بَعْدَ سَقْطَةِ شَبَاطِ .. هَلْ سَيَفُكُّ بَنْكِيرَانَ الاِرْتِبَاطَ مَعَ "الاِسْتِقْلَالِ"؟

بَعْدَ سَقْطَةِ شَبَاطِ .. هَلْ سَيَفُكُّ بَنْكِيرَانَ الاِرْتِبَاطَ مَعَ "الاِسْتِقْلَالِ"؟
الأحد 1 يناير 2017 - 10:48

1. الاستقلال، الحليف الاستراتيجي للبيجيدي:

ظل السيد بنكيران رئيس الحكومة المكلف “معجبا” بحزب الاستقلال منذ كان يمني نفسه بالولوج إلى غمار العمل السياسي المؤسس. حيث كان يضع هذا الحزب على رأس الأحزاب التي يمكن أن يشكل معها تحالفا “منطقيا”، واستراتيجيا، إذا نجح في اعتلاء الحكم يوماً مَا. فقد كان يصرح بذلك في كل لقاءاته التي كان يناقش فيها العمل السياسي، والحزبي، ويقدم وجهات نظره حول التحالفات التي يمكن أن يؤسس لها، أو يدخلها، إذا وقع أن شكل حزبا، وتنافس على حكم البلاد.

فقد كان يجد في هذا الحزب الكثير من القواسم والقواطع التي تجعله الأقرب إلى الحركة الإسلامية، ومشروعها المجتمعي. فلم يكن انفتاحه على هذا الحزب وليد ظرفية سياسية تمثلت في قيادته للحكم بعد 2011، حيث كان الاستقلال هو أول حزب ينفتح عليه السيد بنكيران، ويفتح له دراعيه، ويستقبله في حضن حزبه بكل محبة، وأخوة، ورغبة جامحة في مشاركته الحكم. كما ليست اللحظة السياسية الحالية التي يعرفها المخاض الحكومي، والتي ظهر فيها السيد بنكيران المحامي الأشرس المدافع عن مشاركة الاستقلال في الحكومة الجديدة، رغم تلكؤ هذا الاخير خلال الولاية السابقة، وانفلاته من التحالف في عز الحاجة إليه، ورغم، كذلك، سلسلة اتهامات السيد شباط المضحكة والمتصابية في حق بنكيران،… رغم كل هذا، لم تتزحزح نظرة السيد بنكيران، وموقفه من هذا الحزب، وظل وفيا لقناعته الماضية من أن هذا الحزب هو الحزب المناسب له، ولحزبه في أي تحالف قد تعرفه الساحة السياسية ويشارك فيه حزب العدالة والتنمية. فقد صرح أكثر من مرة، كما رد على منتقدي تشبثه بالتحالف مع الاستقلال من أتباعه، على أنه ينظر إلى الاستقلال، الحزب العتيد، والتاريخ العريق، والرجال الكبار، لا إلى تصريحات عابرة، أو مواقف غير محسوبة لفلان أوعلان من القيادات أو غيرهم.

لذلك، لا يمكننا أن نفهم هذا التشبث العجيب بالاستقلال رغم “البلوكاج” الذي تسبب فيه، ورغم الأصوات الكثيرة من داخل حزب العدالة والتنمية التي ظلت طيلة الثلاثة أشهرالأخيرة تنصح السيد بنكيران بالجنوح عن هذا التشبث، والعدول عن هذا الشرط المفرمل لمسار تشكيل الحكومة؛ إلا بهذه القناعة العميقة للسيد بنكيران والتي تفيد أن الحكم في المغرب في حاجة إلى حزب من وزن “الاستقلال” بقياداته، وخبرائه، ومواقفه، وأيديولوجيته، وعقله الاستراتيجي الجمعي.

وليس هذا فحسب، بل الأهم من ذلك كله عند السيد بنكيران هو بناء تحالف قوي من أحزاب وطنية، وذات تاريخ، كالاستقلال، والاتحاد، والتقدم والاشتراكية، واستبعاد، قدر الإمكان، الاحزاب الإدارية التي فُبْرِكت ذات تاريخ لمواجهة الأحزاب الوطنية، ولم تكن لها أي مصداقية شعبية في كل الحكومات التي شاركت فيها. وهو الأمر الذي قد يحمل أكثر من دلالة سياسية، كما أنه قد يعيد الثقة إلى الشعب المغربي في سياسته وساسته إن تُعُومِلَ معه بمنطق تقوية الانتظارات الشعبية في العمل الحكومي، لا بمنطق إضعاف المعارضة.

2. من دلالات استقلالية المشاورات!

إن المتتبع النبيه لمسار مشاورات تشكيل الحكومة منذ انطلاقها، إلى حدود كتابة هذه الأسطر، يلحظ أن السيد بنكيران هو الذي يدير هذه المشاورات، وهو الذي يتحكم في مسارها ويؤطر حواراتها، ويضع شروطها، ويتولى الأجوبة عن إشكالاتها، وأن كل ما يروج من أن ثمة أيادٍ خارجية تتحكم في هذا المسار، وتملي عليه شروطها، لا أساس يسندها؛ والدليل على ذلك أمور:

· تشبت السيد بنكيران بالاستقلال كحليف استراتيجي داخل الحكومة المقبلة، ورفضه لكل العروض المغرية التي تستثني الاستقلال من التشكيلة. ولو كان السيد بنكيران يتحرك بالريموت كونترول كما يدعي البعض، لاستجاب لهذه الاصوات النافذة، وتشكلت الحكومة منذ شهرها الأول.

· تدخل الملك، من خلال مستشاريْه، للتسريع بتشكيل الحكومة، لم يتجاوز الحدود التي سطرها الدستور في مثل هذه الحالات، ولم يحمل أي توجيه يؤثر على سير المفاوضات، أو ضغط لاعتماد هذا الأسلوب أو ذاك، أو اختيار هذا الحزب أو ذاك.

·المعلوم أن الحكومات التي تتشكل في الدهاليز، وتتدخل فيها أطراف، تكون أسرع الحكومات تشكلا في العالم. فالحكومات المصرية مع مبارك وقبله، والتونسية مع ابن علي وقبله، والسورية مع بشار وقبله،…ومثيلاتها في شرق الدنيا وغربها. كل هذه الحكومات، ظلت تتشكل بإشارات من الحاكم الطاغية، الفريد الوحيد، الذي يسلم لائحة وزراء الحكومة إلى رئيس الحكومة، والكل بعد ذلك يصفق، ويهنئ، .. فتشكيل الحكومات في هذه الدول شكليات ليس غير، لأن الحاكم المطلق، هو رئيس الدولة.

· رغم مرور ثلاث أشهر على المفاوضات لا زال السيد بنكيران يدير مشاوراته، التي تجددت بعد لقائه بمستشاري الملك، بكل أريحية، وخفة دم، بما يوحي أن الرجل لا يتعرض لأي ضغوط من أي كان، بل زاده لقاؤه بالمستشارين، في مقر رئاسة الحكومة، في سياق تفعيل الملك لصلاحياته الدستورية في مثل هكذا حالات، جرعة من الثقة، وإحساس بالمزيد من المسؤولية بعد أن تأكد لديه أن أعلى سلطة في البلاد متشبثة بالدستور الذي أخرج المغاربة من عنق الزجاجة في ذات يوم من أيام الربيع العشريني، وأن التحاكم إلى هذا الدستور هو الفيصل الذي لا يقبل أنصاف الحلول.

3. شباط أو البراقش التي جنت على نفسها!

لم يحسن السيد شباط التعامل مع الظرفية الدقيقة التي يمر بها المغرب السياسي، ولم يترك للسيد رئيس الحكومة المكلف فسحة إدارة المشاورات بعيدا عن التشويش، وإثارة الفتن؛ بل انطلق يقدم دروسا، على طريقته، حملت الكثير من الإثارة، وفتحت المجال أمام كل احتمالات التأويل الممكنة، بل تعدت الوطن إلى النبش في علاقات، يحاول المغرب بالكاد ترميمها، لينكأ جرحها من جديد، ويفتح على المغرب معركة كلامية جديدة، صفق لها أعداء الوحدة الترابية، وهو في غنى عنها. فلم يُبْقِ للسيد بنكيران أي مجال للمناورة، أو تبرير تمسكه بحزبٍ، كاد زعيمه يجر المغرب إلى خسائر ديبلوماسية غير محسوبة. فلم يَبْقَ أمام السيد بنكيران، المُكْرَه ولا بَطَل، إلا أن يدير السياسة من منطلق المصلحة العليا للوطن، ويجعل من فك الارتباط مع حزب أثار زعيمه كل هذه القلاقل المهددة لأمن المغرب، ووحدة أراضيه، بداية استئناف مشاوراته لتشكيل الحكومة المقبلة التي لن يكون شباط ضمن محاوريها بالقطع.

فالاستقلال الذي تُسُبِّبَ به لإحداث “البلوكاج” الذي دام ثلاثة أشهر، هو نفسه، أو بالأحرى زعيمه، الذي سيفك هذه العقدة التي طالت، بسبب تهور غير محسوب، وخروج فيه الكثير من الأستاذية، والتعالم، يدل على ألا شيء تغير في هذا الرجل، وأن كل “توباته” السابقة، التي تلت “تكربعه” في فاس، لم تكن سوى مناوراتٍ للرَّبْت على عواطف السيد بنكيران المُتَيِّمِ بهذا الحزب العتيد، لكسب موقعِ ما يلبث أن يُشاغِبَ فيه من جديد، ويقلب ظهر المِجَنِّ على بنكيران الذي يظهر أنه قد انخدع بهذه “التوبة” التي لم تكن نصوحا البتة. ويعيد المشاورات إلى المربع الأول، كما فعل خلال الولاية السابقة.

فشروط الرجل، ومنطقه، وطموحه، لا يمكن أن تطيقها حكومة، اللهم إلا إذا كانت حكومة خالصة له ولحزبه. واستمرار بنكيران في التشبث بهذا الرجل بعد هذا الانزلاق غير المحسوب، سيكلفه وحزبه الشيء الكثير.

فلقد ظهرت علامات التردي والنكوص، وليس أمام السيد بنكيران إلا أن يواصل مشاوراته على قاعدة المصلحة العليا للوطن بعيدا عن تجاذبات أصحاب المصالح الخاصة، وديناصورات السياسة والحكم.

فهل سيفك بنكيران ارتباطه مع الاستقلال، ويمضي في تشكيل تحالف جديد بدونه؟ أم سيبقى وفيا لموقفه السابق من الحزب العتيد، وينتظر تَمَلْمُلًا مَا من قيادات الاستقلال يُبقي الاستقلال في التحالف الحالي دون شباط؟

هذا ما ستظهره الأيام القليلة القابلة…

دمتم على وطن.. !!

‫تعليقات الزوار

5
  • الباشا الكبير
    الأحد 1 يناير 2017 - 11:56

    السؤال هو كيف يصوت اعضاء الحزب على شخص يثبت انه غير صالح. ألم تكن انتخابات حزبية نزيهة . أم تخطئ الجماهير إلى هذا الحد.
    طبعا ليس هذا النموذج الوحيد، عسى أن ينسحب بعض القادة الآخرون فهم مثله وأسوأ.
    عله يكون القطعة الأولى للدومينو ويبدأ السقوط بنكيران جمع رايك الدنيا دوارة

  • أم عبدوا
    الأحد 1 يناير 2017 - 12:39

    في اعتقادي الاستقلال سقط عنه القناع…. شباط إلى سلة مهملات التاريخ

  • oudaden
    الأحد 1 يناير 2017 - 12:45

    بالطبع نعم لانه لا يمكن الاعتماد على رئيس حزب لا يفقه في السياسة الخارجية شيئا

  • علي عثمان
    الأحد 1 يناير 2017 - 12:55

    صراحة لا وجود لكل هده المؤشرات التي تحدث عنها الكاتب فالسياسة لا تعترف بالصداقات الدائمة وبالتالي مصلحة الوطن أقوى من كل ارتباطات ..خرجات شباط الإعلامية الغير محسوبة العواقب تجعل منه مهدد للسلم الاجتماعي فالخطاب الشعبوي ليس حلا في زمن الإخطار وتوجهات المملكة

  • politico
    الأحد 1 يناير 2017 - 15:12

    احترموا عقول المغاربة … تتحدث عن الاستقلال بعد أن أكدت أجهزته التقريرية على الرغبة في المشاركة ، على أنه هو المفرمل لتشكيل الحكومة و أن على بنكيران أن يتخلى على شرط إبقاء حزب الإستقلال لتيسير خروج الحكومة. و ماذا عن الشرط العجيب الذي وضعه مول الغاز الذي أصبح يظهر على أنه هو المتحكم ، كيف لعاقل متتبع للسياسة أن يقبل بطرد حزب جاء في المركز الثاني لدخول آخر يجر معه أحزاب محكومة لا تمتلك حتى قرارها السياسي، فما بالك أن يقبل بن كيران…الحصول لقد تم اغتصاب الديمقراطية بنجاح. انشري يا هسبرس متنفسنا الإعلامي الحر

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات