة واشنطن تجاه القضايا العربية ، زد على ذلك ضرب منهجية تدريس العلوم الشرعية سواء في كليات الشريعة أو شعب الدراسات الإسلامية وأصول الدين أو حتى في دار الحديث الحسنية بما يخرج طلبة عجزة لا يفقهون يمينهم من شمالهم في الشريعة بله أن يتصدوا للشبهات المثارة حول الإسلام في إطار حرب فكرية تعزز الحرب العسكرية، ثم إرساء ما عرف بإعادة هيكلة الحقل الديني وتشجيع التصوف وثقافة الأضرحة والمواسم فجاء تعيين وزير من الطريقة البودشيشية لتولي الأمر إشارة واضحة للإسلاميين ” في أنهم لم يذوقوا في الطريق” وسيذوقون مرارة العذاب ! ومع دخول القانون حيز التنفيذ استغله مثقفون وسياسيون وحقوقيون انتهازيون لإقصاء الإسلاميين وتحميلهم المسؤولية المعنوية بل والنداء بإيقاف ” الإرهاب الفكري” الذي يمارسونه، بل لقد وقع مثقفون إقصائيون عام 2008 على نداء الحريات الفردية إبان فضيحة زواج شاذين بالقصر الكبير ، وطلبوا من الدولة التدخل لحمايتها ، ولقد اختصت وسائل الإعلام العمومية وبعض الصحف كجريدتي “الأحداث المغربية” و”الإتحاد الإشتراكي” وغيرهما التي كانت تسوق لمشروع الدولة في مكافحة الإرهاب بالهجوم على الإسلاميين وصل إلى حد ضرب ثوابت الدين الإسلامي ، عبد الإله بن كيران يحضر لبرنامج على القناة الثانية بأدائه الرديء أمام كل من بنشمسي رئيس تحرير جريدة النيشان وسمير أبو القاسم الذي ينتمي اليوم لحزب الجرار ، وبن كيران نفسه حضر برنامجا آخر على نفس القناة المتخصصة في إثارة واستفزاز المسلمين والمغاربة قاطبة، بأداء مضطرب حتى أنه سكت أمام فكرة متدخلة سوت في إطار الحرية بين شواذ القصر الكبير وبين الفيلسوف الفقيه العقلاني بن رشد ! فالمتدخلة تعطي فكرة واضحة عن الحرية التي يدافع عنها علمانيون انتهازيون قبل حركة 20 فبراير المباركة، حرية الجنس والشذوذ ، ولنضف لهؤلاء السيد أحمد عصيد الذي لم يكن شجاعا حين يطرح فكرة فصل الدين عن الدولة فيلجأ إلى ضرب النصوص بجهل صراح وهو يعلم في ما بدا اليوم بعد العشرين من فبراير حين غير مواقفه تماما وصار متعقلا من المعني بفصل الدين عن الدولة ويعلم أن السياسة هي التي تتدخل في الدين وليس العكس ، ويعلم أن الإسلاميين هم الذين ملأوا السجون إذا كانوا الضحية الأولى لقانون “مكافحة الإرهاب ” ، أضف جريدتي “نيشان “و”الأحداث المغربية ” و” تيل كيل ” كلها كانت غائبة عن الحرية الحقيقية التي يتطلع إليها المغاربة وكانت تلعب الدور في إلهاء الناس عن المطالبة بالحقوق السياسية والتنمية السياسية أولا ، لم تكن الحرية قبل عشرين فبراير تعني حرية الرأي، وحرية التعبير ، وحرية المعتقلين !


أكدت المواثيق الدولية على حرية الرأي والتعبير والدستور المغربي نفسه قد نص على هذا الحق من بين حقوق الدستورية أخرى ومن هذا الحق تنبثق حرية الإعلام أو السلطة الرابعة كما تنعت لكونها أداة رقابة الشعب على كيفية إدارة الشأن العام، لكن طبعا هناك حد بمقتضى القانون وهنا المشكلة ، لأن مبدأ سيادة القانون لايبدو واضحا أو معمولا به في المغرب ، فمثلا الملك صرح لجريدة الباييس الإسبانية أن ملف المعتقلين شابته تجاوزات لكنهم ظلوا رهن الإعتقال والسجن ولم يراجع التحقيق بشأنهم ، هذا ناهيك عن تجاوزات أخرى طالت مدونين ومنابر إعلامية ، وآخرها اعتقال الصحفي مدير جريدة المساء رشيد نيني ووضعه تحت الحراسة النظرية وغلق الحدود في وجهه دون حكم قضائي إنما هي المتابعة القضائية والمتهم برئ حتى تثبت إدانته .


[email protected]


www.anrmis.blogspot.com


facebook : hafid elmeskaouy

صوت وصورة
ليالي رمضان في العيون
الجمعة 29 مارس 2024 - 15:57

ليالي رمضان في العيون

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج