انتخابات في أكتوبر 2011…لماذا الاستعجال؟

انتخابات في أكتوبر 2011…لماذا الاستعجال؟
الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:08

يبدو أن الحكومة مصممة على القيام بانتخابات سابقة لأوانها في أكتوبر 2011 بعدما يكون الشعب قد صادق على مشروع الدستور الجديد في يوليوز من نفس السنة. وتبدو هذه المقاربة منطقية ما دام أن الدستور الجديد سيطرح واقعا مؤسساتيا جديدا يقتضي الدخول في استحقاقات جديدة ينبثق عنها برلمان وحكومة جديدين. ولكن ما لا يفهمه الكثير هو لماذا الاستعجال في تنظيم انتخابات ثلاثة أشهر بعد الموافقة على الدستور في وقت لا تبدو فيه الأحزاب مستعدة الاستعداد الكافي ولم تجهز فيه بعد الترسانة القانونية لتنظيم الانتخابات ولم يتم فيه وضع قوانين جديدة خاصة بالأحزاب أو تلك الكفيلة بالتقطيع الانتخابي ولم يتم فيه التفكير في ميكانيزمات جديدة لضمان تجديد النخب على مستوى البرلمان وضمان حياد تام للإدارة ووضع قطيعة مع ممارسات شراء الذمم ومع مقاطعة الناخبين لعملية الاقتراع. هذا بالإضافة إلى أنه لم يتم بعد القيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية الكفيلة باسترجاع ثقة المواطنين والتعاطي الإيجابي مع الحراك السياسي التي تدشنه يوميا الاحتجاجات المطالبة بدخول عهد حكامة سياسية واقتصادية جديدة مبنية على الديمقراطية والمسؤولية واشفافية وتكافؤ الفرص ومبدأ دولة الحق والقانون. بالنظر إلى جسامة ما ينتظره الشعب من الحكومة يبدو وكأن هذه قررت الهروب إلى الأمام بدل أخد الوقت الكافي لتهيئ الساحة السياسية التهيئة الجيدة والرصينة وتنظيم انتخابات تشكل قطيعة جذرية مع ممارسات الماضي والعهد السابق المتميز بتدخل غير مباشر للإدارة لفبركة خريطة سياسية على المقاص ولإخراج برلمان ضعيف يسهل التحكم فيه ولجعل الفساد الانتخابي يخدم الحاجة إلى ساحة سياسية مبلقنة تبقى فيها الإدارة والدولة ومجموعات معينة هي سيدة الموقف فيما يخص القرار السياسي والاقتصادي.


لهذا يبدو وكأن هدف الحكومة عبر تبني مقاربة استعجالية ليس هو التدشين لعهد جديد من الاستحقاقات يكون كفيلا بإخراج برلمان قوي وحكومة متماسكة إلى الوجود ولكن هدفها هو محاولة إخماد صوت الشارع وامتصاص غضب المحتجين على أداء الحكومة الحالية وعلى الفساد السياسي والاقتصادي. غير أن المتتبع لما يجري على الساحة يعرف أن هذه فرضية خاطئة تماما وقد تؤدي إلى عكس ما تتمناه الحكومة، أي إلى مزيد من الاحتقان والغضب والحراك خصوصا إذا تمت إعادة إنتاج نفس الخريطة السياسية وهو أمر غير مستبعد إذا لم يتم التحضير بعقلانية وتأن لمرحلة سياسية جديدة. إذا بدل أن تؤدي الانتخابات المستعجلة إلى تجاوز الأزمة السياسية الحالية فإنها قد تعمق من هذه الأزمة وربما تؤدي إلى عواقب عكسية وغير محسوبة.


أولا : الحراك السياسي الحالي الذي يشهده المغرب أعمق من أن تحله انتخابات جديدة. هناك أزمة ثقة عميقة في المؤسسات والنخب ومقاربات الحكومة لقطاعات معينة و لا يمكن لمقاربة مستعجلة أن تعيد بناءها بين عشية وضحاها. الرأي العام ينتظر من الدولة والحكومة أن تقوم بإجراءات موازية واضحة وصريحة لوضع قطيعة مع كل أنواع الريع الحزبي والسياسي والاقتصادي والعائلي. الشارع المغربي ينظر بريب كبير إلى تفشي الرشوة والمحسوبية والإفلات من الحساب والعقاب وعدم التساوي أمام القانون وتخلف الإدارة ولم ير بعد إرادة سياسة واضحة لتبني مقاربة تتجاوز كل هذه الشوائب والمشاكل التي تجعل من المغرب ذي حكامة جد متدنية. يجب تنقية الأجواء بإجراءات جريئة وراديكالية تستعيد ثقة المواطن في المؤسسات قبل الدخول في انتخابات جديدة.


ثانيا: أي انتخابات تقوم بها الأحزاب بتشكيلتها السوسيولوجية الحالية ستعيد لا محالة إنتاج نفس تركيبة البرلمان وتؤدي إلى حكومة بدون سند شعبي مثل الحكومة الحالية.بعض الأحزاب السياسية فقدت بريقها منذ زمان ونفرتها النخب وقاطعها الناخب فاعتمدت على الأعيان والكائنات الانتخابية والفساد الانتخابي للفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد وأخذ نصيبها من الكعكة الحكومية وكعكة التعيينات في الوظائف السامية إلى درجة صارت معه مدجنة راضية مرضية تقبل بما يفرض عليها من وزراء وبرامج وسياسات في خنوع تام. إن لم تقم هذه الأحزاب بثوراتها الداخلية والمتمثلة في طرد المفسدين وجلب الكفاءات والدمقرطة وتبني برامج واقعية والدخول في تحالفات قبلية معقولة، سوف لن تعطينا إلا برلمانا مثل البرلمان الحالي وحكومة مثل الحكومة الحالية. المشكلة هي أن البرلمان والحكومة المقبلين سيتمتعان بسلط كبيرة جدا بمقتضى الدستور الجديد. وستصبح المصيبة أعظم إن كان لنا برلمان وحكومة بسلط واسعة وكفاءات متدنية، ننتظر منهما الكثير ولكن قدرتها على التجاوب مع انتظارات المواطنين منعدمة. انتخابات مستعجلة لن تعطي الوقت الكافي للأحزاب لتنظيم نفسها، والبحث عن الكفاءات ووضع قطيعتها هي الأخرى مع ممارسات الماضي.


ثالثا : التحضير لانتخابات تضع قطيعة مع الماضي يتطلب وقتا يتعدى بكثير 3 أشهر اللهم إذا لم يكن في نية الحكومة أن تدخل عهدا جديدا من الاستحقاقات يتميز بالشفافية وعدم تدخل الإدارة و غياب الفساد الانتخابي. المغرب يتوفر على عدد أكبر بكثير من 13 مليون ناخب. هذا يعني أن الكثير من المغاربة غير مسجلين في اللوائح الانتخابية رغم إعادة التحيين التي تم القيام بها مؤخرا. هذا يقتضي مقاربة من نوع آخر لضمان تسجيل كل الناخبين وهذا يتطلب الكثير من الوقت. إعادة النظر في التقطيع الانتخابي يجب أن تحكمها اعتبارات تقنية لا سياسية وهذا كذلك يعتمد على مقاربة علمية قد تأخذ الوقت لإصدار القوانين المتعلقة بالانتخابات وطريقة الترشيح والتصويت وتدبير المكاتب وهي قوانين يجب أن تتجاوز هفوات وشوائب الماضي حيث ساد البيع والشراء والتلاعب بالبطائق الانتخابية وتهريب أوراق الانتخاب وغيرها. هذا كذلك يتطلب الكثير من التفكير والإبداع الخلاق. يجب كذلك وضع آليات وميكانيزمات لضبط عمليات الإفساد الانتخابي الممنهجة التي تقوم بها مافيات متدربة تعمل لصالح الكائنات الانتخابية. ويجب تشجيع المواطنين على التبليغ عن الفساد والمشاركة في إنجاح عملية التصويت…. كل هذا لا يمكن القيام به خلال شهرين أو ثلاثة.


لهذا أرى أن القيام بانتخابات في أكتوبر 2011 والساحة السياسية والحزبية والمؤسساتية غير مستعدة وناضجة النضج الكافي لذلك، خصوصا إذا كنا نسعى إلى تجاوز الأزمة السياسية الحالية، سوف لن يزيد إلا في تعميق الأزمة. هناك نقمة من الشارع على حكومة السيد عباس الفاسي، ولكن هذا لا يجب أن يؤدي إلى الاستعجال المفرط للقيام بانتخابات لا أحد مستعد لها. يمكن المرور إلى حكومة تقنوقراطية أو حكومة وحدة وطنية مباشرة بعد التصويت على الدستور (الذي يجب أن ينص على مقتضيات هذه المرحلة الانتقالية) وأخذ الوقت الكافي لتنقية الأجواء السياسية والاقتصادية والتحضير الجيد والكافي للانتخابات. إن لم نفعل فإن دار لقمان ستبقى على حالها وسيبقى غضب الشارع مستمرا على حاله كذلك ونكون آنذاك قد رجعنا إلى نقطة الصفة أي نقطة الانطلاقة.

‫تعليقات الزوار

17
  • عابر سبيل
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:14

    لن اصوت سواء في اكتوبر او مارس لان اغلب الاحزاب السياسية فاسدة وتفوز بالاغلبية لان لديها اسنان في دواليب الدولة لهذا لن اصوت لان صوتي شريف

  • abou
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:24

    شكرا استادنا على هذا التحليل.و انا اريد ان ااكد على ان تكون الشفافية فى عملية الاستفتاء حتى تكون النتائج مرءاة لارادة الامة.المشكل الذى ساهم بشكل كبير فى تدهور الوضع السباسى و الاجتماعى و الاقتصادى للبلاد هو اننا نبنى على نتائج غير صحيحة و مغلوطة و بالتالى نطون كمن يبنى قصرا على رمل

  • nawal
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:28

    Vous etes là pour les problemes c’est tout. Si on n’avait pas décidé les elections vos auriez dit le contraire..bref vous êtes là pour créer les problèmes, vous voulez la guerre elle va revenir contre vous, vous avez des familles et des enfants alors soyez vigilants ils ne bénéficieront rien de voir du sang partout et c’est ce qui va arriver si les imbéssilles comme vous n’arrêtent pas de critiquer pour critiquer et pour pousser les autres à critiquer yakh alina chaab kamouni ..vraiment je trouve que les gens commecent ¸a exagérer trop tout le monde est devenu polticien juge avocat journaliste alors que la moitié est analphabete!!! Ok pas de probleme vous voulez la guerre preparez vous et préparez vos enfants!

  • يوسف
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:30

    ضرورة اسكات الشارع

  • محمد حمدي
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:22

    كلام جميل ومنطقي
    كل الأحزاب اليوم أمامها رهان صعب يتطلب منها تقديم تضحيات جسام من أجل تجاوز الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد وقد جاء الوقت لتبرهن بصدق عن مواقفها الوطنية المرتبطة بنكران الذات وتقديم المصلحة العليا للوطن وذلك من خلال تهيئ الظروف الملائمة لضمان انتخابات نزيهة وممارسة حقيقية للديمقراطية كما أنها مطالبة بتقديم مرشحين يكونون في مستوى اللحظة التاريخية وفي مستوى التأهيل الديمقراطي لذي أسس له خطاب التاسع من مارس,

  • sidhom
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:32

    we can t we can t we can t because the big part of morocain people ar selfish

  • karim
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:26

    حداد فيك الترترة
    مرة تتكلم عن القران بدون علم
    مرة عن شكيرة بكل علم
    و نحن نعرفك جد المعرفة و خاصة مكتب الدراسات الدي تملك و لمن يشتغل

  • amgherbi
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:38

    غير اخويا خرج للزناقي وشوف الفوضى لي كاينة فالبلاد بحال الى مبقاش شي حاجة سميتها القانون وهاديك الساعة غادي تعرف علاش الدولة بغات تسربي و تفضي مع هاد الانتخابات.

  • bassou
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:34

    النخبة غير مسجلة في اللوائح ولايهما الا النقد والسفر للخارج والاحتجاج على من ترشح وقبل تحمل المسؤولية ،سواء تعجلت الانتخابات ام تاخرت لمن تعاود زابورك ياداود،75% غير مسؤول سياسيا راجعوا اللوائح لتعرفوا من هم المسجلون.

  • مغربي غيور
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:10

    السلام عليكم.
    يجب تغيير الوجوه التي سئمناها ربما يطمئن بعض المغاربة للذهاب الى التصويت.لان الاحزاب تخاطب المغاربة الا مع حلول الانتخابات….فقليل من الحياء رحمكم الله

  • فساد على فساد
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:12

    من سيشرف على الانتخابات؟ حكومة فاسدة غير شعبية ووزارة الداخلية وفرسانها من ولات وعمال ومنتخبون محليون الذين امتهنوا تزوير الانتخابات من زمان بعيد, فأين هي الإرادة السياسية التي تريد الاصلاح. لن نساهم في خراب بلادنا في غياب إرادة سياسية نلمس منها الاستجابة لمطالب الاصلاح التي ننادي بها وسنظل نخرج من أجلها سواء بعد الاستفتاء أو الانتخابات آخدين على عاتقنا تغيير الفساد ولن نرجع حتى يتحقق ويتحقق معه العيش الكريم لكل المواطنين دون إقساء لأحد سوى المفسدون الذين ييحاكمون إنشاء الله. صبر جميل مع نفس طويل = التغيير. صبر جميل والله المستعان.

  • س-م
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:16

    المثل المغربي يقول شوف ازاد اعلا صاحبك اللي فيه شيئ فيه الا مازاد اعليه ماغادي ينقص منوا
    هده حالت الحكومات التي تتغير بالاسم في بلدنا وليس بالفعل

  • the faithful
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:18

    اللا ماهانديرو الإنتخابات حتال 2025 ¨¨

  • Filali
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:20

    100% D’accord avec vous à100%. En l’état actuel, rien ne semble changer au niveau des partis politiques. A titre d’exmple, le PPS vient de faire un rassemblement à RISSANI (province d’Errachidia) tout en sachat que dans cette petite ville, le parlemantire est élu depuis plusieurs années en utilisant les mêmes pratiques frauduleuses (achat des votes, …) et tout le monde le sait. Avec ce nouveau soutien du PPS, les partis politiques ne semblent pas rompre avec les anciennes pratiques déloyales.Avec des parlemantires avec un niveau scolaire aussi bas, bonjour le changement .
    .

  • عبدو
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:36

    إلى نوال صاحبة التعليق 3، رفقا أختي بمخاطبيك، من تقصدين بأعدوا أولادكم وأنفسكم، نحن لسنا في حرب،بلدنا بلد آمن مطمئن، والسياسة مبنية على التنافسية، والمواطنون بدأو يعرفون حقوقهم، ومن لم يقتنعوا به فلن يصوتوا عليه،الدول الحديثة دول مؤسسات وليست دول عائلات،فكفى من التهديد والوعيد ولغة الإرهاب رجاء والسلام

  • مغربي
    الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 11:40

    لماذا الإستعجال؟
    لأن البلاد توقفت بالكامل.
    فكل الإدارات و القطاعات في اضرابات مستمرة.

  • المامون
    الجمعة 23 شتنبر 2011 - 17:35

    بسم الله الرحمان الرحيم هده الخاصية يجب على كل المغاربة معرفتها (للبرلمان دور هام في ارساء الديمقراطية عبر تمثيل افراد الشعب للمساهمة في تسيير شؤون البلاد ) افهم اش بغيت نوصل ليك المغربي (ماتبيعش راسك ب10000ريال او ……..) لان التغيير لابد ان يكون من الفرد حتى نصل الى الجماعة (لايغير الله بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) هداك اللي غادي يكون فالبرلمان هو انت

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب