إن من يمعن النظر في الخطاب السياسي بمغرب اليوم ،وبخاصة خطاب رئيس الحكومة المنتهية ولايتها ، يجده زاخرا بالآفات ، ومن جملة هذه الآفات نذكر ما يلي:
آفة تعظيم الذات: وتتجلى هذه الآفة في خرجات السيد رئيس الحكومة ، حيث لا يتوانى في كل مناسبة (لقاء، ندوة ، مهرجان خطابي …) من تعظيم ذاته ، وتوظيف قاموس لغوي يعلي من أناه الفردية(شخصه) و الجمعية ( حزبه ومريدوه)، و لتبين تضخم أنا الصدر الأعظم المنتهية ولايته ، يكفي المتلقي لخطابه إحصاء الضمائر الموظفة فيه، حيث سيفاجأ بطغيان ضمير التكلم ، وإن شئت قلت (أنا الزعيم )، و نحن الجماعة وإن شئت قلت ( الحزب الخيِّر) ، مع إضمار ضمائر المخاطبة ، و تقليل من شأن المخاطب ، سواء أكان جمهورا ، أو خصما سياسيا .
آفة تحقير أعمال الغير: حيث ينساق رئيس الحكومة في كل مناسبة إلى تحقير أعمال الغير – الحكومات السابقة و الخصوم السياسيون- ،والتقليل من قيمتها/هم بدعوى أنها لم ترق إلى مستوى تطلعات الشعب المغربي وآماله، ولا يخفى ما في هذا الادعاء من دلالة على التسلط و اعتقاد الانفراد بالصواب في التدبير ،وتشكيك في النوايا، وغصب لأعمال الغير وإلغاء لحق الاختلاف في تدبير الشأن العام.
آفة التهويل: إذ نجده في كل مناسبة يصور نفسه وحزبه بأنه الحزب المنقذ من الضلال ، ولولاه/هم ، لما حقق المغرب استقراره في عز الربيع العربي، فضلا عن لجوئه إلى خطاب التهديد بغد كارثي من شأنه وأد مفهوم الاستثناء المغربي ، وإرسال رسائل إلى الدولة العميقة والشعب مفادها أن لابديل لتدبير المرحلة سوى حزب العدالة والتنمية برئاسة الصدر الأعظم رئيس الحكومة المنتهية ولايتها السيد عبد الإله بنكيران.
هذه الآفات غيض من فيض آفات الحكومة الملتحية، -والبقية فراسكم- فهل ستمنحون صدرها الأعظم وحزبه ولاية ثانية !
وختاما أقول للناخبين: معشر الناخبين ، اختاروا الوطن قبل الحزب، انتخبوا المغرب ، صوتوا لكرامة المغاربة ، واذكروا في كل آن توجيه الملك –نصره الله- حين دعاكم إلى حسن اختيار منتخبيكم :( فإن جعلتم على رؤوسكم فاسدين في مدنكم وقراكم فلا تقبل منك الشكايات ،
فأنتم المسؤولون عن تدهور حقوقكم وحق بلدكم عليكم).
الآفات التي ذكرتها ياسيدي، والموجودة فعلا في خطاب رئيس الحكومة، هي بالضبط أعراض الاضطراب النفسي الذي يطبع الشخصية النرجيسية. فصاحب هذا الاضظراب النفسي ليس عنده في وعيه مفهوم الآخر. فهو يعتبر الجميع امتدادا ثاونيا للذات. لذلك لا ينصت بل يقاطع الناس. ويعتبر النقد والاختلاف معه اعتداءا عليه وانتقاصا من كماله وأحيانا مسا بكرامته. والأخطر أن الشخص النرجيسي لا يقبل إعادة تشكيل الذات بل لا يعترف باضطرابه أصلا مما يجعل المعالجون النفسانيون لهذه الحالات ينطلقون من أشياء أخرى وبعد ذلك يستدرجون المريض إلى النرجيسية لأنه لا يعترف بها أصلا.
من سمات النرجيسي كذلك أنه يبيح لنفسه كل الانانيات ويحرم كل شيئ على الآخر دون القيام بأي قياس. ومن سماته الأخرى أنه يكون جميلا وجذابا في بداية تعامله مع الأخرين ويقع الناس في حبه بسهولة وبعد أيام أو شهور فقط يكتشفون المعضلة التي وقعوا فيها. يستحيل إصلاح الشخصية النرجيسية من طرف الشريك أو الصديق أو الذي يتعامل معه. ولذلك فالصيغة الوحيدة لاتقاء شر النرجيسي هو إيقافه عند حده بدون أي تبرير لأنه لا يقبل أي تبرير مهما كانت وجاهته.