هل تنجح الاحزاب السياسية في اختبار الديمقراطية الداخلية؟

هل تنجح الاحزاب السياسية في اختبار الديمقراطية  الداخلية؟
الجمعة 10 يونيو 2011 - 15:32

لابد من الإشارة إلى أن تدبير المراحل الأخيرة التي يمر منها الدستور المعدل لا تبعث على الثقة,حيث تنتفي شروط الحوار الديمقراطي الحقيقي الكفيل وحده بإفراز دستور ديمقراطي.هكذا نلاحظ أن عموم الشعب المغربي بكافة مكوناته و مستوياته يجد نفسه في لحظة مفصلية تاريخية، بتسول المعلومات و الإفادات حول الدستور الذي سيؤطر حياته ووجوده والتي يتم تقطيرها عبر تسريبات هنا وهناك حول ما يعتبر في الأصل وثيقة تعاقد مدنية تقنن علاقة الشعب بمؤسساته الحاكمة،فكيف يعقل إذن تغييب طرف التعاقد الأقوى وهو الشعب عن صيغة العقد؟قد تتم محاولة تفنيد مضمون هذه المفارقة بالقول أن آلية التتبع تتشاور مع الأحزاب و النقابات بوصفها ممثلة للشعب,إلا أن الربيع الديمقراطي الذي يشهده العالم العربي وليس المغرب وحده اثبت أن الأحزاب لا تمثل الأغلبية الشعبية التي تداعت إلى الشوارع بعدما يئست من جدوائية العمل الحزبي في سياق غير ديمقراطي.يمكن الاستنتاج بسهولة إذن أن هم الدولة الشاغل في هذه اللحظة هو تمنيع المناخ السياسي الكفيل بتمرير الدستور بالسلاسة المطلوبة،و بذلك يكون كل نقاش عميق و غني بين مكونات المجتمع عرقلة حقيقية لمخططات الدولة في الالتفاف على المرحلة المتسمة بانبعاث الحس النضالي لدى الشباب .علما أن مشروع تعديل الدستور نفسه لم يتولد عن قناعة ثابتة لدى الدولة بضرورة الدفع في اتجاه دمقرطة أجهزتها،بقدر ما اضطرها إليه ضغط الشارع و المستجدات المتلاحقة في دول الثورة.


في هذا السياق،كيف ستتصرف الأحزاب إذن و قد صارت الحلقة الأضعف بين هيمنة الدولة و فورة الشارع؟


الخطاب المعلن من طرف قيادات الأحزاب بعد أقساط و وثيقة الدستور الذي تفضل به عليها معتصم شفويا و كأنها في برنامج تلفزيوني حواري, تنم عن أن اغلبها يعزف على نفس نغمة الدولة و التسريبات الإعلامية الأخيرة مع تصريحات قادة الأحزاب ،لعبت دور بالونات الاختبار التي تسمح بجس نبض المطالبين بالملكية البرلمانية و تأهيل الامازيغية و تقوية المرجعية الإسلامية والارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة مع إعادة النظر في صيغة عمل المجلس الدستوري وتشكيلته و غيرها من القضايا التي تعتبر شائكة و خلافية داخل و وثيقة الدستور قيد الإعداد.


إن المسارعة بالتعليق على مضمون الدستور المعدل من طرف قادة الأحزاب قبل العودة إلى القواعد،ينبئ بوضوح عن قصور الحس الديمقراطي لدى هذه القيادات التي لا يمكن اعتبار تصريحاتها شخصية في الوقت الذي تعتبر فيه ملزمة بتعليق الأحكام حتى تصدر عن المؤسسات الممثلة للقواعد المغلوبة على أمرها و التي اختار معظمها التعبير عن رأيه في الشارع رغم انتظامها في أحزاب كان من الأولى آن تنطق بلسان المنتسبين إليها بعد استشارتهم ديمقراطيا،بل كان من الأولى أن يمتنع قادة الأحزاب و النقابات عن مناقشة ما سمي الخطوط العريضة للدستور المقبل في جلسة واحدة متواصلة لان الرأي الأول و الأخير في هكذا قضية يعود لمجموع المناضلين و الأعضاء وبذلك يتوجب على الأحزاب في هذه المرحلة ما يلي:


-التعامل مع قضية الدستور بالنظر إلى طابعها المصيري كقضية وطن و مستقبل أجيال بغض النظر عن حسابات الربح و الخسارة السياسيين.


-التخلي عن التصور الذي يؤمن بكون القواعد مندفعة لا تعي اكراهات الممارسة السياسية لبعدها عن دهاليز إصدار القرار،وبذلك لابد من توجيهها بل و ممارسة الوصاية عليها.


-عقد الهيئات التقريرية بعيدا عن طابع الصورية و الشكلية لتسويق نموذج ديمقراطي وهمي،والعمل على فتح نقاشي حر و مسؤول حول مضمون الوثيقة عند صدورها.


-ضرورة التوافق على المنهجية الكفيلة بعكس مختلف الآراء و التصورات ووجهات النظر مع منح الجميع حقه في الدفاع عن اختياراته و محاولة الإقناع بها قبل المرور إلى التصويت.


-الاتسام بالنفس الديمقراطي في التعاطي مع النقاش و التداول داخل الهيئات بعيدا عن قمع المساطر وديكتاتورية اكراهات الوقت و التنظيم،علما أن التضييق على النقاش و التعبير الحر، هو الهدف الأساسي لأجندة الدولة المتسرعة التي خلفت ضغطا كبيرا على الحيز الزمني الذي سيسمح بإبراز نقط ضعف الوثيقة الدستورية ودنو سقفها عن المطالب المتقدمة للشارع-إن حدث الأمر-


-ضرورة اتسام القواعد بالوعي و المسؤولية في إفراز القرار حول طبيعة التصويت على الاستفتاء مع الحفاظ على استقلالية قراراتها عن أي نوع من الضغوطات،وهو ما لن يتأتى بقرارات آخر الليل بعد إجهاد التنقل من المناطق البعيدة فضلا عن إجهاد ساعات النقاش الطويلة مما يجعل النوم أولوية على قرار مستقل يتخذ في ظروف طبيعية.هنا تكمن مسؤولية الهيئات التنفيذية للأحزاب في توفير الظروف المادية و المعنوية و اللوجيستيكية و المسطرية المناسبة لإفراز قرارات تعتبر مفصلية في تاريخ الأحزاب و الهيئات.


_ لابد لقيادات الأحزاب أن تصغي لنبض قواعدها و أن تمتلك الشجاعة السياسية لتقبل اختياراتها كيفما كانت .أخذا بعين الاعتبار أن تعاقدها مع مناضليها يجعل من مواقعها القيادية تنفيذية لا تقريرية.


و أخيرا،على الأحزاب أن تنجح في الاختبار الديمقراطي الكبير الذي ستواجهه وهي تستشير قواعدها استشارة ملزمة بخصوص اتجاه التصويت على الدستور المعدل.و إلا فلا أحقية لها بعد ذلك في المطالبة بديمقراطية تعجز عن تطبيقها داخل هياكلها.

‫تعليقات الزوار

3
  • الحبيب
    الجمعة 10 يونيو 2011 - 15:38

    حسب الاحزاب فمنهم من لديه قاعدة حية يمكنها فرض الديموقراطية الداخلية ومنهم من لديه اتباع يصعب تصور ديموقراطيته الداخلية

  • aboussalma
    الجمعة 10 يونيو 2011 - 15:34

    الأغلبية الشعبية في المغرب لا اهتمامات سياسية لها فلا هي مع الأحزاب السياسية ولا هي مع الحراك الشبابي بل تقف في بعض الأحيان مسفهة لجهود المناضلين من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية. وهذه الأغلبية هي خزان انتخابي تسهل تعبئته من طرف الإعلام الرسمي وأعوان السلطة والأعيان لتمرير الوثيقة الدستورية . وسيكون أي نقاش ديموقراطي داخل الأحزاب السياسية مهما كانت درجة حدته ومصداقيته نقطة حسنة ستحسب للدولة داخليا وخارجيا.فسواء نجحت الأحزاب في المحك الديموقراطي خلال مناقشة مسودة الدستور الجديد أم لم تنجح فالوثيقة ستمرر بالطريقة المعتادة ذاتها ولن تعوز الأحزاب السياسية التبريرات مهما كانت واهية من أجل إقناع قواعدها باختياراتها . ومن يقول أن المغاربة أصلا مؤطرون سياسيامن طرف الأحزاب ؟ فماذا بعد المصادقة على الدستور الجديد؟ هذا هو التحدي الأكبر

  • kader
    الجمعة 10 يونيو 2011 - 15:36

    Et pourquoi ce projet ne serait il pas à la portée de tt pour qu’il puisse voir plus claire vraiment on reste sur ce chemin qu’on traite les gens comme des mineurs et d ailleurs ce projet concerne le peuple mais c partis avec qui on discute n’ont aucune crédibilité et jamais ne seront crus par ceux qui les connaissent sauf si des partis plus sains apparaissent ds l’horizon

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين